رئيس موريتانيا يرسل وفداً إلى مالي لمعرفة حقيقة التعاقد مع المرتزقة الروس

الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني (رويترز)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني (رويترز)
TT

رئيس موريتانيا يرسل وفداً إلى مالي لمعرفة حقيقة التعاقد مع المرتزقة الروس

الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني (رويترز)
الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني (رويترز)

أعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني أنه أرسل وفداً إلى دولة مالي، من أجل استجلاء حقيقة التعاقد مع مرتزقة روس من شركة «فاغنر»، بعد أن تحدثت تقارير إعلامية متواترة عن لجوء السلطات الانتقالية في مالي إلى التعاقد مع هؤلاء المرتزقة لتعويض القوات الفرنسية في الحرب على الإرهاب. رئيس موريتانيا التي تجمعها مع دولة مالي عضوية مجموعة دول الساحل الخمس، وهي تحالف إقليمي لمحاربة الإرهاب، قال إن السلطات في مالي كان يتوجب عليها «التشاور والتباحث مع حلفائها في منطقة الساحل وجيرانها»، قبل الإقدام على التعاقد مع أي جهة خارجية.
وأضاف الرئيس الموريتاني في حوار مع صحيفة «لوبينيوه» الفرنسية، نشر أول من أمس، أنه «إذا رغبت إحدى دول الساحل في التعاقد مع جهة عسكرية جديدة، فتجب عليها أولاً استشارة شركائها في المنطقة، وأن يكون لديها نهج منسق. لقد أرسلت للتو وفداً إلى باماكو (عاصمة مالي) للاستفسار عن واقع مشاريع جيراننا». وثار جدل واسع حول التعاون العسكري بين مالي وروسيا، خصوصاً فيما يتعلق بدخول مرتزقة «فاغنر» إلى دولة مالي، التي تعاني منذ 2011 من حرب أهلية طاحنة، استغلتها جماعات إرهابية تابعة لـ«القاعدة» و«داعش»، لتسيطر على مناطق واسعة من شمال ووسط مالي، قبل أن تنزلق البلاد في مستنقع حرب ذات طابع عرقي وتصبح سوقاً لتهريب السلاح والمخدرات والاتجار بالبشر.
ولكن مالي تعاني أيضاً من عدم الاستقرار السياسي، إذ شهدت خلال العقد الأخير 4 انقلابات عسكرية، اثنان منها كانا العام الماضي، ويقودها مجلس عسكري انتقالي تعهد بتنظيم انتخابات شهر فبراير (شباط) المقبل، لإعادة الحكم إلى المدنيين، ولكنه يواجه مشاكل كبيرة في الوفاء بعهده.
وفي خضم هذه الأوضاع الصعبة، تشهد العلاقات بين مالي وفرنسا توتراً غير مسبوق، منذ أن قررت فرنسا تقليص عدد جنودها الذين يحاربون الإرهاب في مالي، وهو ما اعتبره مسؤولون في مالي خيانة لهم من طرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بل إنهم قالوا إن «فرنسا تخلت عن مالي».
ولكن الرئيس الموريتاني في مقابلته، أكد أن قرار تقليص عدد الجنود الفرنسيين «لا يعني رحيلاً للجنود الفرنسيين، بل يعني تحولاً في النظام القائم»، مشيراً إلى أنه «من المفترض أن يؤدي تغيير حجم الالتزام الفرنسي إلى تعزيز صعود جيوشنا لتولي مسؤولية أمنها، مع الاستمرار في تلقي الدعم من حيث الخدمات اللوجيستية والاستخبارات والتدريب». وقال الرئيس الموريتاني: «لا يمكننا أن نطلب من الفرنسيين أو الأميركيين أو غيرهم من الشركاء ضمان أمننا، حتى لو كنا نرغب في الاستمرار في الاستفادة من مساعدتهم لرفع مستوى أجهزتنا الأمنية والدفاعية»، وأضاف: «نحن في موريتانيا لم نطلب قط من الفرنسيين التدخل للقضاء على الإرهابيين. إنها مهمة الجيش الموريتاني وحده، حيث إن مهمة الجيش الفرنسي حماية أراضي فرنسا». وراهن الرئيس الموريتاني على القادة العسكريين لدول الساحل في الحرب على الإرهاب، وقال إن «تدريب كبار الضباط في كلية الدفاع بنواكشوط، يسهل إمكانية التعاون بين دول الساحل»، وأشار إلى أن «القادة العسكريين لدول الساحل يتحدثون نفس اللغة، ولديهم نهج عالمي وإقليمي للدفاع عن أراضيهم وأراضينا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.