عقاريون: فرض رسوم على الأراضي البيضاء أهم قرار في تاريخ العقار السعودي

(«الشرق الأوسط») توقعت القرار قبل أسبوعين من صدوره .. وتكهنات بتسييل ملايين الأمتار مما سينعكس إيجابًا على الأسعار

رغم جرأة القرار بفرض الرسوم لا يمكن تحديد ما ستؤول إليه الأمور فور تطبيقه («الشرق الأوسط»)
رغم جرأة القرار بفرض الرسوم لا يمكن تحديد ما ستؤول إليه الأمور فور تطبيقه («الشرق الأوسط»)
TT

عقاريون: فرض رسوم على الأراضي البيضاء أهم قرار في تاريخ العقار السعودي

رغم جرأة القرار بفرض الرسوم لا يمكن تحديد ما ستؤول إليه الأمور فور تطبيقه («الشرق الأوسط»)
رغم جرأة القرار بفرض الرسوم لا يمكن تحديد ما ستؤول إليه الأمور فور تطبيقه («الشرق الأوسط»)

يعتبر قرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء التي أقرها مجلس الوزراء الأسبوع الماضي من أقوى القرارات التي مرت في تاريخ العقار السعودي، حيث يعتبر منعطفا هاما في مسيرة السوق الذي ظل فيه القرار بين شد وجذب منذ سنوات طويلة، إلا أنها طفت على السطح مؤخرا وبالتحديد خلال السنوات الثلاث الأخيرة التي بدأ الحديث في هذا الموضوع يأخذ طابعا جادا في تطبيقه، حيث لم يكن فرض القرار مفاجئا للأغلبية خصوصا بعد نشر آلية التسجيل العيني الذي طبق على مناطق المملكة قبل فترة، وكما تنبأت «الشرق الأوسط» في تقرير نشر قبل أسبوعين عن قرب إصدار قرار الرسوم.
وأثار القرار الجديد العقاريون ليدلوا بآرائهم حيث تسببت بانقسامهم حول جدوى القرار ومدى تأثيره على الحال العقاري والسوق، فمنهم من أكد أن القرار سينعكس سلبا على أسعار العقار، وأن المستهلك سيدفع هذه الضريبة عند الشراء في نهاية المطاف، وأن الأمر لا يعدو كونه تكاليف إضافية سيتحملها المواطن ولن يتحملها التاجر، والأغلبية أكدوا أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء يعد الورقة الأكثر تأثيرا على المستثمرين، خصوصا الذين يمتلكون ملايين الأمتار والمخططات الكبيرة، إذ إنهم لن يتحملوا الضريبة، وبالتالي انخفاض الأسعار في محاولة لترويج معروضاتهم التجارية، إلا أن هناك دراسات واقعية تؤكد بأن القطاع العقاري متجه نحو منحدر قوي في الأسعار.
قال راشد الموسى، المستثمر العقاري، بأن القرار وعلى الرغم من جرأته إلا أنه لا يمكن تحديد ما تؤول إليه الأمور فور تطبيقه، حيث إن القطاع لم يكن مستعدا من ناحية المستثمرين الذين سيضطرون إلى النزول بالأسعار لمسايرة العروض التي من المحتمل أن تنهال على السوق، خصوصا لمن يمتلك مساحات شاسعة تقدر بملايين الأمتار والذين سيجدون أنفسهم مجبرين على التهرب من دفع الزكاة عبر تسويقها بأسعار أقل من المعروض، خصوصا أنهم لن يخسروا فيها، بل إن ما سيلحقهم هو انخفاض في هامش الربح، لأن أغلبهم تملك هذه الأراضي عن طريق المنح أو بأسعار رمزية وتحفظ عليها منذ سنوات طويلة تمتد إلى عقود، مما يعني تسييل كبير في المعروض سيجبر الأسعار على الانخفاض رغما عنها.
وأضاف أن «مخططات بكاملها متوقفة منذ سنوات طويلة بسبب تعنت أصحابها، مما يحرم البلد من مساحات من المفترض أن تستغل ويبنى عليها وحدات سكنية، تمكن المواطنين من السكن فيها بأسعار يستطيعون توفيرها أو تقسيطها، وأنه من غير الممكن أن يدفع مواطن بسيط 1.5 مليون ريال (400 ألف دولار) من أجل الاستقرار»، مبينا أن مشروع المنزل يعد من أصعب المشاريع التي تواجه المواطنين، إلا أن القرار الجديد سيخفض الأسعار إلى مستويات قد تكون مفاجئة حتى للمستثمرين الذي يستشعرون خطورة القرار وقد تكون بمستويات تفوق توقعاتهم وتصل إلى نسب لا يمكن تصورها، خصوصا في ظل دخول الحكومة كمطور سكني وشريك غير ربحي لتوفير سكن مناسب للمواطنين.
وكان فرض الزكاة على الأراضي محل نقاش منذ 15 عاما، فإن الشورى السعودي رفع توصية بفرض ما نسبته 2.5 في المائة زكاة على الأراضي البيضاء سنويا، وكانت هذه التوصية مطلع عام 2012 وبعد 8 أشهر تحديدا من إقرار المجلس بضرورة فرض رسوم على الأراضي غير المطورة الواقعة داخل النطاق العمراني، وإقرارا للتوصية المرفوعة عام 2004 بتحصيل رسوم سنوية وفرض زكاة على الأراضي غير المطورة.
وحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإن دراسة كاملة مع توصياتها رفعها الشورى السعودي للمجلس الاقتصادي الأعلى (ألغي في يناير «كانون الثاني» الماضي) متعلقة بفرض رسوم على الأراضي البيضاء، وكانت قبل أكثر من 9 أشهر.
ومن جانبه بارك عبد العزيز الريس المستشار في كثير من شركات التطوير الخطوة، إذ أكد بأنها تعد من أكثر القرارات وجعا لمحتكري التراب ويضرب في الصميم، لذلك يروج وبقوة أن هذه الخطوة سيكون لها انعكاسات سلبية على الأسعار، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق نظرا لتخوفهم من دفع رسوم سنوية للدولة بملايين الريالات، تجبرهم على ضخ مخططاتهم في السوق للحفاظ على رأس المال، مقترحا أن تكون الرسوم مختلفة بحسب امتلاك الشخص للمساحات، فكلما كبرت المساحة زادت القيمة، لإجبار المتعنتين النائمين على مئات الآلاف من الأمتار منذ عقود طويلة، على التخلي عنها وزيادة ميزان العرض، مما يجبر الأسعار على الانخفاض، مستشهدا ببعض المخططات التي تقع وسط المدن ولم ينشأ على أراضيها أي مشروع سكني منذ أن خلق الله الأرض، مما يوضح مدى استفحال الموضوع لدرجة لا يجب السكوت عنها.
واشترط الريس لنجاح القرار أن يطبق على الجميع بمساواة كاملة، وألا يستثنى أحد من هذا القرار مهما كانت قوته ونفوذه، للخروج من الأزمة الحقيقية التي يعيشها القطاع العقاري السعودي، الذي يعيش أياما عصيبة ومختلفة عن جميع دول العالم، التي تحدد الأسعار فيها بحسب العرض والطلب، بعكس القطاع العقاري السعودي الذي يسير إلى المجهول، فكيف بقطاع يشهد إقبالا منخفضا أن ترتفع أسعاره في نفس التوقيت، مضيفا بأن القطاع العقاري مقبل على انخفاضات كبيرة تلامس الـ30 في المائة كحد أدنى بعد تطبيق القرار بعام وأن القطاع العقاري موعود بمزيد من الانخفاضات مهما برر البعض أن الضريبة سيتحملها المشتري وهي حجة خالية من الصحة وهي الورقة الأخيرة التي يلوحون بها لبقاء الأسعار على ما هي عليه إلا أن ذلك لن يحدث لأن الطوفان سيغرق الأسعار بالانخفاضات فور تطبيق القرار.
هذا ومن المتوقع أن يضخ القرار عشرات الملايين من الأمتار التي كانت متوقفة منذ سنوات الأمر، الذي سيدفع بميزان العرض إلى تحقيق فائض كبير مما ينعكس إيجابا على الأسعار، ولاقى القرار ترحيبا شعبيا كبيرا عبروا عنه في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ إن توفير السكن من أولويات المواطنين الذين يعتبرون ملف الإسكان أحد أهم الملفات التي تواجههم في الحياة، إلا أن فرض الرسوم كان حدثا غير اعتيادي على مسامع القطاع العقاري الذي وصل إلى مستويات جنونية من الارتفاع، ويعتبر هذا القرار بحسب تأكيدات مهتمين بالشأن العقاري أحد أهم القرارات التي شهدها القطاع عبر تاريخ السوق العقارية السعودية.
وفي الاتجاه الآخر حذر ريان السعيدان الذي يدير شركة عقارية، من تبعات تطبيق القرار، حيث إن المواطن سيتحمل هذه التكلفة لا محالة، ضاربا المثل برسوم الـ2400 التي طبقتها وزارة العمل، وانعكست سلبا على ارتفاع نسبة التضخم، لافتا إلى أن القطاع العقاري قطاع حساس يتأثر بشكل سريع بالقرارات المحيطة به، واستبعد أن يكون هناك انعكاس إيجابي بانخفاض وشيك في الأسعار، إذ إن المستثمر من المستحيل أن يكون هو المتضرر في هذا الأمر، لأن أملاكه بين يديه، وفي حال رغبته في البيع فإنه سيحمل المشتري جميع التكاليف التي دفعها، لافتا إلى أن هذا الأمر ليس جديدا، وأن التاجر المحلي لا يتحمل أي قرار أو رسوم تفرض عليه، وأن المستهلك هو الضحية دائما.
وعرج السعيدان إلى أن الرقابة يجب أن تكون حاضرة في السوق عبر وزارة الإسكان التي يجب أن تعلم بأن مراقبة الأسعار وفرض القرارات المصيرية مهم للغاية لخفض الأسعار، موضحا بأنهم كمستثمرين يتمنون انخفاض الأسعار حتى تتضاعف عمليات البيع والشراء ويحققون بذلك مكاسب أكبر في الوقت الذي تشهد فيه السوق حركة ضعيفة لا تفي بالغرض ولا تلبي سوى احتياجات فئة معينة من الراغبين في تملك المساكن، مؤكدا بأن القرار صعب للغاية ولا يمكن للخبراء العقاريين أن يتنبأوا بعواقبه سواء الإيجابية أو السلبية.
وعلى الرغم من إصدار قرار تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء أو جباية الزكاة كما يسميها البعض، إلا أنه وحتى هذه اللحظة لم تعلن آلية الرسوم أو حتى طريقة جنيها، أو الطريقة التي ستحسب فيها الرسوم على الأراضي، وهو الأمر الذي سيشكل ضغطا إضافيا على محتكري الأراضي، خصوصا أن القطاع وصل إلى ذروة ارتفاعه، مما يعني انخفاضا محتمل الحدوث للأسعار بحسب رأي أغلب العقاريين الذين أكدوا بأنهم لن يتحملوا الرسوم بشكل سنوي، بل سيحاولون خفض الأسعار لترغيب المواطنين هروبا من جباية الرسوم.



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»