الحكومة اليمنية تدعو إلى «مقاربة أممية مختلفة» لإحلال السلام

معين عبد الملك رئيس الوزراء اليمني (أ.ب)
معين عبد الملك رئيس الوزراء اليمني (أ.ب)
TT

الحكومة اليمنية تدعو إلى «مقاربة أممية مختلفة» لإحلال السلام

معين عبد الملك رئيس الوزراء اليمني (أ.ب)
معين عبد الملك رئيس الوزراء اليمني (أ.ب)

دعت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أمس (الثلاثاء) إلى انتهاج الأمم المتحدة مقاربة مختلفة لإحلال السلام تتسم بالموضوعية والشمولية وتتضمن تحديد الطرف المعرقل صراحة، منتقدة في الوقت نفسه التراخي الدولي مع السلوك الإيراني التخريبي الراعي للميليشيات الحوثية الانقلابية.
تصريحات الحكومة اليمنية جاءت على لسان رئيسها معين عبد الملك في العاصمة المؤقتة عدن خلال استقباله المبعوث الأممي هانس غروندبرغ الذي يزور المدينة لأول مرة منذ تعيينه في منصبه الأممي، وغداة لقاءات أجراها الأخير مع مسؤولين يمنيين وسعوديين في الرياض.
وفي حين ذكرت المصادر اليمنية أن المبعوث التقى كذلك رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي في عدن، يرجح أن تشمل تحركات غروندبرغ قيامه بزيارة إلى صنعاء للقاء قادة الميليشيات الحوثية.
وبحسب ما أفادت به وكالة «سبأ» أطلع المبعوث الأممي رئيس الوزراء اليمني على رؤيته لإحلال السلام مجدداً التزامه بالعمل بشكل وثيق مع الأطراف سعياً نحو تسوية سياسية شاملة.
وتبادل عبد الملك مع المبعوث الأممي وجهات النظر، حول ما تضمنته إحاطته الأولى إلى مجلس الأمن وما تحمله من أفكار ومنطلقات، وحول نتائج جولته التي أعقبتها ولقاءاته بعدد من الأطراف على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وعلى استمرار التعنت والتصعيد الحوثي الرافض لكل مبادرات الحل السياسي وتحدي القرارات الدولية والإرادة المحلية، وما يمكن أن يقوم به المجتمع الدولي للتعامل مع ذلك.
كما تناول اللقاء «التحديات الاقتصادية والمعاناة الإنسانية القائمة في اليمن، والدور المعول على الأمم المتحدة في المساهمة بشكل فاعل في دعم جهود الحكومة اليمنية، للقيام بواجباتها والتزاماتها في تخفيف معاناة المواطنين، وفي مقدمتها حشد الدعم الاقتصادي وتقوية مؤسسات الدولة، ودعم المسار التنموي».
ونقلت المصادر الرسمية عن رئيس الحكومة معين عبد الملك أنه أكد أن ميليشيا الحوثي غير جادة في السلام، ومستمرة في التصعيد العسكري واستهداف المدنيين والنازحين وارتكاب المجازر وآخرها ما حدث من مجزرة بشعة في مأرب باستهداف حي سكني بثلاثة صواريخ باليستية نجم عنها مقتل وإصابة عشرات المدنيين غالبيتهم من النساء والأطفال.
وقال عبد الملك إن «طريق السلام في اليمن واضح من خلال تطبيق مرجعيات الحل السياسي الثلاث المتوافق عليها، التي من شأنها ضمان حل عادل وشامل لا يؤسس أو يمهد لصراعات جديدة، وذلك ليس محل خلاف باعتباره يعكس الإرادة الشعبية اليمنية ويحترم هيبة القرارات الدولية الملزمة».
وأضاف: «لن يتحقق السلام في اليمن طالما إيران مصرة على سلوكها العدواني والابتزازي ضد العالم عبر أدواتها التخريبية ممثلة في ميليشيا الحوثي، التي تستخدمها لخدمة مشروعها الخطير الذي يستهدف أمن واستقرار دول الخليج والمنطقة العربية والملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب».
وأوضح رئيس الوزراء اليمني أنه يتطلع من المبعوث الأممي «إلى إيجاد مقاربة مختلفة للتعاطي مع الشروط الموضوعية الواجب توافرها لتحقيق السلام وفق خطة شاملة تعالج جوهر الصراع، وتحديد الطرف المعرقل بوضوح ودون مواربة».
وفي حين جدد عبد الملك استمرار دعم الحكومة الشرعية لأي حل سياسي لرفع معاناة اليمنيين، وكذا عاملها الإيجابي مع كل الجهود الإقليمية والدولية، انتقد التراخي الدولي مع الميليشيات الحوثية وقال: «اليمنيون دائماً ما يقارنون بين المواقف الدولية من الحديدة مع ما يحصل في مأرب، حيث كان التحرك في الحديدة جمعيا والضغوط كبيرة، أما في مأرب لا نرى إلا بيانات فردية، وهذا يفقدهم الثقة بمسار السلام».
وتطرق رئيس الوزراء اليمني إلى جهود حكومته للتعامل مع التحديات القائمة التي أفرزتها الحرب الحوثية المستمرة على الشعب اليمني وما خلفته من كارثة على المستوى الاقتصادي والإنساني، وإلى الدعم الأممي والدولي المطلوب في هذه المرحلة للمساهمة في تخفيف المعاناة.
وأشار إلى الخطوات الجارية لاستكمال تنفيذ «اتفاق الرياض» برعاية ومتابعة من المملكة العربية السعودية، وقال إن «البيانات والتحذيرات الدولية حول مؤشرات المجاعة مقلقة، وهي حقيقية، فالمدخل للتعامل مع الأزمة الإنسانية هو بمعالجة الوضع الاقتصادي». وفق تعبيره.
إلى ذلك، نسبت المصادر الرسمية إلى المبعوث غروندبرغ أنه لفت إلى أهمية العودة إلى استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، ومعالجة الوضع الاقتصادي المقلق ودعم الحكومة في هذا الجانب، وأنه «أحاط رئيس الوزراء بنتائج زياراته ولقاءاته في الرياض وعمان، وتركيزه القائم على إيقاف العنف ومناقشة مسار اتفاق سلام شامل».
وبحسب وكالة «سبأ» شدد المبعوث الأممي على أنه «حريص على قيادة عملية شاملة للسلام يشارك فيها بفاعلية الشباب والنساء».
وكان المبعوث الأممي أجرى لقاءات في الرياض شملت نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر ورئيس مجلس الشورى اليمني أحمد عبيد بن دغر، إلى جانب مسؤولين سعوديين من بينهم السفير لدى اليمن محمد آل جابر.
ورغم المساعي التي يقودها المبعوث الأممي الجديد هانس غروندبرغ يجزم اليمنيون على نطاق واسع أن الميليشيات الحوثية لن تسعى إلى إحلال السلام، لجهة تعنتها المعهود، وبسبب عقيدة الجماعة القائمة على استمرار الحرب والرغبة في السيطرة على اليمن بقوة السلاح لخدمة الأجندة الإيرانية.
وكانت الميليشيات الحوثية تمكنت أخيراً من التوغل في أربع مديريات جديدة هي بيحان وعين وعسيلان في محافظة شبوة قبل أن تتقدم إلى مديرية حريب في محافظة مأرب المجاورة.
وفي خطبه الأخيرة طلب زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي من أنصاره الدفع بالمزيد من المقاتلين باتجاه مأرب حيث يرى أن السيطرة عليها ستمكنه من تعزيز الموارد المالية للإنفاق على المجهود الحربي وشراء الولاءات، إضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لموقع المحافظة التي تجاور شبوة وحضرموت النفطيتين.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.