اتهامات للحوثيين بإثقال كاهل اليمنيين بالجبايات قبيل المولد النبوي

غضب من الجماعة حيال إهدار الأموال وتجاهل ملايين الجوعى

TT

اتهامات للحوثيين بإثقال كاهل اليمنيين بالجبايات قبيل المولد النبوي

دشنت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران منذ أيام موسماً جديداً لفرض الإتاوات وجمع الجبايات في مناطق سيطرتها في سياق سعيها لإقامة مئات الفعاليات الاحتفالية لمناسبة ذكرى المولد النبوي، حيث تنفق مليارات الريالات على أتباعها متجاهلة وجود ملايين الجوعى من اليمنيين.
في هذا السياق أفادت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الميليشيات واصلت تضييق الخناق على السكان لدفع التبرعات العينية والنقدية بالقوة، حيث حولت ذكرى المولد النبوي هذا العام إلى موسم جديد لابتزاز السكان والبطش والتنكيل بهم وتهديدهم بالحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية.
وذكرت المصادر أن الميليشيات الحوثية فرضت عن طريق مشرفيها على السكان في أحياء بصنعاء إعداد وجبات طعام متنوعة في منازلهم ومن ثم القدوم بها إلى المساجد والقاعات التي خُصصت من قبلها كأماكن لإقامة الفعاليات ذات الصبغة السياسية والطائفية.
ودائماً ما تسعى الجماعة المدعومة من إيران إلى استغلال المناسبات التاريخية والدينية لتكريس أحقية سلالة زعيمها عبد الملك الحوثي في حكم اليمنيين من خلال ادعاء انتسابه إلى الرسول الكريم.
ولفتت المصادر إلى أن مسؤولي الجماعة في الأحياء الواقعة بنطاق مديريات الوحدة والتحرير ومعين والسبعين والثورة في العاصمة صنعاء فرضوا بغضون أيام قليلة على سكان تلك الأحياء تجهيز وجبات طعام ستقدم لأتباعها المشاركين في الفعاليات الاحتفالية.
وطبقاً للمصادر أجبر قادة الجماعة في صنعاء ملاك 17 مطعماً شهيراً في المديريات المستهدفة على تقديم مختلف الوجبات للموالين لها، كما أجبرت أيضاً ملاك صالات المناسبات على فتح قاعاتهم دون مقابل مادي للاحتفال وبمعدل 5 ساعات صباحية تبدأ من التاسعة صباحاً وتنتهي الواحدة ظهراً، وأربع ساعات ليلية تبدأ من الثامنة مساء وتنتهي الحادية عشرة.
ولم تكن دور العبادة في مديريات صنعاء بعيدة عن ذلك الاستهداف الحوثي الممنهج، إذ أكدت المصادر أن مشرفي الجماعة عمدوا في سياق حملتهم الاستهدافية إلى فتح عشرات المساجد في العاصمة عقب كل صلاة عشاء وتحويلها من أماكن للتعبد إلى أخرى لتناول الوجبات المعدة من قبل السكان والمطاعم وتعاطي نبتة «القات» المخدرة وتنظيم والاستماع إلى الأهازيج الحربية المصحوبة بالرقص. على الصعيد نفسه، شكا ملاك قاعات ومطاعم في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من عمليات ابتزاز واستهداف جديدة يتعرضون لها حالياٍ باسم المولد النبوي من قبل مشرفين وعصابات حوثية اعتادت على استهدافهم بين الفينة والأخرى من خلال حملاتهم غير القانونية.
كما شكا مواطنون وسكان بأحياء عدة في من استمرار تعرضهم لضغوط حوثية كبيرة تلزمهم في نهاية المطاف بإعداد وجبات غذائية للموالين للجماعة، مشيرين إلى أن الميليشيات تتعمد ارتكاب مثل تلك الممارسات ضدهم رغم معرفتها المسبقة بحجم معاناة وأوجاع الملايين من قاطني العاصمة ومدى يمنية أخرى تحت سيطرتها بفعل انقلابها.
ويقول عبد الله وهو اسم مستعار لشخص يسكن في حي مذبح بصنعاء إن المشرف الحوثي في الحي طرق باب منزله قبل يومين وطلب منه بأن تعد أسرته وجبتي طعام يومياً دعماً منه للمشاركين في احتفالات المولد، وإحضارها عقب صلاة العشاء لأحد المساجد القريبة من منزله بذات الحي.
وأضاف عبد الله، وهو موظف حكومي في صنعاء، بسياق حديثه مع «الشرق الأوسط»، أنه ونظراً لظروفه الصعبة بسبب استمرار انقطاع رواتبه منذ سنوات اضطر لاقتراض مبلغ من المال من أجل توفير مكونات الوجبات لتتمكن أسرته من إعدادها. وأشار إلى أنه حاول مراراً إقناع المشرف الحوثي بأنه غير قادر على الالتزام بما طلب منه كون منزله خالياً من غاز الطهي الذي لا تزال تتحكم الميليشيات بآلية بيعه وتوزيعه، لكن الأخير أصر على قراره، وهدده بالحرمان من حصته المعتادة من غاز الطهي، إضافة إلى جعله ضمن لائحة أعداء الجماعة المعارضين لانقلابها.
وأدى هذا السلوك الحوثي إلى اتساع حالة من الغضب والاستنكار وسط سكان صنعاء وغيرها من المناطق الريفية التي فرضت فيها الميليشيات على كل قرية صغيرة تقديم ما بين خمسة إلى عشرة رؤوس من الماشية، بحسب ما أفادت به مصادر محلية في محافظة الجوف. وكانت الجماعة - وكيل إيران في اليمن - كثفت خلال احتفاليتها العام الماضي بتلك المناسبة أعمال الاستهداف والبطش والجباية القسرية بحق المواطنين والتجار والباعة بعموم مدن ومناطق سيطرتها.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.