مبادرة حزبية لـ«منع عودة الاقتتال» إلى ليبيا

TT

مبادرة حزبية لـ«منع عودة الاقتتال» إلى ليبيا

أطلق حزب سياسي ليبي مبادرة تستهدف الوصل إلى خريطة طريق تعمل على إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في موعدها المحدد، والاعتراف بنتائجها، سعياً لحل ملفات عالقة من بينها المسار الدستوري، والمصالحة وعدالة توزيع موارد الثروات وفق اتفاق ضامن بين كل الأطراف الليبية.
وقال «حزب التجديد» الليبي، وهو حزب حديث التأسيس، إن مبادرته التي أحالها إلى بعثة الأمم المتحدة لدى البلاد بوصفها راعي الحوار السياسي، تهدف إلى إقرار «ميثاق وطني» لكل الليبيين تكون بموجبه خريطة الطريق واضحة المعالم في القضايا الرئيسية، وتتمحور حول إيجاد حوار مجتمعي موسع تشرف عليه الأجسام المنتخبة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لإنهاء المرحلة الانتقالية.
وأوضح رئيس الحزب سليمان البيوضي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن المكتب السياسي للحزب يعرض «خريطة طريق، بمقتضاها نذهب موحدين لصناديق الاقتراع في الموعد المرتقب»، لافتاً إلى أن حزبه وهو يقدم هذه المبادرة «يُحمّل كل الأطراف في ليبيا مسؤولية تبعات تعطل المسار السلمي الذي قد يُعيدنا إلى مربع الاحتراب والصدام، ويدعوهم مجتمعين إلى الالتزام بما جاء في هذه الخريطة».
وأضاف البيوضي أن حزبه يقدم هذه المبادرة «لإيجاد أرضية مشتركة للقوى المحلية وإسنادها بالمنظمات الدولية كقوة ضامنة للمسار الديمقراطي، بغية دخول الليبيين لمرحلة جديدة يعاد فيها بناء الدولة وتعزيز قيم الوحدة، حرصاً على ضمان عملية ديمقراطية سلمية، تحقق مبدأ المشاركة السياسية وتخفف حدة الاستقطاب، وتبدد مخاوف الأطراف المحلية».
وحدد حزب التجديد خمسة مسارات لـ«آلية عمل» لتفعيل هذه المبادرة، تبدأ بتولي البعثة الأممية بمساعدة خبراء ليبيين (من اختيارها) تقديم مسودة «الميثاق الوطني» قبل 15 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل إلى الشعب الليبي، لإبداء الرأي والتعديلات. على أن تقدم صيغته النهائية في 22 أكتوبر لكل الأطراف المستهدفة محلياً ودولياً.
ولإنجاح هذه الخريطة، اقترح الحزب تولي اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» بالتنسيق مع وزارة الداخلية عملية تأمين الانتخابات وحماية نتائجها في جميع أنحاء البلاد، على أن تلتزم بإقرار كل التدابير اللازمة لمنع الانزلاق نحو الانقلاب على نتائج الانتخابات، كما يقع على عاتقها مسؤولية تأمين مخرجات العملية الانتخابية والعمل على تثبيت نتائجها باتخاذ التدابير اللازمة.
واقترح الحزب توقيع «الميثاق الوطني» في 24 أكتوبر بمدينة سرت من قبل الأطراف المحلية، وبحضور الأطراف الدولية، على أن تتولى بعثة الأمم المتحدة مسؤولية استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يتبنى هذا الميثاق بوصفه خريطة للطريق وتعزيز بوادر الثقة، على أن يشمل القرار آلية واضحة لمعاقبة المعرقلين ومحاسبتهم دولياً.
وانتهى الحزب إلى أنه يعوّل على استجابة القوى الليبية كافة لهذه الخريطة ودعمها لضمان وصول الليبيين لصناديق الاقتراع واختيار ممثليهم بكل حرية وديمقراطية، ولتجديد الشرعية وتوحيد المؤسسات الليبية بشكل سلمي. ورأى أن «العودة إلى المسار الديمقراطي هي السبيل الوحيد لإنهاء نموذج التوافق السياسي المسلح، والمضي قدماً نحو ليبيا الجديدة وتعزيز قيم ومبادئ الدولة المدنية».
وفي سياق قريب، شهدت القاعة الكبرى بمجمع قاعات واغادوغو بمدينة سرت، مساء أول من أمس، الملتقى التأسيسي العام لحزب «تجمّع معاً لأجل الوطن» تحت شعار «الوطن للجميع، وبالجميع يرتقي» برئاسة أمينه العام صالح الزروق، بحضور أعضاء هيئته العليا ولجنته التأسيسية.
ولخّص الزروق في كلمته، أهداف الحزب بـ«العمل في المقام الأول على وحدة ليبيا واستقلالها، وتحقيق المساواة بين المواطنين في الحقوق، إضافة إلى الاهتمام بالمنظومة الاجتماعية واعتبارها الأساس لضمان السلم وتحقيق العدالة الاجتماعية بين المواطنين من دون تمييز».
وشدد المجتمعون في كلماتهم على ضرورة العمل على المصالحة الوطنية والتسامي على جراح الماضي بهدف بناء مستقبل ليبيا والحفاظ على حقوق المواطنين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.