إصدارات سعودية مشاركة في معرض الكتاب

غلاف «ما وراء الباب»  -   «نصوص العزلة»  -   «السدرة»
غلاف «ما وراء الباب» - «نصوص العزلة» - «السدرة»
TT

إصدارات سعودية مشاركة في معرض الكتاب

غلاف «ما وراء الباب»  -   «نصوص العزلة»  -   «السدرة»
غلاف «ما وراء الباب» - «نصوص العزلة» - «السدرة»

- «ما وراء الباب» لحسن النعمي
للقاص والناقد والأكاديمي السعودي، أستاذ السردية المعاصرة والمسرح، بجامعة الملك عبد العزيز، الدكتور حسن النعمي، صدرت مؤخراً مجموعته القصصية «ما وراء الباب» عن دار مدارك، وقد شاركت المجموعة في معرض الرياض الدولي للكتاب.
صدرت للنعمي عدد من المجموعات القصصية من بينها: «زمن العشق الصاخب» (1984)، و«آخر ما جاء في التأويل القروي» (1987)، «حدَث كثيب قال» (1999)، كما صدرت له «الأعمال القصصية الكاملة» (2018)، وصدرت له دراسات نقدية من بينها: «رجع البصر: قراءات في الرواية السعودية»، و«الرواية السعودية واقعها وتحولاتها»، و«الأدب العربي الحديث نشأته وتطوره»، و«محاضرات في الأدب السعودي»، و«بعض التأويل: مقاربات في خطابات السرد»، و«الخوف من الليبرالية»، و«قارئ السرد».

- «نصوص العزلة» لمحمد عابس
للشاعر محمد عابس، صدرت مجموعة نصوص شعرية بعنوان «نصوص العزلة: كوفيد - 19»، حيث وقع الديوان في معرض الرياض الدولي للكتاب.
وجاءت نصوص العزلة تعبيراً عن الحالات الإنسانية التي عاشها الفرد والمجتمع في جائحة «كورونا»، كما جاءت هذه «النصوص أو اليوميات أو القراءات الذاتية والفلسفية والموضوعية للأنا والآخر والمحيطين الخاص والعام، بلغة الشاعر ورؤيته للكارثة ولواحقها، وما دار حولها من تكهنات، وادعاءات ومؤامرات ودراسات متضاربة، وأبحاث متناقضة، وتقاطع مصالح، وتصدير للأزمات، وارتباك في إيقاع الحياة على مستوى العالم، وسباق محموم للبحث عن لقاح ومخرج من هذا الوباء، وتوقف لمعظم مصادر الرزق والحياة للأفراد والمجتمعات، والجهود المبذولة لمواجهة هذه الكارثة».

- «السدرة» أولى روايات أسماء بوخمسين
شاركت الكاتبة السعودية أسماء أحمد بوخمسين في معرض الرياض الدولي للكتاب، بروايتها الأولى «السِدرة» من مطبوعات «مركز الأدب العربي للنشر والتوزيع»، وهي رواية اجتماعية مليئة بالتفاصيل عن العادات والمورثات الاجتماعية في الأحساء شرقي السعودية. وأبدعت الكاتبة بالخروج من النسقيات التقليدية في هذا النوع من الكتابة، بتوظيفها الموروث بقالب جديد وبأسلوب مختلف.
تدور أحداث الرواية في واحة الأحساء، وزمنها بداية القرن العشرين، وأما أبطالها الذين عصرهم الفقر واليتم فهم ينتقلون بين الأحساء والهند والأهوار في العراق، ووظفت الكاتبة هذه الأمكنة بحثاً عن بيئات ثرية بتفاصيلها أعطت الرواية قوة وواقفية.

- «ومضة» لهدى النامي
للقاصة السعودية هدى النامي، صدرت مجموعة «أيقونة»، عن دار كليم للطباعة والنشر والتوزيع في مصر، حيث شاركت في معرض الكتاب، وسبق للكاتبة أن أصدرت كتاباً بعنوان «ذات نورانية»، وهي نصوص وخواطر، تلتقي مع تجربتها الجديدة «أيقونة»، التي ضمت عشرات الخواطر، من بينها:
ذكرى: نزعة من لهفة، تطرق قلبي كلما ابتعدت أكثر، هـل الحنين يثقب الأنفاس العميقة ليوقظ الصورة!
عدم اجتياز: الأبواب المغلقة لا تكتفـي مـن خلال أغلاقهـا بتهشيم أحلامك، قد تتمـادي لبعـث النـور لعينيـك مـن خلال فتحاتها الضيقة وعقباتها الواسعة.

- «موسوعة الدنانير والدراهم الأموية العربية»
ضمن المشاركات في جناح «المؤلف السعودي» في معرض الرياض الدولي للكتاب، يأتي كتاب «موسوعة الدنانير والدراهم الأموية العربية»، تأليف: علي بن إبراهيم العجلان، في مجلد ضخم ومصور مكون من 415. وهو جهد بحثي كبير يقدمه المؤلف إلى دارسي التاريخ.
يتكون الكتاب من ستة أبواب وملحق، وجداول وقائمة بالمراجع، كما يتضمن صوراً دقيقة لـ1207 دنانير ودراهم، تشكل كل العملات الصادرة في زمن الدولة الأموية، ويحتوي الكتاب على جميع ما سُك من دنانير ودراهم أموية، من بداية سك الدنانير والدراهم في الدولة الأموية حتى نهايتها سنة 132هـ، كما يحتوي على جميع المدن، التي سُكت فيها الدراهم والدنانير وعددها 105 مدن.
واشتغل العجلان على إعداد هذا الكتاب في نحو سبع سنوات، لكنه بدأ في مقتنيات البحث من الدنانير والدراهم قبل 40 سنة، سافر خلالها إلى نحو 40 دولة بعضها للمشاركة في مزادات عالمية للمسكوكات، وخصوصاً المسكوكات الإسلامية، كما عمل على توثيق المسكوكات النقدية وإجراء الأبحاث والدراسات بشأن تواريخ نشوئها.



«كيركيغارد»... والحب المستحيل

ريجين أولسين
ريجين أولسين
TT

«كيركيغارد»... والحب المستحيل

ريجين أولسين
ريجين أولسين

كان أحدهم قد أطلق العبارة التالية: كيركيغارد فيلسوف كبير على بلد صغير الحجم. بمعنى أنه أكبر من البلد الذي أنجبه. وبالفعل، فإن شهرته أكبر من الدنمارك، التي لا يتجاوز عدد سكانها 5 ملايين نسمة، وبالطبع أكبر من اللغة الدنماركية المحدودة الانتشار جداً قياساً إلى لغات كبرى كالفرنسية والإنجليزية والألمانية والإسبانية، ناهيك بالعربية. ولكن مؤلفاته أصبحت مترجمة إلى شتى لغات العالم. وبالتالي، لم تعد محصورة داخل جدران لغته الأصلية الصغيرة. لقد أصبحت ملكاً للعالم أجمع. هنا تكمن عظمة الترجمة وفائدتها. لا حضارة عظيمة من دون ترجمة عظيمة. والحضارة العربية التنويرية قادمة لا ريب، على أكتاف الترجمة والإبداع الذاتي في آنٍ معاً.

سورين كيركيغارد (1813 - 1855) هو مؤسس الفلسفة الوجودية المعاصرة، قبل هيدغر وسارتر بزمن طويل. إنه الممثل الأكبر للتيار الوجودي المسيحي المؤمن، لا المادي الملحد. كان كيركيغارد أحد كبار فلاسفة الدين في المسيحية، إضافة إلى برغسون وبول ريكور، مثلما أن ابن رشد وطه حسين ومحمد أركون هم من كبار فلاسفة الدين في الإسلام.

سورين كيركيغارد

لكن ليس عن هذا سأتحدث الآن، وإنما عن قصة حب كبيرة، وربما أكبر قصة حبّ ظهرت في الغرب، ولكن لا أحد يتحدث عنها أو يسمع بها في العالم العربي. سوف أتحدث عن قصة كيركيغارد مع الآنسة ريجين أولسين. كيف حصلت الأمور؟ كيف اشتعلت شرارة الحب، تلك الشرارة الخالدة التي تخترق العصور والأزمان وتنعش الحضارات؟ بكل بساطة، كان مدعواً إلى حفلة اجتماعية عند أحد الأصدقاء، وصادف أنها كانت مدعوة أيضاً. كانت صغيرة بريئة في الخامسة عشرة فقط، وهو في الخامسة والعشرين. فوقع في حبها على الفور من أول نظرة، وبالضربة القاضية. إنه الحب الصاعق الماحق الذي لا يسمح لك بأن تتنفس. ويبدو أنه كان شعوراً متبادلاً. وبعد 3 سنوات من اللقاءات والمراسلات المتبادلة، طلب يدها رسمياً فوافقت العائلة.

ولكنه صبيحة اليوم التالي استفاق على أمر عظيم. استفاق، مشوشاً مبلبلاً مرعوباً. راح ينتف شعر رأسه ويقول: يا إلهي، ماذا فعلت بنفسي؟ ماذا فعلت؟ لقد شعر بأنه ارتكب خطيئة لا تغتفر. فهو لم يخلق للزواج والإنجاب وتأسيس عائلة ومسؤوليات. إنه مشغول بأشياء أخرى، وينخر فيه قلق وجودي رهيب يكاد يكتسحه من الداخل اكتساحاً... فكيف يمكن له أن يرتكب حماقة كهذه؟ هذه جريمة بحقّ الأطفال الذين سوف يولدون وبحقّها هي أيضاً. ولذلك، فسخ الخطوبة قائلاً لها: أرجوك، إني عاجز عن القيام بواجبات الزوجية. أرجوك اعذريني.

ثم أردف قائلاً بينه وبين نفسه: لا يحق لي وأنا في مثل هذه الحالة أن أخرب حياة خطيبتي المفعمة بحب الحياة والأمل والمحبة، التي لا تعاني من أي مشكلة شخصية أو عقدة نفسية أو تساؤلات وجودية حارقة. وإنما هي إنسانة طبيعية كبقية البشر. أما أنا فإنسان مريض في العمق، ومرضي من النوع المستفحل العضال الذي لا علاج له ولا شفاء منه. وبالتالي، فواجب الشرف والأمانة يقتضي مني أن أدوس على قلبي وأنفصل عنها وكأني أنفصل عن روحي.

لكن عندما سمع بأنها تزوجت من شخص آخر جنّ جنونه وتقطعت نياط قلبه وهاجت عليه الذكريات. بل هرب من الدنمارك كلها لكيلا يسمع بالتفاصيل والتحضيرات وليلة العرس. هذا أكبر من طاقته على التحمل. وأصبح كالمجنون الهائم على وجهه في البراري والقفار. كيف يمكن أن يتخيلها مع رجل آخر؟ هل انطبقت السماء على الأرض؟ مجنون ليلى ما تعذب مثلنا.

الشيء المؤثر في هذه القصة هو أن خطيبته التي عاشت بعده 50 سنة تقريباً طلبت أن تدفن إلى جواره، لا إلى جوار زوجها الشرعي! فاجأ الخبر كثيرين. وكانت بذلك تريد أن تقول ما معناه: إذا كان القدر قد فرقني عنه في هذه الحياة الدنيا، فإني سألتحق به حتماً في الحياة الأخرى، حياة الأبدية والخلود. وكانت تعتبر نفسها «زوجته» برغم كل ما حصل. وبالفعل، عندما كان الناس يتذكرونها كانوا يقولون: خطيبة كيركيغارد، لا زوجة فريدريك شليجيل. وقالت: إذا لم يكن زوجي هنا على هذه الأرض، فسوف يكون زوجي هناك في أعالي السماء. موعدنا: جنة الخلد! هل هناك حب أقوى من هذا الحب؟ حب أقوى من الموت، حب فيما وراء القبر، فيما وراء العمر... الحب والإيمان. أين هو انتصارك يا موت؟

قصة حب تجمع بين كيركيغارد، مؤسس الفلسفة الوجودية، وفتاة شابة جميلة تصغره بعشر سنوات، لكن الفلسفة تقف حجر عثرة بينهما، فينفصل عنها وتظل صورتها تطارده طيلة حياته

اللقاء الأخير

كيف يمكن أن نفهم موقف كيركيغارد من حبيبته إن لم نقل معبودته ريجين أولسين؟ للوهلة الأولى يبدو أنه لا يوجد أي تفسير منطقي له. فقد قطع معها في أوج العلاقة الغرامية، دون أي سبب واضح أو مقنع. ويبدو أنها حاولت أن تراه لآخر مرة قبيل سفرها مع زوجها إلى بلاد بعيدة. أن تراه في الشارع كما لو عن طريق الصدفة. وعندما اصطدمت به، قالت له: «ليباركك الله، وليكن كل شيء كما ترغب». وهذا يعني أنها استسلمت للأمر الواقع نهائياً، وأنه لا عودة بعد اليوم إلى ما كان. تراجع كيركيغارد خطوة إلى الوراء عندما رآها حتى لكأنه جفل. ثم حياها دون أن ينبس بكلمة واحدة. لم يستطع أن يرد. اختنق الكلام في صدره. لكأنه يقول بينه وبين نفسه: هل يحق لمن يقف على الخطوط الأمامية لجبهة الفكر، لجبهة النار المشتعلة، أن يتزوج؟ هل يحق لمن يشعر بأن حياته مهددة أن ينجب الأطفال؟ أطفاله هم مؤلفاته فقط. هل يحق لمن يصارع كوابيس الظلام أن يؤسس حياة عائلية طبيعية؟ ما انفك كيركيغارد يحاول تبرير موقفه، بعد أن شعر بفداحة ما فعل مع ريجين. لقد اعتقد أنه انفصل عنها، وانتهى الأمر، فإذا بها تلاحقه إلى أبد الآبدين. ما انفك يلوم نفسه ويتحسر ويتعذب. لكأنه عرف أن ما فعله جريمة لا تغتفر. نعم، لقد ارتكب جريمة قتل لحب بريء، حب فتاة غضة في أول الشباب. من يستطيع أن يقتل العاطفة في أولها، في بداية انطلاقتها، في عنفوانها؟ طيلة حياته كلها لم يقم كيركيغارد من تلك الضربة: ضربة الخيانة والغدر. وربما لم يصبح كاتباً وفيلسوفاً شهيراً إلا من أجل تبريرها. لقد لاحقه الإحساس القاتل بالخطيئة والذنب حتى آخر لحظة من حياته. إذا لم نأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار فإننا لن نفهم شيئاً من فلسفة كيركيغارد. لقد أصبحت قصته إحدى أشهر قصص الحب على مدار التاريخ، بالإضافة إلى قصة دانتي وبياتريس، وروميو وجولييت، وأبيلار وهيلويز. ويمكن أن نضيف: مجنون ليلي، وجميل بثينة، وكثير عزة، وعروة وعفراء، وذا الرمة ومي... إلخ. العرب هم الذين دشنوا هذا الحب العذري السماوي الملائكي قبل دانتي وشكسبير بزمن طويل. ولماذا تنسون عنتر وعبلة؟ بأي حق؟

ولقد ذكرتك والرماح نواهلٌ

مني وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها

لمعت كبارق ثغرك المتبسم

بعد أن تجاوز فيلسوف الدنمارك تلك التجربة العاصفة، شعر وكأنه ولد من جديد، أصبح إنساناً جديداً. لقد انزاح عن كاهله عبء ثقيل: لا عائلة ولا أطفال ولا زواج بعد اليوم، وإنما معارك فكرية فقط. لقد طهره حب ريجين أولسين من الداخل. كشف له عن أعماقه الدفينة، وأوضح له هويته ومشروعه في الحياة. الحب الذي يفشل يحرقك من الداخل حرقاً ويطهرك تطهيراً. بهذا المعنى، فالحب الفاشل أفضل من الحب الناجح بألف مرة. اسألوا أكبر عاشق فاشل في العالم العربي. بعدها أصبح كيركيغارد ذلك الفيلسوف والكاتب الكبير الذي نعرفه. بالمعنى الأدبي للكلمة، وليس مفكراً فيلسوفاً فقط، بالمعنى النثري العويص الجاف. من ثم هناك تشابه كبير بينه وبين نيتشه مع الفارق، الأول مؤمن، والثاني ملحد. وأخيراً، لم ينفك كيركيغارد يحلل أعماقه النفسية على ضوء ذلك الحب الخالد الذي جمعه يوماً ما بفتاة في عزّ الشباب، تدعى ريجين أولسين. عبقريته تفتحت على أنقاض ذلك الحب الحارق أو المحروق. كان ينبغي أن تحصل الكارثة لكي يستشعر ذاته، ينجلي الأفق، يعرف من هو بالضبط. من كثرة ما أحبها تركها. لقد قطع معها لكي تظل - وهي العزيزة الغائبة - أشد حضوراً من كل حضور!