حوثيون يتمسكون باحتلال مبنى جمعية خيرية ومستوصف في إب

TT

حوثيون يتمسكون باحتلال مبنى جمعية خيرية ومستوصف في إب

أفادت مصادر حقوقية في محافظة إب اليمنية (170 كيلومتراً جنوب صنعاء) بأن الميليشيات الحوثية بقيادة المدعو نبيل المرتضى المنتحل لصفة مدير مكتب الشؤون الاجتماعية تواصل منذ عام تقريباً احتلال مبنى «جمعية دار الكتاب والسنة» ومستوصف «الخنساء» التابع للجمعية، وسط مناشدات محلية تطالب بالتدخل لوقف تلك الانتهاكات بحق المواطنين والمؤسسات المختلفة في المحافظة.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن قصة احتلال الميليشيات للجمعية ومرافقها في إب بدأت تدريجياً قبل نحو عام بقيام القيادي الحوثي نبيل المرتضى (المنتمي إلى صعدة) من خلال الاستيلاء على غرفة واحدة بمبنى الجمعية بحجة استخدامها في التعبئة والتحشيد إلى جبهات القتال.
ولفتت إلى أن ذلك سرعان ما توسع إلى فرض القيادي الحوثي كامل السيطرة على مبنى الجمعية والاستقرار فيه ومن ثم تحويل مرافقه من أماكن تقدم خدماتها الخيرية للفقراء والمعوزين إلى أخرى لمضغ نبتة القات وعقد اللقاءات والاجتماعات.
وكرد فعل حوثي عقب إطلاق سلسلة من النداءات المطالبة بالضغط على قيادة الانقلاب بإخلاء المؤسسات المصادرة وتسليمها لأصحابها بشكل فوري، اتجهت الجماعة قبل 7 أشهر ماضية، حسب المصادر، لاستكمال عملية السطو تلك من خلال قيام المدعو أحمد العصري المعين مشرفاً اجتماعياً للجماعة في إب باقتحام مستوصف الخنساء الخيري التابع للجمعية والتحكم بإدارته العامة والمالية وتعيين مشرف حوثي دون تأهيل لإدارة شؤونه.
وفي السياق ذاته، تحدث عاملون وأعضاء بإدارة الجمعية في إب، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن عملية الاقتحام والسيطرة على المستوصف الخيري جاءت بناء على توجيهات مباشرة من المشرف الحوثي العام في المحافظة يحيي اليوسفي.
وجاءت عملية الاحتلال للمستوصف بعد أشهر من المضايقات والاستيلاء على الجمعية ومصادرة قرار الإدارة والاستحواذ على عائدات المستوصف الذي يقدم خدماته الطبية برسوم زهيدة ويستفيد منه آلاف السكان في المحافظة والمناطق المجاورة.
وفي حين أوضحت المصادر أن القياديين الحوثيين (المرتضى والعصري) لا يزالان حتى اللحظة ينتحلان صفات رئيس الجمعية ومدير المستوصف ويتحكمان بإدارتهما مالياً وإدارياً، قال العاملون إنه «نظراً لعدم وجود أي رادع يوقف اعتداءات الميليشيات بحق ما تبقى من المؤسسات في إب، تواصل تلك القيادات ارتكاب الانتهاكات بحق ملاك الجمعية والمستوصف وكافة العاملين فيها».
وأوضحوا أن بعض تلك الانتهاكات تمثل بمواصل الانقلابيين تهديد رئيس مجلس إدارة المستوصف بالتصفية الجسدية مع استمرار إيداعهم مدير المستوصف و12 عاملاً منذ أشهر في أحد السجون، إلى جانب نهب مبالغ كبيرة وتغيير النظام الإلكتروني الخاص بالمستوصف وتجييره بشكل كامل لخدمة مرضى الجماعة وجرحاها دون غيرهم من أبناء المحافظة.
وكانت منظمة رصد المعنية بالحقوق والحريات في المحافظة قد دعت في وقت سابق المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف انتهاكات الحوثيين ضد الجمعية.
وقالت المنظمة، في بيان لها، إنها تابعت عملية سطو الميليشيات على الجمعية ومستوصف الخنساء التابع لها بقلق بالغ، داعية الانقلابيين في المحافظة إلى إخلاء المؤسسات المصادرة وتسليمها لأصحابها.
وأوضح البيان إلى أن الجمعية أنشئت لصالح العمل الخيري والديني ومصرح لها من مكتب الشؤون الاجتماعية، وأن السطو عليها من شأنه أن يؤثر على مئات الأسر والأيتام الذين كانوا يتلقون المعونات من تلك الجمعية، فيما سيؤثر السطو على المستوصف على آلاف المدنيين الذين كانوا يتلقون الخدمات الطبية برسوم بسيطة.
وطالب البيان منظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، بالتدخل لحماية المدنيين في اليمن، وضمان حماية الممتلكات الشخصية والعامة، وفقاً لمقتضيات الدستور اليمني والقانون الدولي الإنساني.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام يمنية ضجت طيلة 12 شهراً بأنباء احتلال الانقلابيين ومصادرتهم لمبنى وممتلكات وأرصدة جمعية دار الكتاب والسنة ومستوصفها الخيري في إب المدينة.
وتداول ناشطون حينها معلومات تفيد باحتلال مشرف حوثي لمبنى الجمعية بعد تلبية المالكين له طلباته التي رافقتها عملية أساليب تهديد بالقتل والمصادرة بشكل نهائي.
وأقدمت الجماعة الحوثية، وكيل إيران في اليمن، طيلة السنوات المنصرمة على احتلال ونهب كثير من المنظمات والمؤسسات الخيرية والتنموية ومبانٍ ومنازل وأراض وعقارات تعود ملكيتها لمواطنين أو للدولة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.