عقاريون: فرض رسوم على الأراضي البيضاء أهم قرار في تاريخ العقار السعودي

(«الشرق الأوسط») توقعت القرار قبل أسبوعين من صدوره .. وتكهنات بتسييل ملايين الأمتار مما سينعكس إيجابًا على الأسعار

رغم جرأة القرار بفرض الرسوم لا يمكن تحديد ما ستؤول إليه الأمور فور تطبيقه («الشرق الأوسط»)
رغم جرأة القرار بفرض الرسوم لا يمكن تحديد ما ستؤول إليه الأمور فور تطبيقه («الشرق الأوسط»)
TT

عقاريون: فرض رسوم على الأراضي البيضاء أهم قرار في تاريخ العقار السعودي

رغم جرأة القرار بفرض الرسوم لا يمكن تحديد ما ستؤول إليه الأمور فور تطبيقه («الشرق الأوسط»)
رغم جرأة القرار بفرض الرسوم لا يمكن تحديد ما ستؤول إليه الأمور فور تطبيقه («الشرق الأوسط»)

يعتبر قرار فرض رسوم على الأراضي البيضاء التي أقرها مجلس الوزراء الأسبوع الماضي من أقوى القرارات التي مرت في تاريخ العقار السعودي، حيث يعتبر منعطفا هاما في مسيرة السوق الذي ظل فيه القرار بين شد وجذب منذ سنوات طويلة، إلا أنها طفت على السطح مؤخرا وبالتحديد خلال السنوات الثلاث الأخيرة التي بدأ الحديث في هذا الموضوع يأخذ طابعا جادا في تطبيقه، حيث لم يكن فرض القرار مفاجئا للأغلبية خصوصا بعد نشر آلية التسجيل العيني الذي طبق على مناطق المملكة قبل فترة، وكما تنبأت «الشرق الأوسط» في تقرير نشر قبل أسبوعين عن قرب إصدار قرار الرسوم.
وأثار القرار الجديد العقاريون ليدلوا بآرائهم حيث تسببت بانقسامهم حول جدوى القرار ومدى تأثيره على الحال العقاري والسوق، فمنهم من أكد أن القرار سينعكس سلبا على أسعار العقار، وأن المستهلك سيدفع هذه الضريبة عند الشراء في نهاية المطاف، وأن الأمر لا يعدو كونه تكاليف إضافية سيتحملها المواطن ولن يتحملها التاجر، والأغلبية أكدوا أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء يعد الورقة الأكثر تأثيرا على المستثمرين، خصوصا الذين يمتلكون ملايين الأمتار والمخططات الكبيرة، إذ إنهم لن يتحملوا الضريبة، وبالتالي انخفاض الأسعار في محاولة لترويج معروضاتهم التجارية، إلا أن هناك دراسات واقعية تؤكد بأن القطاع العقاري متجه نحو منحدر قوي في الأسعار.
قال راشد الموسى، المستثمر العقاري، بأن القرار وعلى الرغم من جرأته إلا أنه لا يمكن تحديد ما تؤول إليه الأمور فور تطبيقه، حيث إن القطاع لم يكن مستعدا من ناحية المستثمرين الذين سيضطرون إلى النزول بالأسعار لمسايرة العروض التي من المحتمل أن تنهال على السوق، خصوصا لمن يمتلك مساحات شاسعة تقدر بملايين الأمتار والذين سيجدون أنفسهم مجبرين على التهرب من دفع الزكاة عبر تسويقها بأسعار أقل من المعروض، خصوصا أنهم لن يخسروا فيها، بل إن ما سيلحقهم هو انخفاض في هامش الربح، لأن أغلبهم تملك هذه الأراضي عن طريق المنح أو بأسعار رمزية وتحفظ عليها منذ سنوات طويلة تمتد إلى عقود، مما يعني تسييل كبير في المعروض سيجبر الأسعار على الانخفاض رغما عنها.
وأضاف أن «مخططات بكاملها متوقفة منذ سنوات طويلة بسبب تعنت أصحابها، مما يحرم البلد من مساحات من المفترض أن تستغل ويبنى عليها وحدات سكنية، تمكن المواطنين من السكن فيها بأسعار يستطيعون توفيرها أو تقسيطها، وأنه من غير الممكن أن يدفع مواطن بسيط 1.5 مليون ريال (400 ألف دولار) من أجل الاستقرار»، مبينا أن مشروع المنزل يعد من أصعب المشاريع التي تواجه المواطنين، إلا أن القرار الجديد سيخفض الأسعار إلى مستويات قد تكون مفاجئة حتى للمستثمرين الذي يستشعرون خطورة القرار وقد تكون بمستويات تفوق توقعاتهم وتصل إلى نسب لا يمكن تصورها، خصوصا في ظل دخول الحكومة كمطور سكني وشريك غير ربحي لتوفير سكن مناسب للمواطنين.
وكان فرض الزكاة على الأراضي محل نقاش منذ 15 عاما، فإن الشورى السعودي رفع توصية بفرض ما نسبته 2.5 في المائة زكاة على الأراضي البيضاء سنويا، وكانت هذه التوصية مطلع عام 2012 وبعد 8 أشهر تحديدا من إقرار المجلس بضرورة فرض رسوم على الأراضي غير المطورة الواقعة داخل النطاق العمراني، وإقرارا للتوصية المرفوعة عام 2004 بتحصيل رسوم سنوية وفرض زكاة على الأراضي غير المطورة.
وحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإن دراسة كاملة مع توصياتها رفعها الشورى السعودي للمجلس الاقتصادي الأعلى (ألغي في يناير «كانون الثاني» الماضي) متعلقة بفرض رسوم على الأراضي البيضاء، وكانت قبل أكثر من 9 أشهر.
ومن جانبه بارك عبد العزيز الريس المستشار في كثير من شركات التطوير الخطوة، إذ أكد بأنها تعد من أكثر القرارات وجعا لمحتكري التراب ويضرب في الصميم، لذلك يروج وبقوة أن هذه الخطوة سيكون لها انعكاسات سلبية على الأسعار، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق نظرا لتخوفهم من دفع رسوم سنوية للدولة بملايين الريالات، تجبرهم على ضخ مخططاتهم في السوق للحفاظ على رأس المال، مقترحا أن تكون الرسوم مختلفة بحسب امتلاك الشخص للمساحات، فكلما كبرت المساحة زادت القيمة، لإجبار المتعنتين النائمين على مئات الآلاف من الأمتار منذ عقود طويلة، على التخلي عنها وزيادة ميزان العرض، مما يجبر الأسعار على الانخفاض، مستشهدا ببعض المخططات التي تقع وسط المدن ولم ينشأ على أراضيها أي مشروع سكني منذ أن خلق الله الأرض، مما يوضح مدى استفحال الموضوع لدرجة لا يجب السكوت عنها.
واشترط الريس لنجاح القرار أن يطبق على الجميع بمساواة كاملة، وألا يستثنى أحد من هذا القرار مهما كانت قوته ونفوذه، للخروج من الأزمة الحقيقية التي يعيشها القطاع العقاري السعودي، الذي يعيش أياما عصيبة ومختلفة عن جميع دول العالم، التي تحدد الأسعار فيها بحسب العرض والطلب، بعكس القطاع العقاري السعودي الذي يسير إلى المجهول، فكيف بقطاع يشهد إقبالا منخفضا أن ترتفع أسعاره في نفس التوقيت، مضيفا بأن القطاع العقاري مقبل على انخفاضات كبيرة تلامس الـ30 في المائة كحد أدنى بعد تطبيق القرار بعام وأن القطاع العقاري موعود بمزيد من الانخفاضات مهما برر البعض أن الضريبة سيتحملها المشتري وهي حجة خالية من الصحة وهي الورقة الأخيرة التي يلوحون بها لبقاء الأسعار على ما هي عليه إلا أن ذلك لن يحدث لأن الطوفان سيغرق الأسعار بالانخفاضات فور تطبيق القرار.
هذا ومن المتوقع أن يضخ القرار عشرات الملايين من الأمتار التي كانت متوقفة منذ سنوات الأمر، الذي سيدفع بميزان العرض إلى تحقيق فائض كبير مما ينعكس إيجابا على الأسعار، ولاقى القرار ترحيبا شعبيا كبيرا عبروا عنه في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ إن توفير السكن من أولويات المواطنين الذين يعتبرون ملف الإسكان أحد أهم الملفات التي تواجههم في الحياة، إلا أن فرض الرسوم كان حدثا غير اعتيادي على مسامع القطاع العقاري الذي وصل إلى مستويات جنونية من الارتفاع، ويعتبر هذا القرار بحسب تأكيدات مهتمين بالشأن العقاري أحد أهم القرارات التي شهدها القطاع عبر تاريخ السوق العقارية السعودية.
وفي الاتجاه الآخر حذر ريان السعيدان الذي يدير شركة عقارية، من تبعات تطبيق القرار، حيث إن المواطن سيتحمل هذه التكلفة لا محالة، ضاربا المثل برسوم الـ2400 التي طبقتها وزارة العمل، وانعكست سلبا على ارتفاع نسبة التضخم، لافتا إلى أن القطاع العقاري قطاع حساس يتأثر بشكل سريع بالقرارات المحيطة به، واستبعد أن يكون هناك انعكاس إيجابي بانخفاض وشيك في الأسعار، إذ إن المستثمر من المستحيل أن يكون هو المتضرر في هذا الأمر، لأن أملاكه بين يديه، وفي حال رغبته في البيع فإنه سيحمل المشتري جميع التكاليف التي دفعها، لافتا إلى أن هذا الأمر ليس جديدا، وأن التاجر المحلي لا يتحمل أي قرار أو رسوم تفرض عليه، وأن المستهلك هو الضحية دائما.
وعرج السعيدان إلى أن الرقابة يجب أن تكون حاضرة في السوق عبر وزارة الإسكان التي يجب أن تعلم بأن مراقبة الأسعار وفرض القرارات المصيرية مهم للغاية لخفض الأسعار، موضحا بأنهم كمستثمرين يتمنون انخفاض الأسعار حتى تتضاعف عمليات البيع والشراء ويحققون بذلك مكاسب أكبر في الوقت الذي تشهد فيه السوق حركة ضعيفة لا تفي بالغرض ولا تلبي سوى احتياجات فئة معينة من الراغبين في تملك المساكن، مؤكدا بأن القرار صعب للغاية ولا يمكن للخبراء العقاريين أن يتنبأوا بعواقبه سواء الإيجابية أو السلبية.
وعلى الرغم من إصدار قرار تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء أو جباية الزكاة كما يسميها البعض، إلا أنه وحتى هذه اللحظة لم تعلن آلية الرسوم أو حتى طريقة جنيها، أو الطريقة التي ستحسب فيها الرسوم على الأراضي، وهو الأمر الذي سيشكل ضغطا إضافيا على محتكري الأراضي، خصوصا أن القطاع وصل إلى ذروة ارتفاعه، مما يعني انخفاضا محتمل الحدوث للأسعار بحسب رأي أغلب العقاريين الذين أكدوا بأنهم لن يتحملوا الرسوم بشكل سنوي، بل سيحاولون خفض الأسعار لترغيب المواطنين هروبا من جباية الرسوم.



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»