هادي: جئتكم من اليمن الجريح مصممًا على الحضور رغم فقد إخوة ورفاق

الرئيس اليمني يشكر القادة العرب على دعم استقرار بلاده ويدعوهم لاستمرار «عاصفة الحزم»

الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس اليمني لدى وصولهما إلى الرياض أمس قادمين من شرم الشيخ (تصوير: بندر الجلعود)
الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس اليمني لدى وصولهما إلى الرياض أمس قادمين من شرم الشيخ (تصوير: بندر الجلعود)
TT

هادي: جئتكم من اليمن الجريح مصممًا على الحضور رغم فقد إخوة ورفاق

الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس اليمني لدى وصولهما إلى الرياض أمس قادمين من شرم الشيخ (تصوير: بندر الجلعود)
الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس اليمني لدى وصولهما إلى الرياض أمس قادمين من شرم الشيخ (تصوير: بندر الجلعود)

دعا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي القادة العرب خلال اجتماع القمة العربية الـ26 المنعقد في مدينة شرم الشيخ أمس إلى استمرار عملية «عاصفة الحزم» التي تقود فيها المملكة العربية السعودية تحالفا مكونا من 10 دول إقليمية لمواجهة الانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن، «حتى تعلن العصابة استسلامها»، على حد قوله. ساردا معاناته كرئيس شرعي لليمن في الوصول إلى قمة العرب في شرم الشيخ، وكذلك جرائم «ميليشيا الحوثي» في اليمن، مطالبا إياهم بالعودة إلى رشدهم، مؤكدا إصراره على الحضور في القمة قادما من «اليمن الذبيح» رغم فقده شخصيا «إخوة ورفاقا» جراء تعرضه لأكثر من هجوم أثناء رحلته.
وأكد هادي في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية أن حضوره اجتماعات القمة العربية «هو حضور لليمن بشرعيته الدستورية ومشروعه الوطني الجامع لهذه القمة المهمة، ولإيصال صوت الشعب اليمني لأمته العربية، شعب يحلم أبناؤه بوطن آمن ومستقر ويطمح لغد أجمل وأروع في ظل دولة مدنية اتحادية حديثة، تستلهم أسسها من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي انقلبت عليه ميليشيات الحوثي وحلفاؤها في الداخل والخارج». وقال إن اليمن سلك طريق الحوار، وعقد مؤتمرا وطنيا شاملا في مارس (آذار) عام 2013، بمشاركة كل الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية بأطيافها المختلفة، انطلاقا من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ووصل إلى توافق على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في يناير (كانون الثاني) عام 2014. وأضاف: «اعتقدنا أننا قد تجاوزنا كثيرا من الصعاب بعد الانتهاء من إعداد مسودة الدستور للدولة اليمنية الجديدة، إلا أن القوى الظلامية عادت مجددا لتجر البلد إلى الخلف، متحدية بذلك الإرادة الشعبية وقرارات الشرعية الدولية، وواجهت كل أبناء الشعب وقواه الحية السلمية بقوة السلاح وعملت على عسكرة العاصمة صنعاء واجتياح كثير من المحافظات ومحاصرة قيادات الدولة العليا وتعطيل عمل المؤسسات الحكومية من خلال السيطرة المسلحة، وبدعم وشراكة وتأييد من أطراف محلية ناقمة وحاقدة وعابثة ومن أطراف إقليمية لا تريد لليمن والمنطقة العربية ككل الأمن والاستقرار». ووجه هادي الشكر إلى مصر على استضافة القمة، وللشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ولدولة الكويت على ما بذلته من جهود مشكورة وعمل دؤوب خلال ترؤسها للقمة السابقة. وكذلك للأمين العام لجامعة الدول العربية وأمانتها العامة على ما بذلوه ويبذلونه من جهود متواصلة في سبيل النهوض بدور الجامعة وتفعيل العمل العربي المشترك والانطلاق به صوب آفاق واسعة.
كما شكر القادة العرب على تعاطفهم مع شعب اليمن ودعمهم لشرعيته وأمنه واستقراره ووحدته، قائلا: «لقد أتيت إليكم اليوم من اليمن الجريح مشاركا في القمة العربية، ولو تعلمون ما واجهته من صعاب وتحديات حتى أحضر معكم، ومن فقدتهم شخصيا من إخوة ورفاق جراء تعرضي لأكثر من هجوم أثناء رحلتي إليكم.. إلا أنني كنت مصمما على الحضور، ليس للحضور الشخصي ولكن لحضور اليمن بشرعيته الدستورية ومشروعه الوطني الجامع لهذه القمة المهمة ولإيصال صوت الشعب اليمني لأمته العربية. حضرت إليكم وقلبي يعتصر ألما وحسرة على وطني وشعبنا العظيم الذي يحلم أبناؤه بوطن آمن ومستقر ويطمح لغد أجمل وأروع في ظل دولة مدنية اتحادية حديثة تستلهم أسسها من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي انقلبت عليه ميليشيات الحوثي وحلفاؤها في الداخل والخارج». وأكد هادي: «اعتقدنا أننا قد تجاوزنا كثيرا من الصعاب بعد الانتهاء من إعداد مسودة الدستور للدولة اليمنية الجديدة، إلا أن القوى الظلامية عادت مجددا لتجر البلد إلى الخلف، متحدية بذلك الإرادة الشعبية وقرارات الشرعية الدولية، وواجهت كل أبناء الشعب وقواه الحية السلمية بقوة السلاح، وعملت على عسكرة العاصمة صنعاء واجتياح كثير من المحافظات ومحاصرة قيادات الدولة العليا وتعطيل عمل المؤسسات الحكومية من خلال السيطرة المسلحة وبدعم وشراكة وتأييد من أطراف محلية ناقمة وحاقدة وعابثة ومن أطراف إقليمية لا تريد لليمن والمنطقة العربية ككل الأمن والاستقرار».
وتابع: «ونتيجة لتلك الأوضاع التي شهدتها العاصمة صنعاء، وبعد حصارنا شخصيا لقرابة الشهرين، وبتوفيق من الله وعونه وتعاون الشرفاء من أبناء شعبنا استطعنا الخروج من صنعاء والوصول إلى مدينة عدن الباسلة ومارسنا منها سلطاتنا الشرعية كرئيس للجمهورية لتجنيب اليمن الخراب والدمار وويلات الحروب. وقد قررنا نقل العاصمة السياسية مؤقتا إلى العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن لممارسة مؤسسات الدولة وظائفها بشكل طبيعي. وكنت قد عقدت العزم على مواصلة مهامي كرئيس للدولة لإنجاز ما تبقى من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وصولا إلى إقرار الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مدة زمنية محددة، حتى يتمكن شعبنا من تجاوز الأزمة والانتقال إلى بناء الدولة الاتحادية الحديثة، وهي مهمة تاريخية ومفصلية يطمح شعبنا إلى تحقيقها. وفي سبيل ذلك فقد وجهنا الدعوة في الـ21 من شهر مارس الحالي لكل القوى والمكونات السياسية بما في ذلك منفذو الانقلاب على الشرعية الدستورية، لحضور مؤتمر في مقر مجلس التعاون الخليجي بالرياض، صاحب المبادرة الخليجية، والهدف الرئيسي لذلك المؤتمر هو الاتفاق على خارطة طريق لتنفيذ ما سبق أن اتفق عليه».
وأوضح الرئيس اليمني: «إلا أن تلك الميليشيات وحلفاءها بالداخل المصابين بهوس السلطة والاستبداد، وحلفاءهم في الخارج الذين يريدون استخدام اليمن لإقلاق المنطقة والأمن والسلم الدوليين، قد أدمنت العنف الدمار واجتياح المحافظات، فقادت حربا دموية لاجتياح محافظات تعز ولحج والضالع، وقبلها صعدة وعمران والبيضاء ومأرب، وأخيرا مدينة عدن، فسفكت الدماء وأزهقت الأرواح وعبثت بالمؤسسات والمنشآت وأوجدت فوضى عارمة استهدفت أمن واستقرار وسكينة أبناء الشعب في معظم محافظات الجمهورية، وفي تحدٍّ واضح لكل أبناء شعبنا في الجنوب وقبله في الشمال.. إلا أن أبناء شعبنا العظيم بشبابه ورجاله ونسائه جابهوا ذلك العدوان والانقلاب في كل الأقاليم والمحافظات».
ودعا هادي «كل أبناء الشعب للالتفاف حول الشرعية الدستورية ومؤسساتها الرسمية، ولمقاومة تلك الميليشيات بشجاعة وإباء، والخروج إلى الشوارع والساحات للتعبير في مظاهرات سلمية تعبر عن إرادة اليمنيين الحرة»، مؤكدا أن إرادة الشعب اليمني «هي التي دفعتني، وفي إطار مسؤوليتي الدستورية والشرعية، إلى توجيه رسالة إلى إخواني الأعزاء ملوك وأمراء ورؤساء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي وجامعة الدول العربية ومجلس الأمن الدولي لتقديم المساعدة الفورية بكل الوسائل والتدابير اللازمة، بما في ذلك التدخل العسكري لحماية اليمن وشعبه من العدوان الحوثي المدمر، وذلك استنادا إلى ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.. وهو الأمر الذي تم الاستجابة له فورا من قبل أشقائنا وأصدقائنا من خلال عملية (عاصفة الحزم)، وهي تطبيق عملي للدعوة الجادة بتشكيل قوة عربية مشتركة تسهم في المحافظة على أمننا القومي العربي».
وأكد الرئيس اليمني أن «عاصفة الحزم» عملية هدفها الرئيسي والوحيد حماية الشعب اليمني من عدوان غاشم يستهدف هويته العربية وقيمه الإسلامية وتراثه المجتمعي القائم على التعايش والتسامح مع نفسه ومع محيطه العربي والإسلامي طوال تاريخه، وقال: «لأولئك الذين يدغدغون مشاعر شعبنا بالحديث عن انتهاك السيادة، فإن من انتهك السيادة هم من فجّر دور العبادة ودور تحفيظ القرآن ومن نهب المعسكرات والمؤسسات المدنية ومن احتل المدن والمحافظات ومن حاصر رئيس الدولة الشرعي، بل وتجرأ على ضرب القصر الجمهوري في عدن بالطيران الحربي، أوَليس ذلك صورة صارخة لانتهاك السيادة وتدمير للدولة اليمنية؟.. قلنا مرارا وتكرارا إنها جماعة لا عهد لها ولا ذمة، فقد تنكرت لكل الاتفاقات التي أبرمتها مع شركاء العمل السياسي، وأمعنت في تمردها، متعاملة مع صبر اليمنيين وحلمهم على أنه ضعف وهوان، لكن المسؤولية العظيمة التي حملناها فرضت علينا الصبر على مرارته، فالصبر شيمة لا يتمتع بها إلا الحريصون على وطنهم، والتهور من طباع الحمقى وعديمي المسؤولية والمتهربين من تعهداتهم وواجباتهم الوطنية».
ووجه هادي حديثه إلى الانقلابين قائلا: «وعليه أقول لدمية إيران وألعوبتها ومن معه، أنت من دمر اليمن بمراهقتك السياسية وافتعالك للأزمات الداخلية والإقليمية، ومن يعتقد أنه بالزعيق والخطابة يمكن أن تبنى الأوطان فهو مخطئ ألف مرة، فأنت من انتهك السيادة وأنت من يتحمل مسؤولية كل ما جرى وكل ما سيجري إذا استمررت بمراهقتك السياسية وأحلامك الضيقة، فعد إلى رشدك أنت وحلفاؤك، (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين). صدق الله العظيم».
ثم خاطب القادة العرب قائلا: «إنني أدعو إلى استمرار عملية (عاصفة الحزم) حتى تعلن هذه العصابة استسلامها، وترحل من جميع المناطق التي احتلتها في مختلف المحافظات، وأن تغادر مؤسسات الدولة ومعسكراتها وتسلم كل الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، سواء التي نهبتها من معسكرات ومخازن الدولة، أو التي سبق أن أمدتها بها إيران للحرب على الدولة والشعب اليمني على مدار الأعوام السابقة. وحتى يسلم قادة هذه العصابة أنفسهم للعدالة، الذين سبق أن تقدمنا بقائمة أسمائهم لإدراجهم على قوائم مجرمي وزعماء الإرهاب الدولي، وعدم السماح لهم بمواصلة جرائمهم ضد الأمن والسلم الدوليين، وكذلك حلفاؤهم الآخرون العابثون بأمن وسيادة واستقلال اليمن وكبح طموحهم لإخضاع اليمن لرغباتهم وتعقبهم وتجفيف مصادر تمويلهم، حتى يتوقفوا عن التآمر جهرا وسرا مع إيران ضد اليمن وجمهوريته ووحدته واستقراره، وإعلان تخليهم عن إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والمناطقية».



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.