المغرب يطلق معهدًا لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات

أشرف على تدشينه الملك محمد السادس ويهدف إلى حفظ الهوية الإسلامية المعتدلة

المغرب يطلق معهدًا لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات
TT

المغرب يطلق معهدًا لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات

المغرب يطلق معهدًا لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات

أشرف العاهل المغربي الملك محمد السادس أمس بالحي الجامعي (مدينة العرفان) في الرباط، على تدشين «معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات»، وهو مشروع يكرس الإشعاع الديني للمملكة المغربية، وتشبثها بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
وتعد هذه المؤسسة الجديدة، المخصصة لاستقبال الأئمة المغاربة وآخرين من بلدان عربية وأفريقية وأوروبية، والتي تطلب إنجازها استثمارات بقيمة 230 مليون درهم (الدولار يساوي 9 دراهم) تجسيدا للدور الذي تلعبه إمارة المؤمنين في المغرب باعتبارها الضامن لممارسة الشعائر الدينية الإسلامية الحقة، التي تقوم في جوهرها على التسامح والانفتاح، وترتكز على العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف السني.
ويندرج إنجاز هذا المعهد في إطار تنفيذ استراتيجية مغربية مندمجة تروم بث قيم الإسلام المعتدل لدى الأجيال الشابة من الأئمة المرشدين والمرشدات، وهي القيم التي سادت في المغرب على الدوام، حسب المراقبين، وذلك بهدف تحصين المغرب من نزعات التطرف المنحرفة التي تنتشر في العالم. وسيضطلع المعهد الجديد بدور مهم إلى جانب باقي المؤسسات في الحفاظ على الهوية الإسلامية للمغرب التي تحمل طابع الاعتدال والانفتاح والتسامح.
وتستند هذه الاستراتيجية المندمجة والشاملة ومتعددة الأبعاد، إلى 3 أركان، هي الركن المؤسساتي، وركن التأطير الناجع، والتكوين العلمي الحديث المتجدد باستمرار. وتطبيقا لهذا الركن الأخير، يأتي إنجاز معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات.
ويشتمل المعهد الجديد الذي يقوم على مساحة 28 ألف و687 متر مربع، والذي تبلغ طاقته التربوية 1000 مقعد، وأعطى الملك محمد السادس انطلاقة أشغال إنجازه في 12 مايو (أيار) 2014. على جناح تربوي يحتوي على مدرجات، وقاعات للدروس والمعلوميات، وقاعة متعددة الاختصاصات، ومسجد «الأخوة الإسلامية»، ومكتبة تضم رصيدا وثائقيا غنيا ومتنوعا.
كما يشتمل معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، على جناح للإيواء والإطعام يشتمل على 310 غرف (700 سرير)، ومطعمين، إلى جانب جناح اجتماعي - رياضي. وإضافة إلى دورها المتمثل في صيانة الأمن الروحي للمغاربة ووحدة المذهب المالكي، من شأن هذه المؤسسة مصاحبة المملكة المغربية في عزمها على إرساء شراكة مع البلدان الأفريقية الشقيقة والصديقة، لا سيما إثر قرار الملك محمد السادس، القاضي بالاستجابة للطلبات المتعلقة بتكوين الأئمة والواعظين المنحدرين من الدول الأفريقية بالمغرب، كتونس ومالي وغينيا كوناكري وكوت ديفوار، إلى جانب طلبات واردة من بلدان أوروبية.
وفضلا عن الطلبة المغاربة المسجلين، والذين يصل عددهم إلى 150 إماما مرشدا و100 مرشدة في السنة، يستقبل المعهد حاليا 447 طالبا أجنبيا ينحدرون من مالي (212 طالبا)، وتونس (37)، وغينيا كوناكري (100)، وكوت ديفوار (75)، وفرنسا (23).
وسيؤمن هذا المعهد المنجز من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بفضل طاقم تربوي وإداري من مستوى عال، تكوينات ملائمة وذات جودة، ستتيح للطلبة المسجلين، القيام بمهام التأطير والوعظ الموكولة لهم على أكمل وجه
وقال أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي، إن معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات «سيضطلع بدور مهم في حماية الدين الإسلامي الحنيف من كل مظاهر الغلو والانحراف».
وأوضح التوفيق في تصريح أوردته وكالة الأنباء المغربية أن «الدين الإسلامي، كما ذكر الرسول الكريم، يحتاج إلى حماية ممن يدعي العلم بالدين ومن المتطرفين ومن الجاهلين، مبرزا أن هذه المعلمة تأتي حرصا من الملك محمد السادس على نشر تعاليم الإسلام السمحة والوسطية والمعتدلة».
وأشار التوفيق إلى أن أبواب المعهد ستفتح أيضا في وجه مواطني عدد من الدول الأفريقية والأوروبية والعربية، و«سيمكن المستفيدين من التمكن من تعاليم الإسلام السمحة والمعتدلة والتعاليم الفقهية والأخلاقية التي تنبذ كل أنواع الغلو والتكفير».
وفي سياق متصل، أعلن اتحاد مساجد فرنسا، أمس أن نحو 50 إماما فرنسيا سيتلقون تكوينهم بالمغرب كل سنة. وأوضح الاتحاد، أنه حصل بتاريخ 30 يوليو (تموز) 2014، وبناء على طلبه، بموافقة من الملك محمد السادس، على استقبال نحو 50 طالبا فرنسيا كل سنة لتكوين تستغرق مدته المتوسطة 3 سنوات. وأضاف الاتحاد أن فوجا أول من نحو 20 طالبا «من مختلف جهات فرنسا يوجد حاليا بالمغرب، وسيلتحق بهم 28 طالبا آخرا في سبتمبر (أيلول) المقبل»، معربا عن بالغ امتنانه وعرفانه للملك محمد السادس الذي بتكفله بتكوين الأئمة الفرنسيين المستقبليين، يمنح فرصة لا تقدر بثمن لمسلمي فرنسا.
وأوضح الاتحاد، الذي توصل بطلبات من طرف الكثير من المساجد الراغبة في التعاقد مع أئمة فرنسيين، أنه قام «بالاختيار الصائب بطلب عقد شراكة مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، من أجل السماح لشباب فرنسيين بمتابعة تكوين ديني من مستوى جامعي عال» بمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات.
وأكد اتحاد مساجد فرنسا أنه طلب من السلطات العمومية الفرنسية مواكبة هذه المبادرة والسماح للطبلة الفرنسيين بالاستفادة من تكوين تكميلي يتمحور حول سوسيولوجيا الديانات بفرنسا، والشرائع الدينية والعلمانية، مضيفا أن المرشحين الذين استكملوا بنجاح الدورتين التكوينيتين سيلتحقون بأماكن تعيينهم بفرنسا، المحدد سلفا، عبر اتفاقية ثلاثية بين اتحاد مساجد فرنسا، والمرشح، والجمعية التي تدير المسجد محل التعيين.
ويطمح الاتحاد إلى تمكين الأئمة المستقبليين من الاستفادة من شعب الامتياز في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية للإسلام التي تعتزم الحكومة الفرنسية فتحها ببعض الجامعات الفرنسية، مذكرا بأن قضية تكوين الأئمة، التي كانت موضوع تصريحات كثيرة من طرف المسؤولين المسلمين والسلطات العمومية «انتهت تدريجيا إلى فرض نفسها كأحد التحديات الرئيسية التي ينبغي أن يرفعها مسلمو فرنسا».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.