فرار صالح من منزله.. وأنباء عن مقتل قيادات حوثية ميدانية

مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»: عدد كبير من القادة الحوثيين نقلوا أسرهم إلى خارج صنعاء

امرأة يمنية مقاتلة تابعة للحراك الجنوبي في حالة تأهب لمواجهات محتملة أمس في عدن (أ.ف.ب)
امرأة يمنية مقاتلة تابعة للحراك الجنوبي في حالة تأهب لمواجهات محتملة أمس في عدن (أ.ف.ب)
TT

فرار صالح من منزله.. وأنباء عن مقتل قيادات حوثية ميدانية

امرأة يمنية مقاتلة تابعة للحراك الجنوبي في حالة تأهب لمواجهات محتملة أمس في عدن (أ.ف.ب)
امرأة يمنية مقاتلة تابعة للحراك الجنوبي في حالة تأهب لمواجهات محتملة أمس في عدن (أ.ف.ب)

أثارت الضربات الجوية لقوات التحالف على الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح حالة من الرعب والارتباك في صفوف الجماعة المتمردة والمسيطرة على زمام الأمور في صنعاء.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن عددا كبيرا من القادة الحوثيين نقلوا أسرهم إلى خارج صنعاء وغيروا أماكن سكنهم ووجودهم، حيث تؤكد المصادر أن عددا من القادة كانوا يتخذون قصر دار الرئاسة و«قاعدة الديلمي» والقصر الجمهوري وبعض المنازل الكبيرة التي استولوا عليها من خصومهم السياسيين مقرات لهم، غادروها إلى أماكن مجهولة. وأعرب مراقبون عن اعتقادهم أن الحوثيين لم يكونوا يتوقعون مثل هذا التحرك العسكري تجاههم، بعد أن تجاوزوا كل الخطوط الحمراء وأصبحوا على مشارف عدن. وأكدت مصادر محلية أن الرئيس السابق صالح غادر منزله في شارع حدة، بوسط صنعاء، مع بداية الضربات الجوية، فجر أمس، إلى وجهة غير معلومة، حيث تشير بعض المصادر إلى مغادرته إلى سنحان التي ينتمي إليها في جنوب صنعاء، فيما تحدثت مصادر أخرى عن لجوئه إلى السفارة الروسية في صنعاء. وأشارت مصادر محلية موثوقة إلى فرار المئات من الضباط والجنود من المعسكرات الموالية لصالح بعد تعرضها للقصف، حيث تجددت، بعد ظهر أمس، عمليات القصف الجوي لقوات التحالف على مواقع الحوثيين في صنعاء ومحافظة صعدة بشمال البلاد، في العملية التي أطلق عليها «عاصفة الحزم».
وأكدت مصادر محلية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن القصف استهدف «قاعدة الديلمي» العسكرية في صنعاء، ومواقع في منطقتي مران وكتاف بمحافظة صعدة. ومران هي المعقل الرئيسي لزعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي. وأسفرت الضربات الجوية التي استهدفت المواقع العسكرية للحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح عن سقوط قتلى وجرحى، بينهم قيادات ميدانية حوثية، وعن تدمير عدد من الطائرات المقاتلة التي كانت واقعة تحت سيطرة الحوثيين.
ومنذ الساعات الأولى لفجر أمس الخميس وطيران التحالف ينفذ غارات على صنعاء التي سمع فيها دوي انفجارات عنيفة وأصوات مضادات الطائرات. وبحسب المعلومات الميدانية التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» فقد استهدف القصف بدرجة رئيسية «قاعدة الديلمي» العسكرية في شمال صنعاء والمجاورة لمطاري صنعاء المدني والعسكري، وأكدت مصادر حوثية إعطاب 4 مقاتلات أو تدميرها في مرابضها داخل القاعدة، إضافة إلى معسكر في منطقة فج عطان بجنوب صنعاء، حيث جرى فيه تدمير منصات صواريخ سام والمنظومة الدفاعية في معسكر للقوات الجوية يقع بالقرب من منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي في شارع الستين الغربي بصنعاء، إضافة إلى أن القصف الجوي استهدف معسكر الصباحة في المدخل الغربي للعاصمة صنعاء ومعسكر ريمة حُميد في منطقة سنحان بجنوب صنعاء، التي ينتمي إليها الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وحسب المصادر الميدانية، فقد عطلت كل الدفاعات الجوية في القواعد والمعسكرات بصنعاء، باستثناء بعض المضادات الجوية التي ما زالت تعمل. وقالت وزارة الصحة في سلطة الحوثيين بصنعاء إن نحو 30 شخصا قتلوا وأصيب العشرات في القصف الجوي. ولم يعترف الحوثيون حتى اللحظة بخسائر بشرية أو مادية جراء القصف على المواقع العسكرية.
من جانبها، استعرضت اللجنة الأمنية العليا في صنعاء التي شكلها الحوثيون عقب السيطرة على مقاليد السلطة في العاصمة، الوضع الأمني والعسكري وما وصفته بـ«العدوان» على اليمن. وأكدت أن «الشعب سيتصدى له ويلحق به الهزيمة». وترددت أنباء لم ينفها أو يؤكدها الحوثيون عن مقتل 3 من أبرز القيادات الحوثية الميدانية وهم: عبد الخالق بدر الدين الحوثي (شقيق عبد الملك الحوثي)، ويوسف المداني، ويوسف الفيشي، وإصابة رئيس ما تسمى «اللجنة الثورية العليا»، محمد علي الحوثي، في عمليات القصف. ولوحظ انتشار الحوثيين المسلح في صنعاء، أمس، منكسرا ولم يكسر جموده سوى مكبرات الصوت التي كانت تسمع من السيارات التابعة لجماعة أنصار الله وهي تدعو المواطنين إلى التظاهر عصرا ضد ما يصفونه بـ«العدوان السعودي» على اليمن، حسب تعبيرهم، والدعوة عبر تلك المكبرات الشباب إلى التطوع للقتال في صفوف الميليشيا.
وفي سياق ردود الفعل على الضربات الجوية لقوات التحالف في اليمن، أعرب الشيخ حميد الأحمر، القيادي البارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح وأحد زعماء قبيلة حاشد، عن «عميق شكره وتقديره لدول مجلس التعاون الخليجي، والتحالف الدولي بقيادة المملكة العربية السعودية، والملك سلمان بن عبد العزيز، على مساندتهم للشعب اليمني في هذا الظرف الصعب الذي أوصله إليه تحالف قوى الشر المتمثل في الحوثي والمخلوع علي صالح». ودعا الأحمر، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، «المحافظين وقادة المناطق والألوية العسكرية بمختلف المحافظات إلى التعجيل بإعلان الولاء للشرعية والانحياز لخيار الشعب اليمني، والحفاظ على المنشآت المدنية والوحدات العسكرية كونها ملك الشعب اليمني». كما دعا الأحمر من وصفهم بـ«المغرر بهم من أتباع الحوثي والمخلوع إلى عدم البقاء في دائرة التمرد وجر البلد إلى الهاوية، والعودة إلى جادة الصواب والالتفاف حول المشروع الوطني الجامع».
على صعيد آخر، تباينت ردود الفعل في الشارع اليمني حول العمليات العسكرية الجوية التي تنفذها طائرات قوات التحالف الدولي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي؛ ففي الوقت الذي عبر فيه البعض عن ارتياحهم لهذه العمليات من أجل كبح جماح الحوثيين، هناك من يعتقد أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح هو المتورط الرئيسي في كل هذه التطورات، وفي المقابل هناك من يندد بالتدخل العسكري في اليمن، كما أكد المواطنون في أحاديث لـ«الشرق الأوسط». يذكر أن الغالبية العظمى أكدوا أن ما يطمحون إليه هو وضع أمني مستقر وحالة معيشية مستقرة. وبدت شوارع صنعاء، أمس، شبه خالية من المارة، باستثناء المواطنين الذين تقاطروا على محطات تعبئة الوقود، لشراء الغاز المنزلي، ولتأمين المواد الغذائية الضرورية.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).