جونسون يتعهد إصلاحاً «تأخّر كثيراً» للاقتصاد البريطاني

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون (أ.ب)
TT

جونسون يتعهد إصلاحاً «تأخّر كثيراً» للاقتصاد البريطاني

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون (أ.ب)

يحشد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أنصار حزبه المحافظ، اليوم (الأربعاء)، وسط تعهدات بإصلاحات واسعة لوقف اعتماد اقتصاد المملكة المتحدة على العمالة الأجنبية الرخيصة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وبينما يقلل من أهمية التهافت الحالي على محطات البترول لشراء الوقود ورفوف المحلات التجارية الخاوية وتحذيرات المتاجر من صعوبات مقبلة في عيد الميلاد، يشير زعيم المحافظين إلى أن المعاناة سـتنتهي في الأمد القريب.
وسيقول في خطاب يختتم فيه مؤتمر المحافظين، وفق مقتطفات نشرها الحزب: «نتعامل مع أكبر القضايا الكامنة في اقتصادنا ومجتمعنا المشاكل التي لم تملك أي حكومة سابقة الجرأة للتعامل معها».

وأضاف أن السبب هو «أننا نبدأ الآن تغيير الاتجاه الذي تأخر كثيرا في اقتصاد المملكة المتحدة»، متعهدا عدم العودة إلى نموذج ما قبل بريكست القائم على «الهجرة غير المضبوطة».
وبدلا من ذلك، سيتعيّن على الأعمال التجارية البريطانية الاستثمار في موظفيها والتكنولوجيا لدفع البلاد «باتّجاه اقتصاد قائم على الأجور المرتفعة والمهارة العالية والإنتاجية الكبيرة».
لكن التحوّل سيستغرق وقتاً. وفي الأثناء، وافقت الحكومة على مضض على منح عدد محدود من التأشيرات قصيرة الأمد لجذب سائقي الشاحنات والعاملين في قطاع الدواجن من شرق أوروبا.
وتلقي الحكومة بالمسؤولية على وباء كوفيد في النقص الكبير في العمالة الذي يؤثر على اقتصاد المملكة المتحدة وليس على نهجها المتشدد فيما يتعلق ببريكست.

لكن أزمة الإمدادات تحمل خطر تقويض قضايا سيشدد جونسون عليها في خطابه، بما في ذلك الدفع قدماً بالنمو الاقتصادي وبـ«بريطانيا العالمية» بعد انفصالها عن الاتحاد الأوروبي.
كما يتوقع بأن يتطرق إلى تحرّك بريطانيا في مجال التغيّر المناخي والحاجة إلى تعاون دولي، قبيل انطلاق مؤتمر الأطراف السادس والعشرين (كوب 26) المرتقب في اسكوتلندا اعتبارا من 31 أكتوبر (تشرين الأول).
وركب جونسون دراجة كهربائية أثناء جولة أجراها في مقر المؤتمر، أمس (الثلاثاء)، فيما صعد على متن جرار كهربائي ولعب بأحجية هدفها تجميع القطع لبناء منزل خال من الكربون، لكن مؤتمر المحافظين تجاهل بالمجمل مسألة التغيّر المناخي.
وقال وزير المال ريشي سوناك، الاثنين، إن ترك عبء الديون التي تسبب بها الوباء للأجيال القادمة سيكون أمراً «لا أخلاقياً»، لكن من دون أن يأتي على ذكر ملف التغيّر المناخي.
ولفتت مسؤولية السياسات لدى «غرينبيس» في المملكة المتحدة ريبيكا نيوسوم إلى أن تجاهل مسألة المناخ «مؤشر مؤذ» قبيل «كوب 26».
وأكدت أن «تخصيص المزيد من النقود للبنى التحتية النظيفة الآن سيوفّر تكاليف هائلة لاحقاً ويخلق ملايين فرص العمل في أنحاء المملكة المتحدة».
ولم تتطرّق وزيرة الخارجية ليز تراس كذلك إلى المناخ أثناء خطابها، الأحد، بينما تعهدت دعم النمو «الصديق بشكل أكبر للبيئة» و«البنى التحتية النظيفة» في الدول النامية.
في المقابل، كان بريكست المحور المتكرر بالنسبة لحزب جونسون، الذي يشدد على أن المشاكل الحالية المرتبطة بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي مؤقتة.
وحذّر الوزير المكلّف ملف بريكست ديفيد فروست من «الأفكار المعادية للنمو» و«التعاسة الدائمة» التي تعكسها جماعات الضغط «المناهضة لوسائل النقل وللسيارات».
من جهتها، استغلت وزيرة الداخلية بريتي باتيل خطابها خلال المؤتمر الثلاثاء للتعهد بتحرّك أكثر تشدداً حيال المتظاهرين الناشطين في مجال المناخ الذين يغلقون شوارع في أنحاء لندن، ورأت أن المتظاهرين «يفتقدون لحس المسؤولية».

ونفى رئيس «كوب 26» ألوك شارما بأن يكون الحزب متساهلاً فيما يتعلّق بمسألة تغيّر المناخ، قبل أقل من شهر من موعد استقبال غلاسكو وفودا من مختلف أنحاء العالم للمشاركة في المؤتمر.
وقال وزير الأعمال التجارية السابق أمام مجموعة صغيرة من الحضور على هامش المؤتمر الرئيسي في مانشستر: «أحياناً لا يرى الناس أن المحافظين يقومون بدور ريادي في هذا المجال».
لكنه شدد على أن «زملائي في الحكومة يدركون في الحقيقة سبب الأهمية البالغة التي يجب أن تولى للتحرّك بشكل صحيح في هذا الصدد»، وأكد: «إنه فرصة حقيقية لخلق الوظائف والنمو والاستمتاع ببلد وكوكب أكثر صحة».



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».