تحذيرات من «فتنة مناطقية» بعد تجدد «النزاع التاريخي» بين حلب ودمشق

بعد قرار الحكومة السماح باستيراد أقمشة معينة

وزير الصناعة زياد صبحي (الثاني على اليسار) وغرفة صناعة حلب (غرفة الصناعة)
وزير الصناعة زياد صبحي (الثاني على اليسار) وغرفة صناعة حلب (غرفة الصناعة)
TT

تحذيرات من «فتنة مناطقية» بعد تجدد «النزاع التاريخي» بين حلب ودمشق

وزير الصناعة زياد صبحي (الثاني على اليسار) وغرفة صناعة حلب (غرفة الصناعة)
وزير الصناعة زياد صبحي (الثاني على اليسار) وغرفة صناعة حلب (غرفة الصناعة)

تجدد «النزاع التاريخي» بين دمشق، العاصمة السياسية لسوريا، وحلب عاصمتها الاقتصادية للبلاد وسط تحذيرات من «فتنة مناطقية» بين الصناعيين والتجار في المدينتين، وتضارب مصالح بين مصنعي الألبسة الجاهزة في دمشق وعدة محافظات من جهة وبين مصنعي النسيج ومركزهم حلب من ثانية، ما استدعى قيام وزير الصناعة بزيارة إلى حلب وعقد لقاء مع غرفة الصناعة في محاولة لإيجاد مخرج.
وأصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية قبل يومين قراراً يسمح باستيراد مادة الأقمشة المصنرة غير المنتجة محلياً لجميع المستوردين، والأقشمة المصنرة هي كل ما ينتج على آلات تريكو دائري أو تريكو الفتح، وتستخدم في الألبسة القطنية الداخلية أو الخارجية، أو في الألبسة الرياضية والنسائية.
وقبل صدور القرار الأخير رقم 790 كان الاستيراد محصورا بالصناعيين فقط وضمن مخصصات محددة. ورأى صناعيو حلب أن القرار يحول الصناعي إلى تاجر مستورد وهو يشكل تهديدا مباشرا للصناعة النسيجية التي تعد في مرحلة التعافي بعد الحرب.
وخسرت سوريا خلال الحرب مئات المعامل النسيجية في حلب وريف دمشق وحسب الأرقام المتداولة جرى سرقة أكثر 700 معمل في حلب، ونقلت معداتها إلى تركيا، فيما تدمر بشكل كامل أكثر من 400 معمل نسيج في ريف دمشق، علما بأن عدد المنشآت النسيجية المسجلة في سوريا قبل الحرب كانت 24000 منشأة مختلفة الحجم عدا المنشآت غير النظامية، يشتغل فيها 30 في المائة من العاملين في الصناعة.
ويشار إلى أن سوريا كانت تتميز بوجود كامل سلسلة إنتاج الصناعات النسيجية فيها بدءا من مادة القطن الخام وحتى المنتج النهائي، وكانت تعتبر قبل الحرب من أهم القطاعات الصناعية السورية إذ كانت تساهم بنسبة 27 في المائة من صافي الناتج الصناعي غير النفطي وبحوالي 45 في المائة من الصادرات غير النفطية، انخفضت في السنوات الأخيرة جراء الحرب إلى أقل من 2 في المائة من حجم اقتصاد البلاد.
وناشد رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية فارس الشهابي الحكومة للتراجع عن القرار، باعتباره أخطر قرار يعترض الصناعة منذ سنوات لأن ارتداداته تطول كل ما هو متمم لصناعة النسيج في سوريا. وحذر الشهابي من أن يؤدي هذا القرار إلى إغلاق معظم مصانع الأقمشة المصنرة والمصابغ ومعامل الغزل، كما قد يدفع إلى نزوح هذه الصناعات إلى خارج البلد وتحول العديد من المنتجين إلى مستوردين بدل تحفيز المستوردين للتحول إلى الصناعة.
وسجل في الأشهر الأخير هجرة أكثر من 47 ألف رجل أعمال وصناعي سوري جراء تدهور الوضع الاقتصادي وصعوبة العمل في ظل تضييق القرارات الحكومية وارتفاع الضرائب والجمارك.
رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس الذي أيد قرار استيراد الأقمشة المصنرة رقم 790 هاجم معارضيه من الحلبيين، واتهمهم بـ«امتهان المبالغات». ووجه رسالة عبر حسابه في «فيسبوك»، وقال: «إن من كان يعد المهاجرين الأربعين ألفاً في أسبوعين هو من يحصي عدد المعامل التي تنتج الأقمشة المصنرة»، مؤكدا أن القرار الخاص بالأقمشة المصنرة يلقى تأييد غرفة صناعة دمشق وتأييد الغرف الزميلة وغرفة تجارة حلب وصناعة حمص وتجارة دمشق وباقي المحافظات، باعتباره «قراراً صائبا ومنطقيا ويحمي عشرات الآلاف من المصانع والورشات التي تنتج الملابس وتعمل بالتصدير في دمشق وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس».
ووصم معارضي القرار بـ«حفنة من المهربين الذين يقومون بتهريب الأقمشة من تركيا والادعاء بأنهم يصنعونها». وتوعد الدبس بأنه سيقف في «وجه كل من يحارب صناعة الملابس لمصلحة بعض المهربين الذين يهربون الأقمشة من تركيا ويدعون بأنهم صناعيون وقد حاولوا إغلاق صناعة الألبسة في دمشق وريفها ويرفعون شعارات شعبوية فيسبوكية بعيدة عن الواقع دعم للصناعة النسيجية في بعض المناطق. لن نسمح لحفنة مهربين من إغلاق معامل الألبسة وسنرفع الصوت عالياً للخلاص منهم».
ورد الشهابي على الدبس، قائلا إنها «هذيان وتلفيق استهدف عاصمة الصناعة الوطنية ومركز صناعة النسيج والألبسة في سوريا». وقال إنه لن يرد على كلامه «لكي لا نؤجج أي فتنة مناطقية يسعون إليها»، مؤكدا أن الخلاف «صناعي تجاري بحت. وليس أبداً بين أقمشة وألبسةـ أو بين مدن الوطن الواحد. نحن مع الصناعة والإنتاج الوطني في كل مكان وهم مع الاستيراد من كل مكان».
ويشار إلى أن الخلاف المناطقي بين دمشق وحلب قديم ويعود إلى فترة تأسيس الدولة السورية، إذ يعتبر الحلبيون أن مدينتهم يجب أن تكون العاصمة السياسية للبلاد لأنها عاصمة الصناعة، في حين يعتبر الدمشقيون أن دمشق هي عاصمة السياسة والتجارة والصناعة.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.