«رحلات شاقة» يمضيها المرضى بين صيدليات دمشق بحثاً عن دواء

قفزات في الأسعار بسبب الأزمة الاقتصادية في سوريا ولبنان

TT

«رحلات شاقة» يمضيها المرضى بين صيدليات دمشق بحثاً عن دواء

رفضت السيدة الستينية عرض الصيدلية للحصول على علبة دواء «مثبت الكالسيوم» لابنتها التي تعاني من مرض، مقابل شراء علبتي شراب السعلة. فعلبة «مثبت الكالسيوم»، سعرها سبعة آلاف، وعلبتا شراب السعلة سعرهما 11 ألف ليرة سورية.
وخلال العام الأخير شهدت أسعار الأدوية في سوريا، ارتفاعات كبيرة وبلغت في بعض الأصناف أكثر من ألف في المائة. وجاء ذلك على خلفية انهيار قيمة العملة المحلية، وارتفاع تكاليف إنتاج الأدوية الذي هدد بفقدان أصناف كثيرة محلياً.
ولا تزال الحكومة تضبط عملية تسعير الأدوية، وتعتمد في التسعير على سعر الصرف الرسمي 1256 ليرة سورية للدولار الأميركي الواحد عام 2020، بينما كان سعر الصرف بالسوق الموازية في بداية العام ذاته 2500 ليرة للدولار الأميركي، وهو السعر الذي كان أصحاب المعامل يستوردون بموجبه موادهم الأولية، إلا أن الارتفاع المفاجئ في سعر الصرف في مارس (آذار) 2020 تسبب في توقف إنتاج العديد من الأصناف الضرورية كأدوية الضغط والسكر والغدة وغيرها، ليتم بعدها تعديل أسعار الأدوية مرات عدة آخرها في يونيو (حزيران) الماضي، وتراوحت نسب الارتفاع بين 40 و50 في المائة، مقسمة بين أصحاب المعامل والصيادلة الذين لا تزيد نسبة الزيادة لديهم على 20 في المائة. لكنها نسب لا يلتزم بها غالبية العاملين في قطاع إنتاج الأدوية.
وأوضح صيدلاني وصاحب معمل أدوية لـ«الشرق الأوسط»، أن «سعر الدواء في سوريا قبل الحرب كان مثل سعر الخبز محدداً ومعلوماً حين كان سعر الصرف مستقراً، لكن مع اضطراب سعر الصرف، والذي يتم تثبيته في السوق الموازية قسرياً عبر إجراءات أمنية وقوانين صارمة أدى إلى فوضى في حساب تكاليف الإنتاج ولم يعد من السهل تحديد سعر معلوم لأي منتج حتى الخبز يباع بأسعار متعددة غير واضحة الحكومة تسعر الربطة بـ100 ليرة سورية بينما سعر الربطة في السوق 1000 ليرة».
عادت أزمة توفر الدواء لتتجدد خلال الأشهر الأخيرة مع تصاعد أزمة الدواء في لبنان، حسب مصادر صيدلانية في دمشق، وأكدت أن افتقاد بعض الأصناف في السوق المحلية سببه «تهريب الأدوية إلى لبنان»، وذلك مقابل «تراجع تهريب الأدوية الأجنبية من لبنان». وقالت، رغم ارتفاع أسعار الأدوية السورية، فإنها لا تزال أقل من دول الجوار؛ إذ تم تعديل السعر وفق الدولار الأميركي، فالأدوية الأجنبية التي تتوفر في السوق المحلية والمستوردة بشكل نظامي أسعارها ضعف أو أضعاف عدة من سعر المنتج المحلي.
السيدة التي اعتبرت عرض الصيدلية بشراء علبتي شراب سعلة مقابل الحصول على علبة «مثبت الكالسيوم» بالسعر الرسمي، «استغلالاً لمعاناتها»، سرعان ما اكتشف أن هذا العرض كان دافعه إنسانياً؛ وذلك لتجنيبها دفع ثمن دوائها المطلوب مضاعفاً. فبعد جولة على العديد من الصيدليات في أحياء عدة في دمشق وجدت طلبها في صيدلية، سعرت العلبة بـ32 ألف ليرة. وروت السيدة تفاصيل رحلتها في البحث عن دواء لأيام عدة، حيث تمكنت من الحصول على علبتين، إحداها من صيدلية صغيرة في حارة نائية، بسعر سبعة آلاف وأخرى من الجسر الأبيض بثمانية آلاف، معتبرة التباين بالأسعار «لعبة تجار أدوية» وليس «أزمة حقيقية لأن الأدوية متوافرة، لكنهم يريدون بيعها بأسعار أعلى».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.