دعوات لإنقاذ 35 ألف مدني يحاصرهم الحوثيون في عبدية مأرب

اليمن استغرب الصمت الدولي إزاء جرائم الميليشيات جنوب المحافظة

فتى يحمل جزءاً من صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون على مدنيين في مأرب خلف 30 قتيلاً على الأقل يوم 3 أكتوبر الحالي (رويترز)
فتى يحمل جزءاً من صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون على مدنيين في مأرب خلف 30 قتيلاً على الأقل يوم 3 أكتوبر الحالي (رويترز)
TT

دعوات لإنقاذ 35 ألف مدني يحاصرهم الحوثيون في عبدية مأرب

فتى يحمل جزءاً من صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون على مدنيين في مأرب خلف 30 قتيلاً على الأقل يوم 3 أكتوبر الحالي (رويترز)
فتى يحمل جزءاً من صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون على مدنيين في مأرب خلف 30 قتيلاً على الأقل يوم 3 أكتوبر الحالي (رويترز)

على وقع حصار الميليشيات الحوثية مديرية العبدية جنوب مأرب دعا ناشطون وحقوقيون إلى تدخل دولي لإنقاذ السكان الذين فقدوا إمدادات الغذاء والدواء وسط القصف المدفعي والصاروخي الحوثي على مناطقهم منذ أكثر من 19 يوماً.
وفي الوقت الذي تواصل فيه الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران شن الهجمات البرية والصاروخية على مأرب، أبدت الحكومة اليمنية الشرعية استغرابها مما وصفته «الصمت الدولي» إزاء ما تقوم به ميليشيا من جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين والنازحين بمديرية العبدية جنوب المحافظة.
وشنت الميليشيات هجوماً على المديرية المحاصرة بشكل عنيف يوم السبت، واستمرت الصواريخ والمدفعية لساعات عدة أملاً في إخضاع السكان في المنطقة بالتوازي مع هجمات أخرى باتجاه مديرية الجوبة المجاورة، فضلاً عن محاولات تسلل إلى مواقع الجيش والمقاومة النواحي الغربية من مأرب.
الاستغراب اليمني جاء في بيان رسمي لوزارة الخارجية وشؤون المغتربين، حيث اتهمت الميليشيات الحوثية بأنها «تستهدف عشرات الآلاف من المدنيين في المديرية بمختلف أنواع الأسلحة وتفرض في الوقت ذاته حصاراً خانقاً على المديرية وتمنع دخول الغذاء والدواء وحليب الأطفال».
وجددت وزارة الخارجية اليمنية مطالبتها لمجلس الأمن بحماية المدنيين بشتى السبل الممكنة وتجنيبهم ويلات الحرب والاستهداف المباشر بالصواريخ الباليستية الموجهة والأسلحة الثقيلة، كما دعت إلى إدانة دولية لما ترتكبه ميليشيا الحوثي من انتهاكات للقانون الإنساني الدولي.
وفي وقت سابق بعث مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي برسالة إلى مجلس الأمن سلط فيها الضوء على جرائم ميليشيات الحوثي بحق المدنيين عبر فرضها الحصار المشدد على مديرية العبدية جنوب مأرب، حيث تحرم الميليشيات 5300 عائلة (أي ما مجموعه 35 ألف مدني) من الحصول على الغذاء والماء والدواء لمدة ثلاثة أسابيع تقريباً، ما أدى إلى مقتل 3 مدنيين على الأقل حتى الآن.
وأبلغ السفير السعدي مجلس الأمن الدولي أن نقص الغذاء والماء أجبر المدنيين على شرب مياه ملوثة، ما ينذر بحدوث كارثة صحية في بلد لم يتعاف تماماً من تفشي الكوليرا. وأوضح أن هناك ما لا يقل عن 9827 طفلاً يعيشون تحت الحصار في مديرية العبدية ويعانون من سوء التغذية وأن المئات منهم يعانون من سوء التغذية الحاد، بينما تحتاج المئات من النساء إلى الرعاية الصحية والإنجابية.
وقال السعدي: «إن استمرار انتهاك الحوثيين لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، من خلال مهاجمة المدنيين والبنى التحتية المدنية وفرض الحصار على السكان المدنيين، سيفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل في اليمن، وسيدفع اليمن بعيداً عن التوصل إلى الحل السياسي للأزمة».
في السياق نفسه أكدت نقابة المعلمين اليمنيين توقف الدراسة في 18 مدرسة في المديرية المحاصرة وحرمان أكثر من ثمانية آلاف طالب وطالبة من التعليم، داعية إلى إنقاذ المئات من أسر المعلمين والمعلمات المحاصرين.
وقالت النقابة في بيان: «إن الحصار الذي تفرضه ميليشيا الحوثي على مديرية العبدية بمحافظة مأرب، تسبب بإيقاف العملية التعليمية في 18 مدرسة، وحرمان أكثر من 8392 طالباً وطالبة من مواصلة تعليمهم، فضلاً عن معاناة أكثر من 183 معلماً ومعلمة يعولون مئات الأسر في ذات المديرية».
ودعت النقابة المجتمع الدولي وكافة المنظمات الحقوقية الدولية إلى تقديم الدعم الفوري والعاجل للشرعية لإنقاذ المعلمين والمعلمات وأفراد أسرهم خصوصاً، وكافة أهالي العبدية عموماً، وذلك بالضغط باتجاه فك الحصار، أو فتح ممرات آمنة للمحاصرين.
وأشارت نقابة المعلمين اليمنيين في بيانها إلى أن أكثر من 183 أسرة للمعلمين والمعلمات ضمن 5000 أسرة هم عدد سكان مديرية العبدية بمحافظة مأرب البالغ إجمالاً 35 ألف فرد، بينهم 9 آلاف طفل، و3 آلاف امرأة، يعيشون تحت حصار جائر وخانق تفرضه ميليشيا الحوثي على المديرية منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.
ومع اشتداد الهجمات الحوثية على المدنيين في مأرب اتهم تقرير حقوقي حديث الميليشيات بالتسبب في تحويل المناطق الآهلة بالسكان إلى ساحة حرب ما أجبر الأهالي على الهروب من بيوتهم وقراهم ونزوحهم في دفعات جديدة إلى مخيمات النزوح المقامة في مدينة مأرب.
وأبدى التقرير الصادر في جنيف عن الائتلاف اليمني للنساء المستقلات، والرابطة الإنسانية للحقوق، ومنظمة «واشنطن أوت سايدر» مخاوفه على حياة المدنيين في مخيمات النازحين من القصف المدفعي والصاروخي مع اقتراب المعارك العسكرية من المخيمات.
ورصد التقرير خلال فترة التصعيد العسكري الأخير على مدينة مأرب الانتهاكات التي لحقت بالمدنيين الناتجة عن الهجمات الحوثية بالصواريخ الباليستية وقذائف الكاتيوشا والهاون والمدفعية والطيران المسير، وأوضح أن عدد الضحايا المدنيين خلال الأشهر العشرة الماضية بلغ 79 قتيلاً و132 مصاباً بينهم أطفال ونساء.
وقال التقرير إن القانون الإنساني الدولي يحظر الهجمات العشوائية أو الممنهجة التي من شأنها أن تصيب الأشخاص المدنيين أو الأعيان المدنية دون تمييز، داعياً في توصياته ميليشيا الحوثي إلى الالتزام بمبادئ الحماية التي فرضها القانون الدولي الإنساني للسكان المدنيين وعدم استهدافهم بالقصف المدفعي والصاروخي والطائرات المسيرة الملغمة بالمتفجرات.
وشدد التقرير الحقوقي في توصياته على ضرورة توقف ميليشيا الحوثي عن إجبار السكان على النزوح وترك مناطق سكناهم سواء باستخدام القصف بذخائر الأسلحة المختلفة أو تهديد المواطنين بقصف مساكنهم إذا لم يتركوا مناطقهم وكذلك التوقف عن زراعة الألغام في المناطق والأحياء السكنية والطرقات والمباني وتسليم خرائط بحقول الألغام ليتسنى نزعها.
ودعا التقرير ميليشيا الحوثي إلى تسهيل مهام المنظمات وهيئات الإغاثة الإنسانية المحلية والدولية والسماح لها بالمرور إلى مخيمات اللجوء وأماكن الإيواء وتذليل أي عوائق قد تعترض وصولها.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».