غضب في بروكسل لعدم تعيين سفراء لواشنطن في دول أوروبية

TT

غضب في بروكسل لعدم تعيين سفراء لواشنطن في دول أوروبية

تبدو المعوقات التي تحيط بتعيين سفراء الولايات المتحدة في عدد من الدول والمؤسسات الدولية، أمراً إجرائياً يرتبط بالمناكفات الحزبية والانقسامات المعهودة في مجلس الشيوخ الأميركي، الذي تعود إليه الموافقة على تثبيت مرشحي الإدارة الأميركية لملء الشواغر في تلك المناصب. لكن هذه «الثغرة» لا يمكنها أن تخفي التغييرات وإعادة النظر الجارية في واشنطن منذ سنوات، في التعامل مع «حلفائها»، على خلفية شعار «أميركا أولاً». «معوقو» تلك التعيينات يتذرعون بالدفاع عن «مصالح الأصدقاء» الأكثر ضعفاً في أوروبا الشرقية، على ما يدعي تيد كروز، السيناتور الجمهوري من ولاية تكساس، الذي تعهد بعرقلة تعيينات بايدن الخارجية، ما لم يتصد لمشروع «نورد ستريم» الروسي مع ألمانيا. وقال إن المشروع ليس سوى «هبة استراتيجية واقتصادية لروسيا»، مضيفاً: «إذا كنت تريد التحدث إلى بعض الأوروبيين حول هذا الأمر، فاتصل بالأوكرانيين، اتصل بالبولنديين، اتصل بأصدقائنا في أوروبا الشرقية». غير أن البعض يرى أن تلك الادعاءات، ليست سوى إمعان حثيث من بعض صقور الساسة الأميركيين، لدقّ إسفين آخر في بنية الاتحاد الأوروبي نفسه، عبر إثارة الشكوك والغضب من «الأقوياء» فيه.
يتذمر مسؤولو الاتحاد الأوروبي من عدم تمكن إدارة بايدن حتى الساعة من تعيين سفراء لواشنطن في كل من الاتحاد الأوروبي وفرنسا ومجموعة من العواصم الأوروبية الأخرى، وكذلك المنظمات الدولية الكبرى مثل حلف الناتو، أو منظمة التنمية الاقتصادية والتعاون. ويعتبرون أن هذا التأخير لعب دوراً في التوتر والغضب الذي اندلع بين ضفتي الأطلسي بعد صفقة الغواصات الأسترالية، والإعلان عن تحالف «أوكوس» الجديد، بسبب ضعف التواصل والتنسيق معهم. في الشهر الماضي، عقدت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جلسات استماع للمصادقة على عدد من المرشحين الأكثر أهمية لبايدن، بمن فيهم دينيس كامبل باور ليكون سفيراً في فرنسا، وجوليان سميث سفيرة لدى الناتو، ومارك جيتنشتاين سفيراً لدى الاتحاد الأوروبي، وجاك ماركل سفيراً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. لكنها لم تبت في تعيينهم بعد، في الوقت الذي يتمسك فيه كروز بتهديداته، بمنع تثبيت أي من تعيينات بايدن. وأعاق كروز مرشحي الرئيس منذ مارس (آذار) الماضي، من خلال استخدام مناورات إجرائية لفرض تأخيرات غير مسبوقة، تستند إلى ضرورة الحصول على موافقة الأعضاء المائة لمجلس الشيوخ، ما أثار شكاوى وزارة الخارجية من تأثير تلك التأخيرات على عملها. وصادق مجلس الشيوخ على سفير واحد فقط، هو المبعوث إلى المكسيك، منذ تولى بايدن منصبه. بالنسبة للأوروبيين، فإن الوظائف الشاغرة محبطة بشكل خاص لأنهم كانوا يتطلعون إلى إعادة بناء العلاقات عبر الأطلسي مع بايدن وفريقه. ويشكو المسؤولون الأوروبيون والأميركيون من أن الوظائف الدبلوماسية الشاغرة، تؤثر على تعاونهم في مجموعة من القضايا. بما في ذلك الجهود المبذولة للاتفاق على حد أدنى جديد للضرائب على الشركات، والمبادرات لمكافحة تغير المناخ، ومعالجة الخلافات الموروثة من حقبة ترمب، بما في ذلك الرسوم الجمركية المستمرة على الصلب والألمنيوم، حتى من ضعف التنسيق بين الطرفين، الذي ظهر في الاجتماع الأول لمجلس التجارة والتكنولوجيا الجديد، الذي انعقد الأسبوع الماضي في مدينة بيتسبرغ.
ونقلت صحيفة «بوليتيكو» عن مسؤولين أوروبيين غضبهم من أن «كروز يمنع كل شيء». وقال مسؤول أوروبي كبير: «لا أعتقد أنه من واجبنا أن ندخل في التفاصيل التي تعيق الأمور. هذا أمر تجب على الدول معالجته». وأضاف: «لكن إذا نظرت إلى عدد السفراء الذين جاءوا مقارنة بعهد ترمب، ناهيك عن المقارنة بعهد أوباما، فلديك نسبة ضئيلة من السفراء، ولديك شواغر في عدد هائل من المناصب المهمة». ورغم تأكيده على أن تلك الوظائف الدبلوماسية الشاغرة تمثل إشكالية، فإنه أكد بأن الخيار السياسي الذي قاد إلى ولادة تحالف «أوكوس» الجديد، لن يكون مختلفاً، رغم أن التواصل مع الشركاء كان سيختلف قليلاً.
غير أن كروز ليس وحيداً في معارضة ترشيحات بايدن. فقد انضم إليه السيناتور الجمهوري جوش هاولي من ولاية ميسوري، الذي هدد بتأخير تعيين جميع مرشحيه في وزارتي الدفاع والخارجية، ما لم يستقل ضباط الأمن القومي «بسبب الانسحاب الفوضوي للقوات الأميركية من أفغانستان». وقال هاولي: «إذا أراد حلفاؤنا الأوروبيون أن يكونوا قلقين حقاً، فينبغي أن يهتموا بما حدث في أفغانستان، وهم بالمناسبة قلقون؛ خصوصاً بشأن الأزمة الشاملة في قيادة السياسة الخارجية الأميركية». حتى السيناتور الجمهوري عن فلوريدا ماركو روبيو، العضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية، لمح إلى استعداده لتعطيل تلك التعيينات، إذا تعرض لضغوط مماثلة لتلك التي يتعرض لها تيد كروز، على حد قوله. وفيما يواصل الجمهوريون تأمين الغطاء لكروز وهاولي، لم تقم إدارة بايدن بحملة ضغوط جدية لإقناعهم برفع اعتراضاتهم. لكن لا أحد يتوقع أن يتراجع كروز، في ظل تعهده بإثارة أكبر قدر من المعوقات أمام الديمقراطيين، انتقاماً من سلوكهم السياسي خلال عهد الرئيس الجمهوري ترمب.



360 صحافياً مسجونون في العالم... والصين وإسرائيل في صدارة القائمة السوداء

عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)
عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)
TT

360 صحافياً مسجونون في العالم... والصين وإسرائيل في صدارة القائمة السوداء

عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)
عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)

أعلنت لجنة حماية الصحافيين، اليوم الخميس، أنّ عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024، مشيرة إلى أنّ إسرائيل احتلّت، للمرة الأولى في تاريخها، المرتبة الثانية في قائمة الدول التي تسجن أكبر عدد من الصحافيين، بعد الصين.

وقالت جودي غينسبيرغ رئيسة هذه المنظمة غير الحكومية الأميركية المتخصصة في الدفاع عن حرية الصحافة، في بيان، إن هذا التقدير لعدد الصحافيين المسجونين هو الأعلى منذ عام 2022 الذي بلغ فيه عدد الصحافيين المسجونين في العالم 370 صحافياً. وأضافت أنّ هذا الأمر «ينبغي أن يكون بمثابة جرس إنذار».

وفي الأول من ديسمبر (كانون الأول)، كانت الصين تحتجز في سجونها 50 صحافياً، بينما كانت إسرائيل تحتجز 43 صحافياً، وميانمار 35 صحافياً، وفقاً للمنظمة التي عدّت هذه «الدول الثلاث هي الأكثر انتهاكاً لحقوق الصحافيين في العالم».

وأشارت لجنة حماية الصحافيين إلى أنّ «الرقابة الواسعة النطاق» في الصين تجعل من الصعب تقدير الأعداد بدقة في هذا البلد، لافتة إلى ارتفاع في عدد الصحافيين المسجونين في هونغ كونغ، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

أمّا إسرائيل التي تعتمد نظام حكم ديمقراطياً يضمّ أحزاباً متعدّدة، فزادت فيها بقوة أعداد الصحافيين المسجونين منذ بدأت الحرب بينها وبين حركة «حماس» في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأكّدت المنظمة غير الحكومية ومقرها في نيويورك أنّ «إسرائيل حلّت في المرتبة الثانية بسبب استهدافها التغطية الإعلامية للأراضي الفلسطينية المحتلّة».

وأضافت اللجنة أنّ هذا الاستهداف «يشمل منع المراسلين الأجانب من دخول (غزة) ومنع شبكة الجزيرة القطرية من العمل في إسرائيل والضفة الغربية المحتلة».

وتضاعف عدد الصحافيين المعتقلين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية خلال عام واحد. وأفادت المنظمة بأنّ إسرائيل التي تعتقل حالياً 43 صحافياً جميعهم من الفلسطينيين تجاوزت عدداً من الدول في هذا التصنيف؛ أبرزها ميانمار (35)، وبيلاروسيا (31)، وروسيا (30). وتضمّ قارة آسيا أكبر عدد من الدول التي تتصدّر القائمة.

وأعربت جودي غينسبيرغ عن قلقها، قائلة إن «ارتفاع عدد الاعتداءات على الصحافيين يسبق دائماً الاعتداء على حريات أخرى: حرية النشر والوصول إلى المعلومات، وحرية التنقل والتجمع، وحرية التظاهر...».