خبراء عرب: احذروا «منتخبات الشرق» في الدور الآسيوي الحاسم

رشحوا «المنتخب السعودي» للعبور إلى كأس العالم 2022

منتخب السعودية مرشح بقوة للتأهل لكأس العالم 2022 (الشرق الأوسط)
منتخب السعودية مرشح بقوة للتأهل لكأس العالم 2022 (الشرق الأوسط)
TT

خبراء عرب: احذروا «منتخبات الشرق» في الدور الآسيوي الحاسم

منتخب السعودية مرشح بقوة للتأهل لكأس العالم 2022 (الشرق الأوسط)
منتخب السعودية مرشح بقوة للتأهل لكأس العالم 2022 (الشرق الأوسط)

اعتبر خبراء كرة قدم عرب أن حظوظ المنتخبات العربية بقارة آسيا في التأهل إلى نهائيات كأس العالم «2022» موجودة، وإن مرت بتعثرات في الجولتين الأوليين في تصفيات الدور الآسيوي الحاسم، باستثناء المنتخب السعودي الذي حصد النقاط كاملة ورسم صورة إيجابية حول قدرته على المواصلة نحو تحقيق هدف الوجود في المونديال المقبل بقطر.
وبيّن نجوم كرة القدم السابقون أن المنتخب السعودي أظهر صورة المنتخب القادر على الوصول، رغم أن الأداء الفني ليس بالمطلوب حتى الآن، كما أنه لم يواجه أقوى منافسين له في المجموعة، وهما أستراليا التي تشاركه في عدد النقاط، وكذلك اليابان المرشح القوي دائماً والمصنف أول آسيوياً، معتبرين أن مباريات الجولتين المقبلتين سترسم كثيراً من الملامح، خصوصاً مواجهتي السعودية ضد اليابان وكذلك أستراليا ضد المنتخب الياباني الذي يسعى لاستعادة توازنه بعد البداية المتعثرة بالخسارة من المنتخب العماني على أرضه في طوكيو قبل تحقيق فوز باهت على فيتنام.
أما في المجموعة الثانية، فقد اعتبر الخبراء أن المنتخب الإيراني المصنف الثاني آسيوياً أظهر قوة أكبر من بقية المنتخبات، بما فيها المنتخب الكوري الجنوبي، فيما كانت المنتخبات العربية الأربعة؛ الإمارات والعراق وسوريا ولبنان أقل من التوقعات، ولم يحقق أي منها فوزاً في الجولتين السابقتين.
من ناحيته، قال فؤاد أنور قائد المنتخب السعودي السابق، إن الاخضر السعودي حقق الأهم في الجولتين السابقتين بحصده النقاط الست، ولكن المستوى لا يزال بعيداً عن التطلعات.
وأضاف: «ستكون مواجهة المنتخب الياباني لها أهمية بالغة، واختباراً صعباً من أجل تأكيد القوة السعودية والرغبة الجدية في بلوغ النهائيات، خصوصاً أنها أمام أقوى المنافسين والفوز أمامه يعني الابتعاد عنه بفارق 6 نقاط، ولذا من المهم العمل على كسب هذه المباراة، ومن ثم الفوز على المنتخب الصيني، لأن ذلك سيعزز كثيراً من الأمور الإيجابية ويجعل المنتخب السعودي في وضع مريح ومطمئن جداً».
وبيّن أن الجولتين الأوليين لم تظهرا المنتخب الياباني أو حتى الأسترالي بالقوة المعهودة عنهما، ولكن قد يختلف الوضع في الجولات المقبلة، خصوصاً أن هذه المنتخبات الآسيوية القوية لها صولات وجولات وخبرة في تجاوز الظروف الصعبة.
وعن المنتخبات العربية، قال أنور: «بالنسبة للمنتخب العماني الذي بدأ بداية موفقة جداً، وحقق انتصاراً تاريخياً على اليابان في طوكيو، فهو لايزال قادراً على تحقيق شيء، وإن كانت ينقص لاعبوه بعض الخبرة والتجربة، وأتمنى أن يكون في وضع أفضل في الجولات المقبلة بعد الخسارة على أرضه من المنتخب الوطني السعودي».
وأما في المجموعة الثانية، فقد أظهر المنتخب الإيراني قوة وجدية في الحصاد المبكر، وتصدر المجموعة في الوقت الذي لم يكن فيه المنتخب الكوري الجنوبي مقنعاً إلى حد كبير فتعادل في مباراة وكسب الأخرى، إلا أن هذه المجموعة تبقى مفتوحة على كثير من الاحتمالات.
وأضاف: «بالنسبة للمنتخب العراقي، فإنه لم يكن على قدر تطلعات أنصاره، ولكنه قادر على عمل إرباك في هذه المجموعة من خلال تعطيل منتخبات قوية، خصوصاً أنه يمتاز بالروح العالية في لاعبيه وحرصهم الدائم على التغلب على الظروف، ولذا يمكن أن يكون للمنتخب العراقي دور في تحديد المتأهلين عبر هذه المجموعة، وإن كانت المقاييس حول حظوظ تأهله صعبة».
أما المنتخب الإماراتي فعليه إثبات قدرته على المنافسة من خلال الجولتين المقبليتن، خصوصاً في مواجهة المنتخب الإيراني بعد أن تعثر بالتعادل أمام المنتخبين العربيين الآخرين في المجموعة؛ لبنان وسوريا.
ورأى أنور أن المنتخبات الآسيوية الكبيرة السعودية واليابان وكوريا الجنوبية وإيران، وكذلك أستراليا ستتصارع على الأربعة مقاعد المباشرة، فيما سيكون الخامس ممثلاً للقارة في الملحق، مستبعداً حضور مفاجآت من العيار الثقيل بخروج أحد هذه المنتخبات من سباق المنافسة.
من جانبه، رأى فهد خميس قائد المنتخب الإماراتي السابق أن حظوظ منتخب بلاده في التصفيات وبلوغ المونديال تبقى حاضرة، وإن تعثر في أول جولتين. وأضاف: «علينا الفوز في المباراتين المقبلتين ضد المنتخب الإيراني، وكذلك العراقي، وحينها ستعود الحظوظ أكثر قوة في بلوغ المونديال، وأي تعثر يمكن أن يضعف الحظوظ، مع أن هناك أهمية في انتظار ما يمكن أن تسفر عنه نتائج الدور الأول من هذه التصفيات النهائية، حيث يمكن بعدها تحديد كثير من الملامح». وبيّن خميس أن «المنتخبات الكبيرة في قارة آسيا، خصوصاً من الشرق، تمر بفترة عدم توازن، تحديداً اليابان وكوريا الجنوبية، وحتى المنتخب الأسترالي، ولذا من المهم استغلال ذلك من أجل التفوق عليها قبل أن تنهض بشكل أقوى في الجولات الحاسمة، ويكون حينها من الصعوبة التغلب عليها أو حصد أي نقاط أمامها»، مستذكراً فوز المنتخب العماني على اليابان في بداية المشوار. وعن وضع المنتخب السعودي، قال خميس: «الأخضر حقق الأهم في الجولتين الماضيتين، ولكنه لم يقنع كثيراً، وهناك لاعبون يحتاجون مزيداً من الخبرة مثل المهاجم صالح الشهري الذي يقود هجوم المنتخب السعودي في الوقت الذي لا يشارك فيه كلاعب أساسي بفريقه الهلال».
وبيّن أن المنتخب السعودي يضم جيلاً مميزاً جداً من اللاعبين الذين كسبوا الخبرة والتجربة، ويمكن القول إنهم «جيلان في جيل واحد»، إلا أنه عاد وأكد أن خط الهجوم السعودي يفقد الخبرة التي تمثل أهمية بالغة في مشوار هذه التصفيات.
من جهته، شدد فوزي بشير نجم المنتخب العماني السابق على أن منتخب بلاده رفع سقف الطموحات بعد الفوز التاريخي على اليابان في طوكيو، حيث أثبت أنه سيكون منافساً قوياً، وليس ضيف شرف ومحطة للتزود بالنقاط. وأضاف: «في وجود منتخبات السعودية واليابان وأستراليا في المجموعة نفسها، أثبت المنتخب العماني أنه قادر، وإن خسر مباراته أمام المنتخب السعودي في مسقط فإنه قادر على العودة وإيقاف أكبر المنتخبات في القارة في الجولات المقبلة، حيث أثبت المنتخب العماني أنه سيعمل شيئاً بعد أن لخبط أوراق المجموعة مبكراً». واعتبر أن هذه التصفيات تعد الأسهل في العقد الأخير في ظل تراجع مستويات كبار المنتخبات الآسيوية، خصوصاً اليابان وأستراليا وتذلل الفوارق الفنية بين المنتخبات الخليجية، مؤكداً أن رؤيته ليست عاطفية بقدر ما هي مقاييس فنية وخبرات اكتسبها.
وأشاد بالعمل الذي يقوم به المدرب الكرواتي برانكو مع المنتخب العماني رغم توقف الدوري في الموسمين الأخيرين، إلا أنه يعوض ذلك بالمعسكرات المفيدة التي تحفظ التوازن، ويمكن أن تكون لها نتيجة مبهرة في نهاية المطاف.
وعن سطوة منتخبات شرق آسيا وأستراليا، قال بشير: «الجولات السابقة لم تظهر ذلك، ولكن هذه المنتخبات لديها من الخبرة والتجربة ولا يمكن الاطمئنان أمامها حتى صافرة النهاية في المباريات التي تجمع المنتخبات من غرب القارة بها، بما في ذلك المنتخبات العربية».
من جانبه، قال راضي شنيشل قائد المنتخب العراقي السابق والمدرب الحالي، إن المنتخب السعودي هو الوحيد من المنتخبات العربية الذي أظهر شخصية المنتخب القادر على بلوغ النهائيات، فيما تعد بقية المنتخبات العربية أقل بكثير وسيكون وصولها إلى النهائيات إنجازاً كبيراً جداً، إن لم يكن يستحسن تشبيه ذلك بـ«المعجزة».
وأضاف: «الانطباع الذي ظهر في الجولتين الماضيتين قد يتغير نسبياً، لأن هناك فوارق شاسعة، قد يتألق منتخب في جولة ولكنه يتراجع في أخرى بحكم عدم وجود خبرة وثقافة واستراتيجية، كما حصل مع المنتخب العماني الذي فاز على اليابان ثم خسر على أرضه من المنتخب السعودي، وهذا لا يقلل من أي من المنتخبين، ولكن تجب الإشادة بالجيل الذي يمثل المنتخب العماني، ومع ذلك هناك عوامل كثيرة يتطلب أن تتوافر فيه حتى يصارع كبار المنتخبات في القارة».
وبين شنيشل أن المنتخب العراقي ينطبق عليه عدم توافر شخصية المرشح القوي، إلا أنه قادر على بعثرة الأوراق في مجموعته، كما حصل حينما أوقفوا المنتخب الياباني في تصفيات «1993» وجمد رصيده وتأهل حينها كل من كوريا الجنوبية والمنتخب السعودي.
واستبعد شنيشل منتخب بلاده حتى من الوجود في الملحق رغم أن المنتخبات عدا كوريا وإيران متقاربة معه، مع وجود ميزة الإمكانات في المنتخب الإماراتي، مشيراً إلى أن المنتخب العراقي يعاني الكثير ولا يوجد «دوري» على مستوى عالٍ، وكذلك عدم وجود محترفين كبار، كما في المنتخبات الآسيوية الخمسة المرشحة للصراع على المقاعد المباشرة والملحق.
وأخيراً، قال حسن أيوب نجم الكرة اللبنانية السابق، إن المنتخبات العربية تملك حظوظاً ضعيفة في بلوغ النهائيات، باستثناء المنتخب السعودي الذي واصل ظهوره بشخصية البطل والخبير بهذه التصفيات.
وأضاف: «في الكرة السعودية هناك (دوري) قوي ولاعبون على مستوى عالٍ وإمكانات عالية متوافرة، وهذا ما يجعله المنتخب الأول المرشح من عرب آسيا في الوجود بالمونديال، فيما تضعف حظوظ البقية، خصوصاً المنتخبين اللبناني والسوري، وحتى العراقي، رغم وقوعها في مجموعة واحدة، مضافاً إليها المنتخب الإماراتي، حيث إن ثالث المجموعة الثانية من الصعوبة عليه تجاوز مواجهة الملحق الآسيوي أمام أحد ثالث المجموعة الأولى، ولذا يبقى المنتخب السعودي الأمل العربي في هذه التصفيات». وبيّن أنه أكد منذ فترة أن وصول المنتخب اللبناني إلى المونديال قد يصل إلى المعجزة، فهناك فوارق شاسعة بينه وبين بقية المنتخبات، خصوصاً الكبيرة، حتى إن اللاعبين اللبنانيين المغتربين لا يوجدون في المعسكرات إلا في الأيام الأخيرة، وهذا يقلل من قدرتهم على الانسجام، مشيراً إلى أن الوضع لا يختلف كثيراً في المنتخبين السوري والعراقي، وقد يكون الوضع في المنتخب الإماراتي أفضل حالاً بحكم توافر الإمكانات ووجود «دوري» محترفين، عدا تولى مدرب خبير ممثلاً في الهولندي مارفيك القيادة الفنية.



من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
TT

من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)

في مايو (أيار) 2004، قام طفل يبلغ من العمر 12 عاماً بشعر أصفر طويل ينتظره مستقبل مشرق، بوضع قميص ريال مدريد الأبيض بجوار أحد الأعمدة الموجودة في ملعب التدريب بالنادي الموجود به لوح من الغرانيت عليه العبارة الشهيرة «يحترم ماضيه، ويتعلم من حاضره، ويؤمن بمستقبله». وفي اليوم الأول من يونيو (حزيران) 2024، كان هذا الطفل، الذي أصبح رجلا يبلغ من العمر 32 عاماً بلحية رمادية وصنع تاريخاً حافلاً، يرتدي هذا القميص على ملعب ويمبلي، وقفز ليسجل برأسه في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا ليقود النادي الملكي لاستكمال أعظم إنجاز في تاريخه على الإطلاق. وأشير بهذا إلى داني كارفاخال.

لقد مر عشرون عاماً تقريباً منذ ذلك اليوم في عام 2004. في ذلك اليوم، وقف كارفاخال، وهو طفل صغير في أكاديمية الناشئين، إلى جانب ألفريدو دي ستيفانو، البالغ من العمر 78 عاماً، والذي يعد أهم لاعب في تاريخ أندية كرة القدم، ورمزا لكل شيء: الرجل الذي غيّر وصوله عام 1953 ريال مدريد ولعبة كرة القدم إلى الأبد، والذي شكّل أسطورة النادي وهويته. والآن، عندما يتعلق الأمر ببطولة دوري أبطال أوروبا؛ تلك المسابقة التي يشعر ريال مدريد بأنها أصبحت ملكا له، أصبح كارفاخال يتفوق على دي ستيفانو. قد يبدو هذا سخيفاً للبعض، لكن هذا هو ما حدث مؤخراً.

عندما فاز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا عام 1960 بعد الفوز على إينتراخت فرنكفورت 7 - 3 في مباراة من أعظم المباريات عبر التاريخ (ب.أ)

لقد فاز عدد قليل من اللاعبين بنفس عدد بطولات دوري أبطال أوروبا التي فاز بها كارفاخال، حيث نجح خمسة لاعبين في الحصول على اللقب ست مرات، من بينهم أربعة من زملاء كارفاخال: فبعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية بهدفين دون رد على ملعب ويمبلي، انضم كارفاخال ولوكا مودريتش وناتشو فرنانديز وتوني كروس إلى باكو خينتو - الذي ظل رقمه القياسي المتمثل في أكثر اللاعبين فوزا بالبطولة صامدا لمدة 58 عاماً - كأكثر اللاعبين فوزا باللقب على الإطلاق. ويُعد كارفاخال هو اللاعب الوحيد من هذا الجيل الذي شارك أساسياً في جميع المباريات النهائية الست، على الرغم من أنه خرج مستبدلا في مباراتين منها. وقال كارفاخال والدموع في عينيه بعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية التي سجل فيها هدفا: «لقد جئت إلى هنا وأنا طفل صغير، والآن أنا هنا. سيكون من الصعب للغاية أن يكسر أحد هذا الرقم الذي حققناه».

لقد كان هناك كثير من الصور، وكثير من التصريحات، وكثير من اللحظات، التي ستظل خالدة في الأذهان بعد فوز «الميرنغي» بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الـ 15 – نعم المرة الخامسة عشرة، هل تصدقون هذا؟ لقد كانت هذه هي آخر مباراة للنجم الألماني توني كروس، الذي أعلن اعتزاله كرة القدم بنهاية الموسم الحالي. وسجل راقص السامبا البرازيلي فينيسيوس جونيور هدفاً أخر في المباراة النهائية للبطولة الأقوى في القارة العجوز، وهو لا يزال في الثالثة والعشرين من عمره، وهو الأمر الذي جعل المدير الفني لريال مدريد، كارلو أنشيلوتي، يرشح النجم البرازيلي للفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم لهذا العام، قائلاً: «إنه يستحق الكرة الذهبية بلا شك». وقال جود بيلينغهام، الذي لا يزال في العشرين من عمره، إنه ظل متماسكاً حتى رأى أمه وأباه بعد المباراة. وأشاد بيلينغهام بأنشيلوتي قائلاً: «إنه يعرف جيدا ما يفعله». لقد فاز ريال مدريد باللقب هذا الموسم، بنفس الطريقة التي رأيناها من قبل، حيث يبدو الفريق عرضة للهزيمة في بعض الأوقات، لكنه يعود بكل قوة ويحسم الأمور تماماً لصالحه في نهاية المطاف.

كارفاخال وفرحة افتتاح التهديف لريال مدريد (أ.ب)

لم يكن أحد يشك في قدرة ريال مدريد على حسم اللقب، لم يخسر النادي الملكي أي مباراة نهائية في هذه البطولة منذ عام 1981، فقد لعب الفريق تسع مباريات نهائية وفاز بها جميعا. وقال كروس: «يبدو أنه لا يمكن هزيمتنا في مثل هذه المباريات. إنه لأمر جنوني أن أتساوى مع خينتو كأكثر اللاعبين فوزا بلقب هذه البطولة، وهو أمر لم أتخيل أبدا أنني سأحققه». ولا يقتصر الأمر على فوز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة في تاريخه فحسب، لكن النادي الملكي فاز أيضا بست من هذه البطولات في آخر عشر سنوات: من لشبونة 2014 إلى لندن 2024. وسيبقى إنجاز خينتو - لاعب ريال مدريد الوحيد الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية في الفترة بين عامي 1956 و1960 قبل أن يفوز باللقب للمرة السادسة في عام 1966- خالداً.

ويظل فريق عام 1966 متفرداً للغاية، حيث كان ريال مدريد قد خرج من البطولة لأول مرة في عام 1960 - على يد برشلونة - وخسر المباراة النهائية في عامي 1962 و1964. وكان دي ستيفانو قد رحل، ولم يكن النادي في حالة جيدة من الناحية الاقتصادية. وكان الفريق الذي تغلب على نادي بارتيزان في نهائي عام 1966 مكوناً بالكامل من اللاعبين الإسبان. وإذا كان ذلك يساهم في عدم النظر إلى الفريق الحالي على أنه يحاكي الجيل الذهبي لريال مدريد، الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية، فهناك عناصر أخرى تدعم ذلك أيضاً، وهي أن ذلك الفريق هو الذي بنى وشكّل هوية ريال مدريد، وكان فريقا لا يقهر، وهيمن على الساحة الكروية بشكل قد لا يضاهيه أو يحاكيه هذا الجيل. وبدلاً من ذلك، فاز الفريق الحالي لريال مدريد ببعض بطولاته الأوروبية خلال السنوات الأخيرة بصعوبة شديدة، بل وبقدر كبير من الحظ في نظر البعض. وكان هناك اتفاق على أن الفوز ببطولة عام 2022 كان «سخيفاً» بضع الشيء، إن جاز التعبير، ثم جاءت الخسارة الثقيلة برباعية نظيفة أمام مانشستر سيتي في العام التالي كأنها «عادلة» تماماً، لكي تعكس القوة الحقيقية للفريق.

ومع ذلك، وكما قال كروس بعد تلك الخسارة أمام مانشستر سيتي: «ليس من الطبيعي أن نفوز بدوري أبطال أوروبا طوال الوقت. آخر مرة سمعت فيها أن هناك نهاية حقبة في هذا النادي كانت في عام 2019، لذلك نحن بخير». لقد كان النجم الألماني محقا تماماً في تلك التصريحات، فقد كان ريال مدريد على ما يرام، بل وكان أفضل من أي ناد آخر. لقد فاز النادي بست كؤوس أوروبية في عقد واحد من الزمان، وهو إنجاز لا يضاهيه أي إنجاز آخر، بما في ذلك الإنجاز التاريخي الذي حققه النادي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. في بعض الأحيان تكون بحاجة إلى الابتعاد قليلاً عن التاريخ الذي تصنعه لكي تدرك حجم الإنجازات التي حققتها بالفعل. الزمن يغير التصورات: يُنظر إلى الماضي بشكل مختلف، وفي يوم من الأيام سيصبح ما يفعله النادي حالياً ماضياً، وسيُنظر إليه على أنه شيء استثنائي.

لم يكن ريال مدريد في الخمسينات والستينات من القرن الماضي فريقا غير قابل للهزيمة أيضا، لكن لا يوجد أي شيء يمكن أن ينتقص من حجم الإنجازات التي حققها ذلك الفريق. وخلال السنوات الخمس الأولى التي فاز فيها ريال مدريد بكأس أوروبا، كان بطلا لإسبانيا مرتين، في حين فاز أتلتيك وبرشلونة بلقب الدوري ثلاث مرات خلال تلك الفترة. وعندما فاز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة السادسة، كان أتلتيكو مدريد هو من فاز بلقب الدوري المحلي. وكانت خمسة فرق - أتلتيك وبرشلونة وأتلتيكو مدريد وديبورتيفو وفالنسيا - أبطال إسبانيا عندما كان ريال مدريد بطلاً لأوروبا.

لكن ما المشكلة في ذلك؟ يكفي ريال مدريد فخرا أنه فاز بستة ألقاب لدوري أبطال أوروبا في عقد واحد فقط من الزمان! وفي الواقع، يمتلك الفريق الحالي لريال مدريد سجلا أفضل من الجيل الذهبي فيما يتعلق بعدد مرات الفوز بلقب الدوري. ويجب الإشارة هنا إلى أنه بعد عام 1966، بقي ريال مدريد 32 عاماً دون أن ينجح في الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا. لقد عاد ليفوز باللقب الأوروبي في عامي 2000 و2002، على الرغم من أن الفرق التي فازت باللقب في المرات السابعة والثامنة والتاسعة كانت مختلفة بشكل كبير، والدليل على ذلك أن روبرتو كارلوس وراؤول وفرناندو مورينتس كانوا هم اللاعبين الثلاثة فقط الذين شاركوا في المباريات النهائية الثلاث لهذه البطولات، وسجل زيدان ذلك الهدف الخرافي في نهاية أول موسم له مع النادي الملكي.

أنشيلوتي أكد أن الفوز بدوري الأبطال للمرة الـ15 كان أصعب من المتوقع (أ.ب)

وكان النادي قد بنى فريقه الغلاكتيكوس (العظماء) الشهير، لكنه تعثر، وواجه صعوبة كبيرة في الفوز باللقب العاشر، وظل الأمر على هذا النحو لأكثر من عقد من الزمان. وعلى مدار ستة أعوام متتالية، لم يتمكن ريال مدريد من تحقيق الفوز في الأدوار الإقصائية. لقد انتظر النادي اثني عشر عاماً، وهو ما بدا وكأنه وقت طويل للغاية، لكي يصل مرة أخرى إلى المباراة النهائية في لشبونة في عام 2014. وكان الفريق خاسراً أمام أتلتيكو مدريد حتى الدقيقة 92، قبل أن ينجح سيرخيو راموس في إحراز الهدف القاتل بضربة رأس قوية، لتكون بالتأكيد اللحظة الأكثر تأثيرا بعد ذلك في تاريخ ريال مدريد. وقال بول كليمنت، مساعد أنشيلوتي، في وقت لاحق: «كل صباح كل يوم عندما كان راموس يأتي، كنت أشعر بالرغبة في تقبيله». لقد كان الفريق ينتظر النهاية الأكثر صدمة، وكان كل شيء على وشك الانهيار، قبل أن يتدخل راموس وينقذ كل شيء.

وبدلا من ذلك، كانت هذه هي نقطة البداية والانطلاقة الحقيقية. لقد فاز ريال مدريد باللقب للمرة العاشرة. وبعد ذلك بعامين، فاز باللقب ثلاث مرات متتالية، في إنجاز استثنائي بكل تأكيد. لقد بدا الأمر وكأن النادي لن يكون قادرا على تكرار ذلك الأمر، خاصة بعد رحيل النجوم البارزين - كريستيانو رونالدو، وسيرخيو راموس، وغاريث بيل، وكاسيميرو، ورافائيل فاران - وكذلك المديرين الفنيين، حيث أقيل أنشيلوتي من منصبه في غضون عام واحد، ثم رحل زيدان، الذي بدأ مساعداً لأنشيلوتي وأصبح بعد ذلك المدير الفني الأكثر نجاحاً في البطولة.

لاعبو ريال مدريد يواصلون احتفالاتهم في حافلة جابت شوارع العاصمة (أ.ف.ب)

وكان ريال مدريد يعاني من أجل العثور على بديل مناسب. وفي أحد الأيام، تلقى خوسيه أنخيل سانشيز، المدير العام للنادي، مكالمة هاتفية من أنشيلوتي حول إمكانية تعاقد إيفرتون مع بعض لاعبي ريال مدريد على سبيل الإعارة. وخلال المحادثة، سأله أنشيلوتي عن الكيفية التي تسير بها عملية البحث عن مدير فني جديد، وقال له سانشيز إن الأمور لا تسير بشكل جيد. وعندئذ، قال أنشيلوتي مازحا: «حسناً، هناك مرشح واحد واضح، وهو أفضل مدرب في العالم (يعني نفسه)»، وقال: «هل نسيتم من قادكم للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة؟»، وفي اليوم التالي، تلقى أنشيلوتي اتصالاً بشأن توليه قيادة ريال مدريد، وفي غضون ثلاث سنوات، رفع ريال مدريد الكأس ذات الأذنين للمرة الحادية عشرة والمرة الثانية عشرة، ليكون هذا هو أفضل عقد من الزمان لأكبر ناد في العالم، بقيادة المدير الفني الأكثر نجاحاً على الإطلاق في هذه المسابقة، وبمشاركة أربعة من أنجح خمسة لاعبين في تاريخ النادي. أما كارفاخال الذي وضع الحجر الأول في ملعب التدريب قبل 20 عاماً، فكان هو من وضع اللمسة الأخيرة على الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة، في إنجاز استثنائي!

* خدمة «الغارديان»