«داعش خراسان»: وكالات الاستخبارات الإقليمية تتعهد مطاردة الجماعة الإرهابية

TT

«داعش خراسان»: وكالات الاستخبارات الإقليمية تتعهد مطاردة الجماعة الإرهابية

بين عامي 2016 و2018، واجه الهيكل التنظيمي لجماعة «داعش خراسان» في أفغانستان ضغوطاً هائلة، في ظل إصرار كل من الأميركيين وجماعة «طالبان» على طرد التنظيم من شرق أفغانستان - المنطقة ذاتها التي شهدت صعوده خلال عامي 2014 و2016. وتتركز قصة «داعش خراسان» في أفغانستان، كذلك، حول الانحسار المستمر بعد الصعود الدراماتيكي داخل أفغانستان من عام 2014 إلى عام 2016 مع وصول عدد أعضائه إلى الآلاف. على مدى العامين الماضيين، عانت الجماعة من خسائر متتالية جراء العمليات العسكرية الأميركية والأفغانية في مقاطعتي كونار ونانغارهار الشرقيتين. وقد تفاقمت هذه الخسائر بسبب الحملة العسكرية المنفصلة التي تشنها «طالبان» الأفغانية ضد «داعش».
وحسب تقارير، يضم «داعش» حوالي 2200 مقاتل، لكن مساره العام شهد وقوع انشقاقات بين القادة والجنود، وفقدان أراضٍ سبق للتنظيم السيطرة عليها، وتشرذم الحلفاء في ساحة المعركة، حسبما أفاد عدد من الخبراء الغربيين.
اليوم، لم يعد «داعش» داخل أفغانستان سوى صورة باهتة لما كان عليه في السابق. ومع ذلك، أعرب خبراء غربيون عن مخاوفهم من إمكانية تعرض القوات المتبقية لـ«داعش» من جانب وكالات استخبارات إقليمية لإلحاق الضرر بالدول المنافسة لها، في إطار ما يسمونه «عنف المفسد».
في الوقت الراهن، يوجد خلاف بين «داعش» و«طالبان أفغانستان». ومع ذلك، يرتبط «داعش» بعلاقات ودية مع «طالبان» الباكستانية. والملاحظ أن حركة «طالبان» الأفغانية اقتربت من إيران خلال السنوات الأخيرة، في الوقت الذي تشارك حركة «طالبان» الباكستانية، «داعش» العداء تجاه المجتمع الشيعي المحلي. ويرى عدد من الخبراء والمحللين الأمنيين أن «طالبان» ليست متطورة بما يكفي لمعالجة مشكلة «عنف المفسد»، التي يمكن أن تتجلى في العديد من الأشكال المختلفة داخل أفغانستان ويمكن أن تؤثر على دول المنطقة.
ويمكن أن يتخذ «عنف المفسد» شكل هجمات إرهابية داخل الأراضي الباكستانية، ويعتقد بعض خبراء الاستخبارات الغربية أن الاستخبارات الهندية يمكن أن تلعب دوراً في استغلال فلول الجماعات الإرهابية ضد باكستان. ولا يبدو هذا السيناريو مستبعداً عند النظر إليه في ضوء المزاعم الباكستانية بأن الاستخبارات الهندية اخترقت حركة «طالبان باكستان»، وكان لها دور فاعل في دفع الجماعة المسلحة لتنفيذ هجمات إرهابية في قلب الأراضي الباكستانية. وهناك تقارير لا تحصى حول الشبكات الرابطة بين «طالبان باكستان» وجماعات إرهابية دولية، مثل «القاعدة» و«داعش».
ومع أن «داعش» قد انتهى تقريباً، فإن هذا القول لا ينسحب على شبكة الجماعات التابعة للتنظيم، التي تمركز مقرها في إقليم ننجرهار بأفغانستان. وجذبت هذه الشبكة المتطرفين من جميع أنحاء المنطقة، وكذلك من الخارج.
وتبعاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في أبريل (نيسان) 2021، أدى العمل العسكري الذي نفذته قوات الأمن الأميركية والأفغانية عام 2018 إلى تقليص القوة الفعلية لـ«داعش» إلى 1500 - 2000 مقاتل، وأجبرتها على العمل في خلايا لا مركزية تعمل على نحو شبه مستقل. ومع ذلك، فإن الهجوم الوحشي ضد مدرسة للبنات في كابل في 8 مايو (أيار) 2021، وأسفر عن مقتل أكثر عن 80 شخصاً (معظمهم من الأطفال)، والهجوم ضد مطار كابل، الخميس الماضي، يشيران إلى أن «داعش خراسان» ربما عاود الصعود خلال السنوات الثلاث الماضية، مثلما جاء في تقرير الأمم المتحدة.
كان وراء الهجوم على المطار هدف مزدوج، فقد أراد «داعش خراسان» بالتأكيد قتل الأميركيين وإذلال الولايات المتحدة، التي تضررت مصداقيتها بالفعل جراء التداعي السريع للحكومة الأفغانية، لكن كان للإرهابيين هدف آخر يتمثل في تقويض شرعية «طالبان»، وهي تحاول حكم البلد الذي سيطرت عليه تواً. جدير بالذكر أن «طالبان» تتعاون مع الجيش الأميركي للإسراع في وتيرة إجلاء ورحيل الولايات المتحدة عن أفغانستان. وبالنظر إلى تحمل «طالبان» مسؤولية الأمن خارج المطار، فإن هذا الهجوم يجعلهم يبدون ضعفاء. من ناحيتها، استضافت الاستخبارات الباكستانية في وقت قريب مؤتمراً إقليمياً لرؤساء الاستخبارات في إسلام آباد، ودارت المناقشات حول التهديد الذي يمثله وجود «داعش» في المحافظات الشمالية والشرقية في أفغانستان. واتفق رؤساء وكالات الاستخبارات في إيران والصين وروسيا وباكستان ودول آسيا الوسطى على تنسيق جهودهم ضد «داعش في أفغانستان»، ومساعدة «طالبان» في التعامل مع التهديد الذي تشكله «داعش». وصرح مسؤولون باكستانيون لـ«الشرق الأوسط»، بأن الروس قلقون بشكل خاص من صعود «داعش» في شمال أفغانستان، تحديداً في المناطق المحاذية لأراضي دول آسيا الوسطى، التي ترى روسيا أنها تقع ضمن نطاقها الأمني. في الوقت ذاته، شعر الباكستانيون أنفسهم بالقلق إزاء صعود «داعش في أفغانستان»، ويتركز قلقها حول دخول الأخيرة في شراكة مع منظمات طائفية باكستانية، وتنفيذها في الفترة الأخيرة سلسلة من الهجمات الإرهابية ضد المجتمعات الشيعية في باكستان.


مقالات ذات صلة

تركيا: اعتقالات جديدة لرؤساء بلديات كردية... وتفاؤل بحقبة ترمب

شؤون إقليمية احتجاج أمام بلدية أكدنيز في مرسين على اعتقال رئيسيها المشاركين (إعلام تركي)

تركيا: اعتقالات جديدة لرؤساء بلديات كردية... وتفاؤل بحقبة ترمب

عبّرت تركيا عن تفاؤلها بالعلاقات مع أميركا في عهد الإدارة الجديدة للرئيس المنتخب دونالد ترمب ووجهت انتقادات حادة للاتحاد الأوروبي واتهمته بـ«العمى الاستراتيجي».

سعيد عبد الرازق
أفريقيا وحدة خاصة من قوة عسكرية شكلتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين لمواجهة «بوكو حرام» (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

نيجيريا تتحدث عن «دول» تمول الإرهاب وتدعو إلى «تحقيق» أممي

أعلنت دول حوض بحيرة تشاد القضاء على المئات من مقاتلي جماعة «بوكو حرام» الموالية لتنظيم «داعش»، ورغم ذلك لم تتوقف الهجمات الإرهابية في المنطقة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول الجمعة (رويترز)

تركيا تنسّق مع أميركا في سوريا وتطالب فرنسا باستعادة «دواعشها»

أعطت تركيا إشارة إلى تنسيقها مع الولايات المتحدة بشأن التحرك ضد القوات الكردية في شمال سوريا، وانتقدت بعنفٍ موقف فرنسا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا يقف مسؤولون أمنيون باكستانيون حراساً عند نقطة تفتيش في كويتا عاصمة إقليم بلوشستان بباكستان يوم 6 يناير 2025 حيث تشهد باكستان موجة من عنف المتمردين خصوصاً في المقاطعات الغربية في إقليم خيبر بختونخوا (إ.ب.أ)

الشرطة الباكستانية: اختطاف 17 موظفاً على يد عناصر إرهابية شمال غربي البلاد

أعلنت الشرطة الباكستانية أن مسلحين من العناصر الإرهابية اختطفوا 17 موظفاً مدنياً في منطقة قبول خيل، الواقعة على الحدود بين إقليم البنجاب وإقليم خيبر بختونخوا.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
TT

رئيس الوزراء الكندي يقول إنه سيستقيل من رئاسة الحزب الحاكم

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يلقي كلمة في أوتاوا، 6 يناير 2025 (أ.ب)

قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال خطاب جرى بثه على الهواء مباشرة اليوم الاثنين إنه يعتزم الاستقالة من رئاسة الحزب الليبرالي الحاكم، لكنه أوضح أنه سيبقى في منصبه حتى يختار الحزب بديلاً له.

وقال ترودو أمام في أوتاوا «أعتزم الاستقالة من منصبي كرئيس للحزب والحكومة، بمجرّد أن يختار الحزب رئيسه المقبل».

وأتت الخطوة بعدما واجه ترودو في الأسابيع الأخيرة ضغوطا كثيرة، مع اقتراب الانتخابات التشريعية وتراجع حزبه إلى أدنى مستوياته في استطلاعات الرأي.

وكانت صحيفة «غلوب آند ميل» أفادت الأحد، أنه من المرجح أن يعلن ترودو استقالته هذا الأسبوع، في ظل معارضة متزايدة له داخل حزبه الليبرالي.

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مصادر لم تسمها لكنها وصفتها بأنها مطلعة على شؤون الحزب الداخلية، أن إعلان ترودو قد يأتي في وقت مبكر الاثنين. كما رجحت الصحيفة وفقا لمصادرها أن يكون الإعلان أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني الأربعاء. وذكرت الصحيفة أنه في حال حدثت الاستقالة، لم يتضح ما إذا كان ترودو سيستمر في منصبه بشكل مؤقت ريثما يتمكن الحزب الليبرالي من اختيار قيادة جديدة.

ووصل ترودو إلى السلطة عام 2015 قبل ان يقود الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

لكنه الآن يتخلف عن منافسه الرئيسي، المحافظ بيار بواليافر، بفارق 20 نقطة في استطلاعات الرأي.