تباطؤ الحكومة يعيد الزخم إلى المضاربات على الليرة اللبنانية

رغم التوقعات الدولية المتفائلة بتسريع المفاوضات مع صندوق النقد

TT

تباطؤ الحكومة يعيد الزخم إلى المضاربات على الليرة اللبنانية

استنزف التباطؤ الحكومي في مقاربة الملفات الحيوية والحياتية الملحة، سريعاً، الأثر النفسي الإيجابي والتلقائي لانطلاقتها على سعر صرف الليرة. فاستعادت المضاربات النقدية زخمها في الأسواق الموازية معززة بمضاعفة حجم الطلب التجاري إثر رفع الدعم عملياً، وبشكل شبه تام عن المشتقات النفطية ومعظم أصناف الأدوية، باستثناء المخصصة للأمراض المزمنة والمستعصية، مقابل جفاف كامل الاحتياطات الحرة من العملات الصعبة، واقتصارها على مبالغ التوظيفات الإلزامية للجهاز المصرفي لدى البنك المركزي.
ويؤكد مسؤول مالي كبير لـ«الشرق الأوسط»، أن الآمال المعقودة على سرعة تواصل الفريق الاقتصادي مع إدارة صندوق النقد توطئة لترجمة التوجهات المعلنة بتسريع تحديث خطة الإنقاذ والتعافي واستئناف جولات التفاوض بنهاية الشهر الحالي، لا تنسجم تماماً مع وتيرة العمل التي تقتصر على جلسة أسبوعية واحدة لمجلس الوزراء، ولا مع غياب المقاربات الضرورية والطارئة التي يفترض أن تبدأ باحتواء أسرع لمشكلات حيوية وحياتية عاجلة، لا سيما ما يتعلق بالكهرباء والمحروقات وأسواق الاستهلاك.
إلى جانب نفاد الإيجابيات التلقائية لانطلاق الحكومة، يخشى أيضاً مع انتعاش الضغوط السوقية واقتراب سعر الدولار مجدداً من عتبة 20 ألف ليرة، من تبديد مفاعيل الزيادات المحققة في حجم السيولة بالعملات الصعبة التي تصادفت مع انطلاق الحكومة في شهرها الأول، والمتأتية خصوصاً من حصول لبنان على 1.14 مليار دولار كحقوق سحب خاصة من صندوق النقد الدولي، والزيادات الملحوظة في التحويلات من قبل اللبنانيين المغتربين والعاملين في الخارج، التي تظهر في ارتفاع حجم الأموال الواردة عبر شركات التحويل من متوسط 120 إلى 150 مليون دولار شهرياً، والتزام المصارف بتزويد نحو 200 ألف مودع بحصة شهرية تبلغ 400 دولار نقداً.
فواقع الحال، كما ترصده المصادر السوقية المواكبة، أن المضاربات المتجددة تتغذى من حقيقة جفاف قنوات تمويل المستوردات والاعتمادات لدى مصرف لبنان والمصارف، بما يشمل السلع الاستراتيجية التي تم رفع الدعم عنها، باستثناء القمح. إذ إنه ومع عزل المبالغ الخاصة بمادة «الفيول» لزوم مؤسسة الكهرباء، التي رصدت لها الحكومة 100 مليون دولار الأسبوع الماضي، فإن الطلب لتغطية تمويل المستوردات لا يقل عن 250 مليون دولار شهرياً. وهو سيتجه حكماً، حسب المسؤول المالي، إلى أسواق المبادلات خارج سوق القطع الرسمية ومنصة مصرف لبنان.
في المقابل، تدفع المخاوف من عودة الانحدارات الإضافية في سعر الليرة إلى استمرار الأحجام عن بيع الدولار النقدي من قبل المدخرين الذين وقعوا في شرك التحسن الكبير، الذي هبط بالدولار في الأيام الأولى لتشكيل الحكومة. فالفوارق الكبيرة في نزول الدولار من مستوى 23 ألف ليرة إلى عتبة 13 ألف ليرة، ثم استعادته مجدداً مستوى 20 ألف ليرة، عمقت مجدداً حال «عدم اليقين»، وهذا ما يفضي إلى استمرار «تعقيم» سيولة تقدرها مصادر نقدية ما بين 8 إلى 10 مليارات دولار لدى المدخرين في المنازل.
ويقع سعر صرف الليرة ضمن رادار الرصد المباشر من قبل المجتمع الدولي والمؤسسات المالية، باعتباره المؤشر الأكثر حساسية لقياس منسوب الثقة، ومدى استجابة الأسواق النقدية والمالية. وبالتالي، يعد المسؤول المالي، بأنه ليس في مصلحة الحكومة وتوجهاتها استمرار الخضوع وبصورة شبه مطلقة لمعايير الأسواق الموازية وتطبيقاتها على الهواتف الذكية، بينما يقتصر دور السلطة النقدية على إدارة منصة مبادلات نقدية جزئية تبلغ نحو مليون دولار يومياً (5 أيام في الأسبوع) بسعر يقل بنحو 3 آلاف ليرة عن السعر الرائج.
وضمن هذا الإطار، لاحظ تقرير صادر عن مؤسسة «سيتي» المصرفية، أن سعر الصرف في السوق السوداء يتضمن علاوات متعلقة بالسيولة وحالة عدم اليقين. في حين أن السعر المستهدف مع الإصلاحات يبلغ 10 آلاف ليرة مقابل الدولار. وهو يوازي نسبة جيدة تقارب 25 في المائة للاحتياطات مقابل المعروض النقدي. وتمحورت الطريقة التي اعتمدها قسم الأبحاث في المؤسسة بمضاهاة تقييم سعر الصرف الحقيقي الثنائي مع الولايات المتحدة الأميركية عبر اعتماد نسب التضخم بين البلدين خلال الفترة الممتدة بين بداية عام 2018 وحتى شهر يوليو (تموز) من العام الحالي، التي تبين من خلالها أن سعر صرف الدولار أعلى من مستواه الحقيقي بنسبة 50 في المائة ما يستوجب تنزيله بنسبة 33 في المائة للتعويض عن هذا الارتفاع ما ينتج عنه أيضاً سعر صرف بمستوى 10 آلاف ليرة مقابل الدولار.
بالتوازي، رجحت شركة «غولدمان ساكس»، في أحدث تقاريرها عن لبنان، حصول تحسن في سعر صرف الليرة إلى مستوى 8 آلاف ليرة لكل دولار في المدى المتوسط، مع الإشارة إلى أنه «عند الأخذ بعين الاعتبار تحسن سعر الصرف الحقيقي الفعلي (real effective exchange rate) بنسبة 75 في المائة مقابل متوسط عام 2019، فإن القيمة الفعلية للعملة المحلية هي عند 6 آلاف ليرة للدولار الواحد، ما يستتبعه بأن السعر العادل لليرة اللبنانية هو أعلى بكثير من السعر الحالي السوقي».
ومع التنويه بأن برنامج صندوق النقد الدولي يعد ضرورة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعصف بلبنان، حذرت المؤسسة المالية الدولية بأن الاستحصال على مساعدة صندوق النقد الدولي لن يكون نزهة، بحيث سيحد تدخل الصندوق من قدرة الحكومة على التوفيق بين الاحتياجات المتناقضة لشركائها المحليين، بالإضافة إلى قدرتها على تأجيل أو التخفيف من الإجراءات المقترحة. وبذلك على الحكومة اللبنانية أن تبرهن قدرتها على تطبيق الإصلاحات، خصوصاً أن إدارة الصندوق ستطلب حل مسألة خسائر القطاع المالي قبل الموافقة على أي اتفاق مع الحكومة.



السوداني: لا مجال لربط التغيير في سوريا بتغيير النظام السياسي في العراق

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)
TT

السوداني: لا مجال لربط التغيير في سوريا بتغيير النظام السياسي في العراق

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)

أكد رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اليوم (السبت) ضرورة ترك الخيار للسوريين ليقرروا مصيرهم.

وقال السوداني في كلمة خلال مشاركته اليوم في الحفل التأبيني الذي أقيم في بغداد بمناسبة ذكرى مقتل الرئيس السابق لـ«المجلس الأعلى في العراق» محمد باقر الحكيم: «حرصنا منذ بدء الأحداث في سوريا على النأي بالعراق عن الانحياز لجهة أو جماعة».

وأضاف: «هناك من حاول ربط التغيير في سوريا بالحديث عن تغيير النظام السياسي في العراق، وهو أمر لا مجال لمناقشته».

وأوضح أن «المنطقة شهدت منذ أكثر من سنة تطورات مفصلية نتجت عنها تغيرات سياسية مؤثرة».

وتابع السوداني، في بيان نشره المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي على صفحته بموقع «فيسبوك»: «نمتلك نظاماً ديمقراطياً تعددياً يضم الجميع، ويضمن التداول السلمي للسلطة، ويسمح بالإصلاح وتصحيح الخلل تحت سقف الدستور والقانون، وليس من حق أحد أن يفرض علينا التغيير والإصلاح في أي ملف، اقتصادياً كان أم أمنياً، مع إقرارنا بوجود حاجة لعملية الإصلاح في مختلف المفاصل».

ولفت إلى إكمال «العديد من الاستحقاقات المهمة، مثل إجراء انتخابات مجالس المحافظات، والتعداد السكاني، وتنظيم العلاقة مع التحالف الدولي، وتأطير علاقة جديدة مع بعثة الأمم المتحدة»، مشيراً إلى أن «الاستحقاقات من إصرار حكومتنا على إكمال جميع متطلبات الانتقال نحو السيادة الكاملة، والتخلص من أي قيود موروثة تقيد حركة العراق دولياً».

وأكد العمل «على تجنيب العراق أن يكون ساحة للحرب خلال الأشهر الماضية، وبذلنا جهوداً بالتشاور مع الأشقاء والأصدقاء، وبدعم متواصل من القوى السياسية الوطنية للحكومة في هذا المسار»، مشدداً على استعداد بلاده «للمساعدة في رفع معاناة أهل غزة، وهو نفس موقفنا مما تعرض له لبنان من حرب مدمرة».

ودعا السوداني «العالم لإعادة النظر في قوانينه التي باتت غير قادرة على منع العدوان والظلم، وأن يسارع لمساعدة المدنيين في غزة ولبنان، الذين يعيشون في ظروف قاسية».