بدء المرحلة الثانية من ترحيل العائلات العراقية عن «الهول»

عراقيات يرفضن العودة من دون أزواجهن

لاجئون عراقيون في سوق مخيم الهول (خاص بالشرق الأوسط)
لاجئون عراقيون في سوق مخيم الهول (خاص بالشرق الأوسط)
TT

بدء المرحلة الثانية من ترحيل العائلات العراقية عن «الهول»

لاجئون عراقيون في سوق مخيم الهول (خاص بالشرق الأوسط)
لاجئون عراقيون في سوق مخيم الهول (خاص بالشرق الأوسط)

وسط منطقة صخرية قاحلة مرتفعة قرب الحدود مع العراق، تجد اللاجئة العراقية هتوف، القاطنة في مخيم الهول منذ ثلاث سنوات، نفسها، أمام خيارين، أحلاهما مر؛ الرحيل والعودة لبلدها مع مئات العوائل التي باشرت الحكومة العراقية بنقلهم إلى مخيم آخر يقع داخل الأراضي العراقية، أو الانتظار حتى معرفة مصير زوجها وابنها المحتجزين لدى «قوات سوريا الديمقراطية»، وتحمل مرارة المخيم وسط ظروف معيشية قاهرة.
تقول السيدة الخمسينية المتحدرة من مدينة الموصل العراقية، إن المخيم تحول، منذ قدومها في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2018، إلى إناء كبير يفيض بالغضب والأسئلة التي تبحث عن إجابات شافية. وشبهت المكان بـ«معسكر مغلق للاحتجاز»، لتقول بنبرة صوت مرتفعة: «أريد أعرف وين زوجي وابني، مضت 3 أعوام وأنا أنتظر معرفة مصير الاثنين، عايشين، ماتوا، أو تم نقلهما لبلد ثاني»، وتابعت غضب: «لن أتحرك من هنا قبل معرفة مصيريهما، إما أن يفرجوا عنهما أو يحالان لقضاء عادل ينظر في التهم الموجهة لهما».
كانت الحكومة العراقية قد استعادت قسماً قليلاً من اللاجئين العراقيين في مخيم الهول، في مايو (أيار) الفائت، غادر خلالها 381 لاجئاً عراقياً يشكلون 95 أسرة، إلى مخيم في محافظة نينوى داخل العراق.
وباشرت الأسبوع الماضي الدفعة الثانية، فقد رحلت 115 عائلة الأربعاء. ورغم حالة التفاؤل بين أوساط اللاجئين العراقيين بعودة قريبة، تقول مسعدة البالغة من العمر (35 سنة)، إن صبرها قد نفد كحال الكثيرات من اللاجئات العرقيات. وتساءلت: «كيف نعود بدون أزواجنا وأخوتنا، وإلى متى سيبقون في السجون؟ هل يشاهد العالم مأساتنا، وهل تعلم الحكومة العراقية كيف نعيش في هذا المكان؟ كل العالم يشيح بوجهه عن هذه القضية»، في إشارة إلى ملف مقاتلي تنظيم «داعش» المحتجزين في سجون «قسد» وعوائلهم التي تقطن في مخيمي «الهول» و«روج». وهذه السيدة قالت إن زوجها كان عاملاً مدنياً بصفوف التنظيم واستسلم في معركة الباغوز مارس (آذار) 2019.
من جانبه، أكد رئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين لدى الإدارة الذاتية، شيخموس أحمد، لـ«الشرق الأوسط»، «أن 487 مواطناً عراقياً يشكلون 115 عائلة غادروا مساء الأربعاء الماضي، وقد نقلوا إلى مخيم في محافظة نينوى العراقية، من بين أكثر من 30 ألفاً من اللاجئين العراقيون ينتظرون دورهم».
جدير بالذكر أن مخيم الهول يضم 60 ألفاً، أغلبهم نساء وأطفال، يشكل اللاجئون العراقيون النسبة الأكبر من تعداد قاطنيه وهم 8200 عائلة، استعادت الحكومة العراقية 200 عائلة فقط، على أن تستمر الرحلات هذا الشهر. ووفقاً لشيخموس أحمد، هذه العملية جزء من اتفاق توصلت إليه «الإدارة الذاتية» والسلطات العراقية سنة 2018، يقضي بإعادة جميع اللاجئين العراقيين بالهول، مضيفاً أن «الحكومة العراقية وافقت على استعادة نحو 5 آلاف عائلة تريد العودة لبلدها».
داخل سوق المخيم، كان بالإمكان مشاهدة محال تحمل علامات تجارية عراقية، تبيع اللحوم والمواد الغذائية القادمة من العراق. وفي إحدى زوايا السوق تجمهرت نسوة عراقيات بعباءاتهن السوداء الطويلة والنقاب الأسود الذي لا يظهر سوى عيون فضولية. وعند الاقتراب منهن بدأن بالصراخ: «أين أزواجنا وأخوتنا وأبناؤنا؟ لماذا لا يفرجون عنهم؟ لماذا لا تسمح حكومة بغداد بإعادتنا، هل ستقوم (قوات قسد) بتسليمهم لقوات الأمن العراقية؟»، وأسئلة تكررت كثيراً دون وجود أجوبة شافية.
عذاب (41 سنة) المتحدرة من بلدة الحديثة العراقية، وتقطن في مخيم الهول منذ 4 سنوات، ذكرت، أن زوجها وعمها محتجزان، ويرغبان بالعودة شريطة نقلهما تحت إشراف ومراقبة منظمات الأمم المتحدة، مشددة: «نخشى من عمليات انتقامية من (الحشد الشعبي) الذي بات يسيطر على مناطق كثيرة من العراق، ويخيفنا إحالة ملف المحتجزين للحكومة العراقية».
وذكر رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالإدارة الذاتية، د. عبد الكريم عمر، لـ«الشرق الأوسط»، أنه تم تسليم السلطات العراقية قائمة تضم أكثر من 4 آلاف عراقي، معظمهم من النساء وأطفالهن، يريدون العودة لوطنهم، لافتاً إلى أن «الذين لم يبادروا إلى التسجيل فلن نضغط عليهم لإعادتهم، وستتم معاملتهم وفق العهود والمواثيق الدولية». وعن مصير ملف المقاتلين والمسلحين المتحدرين من الجنسية العراقية، أكد المسؤول الكردي، على أنهم لم يسلموا أي مقاتل للجانب العراقي، ولم يناقشوا قضيتهم مع الحكومة السورية. وقال: «لا يوجد أي حوار أو تنسيق أو حتى نقاش بشأنهم، مع الحكومة السورية، لا بشكل مباشر ولا غير مباشر. كما لم تبحث معنا روسيا أو غيرها من الدول الفاعلة بالحرب السورية هذا الملف»، مشدداً على أنه «لن نقوم بتسليم هؤلاء المحتجزين إلى دولة أو حكومة، ترتكب انتهاكات في مجال حقوق الإنسان وتعذيب السجناء».
يشار إلى أنه من بين التحديات التي تواجها سلطات الإدارة ومخيم الهول، تصاعد عمليات القتل التي تستهدف اللاجئين العراقيين بالدرجة الأولى. وحسب إحصاءات الجهات الأمنية، قتل 70 شخصاً على الأقل في الهول هذا العام. ولم تخف شيماء العراقية وتسكن بالقسم الرابع، العمليات الأمنية التي وقعت بالفترة الأخيرة داخل قسمها، وقالت: «الشبكات الموالية لـ(الدواعش) منتشرة في كل مكان، والجميع يخاف منهم، نريد العودة لبلداننا قبل أن نقتل هنا».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.