رواية «أضغاث النّدى»... الأشياء ونقائضها

رواية «أضغاث النّدى»... الأشياء ونقائضها
TT

رواية «أضغاث النّدى»... الأشياء ونقائضها

رواية «أضغاث النّدى»... الأشياء ونقائضها

ما بين مشهد البداية السعيدة وصدمة النهاية وما تخلفه من حقائق مفجعة، تدور رواية «أضغاث الندى» للكاتب المصري هاني خليفة الصادرة حديثاً عن الدار المصرية - السودانية - الإماراتية للنشر والتوزيع بالقاهرة. وفي ظلال هذين المشهدين تتناثر الحكايات المثيرة وتتشعب، على لسان راوٍ يتحكم في كل تفاصيل الأحداث، ويستخدم ثيمتي الضعف البشري والانتهازية عنصرين محوريين ضمن عناصر أخرى، جعلها تتحكم في مصير الشخصيات، وراح يحركها كيفما يشاء على مدى أحد عشر فصلاً.
تبدأ الرواية في فصلها الأول الذي يأخذ عنوان «رحلة» بحركة دائبة واستعدادات لمغادرة عائلة مصطفى: زوجته أصيلة وابنته ندى وولداه خالد موظف البنك، وعمرو، النجل الأكبر الذي يعمل في مجال تجارة الأدوية، إلى الأراضي الحجازية، بعدما تطوع الأخير بأن تكون تكاليف رحلتهم لأداء مناسك الحج من جيبه الخاص، إلا أن مصطفى امتنع عن مصاحبة أفراد عائلته فيها لأنه يريد أن تكون مصروفاتها خالصة من أمواله، قاوم الأب إلحاح ابنه رجل الأعمال، ورفض أن تكون زيارته لبيت الله الحرام بهذه الوسيلة.
وبعد أن يودّع الأب عائلته يذهب للصلاة، وفي المسجد وبعد أن يغلق بابه من الداخل بعد انتهائه من الفروض الخمسة، يذهب مصطفى في نوم عميق.
ويتخذ الراوي من أحلام مصطفى مفتاحاً لسرد حكايته وتفاصيلها عن القرى وما جرى فيها من تطورات غيّرت وجهها الحقيقي، وصبغت حياة ناسها بصبغة لم يكونوا يعرفونها بعد أن تشبعوا بالكثير من الأمراض التي أصابتهم تحت وقع أزمات الحروب والسياسة والفقر المزمن.
ثم يسرد الراوي مراحل حياة مصطفى بكثافة شديدة، فيحكي عن زواج أبيه متولي شمروخ من أمه مليحة، ومعاملته القاسية لها، ثم طفولته، هو وأخته بسمة التي ماتت في حادث سيارة، ثم وفاة أمه، وزاوج أبيه من امرأة سيئة السمعة، سليطة اللسان. كما يتناول علاقة البطل بشيخ القرية وزوجته، اللذين أنقذاه من براثن أبيه مدمن المخدرات وزوجته المنحرفة، فقد عاش معهما معظم فترات طفولته ومراهقته حتى انتهى من دراسته في مدرسة الزراعة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل جعله شيخ القرية قيّماً على زراعة أرضه بعد حصوله على شهادة الثانوية الزراعية، وبعد أن صار الشيخ غير قادر على القيام بأعبائها. ثم يتابع الراوي النقلة الكبيرة التي حدثت في حياة بطله بعد تجنيده، ومشاركته في حرب أكتوبر (تشرين الأول) وإصابته وحصوله على شقة سكنية وراتب شهري من الحكومة بوصفه مصاب حرب، وهكذا تيسر أمامه السبيل إلى أصيلة حبيبته، فكان الزواج سريعاً، والحياة التي حلم بها بعيداً عن بيت أبيه الذي تقلب بين القوادة وتجارة المخدرات وزوجته عنايات التي كانت تستغل فترة غيابه وتستقبل عشيقها «أبو دراع» متخفياً في ملابس النساء.
اللافت للنظر في رواية «أضغاث الندى» هو أن كاتبها لعب بحرفية على العديد من العناصر، التي كانت بمثابة رموز فاعلة في عمله الإبداعي، وأحداثه المفصلية، فقد جعل كل عنصر يقوم بدور مناقض لطبيعته، فجعل، مثلاً، من بيت متولي شمروخ مصدراً للمخاطر التي تتهدد ابنه «مصطفى»، في حين كان من الطبيعي أن يكون مصدر أمان له.
سعى الكاتب أيضاً لاستغلال ثيمات الضعف البشري، كالانتهازية والرغبة في التظاهر، وجعلها مفتاحاً لكثير من الأحداث المثيرة، بعضها يرتبط بتواريخ لها دلالتها مثل عام 67، وأكتوبر 73، ثم تصل الرواية إلى ذروتها عندما يأتي من يوقظ مصطفى، وهو غارق في نومه في المسجد القريب من بيته، ولم يكن قضى وقتاً طويلاً في النوم، ليبلغه بخبر مقتل أفراد عائلته جميعها، في حادث سير، وهم عائدون للقاهرة بعد أداء مناسك الحج، فيصاب بصدمة بالغة، لكنه تحامل على نفسه حتى انتهت مراسم دفن جثامين زوجته وابنته وولديه خالد وعمرو، عند ذلك ذهب للنوم في بيت نجله في القرية.
وعند تفتيشه في محتويات خزانة ابنه، ألجمته مفاجأة كبيرة، حيث عثر على عقود ووثائق تثبت أن ابنه يتاجر في العقاقير المخدرة، والأدوية المحظورة، فيسقط على أثرها في غيبوبة تفضي به إلى اللحاق بباقي عائلته، دون أن يترك أثراً يحكي عنه، فقد انمحى كل شيء، لا ابن ولا زوجة ولا ذرية تأتي من بعده، بقيت فقط حكايات العار التي جاهد للهرب منها، لكنها لم تتركه وأصابته في أعز ما لديه وهو نجله.



مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟
TT

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

صدر العدد الجديد من مجلة الفيصل وتضمن العديد من الموضوعات والمواد المهمة. وكرست المجلة ملف العدد لموضوع إقصاء المرأة من حقل الفلسفة، وعدم وجود فيلسوفات. شارك في الملف: كل من رسلان عامر: «غياب المرأة الفلسفي بين التاريخ والتأريخ». خديجة زتيلي: «هل بالإمكان الحديث عن مساهمة نسائية في الفلسفة العربية المعاصرة؟» فرانك درويش: «المرأة في محيط الفلسفة». أحمد برقاوي: «ما الذي حال بين المرأة والتفلسف؟» ريتا فرج: «الفيلسوفات وتطور الأبحاث الحديثة من اليونان القديمة إلى التاريخ المعاصر». يمنى طريف الخولي: «النساء حين يتفلسفن». نذير الماجد: «الفلسفة نتاج هيمنة ذكورية أم نشاط إنساني محايد؟» كلير مثاك كومهيل، راشيل وايزمان: «كيف أعادت أربع نساء الفلسفة إلى الحياة؟» (ترجمة: سماح ممدوح حسن).

أما الحوار فكان مع المفكر التونسي فتحي التريكي (حاوره: مرزوق العمري)، وفيه يؤكد على أن الدين لا يعوض الفلسفة، وأن الفلسفة لا تحل محل الدين، وأن المفكرين الدينيين الحقيقيين يرفضون التفلسف لتنشيط نظرياتهم وآرائهم. وكذلك تضمن العدد حواراً مع الروائي العربي إبراهيم عبد المجيد الذي يرى أن الحزن والفقد ليس مصدرهما التقدم في العمر فقط... ولكن أن تنظر حولك فترى وطناً لم يعد وطناً (حاوره: حسين عبد الرحيم).

ونطالع مقالات لكل من المفكر المغربي عبد العزيز بومسهولي «الفلسفة وإعادة التفكير في الممارسات الثقافية»، والكاتب والأكاديمي السعودي عبد الله البريدي «اللغة والقيم العابرة... مقاربة لفك الرموز»، وضمنه يقول إننا مطالبون بتطوير مناهج بحثية لتحليل تورط اللغة بتمرير أفكار معطوبة وقيم عدمية وهويات رديئة. ويذهب الناقد سعيد بنكراد في مقال «الصورة من المحاكاة إلى البناء الجمالي» إلى أن الصورة ليست محاكاة ولا تنقل بحياد أو صدق ما تمثله، لكنها على العكس من ذلك تتصرف في ممكنات موضوعاتها. وترجم ميلود عرنيبة مقال الفرنسي ميشال لوبغي «من أجل محبة الكتب إمبراطورية الغيوم».

ونقرأ مقالاً للأنثروبولوجي الفرنسي فرانك ميرمييه بعنوان «مسار أنثربولوجي فرنسي في اليمن». ومقال «لا تحرر الحرية» (أريانا ماركيتي، ترجمة إسماعيل نسيم). و«فوزية أبو خالد... لم يزل الماء الطين طرياً بين أصابع اللغة» (أحمد بوقري). «أعباء الذاكرة ومسؤولية الكتابة» (هيثم حسين). «العمى العالمي: غزة بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية» (يوسف القدرة). «الطيور على أشكالها تقع: سوسيولوجيا شبكة العلاقات الاجتماعية» (نادية سروجي). «هومي بابا: درس في الشغف» (لطفية الدليمي).

ويطالع القارئ في مختلف أبواب المجلة عدداً من الموضوعات المهمة. وهي كالتالي: قضايا: سقوط التماثيل... إزاحة للفضاء السيميائي وإعادة ترتيب للهياكل والأجساد والأصوات (نزار أغري). ثقافات: «هل يمكن أن تحب الفن وتكره الفنان؟» ميليسا فيبوس (ترجمة خولة سليمان). بورتريه: محمد خضر... المؤلف وسرديات الأسلوب المتأخر (علي حسن الفواز). عمارة: إعادة تشكيل الفضاءات العامة والخاصة في جدة بين التراث والحداثة (بدر الدين مصطفى). حكايتي مع الكتب: الكتب صحبة رائعة وجميلة الهمس (فيصل دراج). فضاءات: «11 رصيف برنلي»... الابنة غير الشرعية لفرنسوا ميتران تواجه أشباح الحياة السرية (ترجمة جمال الجلاصي). تحقيقات: الترفيه قوة ناعمة في بناء المستقبل وتنمية ثقافية مؤثرة في المجتمع السعودي (هدى الدغفق). جوائز: جوائز الترجمة العربية بين المنجز والمأمول (الزواوي بغورة). المسرح: الكاتبة ملحة عبد الله: لا أكتب من أجل جائزة أو أن يصفق لي الجمهور، إنما كي أسجل اسمي في تاريخ الفن (حوار: صبحي موسى).

وفي باب القراءات: نجوان درويش... تجربة فلسطينية جسورة تليق بالشعر الجديد (محمد عبيد الله). جماليات البيت وسردية الخواء... قراءة في روايات علاء الديب (عمر شهريار). «أغنية للعتمة» ماتروشكا الحكايات والأنساب تشطر التاريخ في صعودها نحو الأغنية (سمية عزام). تشكيل: مهدية آل طالب: دور الفن لا يتحقق سوى من خلال الفنان (هدى الدغفق). مسرح: المنظومة المسرحية الألمانية يؤرقها سوء الإدارة والتمييز (عبد السلام إبراهيم)

ونقرأ مراجعات لكتب: «وجه صغير يتكدس في كل ظهيرة» (عماد الدين موسى)، «مروة» (نشوة أحمد)، «خاتم سليمي» (نور السيد)، «غراميات استثنائية فادحة» (معتصم الشاعر)، «أبناء الطين» (حسام الأحمد)، «حساء بمذاق الورد» (جميلة عمايرة).

وفي العدد نطالع نصوص: «مارتن هيدغر يصحو من نومه» (سيف الرحبي)، «مختارات من الشعر الكوري» (محمد خطاب)، «سحر الأزرق» (مشاعل عبد الله)، «معرض وجوه» (طاهر آل سيف)، «سارقة الذكريات» (وجدي الأهدل)، «أوهام الشجر» (منصور الجهني).