انتخابات كردستان... حماسة أقل في ظل نظام الدوائر المتعددة

توقعات بأن تحافظ الأحزاب الكبيرة على مقاعدها في البرلمان العراقي المقبل

TT

انتخابات كردستان... حماسة أقل في ظل نظام الدوائر المتعددة

تبدو الحملات الانتخابية في إقليم كردستان أقل حماسة مما كانت عليه في الدورات السابقة، وسط توقعات بمشاركة أقل للناخبين الكرد نتيجة الأزمات الاقتصادية والسياسية في الإقليم، وفي ظل نظام انتخابي متعدد الدوائر فرض على الأحزاب ترشيح عدد قليل من المرشحين.
ووفق المؤشرات المتوفرة من باحثين وناشطين مهتمين بالانتخابات، فإن مشاركة الناخبين الكرد ستكون أقل مقارنة بالدورات السابقة، حيث كانت مشاركتهم عالية وتتجاوز الـ70 في المائة في بعض الدورات، في حين يتوقع أن أكثر من نصف الناخبين لن يشاركوا في الدورة الحالية.
ياسين طه الكاتب والمحلل السياسي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الأزمات الاقتصادية واليأس من تكرار المشهد الانتخابي دون حصول مفاجآت كبيرة، ظهرا جلياً على الحملات الانتخابية الجارية حالياً لمجلس النواب في إقليم كردستان، ومن المتوقع أن ينعكس هذا الفتور وهذا الانكفاء على يوم التصويت أيضاً. ويضيف أن «نظام تعدد الدوائر وصعوبة ترجمة الشعارات الانتخابية الوطنية إلى الدوائر الانتخابية الضيقة ساهما في عدم اكتراث الناخب الكردي كثيراً بانتخابات مجلس النواب، وهذا ما يجعلنا نتوقع أن تكون نسبة المشاركة متدنية جداً بالمقارنة مع الانتخابات السابقة».
وفي ظل نظام الدوائر المتعددة والصغيرة، لا تكترث الأحزاب الكردية كثيراً لحصول مقاطعة واسعة في مناطقهم لكون المقاعد هناك شبه محسومة لصالحهم، وحتى في المناطق المتنازع عليها في كركوك، فإن بعض الدوائر فيها مقاعدها محسومة لصالحهم، كما في الدائرة الأولى بمحافظة كركوك (شمال وشرق كركوك) التي يبلغ عدد مقاعدها 5 تتوقع الأحزاب الكردية أن تذهب جميعها للكرد، فيما سيحاولون المنافسة في الدائرة الثانية (مركز كركوك) التي يعيش فيها التركمان والعرب إلى جانب الكرد، ويبلغ عدد مقاعدها أربعة للفوز بمقعد واحد أو اثنين فيها، وسط تأكيدات بحسم كل مقاعد الدائرة الثالثة (جنوب كركوك) والبالغة ثلاثة مقاعد للمرشحين العرب. الكاتب الصحافي عمر عبد القادر من كركوك قال لـ«الشرق الأوسط»، إن محافظة كركوك فيها ثلاث دوائر انتخابية، الدائرة الأولى، التي تضم أغلبية كردية ومقاعدها شبه محسومة للأحزاب الكردية، أما الدائرة الثالثة، التي غالبيتها من المكون العربي والتركماني فهي أيضاً تعد شبه محسومة للقوى السياسية العربية والمكونات الأخرى، ويبقى السباق كما كان دائماً في الدائرة الثانية، التي تعد مختلطة وتضم جميع المكونات، حيث تسعى كل القوى إلى ضمان حصولها على نسبة أعلى في هذه الدائرة، وأنا أتوقع أن هذه الانتخابات سينتج عنها التوازن نفسه الذي حدث في الانتخابات السابقة، وتنقسم مقاعد محافظة كركوك بين المكون الكردي الذي من المتوقع أن يحصل على نصف المقاعد والنصف الثاني يكون لباقي المكونات بضمنها المكون العربي. ومع أرجحية حصول الكرد على نصف مقاعد كركوك قد يختلف المشهد في نينوى وصلاح الدين وديالى، حيث يخشى نشطاء كرد تراجع مقاعدهم فيها، خصوصاً في حال ضعف المشاركة الكردية. ويقول الناشط فرهاد حسين لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوى السياسية السنية في المحافظات الثلاث تعمل بشكل مكثف على استقطاب الناخبين في محافظة نينوى، حيث يحتدم السباق الانتخابي بين كتلتي (تقدم) و(عزم)، وهذا ما سيؤثر سلباً على حصيلة الكرد».
ومن المتوقع أن يحصد الكرد مجدداً نحو 55 مقعداً في البرلمان الاتحادي البالغ عدد مقاعده 329، في حين يتوقع أن يحصد العرب السنة أكثر من 65 مقعداً، وقد يرتفع الرقم في حال تحقيق جمهورهم لمشاركة واسعة في بغداد ونينوى وصلاح الدين وديالى.
ومن المؤكد أن يحصد الحزب الديمقراطي على غالبية المقاعد التي سيحصل عليها الكرد، فقياديون في الحزب يراهنون على الفوز مجدداً بـ25 مقعداً، كما في الدورة السابقة. ويقول كفاح محمود، مستشار مسعود بارزاني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتوقع أن «يرتفع عدد مقاعد (الديمقراطي) إلى قرابة 30 مقعداً في هذه الانتخابات»، مستنداً في ذلك «التنظيم الداخلي المتماسك للحزب وما تعانيه الأحزاب الأخرى من انشقاقات وخلافات داخلية».
وكان جمهور الاتحاد الوطني يراهن على التحالف الجديد مع «حركة التغيير»، والقائمة المشتركة لهما (تحالف كردستان) من أجل الفوز بنحو 25 مقعداً، وإعادة التوازن السياسي مع «الديمقراطي الكردستاني»، لكن الخلافات الداخلية على رأس هرم الاتحاد وقرار المكتب السياسي بإبعاد لاهور شيخ جنكي عن رئاسة تحالف كردستان، ومن ثم منعه من المشاركة في الحملات الانتخابية سيؤثر على حظوظ الحزب الذي يملك 21 مقعداً في البرلمان الحالي، وقد يخسر عدداً منها لصالح حركة «الجيل الجديد» برئاسة شاسوار عبد الواحد، الذي يتوقع أن يحصد ثالث أكبر عدد من مقاعد الحصة الكردية في البرلمان العراقي.
لكن مصدراً مقرباً من «الاتحاد الوطني الكردستاني» قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه يستبعد أن تؤثر المشكلات الداخلية في قيادة الحزب على توجهات القاعدة الجماهيرية، مضيفاً أن «تحالف الاتحاد الوطني مع (حركة التغيير) يعد خطوة جبارة في توحيد القاعدة الجماهيرية لـ(الاتحاد الوطني الكردستاني) و(حركة التغيير) التي تتقاسم مع الاتحاد المبدأ نفسه، لذلك نتوقع أن ترتفع عدد المقاعد التي سيحققها تحالف كردستان في الانتخابات المقبلة عن عدد مقاعد الاتحاد في الانتخابات السابقة».
وحسب المراقبين واستطلاعات الرأي، لن تحظى باقي الأحزاب الكردية كـ«الاتحاد الإسلامي» و«الجماعة الإسلامية» إلا بعدد قليل من المقاعد قد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.