«ترتيبات نهائية» تستبق إعلان الحكومة التونسية الجديدة

جانب من المظاهرات المؤيدة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة أول من أمس (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات المؤيدة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

«ترتيبات نهائية» تستبق إعلان الحكومة التونسية الجديدة

جانب من المظاهرات المؤيدة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة أول من أمس (إ.ب.أ)
جانب من المظاهرات المؤيدة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة أول من أمس (إ.ب.أ)

نفت نجلاء بودن، المكلفة بتشكيل الحكومة التونسية الجديدة، ما تم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي من أسماء وقوائم لأعضاء الحكومة المرتقبة، وأكدت أن التشاور بخصوصها «لا يزال قائماً، وسيتم الإعلان عن القائمة الرسمية قريباً».
وينتظر السياسيون والشعب التونسي الإعلان عن تشكيلة الحكومة المقبلة لتحديد موقف ما يحدث في تونس، فيما يتوقع عدد من المراقبين أنها ستحمل مفاجآت عديدة، شبيهة بمفاجأة اختيار نجلاء بودن لرئاسة الحكومة، والتي شكل اختيارها، بحسب مراقبين، مفاجأة كبرى لدى معظم الطيف السياسي التونسي.
وبعد مرور شهرين دون حكومة، وقرابة أسبوع عن تكليف نجلاء بودن، لم تتضح بعد معايير اختيار تركيبة الحكومة الجديدة وهيكلتها وبرنامج عملها، لكن أكثر من طرف سياسي توقع قرب ولادة الحكومة الجديدة، مشيرين إلى أنها ستكون حكومة مصغرة، على اعتبار أن مهمتها ستنتهي بانتهاء فترة التدابير الاستثنائية، التي أقرها الرئيس قيس سعيد، وأنها ستعتمد في الغالب على كفاءات قوية تتميز بالنظافة والقدرة على التسيير.
ووفق ما دونته نجلاء بودن على صفحتها الرسمية بمواقع التواصل، فإن نسبة تمثيل المرأة في الحكومة ستتجاوز لأول مرة نسبة 50 في المائة، وستجمع بين الكفاءات النسائية والطاقات الشبابية، فيما يدور نقاش هام داخل الكواليس حول عدد النساء اللواتي سينلن حقائب وزارية، وإن كانت رئيسة الحكومة المكلفة ستطبق بالفعل مبدأ التناصف.
وذكرت مصادر على اطلاع بسير مشاورات تشكيل الحكومة أن تركيبتها دخلت مرحلة الترتيبات النهائية، خصوصاً بعد أن أكدت نجلاء بودن في تدوينات مختلفة أنها ستعمل قريباً على تشكيل حكومة متجانسة لمواجهة الصعوبات الاقتصادية ومحاربة الفساد، وهي نفس التوجهات التي أعلن عنها الرئيس سعيد، مشددة على أنه «لا مجال للخضوع لأي ابتزاز أو مساومة في الحق، أو لمحاولة فرض اختيارات معينة»، وذلك بعد تأكيد عدد من السياسيين على الضغوط، التي تتعرض لها نجلاء بودن قبل الإعلان عن التركيبة النهائية للحكومة.
في غضون ذلك، تراقب رئاسة الجمهورية التطورات الحاصلة في الشارع التونسي، من خلال وقفات المساندة ووقفات الرفض لقرارات الرئيس، على اعتبار أن الإعلان عن الحكومة الجديدة يمكن أن يطوي صفحة من صفحات الغموض السياسي، الذي رافق التدابير الاستثنائية المعلنة منذ 25 من يوليو (تموز) الماضي.
وفي هذا السياق، كشفت حملة «مواطنون ضد الانقلاب»، التي يقودها جوهر بن مبارك أستاذ القانون الدستوري، عن «دعوة الشارع الديمقراطي إلى الاستعداد لبدء محطات نضالية مقبلة، سيعتمد فيها أوسع أشكال التعبئة وأقصاها حتى إسقاط الانقلاب» على حد تعبيره، مشيراً إلى التحضير لمظاهرة رافضة لتوجهات الرئيس سعيد الأحد المقبل وسط العاصمة، وضد «سلطة الاستثناء الانقلابية».
وبخصوص الحكومة الجديدة، أوضح بعض المراقبين أن عددها لن يتجاوز عشرين وزيراً، بمن في ذلك رئيسة الحكومة المكلفة. كما ينتظر أن يحافظ رضا الغرسلاوي، المكلف الحالي بتسيير وزارة الداخلية، وعلي مرابط المكلف بتسيير وزارة الصحة، على حقيبتيهما الوزاريتين، ذلك أن الغرسلاوي والمرابط تم تعيينهما من رئيس الجمهورية بأمر رئاسي.
على صعيد آخر، كشف عبد الرحمان الهذيلي، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة)، عن تواصل الهجرات غير النظامية إلى إيطاليا، رغم تشديد الرقابة على السواحل التونسية. مؤكدا أن عدد التونسيين الذين وصلوا سواحل إيطاليا خلال سبتمبر (أيلول) الماضي بلغ 1803 مهاجراً غير شرعي، موضحاً أن هذه الأرقام تفند الاعتقاد السائد بوجود بعض التفاؤل لتحسن الأوضاع الاجتماعية بعد إعلان التدابير الاستثنائية في تونس.
ومنذ بداية السنة الحالية، وصل إلى السواحل الإيطالية ما لا يقل عن 12835 مهاجراً تونسياً غير شرعي، وذلك من إجمالي 46391 مهاجراً شاركوا في رحلات الهجرة غير الشرعية، ويمثل التونسيون نحو 28 في المائة من عدد الوافدين على إيطاليا.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».