مسيرة «النفير الكبير» اليوم رفضاً لـ«الانقلاب» في تونس

تنظمها أحزاب ومنظمات حقوقية

جانب من المسيرات المناهضة لقرارات الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (رويترز)
جانب من المسيرات المناهضة لقرارات الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (رويترز)
TT

مسيرة «النفير الكبير» اليوم رفضاً لـ«الانقلاب» في تونس

جانب من المسيرات المناهضة لقرارات الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (رويترز)
جانب من المسيرات المناهضة لقرارات الرئيس قيس سعيد وسط العاصمة (رويترز)

في سياق حملة تحركات متواصلة حملت شعار «يوم الحسم الديمقراطي»، دعت مجموعة من الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية المعارضة للتدابير، التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد، إلى المشاركة في «يوم النفير الكبير»، اليوم (الأحد)، وسط العاصمة. وهي الدعوة التي أيّدتها عدة شخصيات سياسية وازنة، من بينها الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي.
وكان حزب العمال اليساري، بزعامة حمة الهمامي، قد نظم، مؤخراً، وقفة احتجاجية للتعبير عن رفضه للتدابير الاستثنائية، التي أقرها الرئيس التونسي، في ظل انتقادات حادة وجهت له أيضاً من قِبل عدة أحزاب يسارية أخرى. ودعا عبد اللطيف المكي، القيادي المستقيل من حركة النهضة، إلى التعبئة لمسيرة العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) قائلاً: «إنها مسيرة للتأكيد على أن التونسيين لن يقبلوا إصلاح ما قبل 25 يوليو (تموز) بانقلاب على الدستور، وتركيز حكم الفرد»، على حد تعبيره.
في سياق ذلك، أعلنت حملة «مواطنون ضد الانقلاب»، التي يتزعمها أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك، استعدادها لـ«الحسم الديمقراطي»، وقالت إن النزول للشارع «سيكون هو الرد الأبرز في الساحة الوطنية لمواجهة الانقلاب وحلفائه من الفاشيات العائدة على اختلاف أشكالها».
في المقابل، واصل الرئيس سعيد تحركاته على مختلف الجبهات، حيث عقد لقاءات مع عدد من المسؤولين، وقام بزيارات ميدانية لعدة مناطق، وأصدر قرارات إعفاء في حق عدد من المسؤولين الحكوميين، من بينهم والي (محافظ) قابس، التي شهدت حادث سقوط طائرة هليكوبتر ومقتل ثلاثة عسكريين، وإقالة الرئيس، المدير العام للشركة الوطنية للسكك الحديدية (مؤسسة حكومية)، إثر حادث تصادم قطارين خلف جرح 36 راكباً.
في غضون ذلك، لا يزال الجدل متواصلاً داخل الكواليس السياسية والشارع التونسي، حول تفعيل الفصل 80 من الدستور، والأمر الرئاسي رقم 117، والخلاف حول مدى شرعية تكليف نجلاء بودن بتشكيل الحكومة، وكذا تعليق نشاط البرلمان، لأنه يخالف الفصل 80 من الدستور الذي ينص على بقائه في حالة انعقاد دائم.
وفي هذا الشأن، قالت سلسبيل القليبي، أستاذة القانون الدستوري، إن الفصل 80 «منح رئيس الجمهورية سلطات كبيرة، لكن ليس ليغير قواعد اللعبة السياسية، بل ليحمي الدولة والمؤسسات والدستور، ووظيفة حالة الاستثناء المعلن عنها هي حماية هذه المؤسسات، وليس تغيير القوانين أو تعديل الدستور»، على حد تعبيرها.
على صعيد متصل، اقترح الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، عودة البرلمان إلى نشاطه، واستقالة رئيسه الحالي راشد الغنوشي لفائدة رئيس جديد، بإجماع كل الأطراف السياسية، إضافة إلى استقالة قيس سعيد أو إقالته، على حد تعبيره. وقال موضحاً المراحل التي تلي هذه الخطوة: «بعد ذلك نمر لمرحلة انتقالية محدودة المدة، لا تزيد على 45 يوماً، في انتظار عودة السيادة للشعب عبر إجراء انتخابات مبكرة حرة ونزيهة»، داعياً التونسيين إلى التظاهر بكثافة في مسيرة اليوم، قائلاً: «أدعوكم للتظاهر بكثافة يوم الأحد دفاعاً عن الدستور والديمقراطية والسيادة الوطنية، ودفاعاً عن كرامتكم وحريتكم».
إلى ذلك، استنكر «حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد» (الوطد) اليساري، «الضغوط السافرة التي تمارسها الولايات المتحدة على تونس، باعتماد معطيات ومواقف حلفائها وممثلي مصالحها في تونس، الذين يصرون على حسم الصراع الداخلي عبر الاستقواء بالقوى الأجنبية»، على حد تعبيره.
ويأتي هذا الموقف إثر صدور تقارير أوردتها وزارة الخارجية الأميركية بشأن تجاوزات، طالت حرية الصحافة والتعبير، وتوظيف المحاكم العسكرية للتحقيق في قضايا مدنية في تونس، علاوة عن تعبيرها عن «حالة من القلق وخيبة الأمل»، ودعوتها رئيس الجمهورية، والمكلفة بتشكيل الحكومة، إلى وضع خارطة طريق واضحة المعالم، والعودة إلى عملية ديمقراطية شفافة، تشمل المجتمع المدني والأطياف السياسية المتنوعة في تونس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».