أسرى «الجلبوع» يتوجهون إلى «العليا» لوقف التنكيل بهم

الأسير الفلسطيني أيهم كممجي يتحدث إلى محاميه في محاكمته بتاريخ 19 سبتمبر (رويترز)
الأسير الفلسطيني أيهم كممجي يتحدث إلى محاميه في محاكمته بتاريخ 19 سبتمبر (رويترز)
TT

أسرى «الجلبوع» يتوجهون إلى «العليا» لوقف التنكيل بهم

الأسير الفلسطيني أيهم كممجي يتحدث إلى محاميه في محاكمته بتاريخ 19 سبتمبر (رويترز)
الأسير الفلسطيني أيهم كممجي يتحدث إلى محاميه في محاكمته بتاريخ 19 سبتمبر (رويترز)

أعلن محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أحد الموكلين للدفاع عن الأسرى الفلسطينيين الستة الذين يحاكمون بتهمة الفرار من السجن، خالد محاجنة، أنهم قرروا التوجه إلى المحكمة العليا ضد إدارة السجون وضد جهاز المخابرات الإسرائيلية؛ لوقف ممارسات الانتقام منهم وعزلهم، وهددوا بالإضراب العام عن الطعام إذا لم تنصفهم المحكمة وتلغي الإجراءات.
وقال محاجنة، إنه جنباً إلى جنب مع محاكمة الأسرى في محكمة الصلح في الناصرة، تقوم سلطات الاحتلال برحلة إجراءات انتقامية تعسفية بحقهم، فنقلت الأسرى الستّة مُنفّذي عملية الفرار إلى أقسام العزل في سجون إسرائيلية مختلفة. زكريا زبيدي نُقل إلى سجن «ايشل» في بئر السبع، ومحمد عارضة إلى سجن عسقلان ومحمود العارضة ومناضل نفيعات نُقلا إلى عزلين منفردين في سجن «ايالون» في الرملة، ويعقوب قادري وأيهم كممجي (35 عاماً) في سجن نفحة الصحراوي في النقب. وجميعهم يشكون من أعمال تنكيل وتعذيب. ويتم الانتقام منهم بمنعهم من تغيير ملابسهم، وبوضعهم تحت الرقابة وكاميرات التصوير حتى داخل الحمام والمرحاض.
وأكد محامو الأسرى، أنهم جميعاً، أوضحوا، خلال لقاءاتهم بهم، أنه في حال استمرت التقييدات المفروضة عليهم ولم تلغها المحكمة، فإنهم سيخوضون إضراباً مفتوحاً عن الطعام. ولكن، مع ذلك، أشار المحامون إلى لحظات فرح ارتسمت خلالها الابتسامة على وجنات الأسرى الستة، حيث إنهم منذ أن تمكنوا من انتزاع حريتهم من سجن «جلبوع»، تفرقوا، ولأول مرة منذ إعادة اعتقالهم شوهدوا معا. فعلى الرغم من أنهم لم يلتقوا بالمواجهة وفرض عليهم اللقاء بـ«زووم»، فقد ظهروا معاً في صورة واحدة على شاشة التلفزيون وبدوا خلال جلسة المحكمة يبتسمون، وتبادلوا القبل والتحيات بأيديهم التي لم يثقلها التكبيل بالأصفاد.
وقال محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين، خالد محاجنة «حين دخلنا إلى قاعة المحكمة، طالبنا بعرض الأسرى جميعهم على شاشة واحدة وليس كل أسير على حدة كما حدث في المحاكمات السابقة؛ لأن لائحة الاتهام التي وُجّهت لهم واحدة. وقد تأخر انعقاد الجلسة بعض الوقت، لإمهال المفاوضات بين طواقم الدفاع والمحكمة والنيابة الإسرائيليتين حول ظهور الأسرى المعاد اعتقالهم في شاشة، إلى أن أمرت هيئة المحكمة إدارة السجون و(الشاباك) بذلك».
وأشار محاجنة، إلى أن تنفيذ أمر المحكمة بعرض الأسرى في شاشة واحدة، وتمكينهم من رؤية بعضهم بعضاً استوجب بعض الوقت، خاصة أن كل أسير يتواجد في عزل مختلف وتم تفريقهم على سجون بعيدة. وتابع «بالفعل، كانت فرصة لطيفة أن الأسرى شاهدوا بعضهم بعضاً، وكانوا بالأساس يرفعون علامة النصر ويتبادلون التحيات والابتسامات.
وذلك فيه الكثير من الرسائل، أهمها أن المعنويات في مكانها عالية رغم إعادة اعتقالهم، وأنهم أبناء قضية واحدة ومجموعة موحدة، وأن الجو العام الإيجابي خلال المحكمة فاق سوداوية الأوضاع التي يعايشها هؤلاء الأسرى منذ إعادة اعتقالهم، مرورا بالتحقيق لدى مخابرات الاحتلال ثم نقلهم إلى العزل في سجون مختلفة، وكان واضحاً عدم استسلامهم لمحاولات اغتيال عزيمتهم وروحهم المعنوية».
من جهة أخرى، قرر وزير الأمن الداخلي، عومر بار ليف، توسيع صلاحيات لجنة التحقيق التي أقامها لفك رموز فرار الأسرى. وستشمل التحقيقات بنداً يعمّق التحقيق في إدارة السجون. والسبب في ذلك هو كشف معلومات جديدة تدل على القدرة الإبداعية لدى الأسرى في تضليل السجانين، ونجاحهم في الحفر طيلة عشرة أشهر واستخدام مواد كيماوية وكمية من الكوكاكولا، للحفر في الباطون المسلح ولوحة فولاذية من دون أن يتم اكتشافهم.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.