القضاء الأميركي يحاكم لبنانيين مؤيدين لـ«حزب الله» بتهم تبييض أموال والمتاجرة في المخدرات

TT

القضاء الأميركي يحاكم لبنانيين مؤيدين لـ«حزب الله» بتهم تبييض أموال والمتاجرة في المخدرات

وجهت محكمة أميركية في مدينة ميامي بولاية فلوريدا، الأسبوع الماضي، تهماً بغسل الأموال لرجل أعمال من الولاية من أصل لبناني يدعى إلياس ضاهر، على علاقة بشبكة لتبييض الأموال يديرها محمد نادر فرحات، وهو لبناني آخر كان يقيم في الباراغواي، وسلمته سلطاتها إلى الولايات المتحدة، حيث تجري محاكمته مع شبكته في مدينة نيويورك. وكشفت التحقيقات والملاحقات القضائية الأميركية الجارية في نيويورك بشكل منفصل، عن تعقيدات وحجم عمليات غسل الأموال القائمة على التجارة في منطقة المثلث الحدودي بين البرازيل والأرجنتين وباراغواي، خصوصاً الدور المحتمل لـ«حزب الله» في هذه القضية.
وقالت تقارير إنه منذ تسليم فرحات إلى السلطات الأميركية في يونيو (حزيران) 2019، وجه المدعون العامون أيضاً الاتهام إلى ضياء سلامة، زميله الذي يقيم في فلوريدا، والذي اتصل بضاهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وحسام هاشم، من ديربورن بولاية ميشيغان، كشركاء في قضية فرحات. ومثل ضاهر الأسبوع الماضي أمام المحكمة، بعدما وجهت إليه اتهامات جديدة في 30 سبتمبر (أيلول)، تشير إلى أنه قام بغسل عائدات من أنشطة غير مشروعة واستخدم شركاته في نشاطات غير مرخصة لتحويل الأموال، باستخدام المعاملات التجارية الاحتيالية لنقل مكاسب غير مشروعة. ومن المتوقع أن تجري جلسات المحاكمة لكل من فرحات وضاهر وهاشم وسلامة في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وكشفت أوراق المحكمة أن فرحات كان يدير أعماله تحت غطاء بعض المتاجر الصغيرة في باراغواي. لكن المحققين كشفوا أن حجم الأموال التي يقوم بغسلها أكبر بكثير من حجم محلاته، واصفين إياه بأنه «زعيم منظمة غسل أموال واسعة النطاق». وبعدما اعتقلته سلطات الباراغواي عام 2018، خاضت السلطات الأميركية معركة قضائية لمدة عام أدت في النهاية إلى تسليمه إلى سلطات مدينة ميامي ليواجه تهم غسل الأموال، وتهمتين في قضيتين مماثلتين في مدينة نيويورك.
ورغم أن التحقيقات التي يخضع لها فرحات لا علاقة لها رسمياً بتمويل «حزب الله»، لكن المسؤولين الأميركيين أشاروا إليه على أنه «مؤيد لحزب الله». وتصفه وثائق المحكمة بأنه «معروف بغسل الأموال لمنظمات المخدرات وغيرها من المنظمات غير المشروعة». وحسب بيان وزارة العدل الأميركية، فقد شاركت شبكة فرحات في «مخطط دولي لغسل الأموال يعتمد على تعقيدات التجارة العالمية، واستخدام الشركات في نيويورك وفلوريدا، لغسل ملايين الدولارات للمخدرات العابرة للحدود»، لمصلحة «المتاجرين بها وغيرهم من العناصر السيئة».
وعثر المحققون خلال اعتقاله على محرك أقراص ثابت يحتوي على تيرابايت من البيانات. وقالت وثائق المحكمة إن مجموعة المعلومات الدفينة فيه، تضمنت مخططاً «يوضح كيفية تنظيم غسل الأموال». واعتبر البعض أن تلك البيانات ستساعد في كشف كيف ينشط «حزب الله» في مجال غسل الأموال في الولايات المتحدة، وتوسيع لائحة الاتهام الأولية لفرحات لتشمل شركاءه المشتبه بهم. وحسب بعض التقارير، فإن مفتاح عمليات «حزب الله» هو عشرات إن لم يكن مئات شركات الاستيراد والتصدير الصغيرة التي تقوم بغسل الأموال تحت غطاء التجارة والمعاملات الاحتيالية والودائع النقدية. ومن أجل نقل الأموال الناتجة عن أنشطة غير مشروعة مثل الاتجار بالمخدرات، تُصدر هذه الشركات فواتير مزيفة لمعاملات غير موجودة، أو أسعار منخفضة أو سلع ذات أسعار زائدة تتاجر بها، وتقوم بعمل إيداعات نقدية متعددة تقل عن 10 آلاف دولار، كي لا تثير شبهات النظام المصرفي الأميركي. وغالباً ما تتضمن التجارة شراكة بين مزودي السلع في الشرق الأقصى، والوسطاء الأميركيين، والشركات القائمة في المثلث الحدودي بين البرازيل والأرجنتين والباراغواي. وهو ما كشفته محاكمة المدعو علي قصير، الذي أدين في فلوريدا عام 2019 بتهم مماثلة، حيث عملت الشركات الأميركية كمرشد للمعاملات التجارية بين أقصى الشرق والمثلث الحدودي نفسه.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.