وزارة الثقافة العراقية تطمح لمشروع للنشر المشترك مع السعودية

من مطبوعات «دار المأمون للترجمة»
من مطبوعات «دار المأمون للترجمة»
TT

وزارة الثقافة العراقية تطمح لمشروع للنشر المشترك مع السعودية

من مطبوعات «دار المأمون للترجمة»
من مطبوعات «دار المأمون للترجمة»

ضمن الدور العراقية المشاركة في معرض الرياض الدولي للكتاب، تبرز أربع دور نشر مشاركة من وزارة الثقافة، إضافة إلى سبع دور أخرى فرعية وأهلية. ومن دور النشر التابعة للوزارة، «دار المأمون للترجمة» وهي دار متخصصة في الترجمة، وكذلك دار «الثقافة الكردية» المتخصصة في الأعمال الكردية.
بالنسبة لدار الشؤون الثقافية العامة في وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية، فهي تعمل على مشاريع ثقافية من بينها مشروع النشر المشترك.
ويقول الدكتور عارف الساعدي مدير عام دار الشؤون الثقافية العامة، إن الدار «لديها مجموعة من الأفكار تحاول توظيفها للنهوض بهذه المؤسسة العريقة التي تعد واحدة من أقدم دور النشر العربية».
وأضاف: «لهذا نحاول أن نعيد فكرة مشروع النشر العربي المشترك، وقد طرحنا هذه الفكرة في أول اجتماع مع وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان مع الدكتور حسن ناظم حيث رحب ترحيباً واسعاً بهذه الفكرة».
وبالنسبة لدار المأمون للترجمة والنشر التابعة وزارة الثقافة العراقية، فهي تعمل منذ نشأتها في عام 1980 على تقديم الإصدارات العالمية من اللغات الحية إلى اللغة العربية. وأولت الدار أيضاً اهتماماً خاصاً بترجمة مختارات من الأدب العراقي إلى اللغات الأجنبية بالإضافة إلى ترجمة الكتب الاجتماعية والفكرية القيمة لمؤلفين وأدباء عراقيين بارزين.
وتسعى الدار لتقديم التراجم من اللغات الأصلية التي تؤلف بها وكذلك المؤلفات التي تفوز بجوائز أو شهادات عالمية بعد تقدير قيمة العمل من قبل لجنة تقويم النصوص في الدار.
وأطلقت الدار مبادرة ترجمة 100 كتاب ضمن الخطة السنوية التي أعلنها وزير الثقافة العراقية سابقاً.
وعلى صعيد النشر الثقافي، تصدر دار المأمون عددا من الإصدارات الثقـافية المتنوعة بـاللغات الأجنبية الخمس المعتمدة لديها: الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والروسية، ومن بينها مجلة «المأمون» وهي مجلة ثقافية فصلية تعنى بالترجمة والدراسات اللغوية، وكل ما يختص بشـــؤون البحــث العلمي والترجمة، ومجلة «جلجامش» وهي مجلة ثقافية تعنى بنقل الثقافة العراقية من شعر وقصة ومسرح ودراسات نقدية إلى اللغة الإنجليزية.
ومجلة «بغداد» وهي مجلة فصلية تصدر عن دار المأمون باللغة الفرنسية وتعنى بالمواضيع الثقافية والفنية وتغطي أهم الأحـداث على الساحـة العراقــية أسست سنة 1970 وصدر عددها الأول باسم «العراق اليوم»، وفي تسعينيات القرن الماضي تغير اسمها إلى مجلة «بغداد».
كما تصدر جريدة «المترجم» وهي جريدة شهرية تصدر باللغتين العربية والإنجليزية وتعنى بتغطية وترجمة الأنشطة الثقافية والفنية المحلية والعالمية.



«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.