اشتباكات في عدن توقع قتلى وجرحى بين فصائل خاضعة لـ«الانتقالي»

السلطات المحلية تتحدث عن «مجاميع إرهابية» وتطلب من السكان البقاء في منازلهم

عنصران أمنيان تابعان للمجلس الانتقالي الجنوبي في نقطة تفتيش بعدن أمس (رويترز)
عنصران أمنيان تابعان للمجلس الانتقالي الجنوبي في نقطة تفتيش بعدن أمس (رويترز)
TT

اشتباكات في عدن توقع قتلى وجرحى بين فصائل خاضعة لـ«الانتقالي»

عنصران أمنيان تابعان للمجلس الانتقالي الجنوبي في نقطة تفتيش بعدن أمس (رويترز)
عنصران أمنيان تابعان للمجلس الانتقالي الجنوبي في نقطة تفتيش بعدن أمس (رويترز)

اندلعت في مدينة عدن اليمنية أمس (السبت) اشتباكات عنيفة بين فصائل من القوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى وأحدثت حالة واسعة من الذعر في أوساط السكان لا سيما في مديرية «كريتر» التي شهدت مسرح المواجهات.
وفي حين وصفت السلطات المحلية في المدينة الأحداث بأنها مواجهات للقضاء على من وصفتهم بـ«المجاميع الإرهابية» أفاد شهود لـ«الشرق الأوسط» بتضرر منازل ومتاجر وسيارات جراء الاشتباكات التي خلفت أيضاً نحو 5 قتلى ونحو 11 جريحاً بينهم مدنيون.
وبحسب ما أفادت به مصادر مطلعة فإن الاشتباكات حدثت بين قوات تتبع قوات الأمن في عدن مسنودة بكتائب مما تعرف بقوات «العاصفة» في مواجهة قوات تتبع القائد فيما تعرف بـقوات الدعم والإسناد» إمام النوبي، وكل القوات محسوبة على المجلس الانتقالي الجنوبي.
هذه التطورات جاءت بعد أيام فقط من عودة رئيس الحكومة معين عبد الملك إلى العاصمة المؤقتة عدن حيث يقيم مع عدد من الوزراء في قصر «معاشيق» الرئاسي الواقع في جنوب المدينة بالقرب من مديرية كريتر التي شهدت المواجهات.
وعلى وقع المواجهات التي استخدمت خلالها الأسلحة الرشاشة المتوسطة والخفيفة والعربات المدرعة أصدرت اللجنة الأمنية في مدينة عدن والتي يرأسها المحافظ أحمد لملس بياناً دعت فيه السكان في مديرية كريتر للبقاء في منازلهم. وقالت إن القوات من أمن عدن وقوات مكافحة الإرهاب تقوم «بتطهير المدينة من بعض المجاميع والبؤر الإرهابية الخارجة عن النظام والقانون».
وجاء في البيان أن «اللجنة الأمنية بعدن لن تتهاون مع أي جهة تحاول المساس بأمن المدينة ومواطنيها وترويع الآمنين ورفع السلاح في وجه السلطة». كما اتهم البيان «تلك المجاميع» بأنها «تسعى لزعزعة أمن واستقرار البلاد مستخدمة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة في حربها ضد المدينة».
وقال البيان إن اللجنة الأمنية «تتعهد بحماية الممتلكات الخاصة والعامة التي كانت عرضة للسلب والنهب خلال الأيام الماضية على أيدي تلك المجاميع ضمن مخطط لخلط الأوراق وسحب المدينة إلى الفوضى والتخريب».
من جهته قال محافظ عدن أحمد لملمس في تصريحات نقلتها عنه «قناة الغد المشرق» إن اللجنة الأمنية «لن تتهاون في حفظ أمن واستقرار المواطنين»، مشيراً إلى وجود من وصفهم بـ«مجاميع مسلحة خارجة عن النظام والقانون يتم التعامل معها بحزم لضمان مصالح الناس والعامة والخاصة».
وأضاف «سيتم تأمين المنطقة بالكامل ولا يوجد هناك ما يقلق وما يدعو لمخاوف المواطنين، ونرجو من أبناء عدن أن يكونوا عوناً وسنداً للقوات الأمنية».
وبحسب الروايات المتداولة عن أسباب المواجهات، فقد قام مسلحون يتبعون القيادي إمام النوبي باقتحام قسم شرطة كريتر يوم الخميس لإطلاق موقوف من المحسوبين عليهم، كما أقدموا على اعتقال أحد عناصر الشرطة.
وعلى الفور أصدر قسم الشرطة بياناً، اتهم فيه «أفراداً تابعين للقيادي إمام الصلوي المعروف بـ«النوبي» بمحاصرة شرطة كريتر في المداخل والمخارج من كل الاتجاهات، بالمدرعات والعربات. وبأنهم «قاموا باختطاف الملازم عواد السيد نائب رئيس قسم التحري بشرطة كريتر لجهة مجهولة، ولم تصل أي تعزيزات لأفراد الشرطة».
وأعلن منتسبو قسم الشرطة في البيان تعليق عملهم حتى الإفراج عن زميلهم المختطف ودعم القسم بالأفراد والعتاد لمواجهة المسلحين.
وفي حين أعادت المواجهات الأذهان إلى موجات العنف التي شهدتها المدينة عدن منذ تحريرها من قبضة الميليشيات الحوثية بما في ذلك الصراع بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الموالية للحكومة الشرعية، يرى العديد من المراقبين أن استقرار المدينة لن يتحقق إلا مع استكمال تطبيق «اتفاق الرياض» في شقه الأمني والعسكري بما يضمن إعادة نشر القوات وهيكلتها وتوحيد عملها.
وذكر شهود أن الاشتباكات تركزت في منطقة الميدان وبالقرب من أحياء الطويلة وجولة الفل والشارع الرئيسي، وأنها تواصلت بشكل متقطع طيلة يوم أمس (السبت) وسط توارد تعزيزات لقوات الأمن وكتائب العاصفة.
كما أفادت المصادر أن من بين الجرحى قائد قوات الحزام الأمني في مدينة عدن العميد جلال الربيعي، الذي أصيب بجروح، إلى جانب النقيب أشرف طاهر الشعيبي.
وكان الشارع اليمني استبشر بعودة رئيس الحكومة معين عبد الملك إلى عدن حيث يتطلع الجميع إلى تدابير تقود إلى وقف التدهور الاقتصادي وتحسين الخدمات وتحقيق الأمن.
ولم يظهر عبد الملك منذ عودته الثلاثاء الماضي في أي نشاط في مدينة عدن باستثناء لقاء عقده مع قيادات وزارة المالية والبنك المركزي اليمني حيث شدد على إدارة الموارد بأدوات الدولة.
وكانت عودته إلى المدينة قد شهدت ترحيباً دولياً، حيث شدد بيان مشترك لسفراء مجموعة «الرباعية» التي تضم السعودية والإمارات وبريطانيا وأميركا، على أهمية دعم الحكومة اليمنية لتحقيق الأمن والاستقرار وتقديم الخدمات الأساسية.
وقال البيان: «إنه لمن المهم أن يتم دعم الحكومة بالكامل لتحقيق الأمن والاستقرار، وتقديم الخدمات الأساسية، بما في ذلك الإصلاحات الاقتصادية، التي يحتاجها الشعب اليمني بشدة».
وحول الوضع الاقتصادي المتدهور، شدد البيان على ضرورة السماح للحكومة باستئناف عملها من عدن. وحث جميع الأطراف على الوفاء بالتزاماتهم والعمل معاً بشكل بناء نيابة عن الشعب اليمني لتنفيذ «اتفاق الرياض».



بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.