«بلازما النقاهة» غير مجدية مع الحالات الحرجة

فريق بحثي دولي حسم الجدل

وحدة عناية مركزة لمرضى «كورونا» في مستشفى بساراسوتا في فلوريدا (رويترز)
وحدة عناية مركزة لمرضى «كورونا» في مستشفى بساراسوتا في فلوريدا (رويترز)
TT

«بلازما النقاهة» غير مجدية مع الحالات الحرجة

وحدة عناية مركزة لمرضى «كورونا» في مستشفى بساراسوتا في فلوريدا (رويترز)
وحدة عناية مركزة لمرضى «كورونا» في مستشفى بساراسوتا في فلوريدا (رويترز)

في الأيام الأولى لوباء «كوفيد - 19»، تحول المجتمع الطبي إلى علاج عمره قرن، وهو أخذ الدم من المتعافين وإعطاؤه للمرضى، وكانت الفرضية هي أن المكونات فيما يسمى بـ«بلازما النقاهة» التي تقاوم المرض يمكن أن تفعل ذلك مرة أخرى، وهو الشيء الذي نجح في علاج أمراض أخرى، مثل «إيبولا».
والاثنين الماضي، وضع فريق بحث دولي يضم أطباء وعلماء في كلية الطب بجامعة بيتسبرغ الأميركية، حداً فعالاً لهذه الممارسة من خلال تجربة إكلينيكية خلصت إلى أن بلازما النقاهة «غير مجدية» لمعظم الحالات الحرجة من «كوفيد - 19». وتم نشر النتائج في دورية الجمعية الطبية الأميركية «جاما»، بالتزامن مع العرض التقديمي في الاجتماع السنوي للجمعية الأوروبية لطب العناية المركزة.
يقول بريان ماكفيري، أستاذ أمراض الرئة والحساسية، والباحث المشارك بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة بيتسبرغ «كانت هناك أسباب معقولة بيولوجياً للتحول إلى بلازما النقاهة في وقت مبكر من الوباء، عندما كان مئات الآلاف من الناس يمرضون ولم يتم اكتشاف العلاجات بعد. ولسوء الحظ، كان يتم إعطاؤه خارج التجارب السريرية أو في التجارب التي لم تركز على المرضى المصابين بأمراض خطيرة؛ مما يبطئ قدرتنا على معرفة ما إذا كان يعمل بالفعل». وأضاف «مع هذه النتائج، يمكننا وضع حدّ لاستخدام بلازما النقاهة لمرضى الحالات الحرجة، والتركيز على العلاجات التي نعرف أنها تعمل، بالإضافة إلى تطوير واختبار علاجات أفضل».
والنتائج هي الأحدث من منصة «ريماب كاب»، والتي سجلت آلاف المرضى في مئات المستشفيات في جميع أنحاء العالم لتحديد أفضل علاجات «كوفيد - 19» بشكل سريع. وفي تجربة بلازما النقاهة، سجلت المنصة 2011 مريضاً بالغاً تم نقلهم إلى المستشفى مصابين بـ«كوفيد - 19» الوخيم، وتم اختيارهم عشوائياً إما لتلقي وحدتين من بلازما النقاهة أو من دون بلازما ومتابعتهم لمعرفة ما إذا كانت احتمالية البقاء على قيد الحياة لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل دون الحاجة إلى دعم الأعضاء، مثل جهاز التنفس الصناعي، تختلف بناءً على ما إذا كانوا عولجوا بالبلازما أم لا.
وانتهت التجربة إلى عدم الجدوى عندما تم جمع بيانات كافية، للقول مع نسبة يقين تزيد على 99 في المائة، إن بلازما النقاهة لم تساعد مرضى «كوفيد – 19» المصابين بأمراض خطيرة.
ومع ذلك، اتبعت النتائج نمطاً مختلفاً قليلاً بالنسبة لـ126 مريضاً يعانون من نقص المناعة، ويبدو أن هذه المجموعة تعمل بشكل أفضل قليلاً مع علاج البلازما في فترة النقاهة مقارنة بالعلاج القياسي، لكن عدد المرضى كان صغيراً جداً بحيث لا يمكن الإدلاء ببيان نهائي.
تقول ليز استكورت، أستاذ في أمراض الدم وطب نقل الدم بجامعة أكسفورد، والباحثة المشاركة بالدراسة «هذا شيء يستدعي حتماً التحقيق، حيث لم نتمكن من تحديد سبب عدم تحسين بلازما النقاهة للنتائج في معظم المرضى المصابين بأمراض خطيرة».
وتضيف «نحن نتوقع أنه يمكن أن يكون بالبلازما مزيج من عدد قليل جداً من الأجسام المضادة عالية الجودة، وأن هؤلاء المرضى يتقدمون كثيراً في مرضهم مع استجابة مناعية التهابية هاربة».
ومن الجيد أنه لا يزال من الممكن أن تساعد بلازما النقاهة الأشخاص في المراحل المبكرة من المرض، كما يقول ديريك أنغوس، كبير مسؤولي الابتكار في المركز الطبي لجامعة بيتسبرغ الأميركية. ويضيف «لكن من غير المحتمل استخدامها بكفاءة؛ نظراً لأن الأجسام المضادة وحيدة النسيلة (OPTIMIZE - C19) التي يقيمها المركز الطبي لجامعة بيتسبرغ تعدّ علاجاً فعالاً لهذه الحالات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».