مساعٍ حوثية لفرض التجنيد الإلزامي لتعويض نقص المقاتلين

يمنيون يسيرون في المدينة القديمة بالعاصمة صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يسيرون في المدينة القديمة بالعاصمة صنعاء (إ.ب.أ)
TT

مساعٍ حوثية لفرض التجنيد الإلزامي لتعويض نقص المقاتلين

يمنيون يسيرون في المدينة القديمة بالعاصمة صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيون يسيرون في المدينة القديمة بالعاصمة صنعاء (إ.ب.أ)

ذكرت مصادر سياسية مطلعة في العاصمة اليمنية صنعاء أن قادة الميليشيات الحوثية يدرسون قراراً بفرض التجنيد الإجباري على كل شخص قادر على حمل السلاح لتغطية العجز الكبير في أعداد مقاتليهم، خصوصاً في ظل الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الجماعة الحوثية في جبهات القتال في محافظة مأرب، ومع تصدر القيادي محمد علي الحوثي المشهد في العاصمة على رأس مجلس حكم الانقلاب بدلاً من مهدي المشاط.
وأفادت المصادر لـ«الشرق الأوسط» بأن محمد علي الحوثي الذي كان يرأس ما تسمى «اللجان الثورية» التي تولت قيادة الانقلاب وحكم المناطق التي سيطرت عليها الميليشيات، قبل إزاحته وتشكيل ما سمي بالمجلس السياسي الأعلى (مجلس حكم الانقلاب)، يقود توجهاً داخل قيادة الميليشيات لفرض التجنيد الإجباري لتغطية العجز الكبير في المقاتلين وتعويض الخسائر البشرية الكبيرة في جبهات القتال في محافظة مأرب، وأن هذا التوجه يدعمه بقوة مندوب «الحرس الثوري» الإيراني في صنعاء حسن إيرلو.
وبحسب المصادر، فإن الحوثي، وهو ابن عم زعيم الجماعة، ترأس قبل يومين اجتماعاً لمجلس حكم الانقلاب مع أنه ليس العضو الأقدم فيه ولا الأكبر سناً، وفي العادة فإن ممثل جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتولى رئاسة المجلس بالإنابة في حال غاب رئيسه. ورأت المصادر أن هذه الخطوة ممهدة لتولي محمد الحوثي رئاسة هذا المجلس بعد أن ظل يديره من الخلف الرجل القوي في الميليشيات أحمد حامد (أبو محفوظ) الذي يشغل منصب مدير مكتب المشاط، كما رأت أن في ذلك انتصاراً متأخراً للحوثي بعد ثلاث سنوات على مصرع صالح الصماد الذي كان يقود مجلس الحكم، حيث وجهت الاتهامات حينها لمحمد الحوثي بالسعي لإزاحته.
من جهته، اقترح القيادي الحوثي علي ناصر الشريف، على حسابه في «تويتر» إصدار قانون بأداء الخدمة العسكرية بعد الصف التاسع أساسي وأن تكون لمدة سنتين ليتم إلحاق الشباب جميعاً بالجبهات»، وقال إنه: «استغرب وجود 191 ألف طالب في المدارس، إذ كان يفترض أن هؤلاء في الجبهات وليس في المدارس».
هذا التوجه لدى قيادة ميليشيات الحوثي أتى مع تصاعد وتيرة المعارك في جنوب محافظة مأرب وغربها بين القوات الحكومية المسنودة بالقبائل ومقاتلات تحالف دعم الشرعية من جهة، وميليشيات الحوثي من جهة أخرى حيث تتكبد الميليشيات يومياً العشرات من القتلى وأضعافهم من الجرحى في محاولتها المستميتة للسيطرة على المحافظة التي تعد أهم معاقل الشرعية في المناطق المحررة.
وأكد اللواء الركن مفرح بحيبح، قائد محور بيحان، قائد اللواء 26 مشاة في وقت سابق، إن قوات الجيش «تتعامل مع حشود وقطعان ميليشيات الحوثي الإرهابية في جبال حريب» وإن الجيش «استدرج مجاميع الميليشيات وأوقعها في كماشة محكمة، لينقض عليها في تلك الجبال».
ونقل الموقع الرسمي للجيش عن بحيبح قوله إن مديرية حريب «أصبحت بمثابة المحرقة الجماعية، التي التهمت حشود تلك العصابة الإجرامية المارقة، وأنه «لا تزال جثث الميليشيات بالمئات متناثرة على امتداد خط المواجهة». وأثنى بحيبح على دور طيران تحالف دعم الشرعية وضرباته الجوية المركزة، التي استهدفت تجمعات وتعزيزات ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران في ذات الجبهة، وأدت إلى تدمير عشرات العربات والآليات القتالية. وقال القائد العسكري إن «عناصر الجيش ورجال المقاومة الشعبية الباسلة، ينتصرون لوطنهم، ومصممون على هزيمة المشروع الإيراني في أطراف مأرب».
وكانت الميليشيات الحوثية تمكنت أخيراً من التوغل في أربع مديريات جديدة هي بيحان وعين وعسيلان في محافظة شبوة قبل أن تتقدم إلى مديرية حريب في محافظة مأرب المجاورة.
وفي خطبه الأخيرة، طلب زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي من أنصاره الدفع بمزيد من المقاتلين باتجاه مأرب حيث يرى أن السيطرة عليها ستمكنه من تعزيز الموارد المالية للإنفاق على المجهود الحربي وشراء الولاءات، إضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لموقع المحافظة التي تجاور شبوة وحضرموت النفطيتين.
ومع المساعي التي بدأها المبعوث الأممي الجديد هانس غروندبرغ، يجزم اليمنيون على نطاق واسع، بأن الميليشيات الحوثية لن تسعى إلى إحلال السلام، لجهة تعنتها المعهود، وبسبب عقيدة الجماعة القائمة على استمرار الحرب والرغبة في السيطرة على اليمن بقوة السلاح لخدمة الأجندة الإيرانية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».