صالح والكاظمي يدعوان العراقيين إلى «تصحيح المسار» وانتخاب «الأصلح»

الأكراد والسنّة يسعون بعد اقتراع اليوم إلى مغادرة المشاركة إلى الشراكة

عنصر أمن يفتش أحد موظفي مفوضية الانتخاب عند مدخل مركز اقتراع في بغداد أمس (رويترز)
عنصر أمن يفتش أحد موظفي مفوضية الانتخاب عند مدخل مركز اقتراع في بغداد أمس (رويترز)
TT

صالح والكاظمي يدعوان العراقيين إلى «تصحيح المسار» وانتخاب «الأصلح»

عنصر أمن يفتش أحد موظفي مفوضية الانتخاب عند مدخل مركز اقتراع في بغداد أمس (رويترز)
عنصر أمن يفتش أحد موظفي مفوضية الانتخاب عند مدخل مركز اقتراع في بغداد أمس (رويترز)

يعتقد رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بوصفهما ركني السلطة التنفيذية بموجب الدستور العراقي، أنهما أوفيا بالوعد الذي قطعاه على نفسيهما بإجراء انتخابات مبكرة ونزيهة. فطبقاً للتوافق الذي حصل بشأن تكليف الكاظمي لرئاسة الحكومة من قبل الرئيس صالح وحضور كل الزعامات العراقية من الخط الأول في قصر السلام، فإن الانتخابات المبكرة كانت التحدي الذي توجب على الكاظمي اجتيازه.
رغم التحديات التي واجهها الكاظمي طوال أقل من سنة ونصف سنة من رئاسته للوزراء، فإنه تمكن في النهاية من استكمال كل مستلزمات إجراء انتخابات سليمة، وهذا ما أكده «التصويت الخاص» أول من أمس الجمعة. ومع أن الكاظمي نجح في العديد من الملفات الداخلية والخارجية المهمة التي فشلت فيها الحكومات السابقة، إلا أن خصومه يعدونه محسوباً على صالح. ومما يقوله هؤلاء الخصوم أن صالح هو الذي جاء به بعد رفضه تكليف مرشح القوى الشيعية أسعد العيداني في مخالفة دستورية.
اليوم وبعد صراع بدا عنيفاً في بعض مفاصله بين صالح والكاظمي، من جهة، وخصومهما، من جهة ثانية، وصل حد التهديد باستخدام السلاح ضدهما واقتحام المنطقة الخضراء، فإن تهيئة الأرضية المناسبة لإجراء انتخابات وسط رقابة دولية تبدو صارمة هذه المرة تعد إنجازاً لا يمكن التغاضي عنه. ومع أن كلاً من الرجلين يمكن أن يغادر منصبه إلا أنهما كانا الأكثر إصراراً على إجراء الانتخابات المبكرة وفي موعدها الذي تم الاتفاق عليه، علماً بأن الكاظمي كان قد حدد موعداً أبكر، وهو شهر يونيو (حزيران) الماضي.
أمس دعا الرئيس صالح في خطاب متلفز، العراقيين، إلى المشاركة الفاعلة في انتخابات عدها «مفصلية ورئيسية وتأسيسية». وقال صالح في كلمته، الانتخابات هي «فرصة لبِناء دولة قادرة لتُصحح المسارات الخاطئة، وتُواجه التحديات الكبيرة وتضرِب الفساد، وتعملُ على مُراجعة الدستور وتُعزز استقلالَ البلد وسيادتِه عبر عقدٍ سياسي واجتماعي جديد».
وأضاف أن «تصحيح المسارات وبناء الدولة القادرة، لن يتحقق إلا بتشكيلِ مجلس نواب يُعبر عن الإرادة الحقيقية للعراقيين بلا قيمومة أو وصاية، وقادر على تشكيلِ حكومة فاعلة تستجيبُ للتحديات والاستحقاقات بلا تهاون أو مهادنة». وأقر صالح بوجود «خللٍ بنيوي رافقَ منظومة الحُكمِ بعد عام 2003»، داعياً إلى أن تكون انتخابات اليوم «لحظة وطنية لاستعادة المُبادرة العراقية، وتحقيق الإصلاح المنشود من خلال الاحتكام إلى الشعب بوصفه مصدر شرعية الحكم». وعد أن «تبني القانون الجديد للانتخابات، وتشكيلُ مفوضية جديدة إلى جانب الدعم، من أجل تجاوز مَكامن الخلل في العمليات الانتخابية السابقة التي عرقلت المسار السلمي للإصلاح والتغيير» بمثابة المقدمات الصحيحة للتغيير، مشيراً إلى أن «المُشاركة الواسعة الواعية والرصينة في الانتخابات، ستكون نُقطة تحول في مصير بلدنا، وستُحقق التمثيل الحقيقي للشعب وتَفرض إرادتهِ، وتقطع الطريق أمام المُتربصين ومن يُحاول التلاعب بمصير البلد ومستقبله».
ومساء أول من أمس، وفي خطاب متلفز، دعا الكاظمي إلى مشاركة واسعة في اقتراع اليوم، قائلاً «إننا أمام فرصة تاريخية يجب ألا تضيع من أجل الإصلاح الشامل وانتخاب الأصلح». وتابع: «خطوات تفصلنا عن الانتخابات لإبعاد حيتان الفساد وصناعة المستقبل، ولا تفرطوا بأصواتكم لإجراء انتقال مطلوب بالحياة السياسية».
وفيما تؤكد كل المعطيات أن نسبة المشاركة في الانتخابات اليوم سوف تكون الأعلى بالقياس إلى الدورات الأربع الماضية على ضوء حصل في التصويت الخاص، فإن الدافع إلى ذلك لدى العراقيين هو تغيير واقع الحال نحو الأفضل. لكن من الناحية السياسية، فإنه في الوقت الذي كان المكون الشيعي يحتكر صناعة القرار في الدولة، فإن الكرد والسنة يعملون الآن على تغيير المعادلة من مجرد المشاركة في الحكم عبر توزيع المناصب إلى الشراكة في القرار السياسي. وبينما تبدو دعوات العرب السنة أقل فاعلية بسب نشوب خلافات داخلية سنية - سنية محكومة بأجواء إقليمية تجعل من دعواتهم للتغيير غير قابلة للتعامل معها بجدية، فإن الكرد وبرغم خلافاتهم الداخلية ما زالوا قادرين على التعامل مع القوى السياسية الحاكمة في بغداد بوصفهم إقليماً دستورياً وقومية تبحث عن شراكة في الوطن.
وفي هذا السياق، فقد وجه رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، مؤخراً، رسالة باللغة العربية إلى بغداد دعا من خلالها إلى «الالتزام بالدستور والتوافق». وقال بارزاني في خطاب متلفز تلاه بلغة عربية سليمة، «أود توجيه رسالة من إقليم كردستان إلى جميع الإخوة والأخوات في جميع أنحاء العراق، رسالة كردستان هي رسالة السلام والتعايش والاستقرار والإعمار».
وأضاف: «نطالب بتنفيذ جميع بنود الدستور والعودة إلى الشراكة الحقيقية والتوافق والتوازن». ودعا بارزاني إلى «انتخاب مرشحي الحزب الديمقراطي الكردستاني في المحافظات الأخرى، والعمل معنا لنقل تجربة كردستان الناجحة إلى بقية محافظات العراق».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.