استياء في رام الله من تركيز واشنطن على هدنة غزة وإهمالها حلاً سياسياً شاملاً

عباس يتمسك بشرط اعتراف أي حكومة وحدة بالشرعية الدولية

استياء في رام الله من تركيز واشنطن على هدنة غزة وإهمالها حلاً سياسياً شاملاً
TT

استياء في رام الله من تركيز واشنطن على هدنة غزة وإهمالها حلاً سياسياً شاملاً

استياء في رام الله من تركيز واشنطن على هدنة غزة وإهمالها حلاً سياسياً شاملاً

قال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبلغ استعداده لتشكيل حكومة وفاق وطني فورية، لكن بشرط أن يعترف جميع أطرافها، بما في ذلك «حماس» أو أي فصيل آخر، بالشرعية الدولية.
وأضاف المصدر: «أبلغ ذلك للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اتصال هاتفي الأربعاء الماضي، وكذلك للمبعوث الأميركي هادي عمرو الذي التقاه قبل ذلك بيومين في مقر الرئاسة في رام الله».
وجاء موقف عباس في وقت تزداد فيه الضغوط الأميركية والمصرية على كل من «فتح» و«حماس» من أجل تشكيل حكومة قادرة على إدارة شؤون قطاع غزة، بما يسمح بإرساء تهدئة طويلة هناك، وإطلاق عملية إعمار.
وأكدت صحيفة «هآرتس» العبرية، أمس، أن الولايات المتحدة الأميركية، ومصر، تضغطان على السلطة الفلسطينية، وحركة «حماس»، للعمل من أجل تشكيل حكومة وحدة فلسطينية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر فلسطينية، أن نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الفلسطينية - الإسرائيلية هادي عمرو الذي زار رام الله الأسبوع الماضي، والتقى بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، قدم اقتراحاً لتشكيل حكومة جديدة يشارك فيها ممثلو «حماس» أو حكومة تكنوقراط، ورد عباس بأنه يعارض حكومة تكنوقراط، ولن يقبل بوضع تكون فيه «حماس» جزءاً من الحكومة دون التزامها بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل.
ومارست مصر مثل هذه الضغوط على الطرفين.
لكن ذلك أشعر قيادة السلطة بأن الاهتمام يتركز على القطاع وليس القضية الفلسطينية.
وقال مسؤول فلسطيني بارز للصحيفة، إن من يعرف التفاصيل يدرك أن كل ما يهم الإدارة الأميركية وكذلك مصر، هو منع التصعيد في غزة، دون وجود أي خطة في الأفق للضفة الغربية.
واتهم المسؤول الإدارة الأميركية الحالية بتبني الموقف الإسرائيلي لجهة أنه لا جدوى من الحديث حول تسوية سياسية في هذا الوقت، موضحاً أنه بسبب ذلك، فإن الجهد الأساسي موجه لتحقيق الهدوء في القطاع مقابل إعادة الإعمار وتقديم تسهيلات إنسانية واقتصادية ومدنية تشمل الضفة.
وقالت «هآرتس» إنهم في رام الله يؤكدون أنه ليس من قبيل المصادفة أو «العبث» أن يهاتف الرئيس السيسي، الرئيس عباس، خلال زيارة المسؤول الأميركي للمنطقة، ويحدثه عن المصالحة وعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.
وكان السيسي اتصل بعباس الأربعاء، وأبلغه بأن مصر تولي أهمية كبيرة لتوحيد البيت الفلسطيني، وأنها ستواصل تحركاتها وجهودها من أجل عودة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة، والمباشرة في عملية إعادة الإعمار.
وأشار السيسي إلى أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في جميع الأراضي الفلسطينية، وتعزيز مكانة منظمة التحرير الفلسطينية.
وجاء الاتصال في وقت يوجد فيه كبار مسؤولي «حماس» في القاهرة، بمن فيهم رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية ورئيس الحركة في غزة يحيى السنوار.
وفيما بعد تضمن بيان لـ«حماس» استعدادها للمصالحة الفلسطينية على قاعدة إعادة تشكيل القيادة الفلسطينية من خلال الانتخابات أو قيادة مؤقتة تحضر لانتخابات رئاسية وتشريعية.
ومحادثات المصالحة بين «فتح» و«حماس» شبه مجمدة الآن، وكانت آخر محاولة جدية في يونيو (حزيران) الماضي، عندما خاضت مصر حواراً منفرداً مع الطرفين قبل إطلاق حوار وطني جامع تم إلغاؤه في اللحظة الأخيرة بسبب الفجوات بين «فتح» و«حماس».
واختلف الطرفان حول الانتخابات والحكومة ومنظمة التحرير وملف إعمار القطاع.
وتوجد محاولات جديدة الآن لإحياء مسار المصالحة. ويعزز ذلك لدى رام الله أن الإدارة الأميركية تركز معظم جهودها على القطاع الآن. وقال مسؤول فلسطيني للصحيفة، إنه عندما أثار الرئيس عباس قضية إعادة فتح القنصلية الأميركية لسكان شرق القدس خلال اللقاء مع عمرو، رد الأخير أن الأمر يتعلق بمكتب بنيت.
وأضاف المسؤول: «صدمنا من الإجابة، لماذا يجب أن يتم الحصول على موافقة بنيت، إذا كانت الإدارة تدعم حقاً حل الدولتين؟». وعلمت «هآرتس» أنهم في إسرائيل اشتكوا للأميركيين من المصطلحات التي يطلقها الفلسطينيون في الآونة الأخيرة، بما في ذلك قضية الدولة الواحدة والمسألة الديموغرافية، وأن عمرو أثار القضية خلال لقائه مع عباس، الأمر الذي أثار استياء الفلسطينيين.
ورفضت السفارة الأميركية الرد على ما جاء في التقرير، وقالت إنها لا تعلق على المحادثات الدبلوماسية الخاصة.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.