غارات وتعزيزات شمال سوريا بعد قمة بوتين ـ إردوغان

معارضون يتحدثون عن «مؤشرات مقلقة»

دخان يتصاعد من أحسم جنوب إدلب بعد قصف عنيف أمس (الشرق الأوسط)
دخان يتصاعد من أحسم جنوب إدلب بعد قصف عنيف أمس (الشرق الأوسط)
TT

غارات وتعزيزات شمال سوريا بعد قمة بوتين ـ إردوغان

دخان يتصاعد من أحسم جنوب إدلب بعد قصف عنيف أمس (الشرق الأوسط)
دخان يتصاعد من أحسم جنوب إدلب بعد قصف عنيف أمس (الشرق الأوسط)

بعد توقف استمر لخمسة أيام، عادت المقاتلات الروسية وقوات النظام والميليشيات الإيرانية، لتستأنف قصفها الجوي والبري المكثف، على منطقة «خفض التصعيد»، ومناطق أخرى فيها مخيمات للنازحين في شمال غربي سوريا، ومقتل وجرح مدنيين، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وناشطين.
وقال «المرصد» إن قوات النظام قصفت صباح الجمعة 1 أكتوبر (تشرين الأول)، براجمات الصواريخ مخيماً للنازحين في قرية باتنته بالقرب من مدينة معرة مصرين شمال إدلب، ما أسفر عن مقتل امرأة وإصابة 5 أشخاص آخرين (طفلان و3 نساء نازحين)، واحتراق عدد من الخيام، ما تسبب بحالة هلع وخوف في أوساط النازحين، ودفع البعض منهم إلى مغادرة المخيم، خشية أن تطوله قذائف صاروخية أخرى وتسبب بمقتل مدنيين آخرين.
ويضيف «المرصد»، أن المقاتلات الروسية استأنفت مجدداً غاراتها الجوية عقب توقف دام نحو 5 أيام قبل عقد قمة بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، يوم الأربعاء الماضي، وغيابها عن أجواء مناطق الشمال السوري، مستهدفة بـ4 غارات جوية بصواريخ فراغية محيط منطقة الزيارة بسهل الغاب شمال غرب حماة، دون ورود أنباء عن وقوع خسائر بشرية.
من جهته، قال سامر البكري، ناشط في إدلب، إن قوات النظام والميليشيات الإيرانية المتمركزة في معسكر جورين بريف حماة ومعسكرات سراقب، جددت قصفها الصاروخي والمدفعي، الجمعة، على مناطق أريحا وجبل الأربعين ومدن أريحا وجسر الشغور وبلدات كفريا وأحسم بشكل مكثف، بينها صواريخ طراز «أورغان» روسية الصنع، ما تسبب بمقتل مدني في قرية أحسم وجرح أحد أفراد أسرته، تعرضوا لقصف مباشر أثناء عودتهم إلى بلدتهم وتفقد منزلهم، وجرح 3 أطفال في مدينة جسر الشغور غربي إدلب.
وأضاف أن فصائل المعارضة السورية المسلحة قصفت براجمات الصواريخ وقذائف المدفعية مواقع ومعسكرات تابعة لقوات النظام، بينها معسكر جورين ومواقع عسكرية في مدينة سراقب بريف إدلب، رداً على القصف الذي استهدف أكثر من 6 مدن وبلدات ومخيماً للنازحين في إدلب، وناشدت المراصد المسؤولة عن رصد قصف النظام، المدنيين أخذ الحيطة والحذر من تجدد القصف، بالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات استطلاع روسية في أجواء محافظة إدلب.
وقال مصدر عسكري في فصائل المعارضة، إن «هناك ثمة مؤشرات على الأرض تخالف من سُرب أو نُقل عن الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، عقب عقدهما قمة موسكو يوم الأربعاء الماضي، حول التزامهما التهدئة في إدلب، وما قيل عن إبقاء الوضع كما هو في إدلب»، مشيراً إلى أن «حشوداً عسكرية لقوات النظام وميليشيات مساندة لها وصلت خلال اليومين الماضيين إلى مواقعها القريبة من خطوط التماس مع فصائل المعارضة، قابلها رفع الجاهزية العسكرية في النقاط والقواعد التركية في جنوب وشرق إدلب واستنفار فصائل المعارضة»، في وقت تجدد فيه القصف الجوي والبري من روسيا والنظام على منطقة خفض التصعيد. وقال: «كلها أمور تشير إلى تعمق الخلافات بين الجانبين (الروسي والتركي) وعدم التوصل إلى حل نهائي يضمن عودة الاستقرار في إدلب ومنطقة خفض التصعيد، رغم عقد الرئيسين للقمة خلال الأيام الأخيرة الماضية».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».