مصر مستعدة لمفاوضات تصل لاتفاق «مُلزم» حول «سد النهضة»

شكري: هناك قدر من التقدم في العلاقات مع تركيا

وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال جلسة المباحثات مع الوفد الأميركي برئاسة جيك سوليفان الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال جلسة المباحثات مع الوفد الأميركي برئاسة جيك سوليفان الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
TT

مصر مستعدة لمفاوضات تصل لاتفاق «مُلزم» حول «سد النهضة»

وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال جلسة المباحثات مع الوفد الأميركي برئاسة جيك سوليفان الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال جلسة المباحثات مع الوفد الأميركي برئاسة جيك سوليفان الأربعاء الماضي (أ.ف.ب)

اعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري، البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن، منتصف الشهر الماضي، بشأن سد النهضة والداعي لاستئناف التفاوض والتوصل لاتفاق ملزم، بمثابة «إنجاز كبير».
وقال شكري، في مداخلة هاتفية، مساء أول من أمس، على فضائية «إم بي سي مصر»، إن «هناك اتصالات تجري مع الرئاسة الكونغولية؛ لطرح رؤية استئناف المفاوضات»، لافتاً إلى أن «وزير الخارجية الكونغولي كريستوف لوتوندولا، أجرى زيارة لمصر مؤخراً، وعرض بعض الأفكار، و(نحن) في انتظار دراسة كاملة لهذه الأفكار والرد عليها بعد درسها من قبل مؤسسات الدولة».
وأوضح شكري أن «مصر على استعداد دائم للانخراط في المفاوضات، ولكن بناء على ما ورد في بيان مجلس الأمن، بأن يتم اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة خلال فترة وجيزة».
وبشأن ما يعلنه المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي، من أن بلاده ترفض أي اتفاقية ملزمة بشأن سد النهضة، قال شكري «أنا أحياناً أفسر هذه التصريحات بأنها أحاديث للاستهلاك المحلي، ولمواجهة الأوضاع الداخلية، ولكن هذا يعد تحدياً للمجتمع الدولي، ومرة أخرى يبرهن على وجود المرونة الكافية لدى مصر لكي تتعامل كدولة لها مسؤولية وتراعي قواعد القانون الدولي، وتلقي ظلالاً على تصرفات الحكومة والنظام في إثيوبيا».
ورأى شكري أن «هناك اهتماماً متزايداً لدى المجتمع الدولي والدول الفاعلة بموضوع سد النهضة»، منوهاً بأن مصر ملتزمة بـ«المحافظة على حقوقها المائية، وتتخذ الإجراءات التي تؤمن احتياجاتها بطرق مختلفة، ولا تنازل عن حقوقنا».
وتطرق شكري للعلاقات مع تركيا، موضحاً أن «هناك تقييماً للأوضاع لبيان إلى أي مدى يلتزم كل طرف بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للطرف الآخر، وبمبدأ الاحترام والاعتراف بسيادة الدولة، وهناك مراجعة للسياسات على المستوى الإقليمي».
واستدرك شكري قائلاً: «الأمر لم يصل بعد إلى أي مدى ما هي الخطوة القادمة، ولكن هناك قدراً من التقدم ونأمل أن يتم البناء عليه، وسوف نرصد الأمر، ونقيمه، وفقاً لما تنتهجه الحكومة التركية من سياسات، سواء في علاقاتها الثنائية مع مصر، أو في إطار سياستها الإقليمية».
وتنوعت الموضوعات التي تحدث شكري بشأنها، إذ أشار إلى لقائه مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، معتبراً أن ذلك بمثابة تأكيد لاهتمام مصر بالشعب السوري الشقيق، ومضيفاً: «بالتأكيد السنوات العشر الماضية كانت مؤلمة على الشعب السوري، والآن أصبحت الأمور مستقرة، وأصبحت هناك أهمية لإيجاد مخرج للأزمة السورية، ومصر لم تتورط بأي شكل من الأشكال في أي من التفاعلات التي تمت خلال 10 سنوات الماضية في سوريا، ومن هنا أتصور (أنه) كان هناك تقبل وانفتاح على هذا الاجتماع، وكان الحوار صريحاً وبه كثير من الاهتمام بالعلاقات بين الشعبين وبين الحكومتين، وأن تكون مصر فاعلة في معاونة سوريا في الخروج من هذه الأزمة، واستعادة موقعها ومكانتها في إطار الأمن القومي العربي».
وبشأن العلاقات المصرية - الأميركية بعد زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أواخر الأسبوع الماضي، قال إن «اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع سوليفان تناول بعمق كل أوجه العلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات الإقليمية»، لافتاً إلى أن هناك «كثيراً من مواقف الاتفاق فيما بيننا حول التعامل في الكثير من القضايا. هناك اهتمام بتنمية العلاقات الثنائية، وهناك وضوح وشفافية في الحديث حول كافة الموضوعات، بما فيها موضوعات حقوق الإنسان، والتنمية الاقتصادية، وكيفية إسهام الولايات المتحدة في جهود مصر التنموية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.