أزمة الهجرة تغيب عن محادثات بين الجزائر ومدريد

رغم وصول ألف مهاجر جزائري إلى سواحل إسبانيا خلال 72 ساعة

TT

أزمة الهجرة تغيب عن محادثات بين الجزائر ومدريد

سعت الجزائر ومدريد إلى تفادي التطرق إلى أزمة الهجرة غير النظامية التي أخذت بعداً تراجيدياً في الأيام الماضية، لحرصهما على تسوية «أزمة أنبوب الغاز» العابر للمغرب والبحر المتوسط الذي هددت الجزائر بوقف إمداداتها عبره، رافضة استمرار استفادة الجار الغربي من الطاقة على إثر قطع العلاقات معه.
ولاحظ مراقبون أن الملفات التي تناولها وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس مع المسؤولين أثناء زيارته الجزائر، الخميس، تضمنت الاستثمارات المشتركة، خصوصاً عقود الغاز التي تنتهي آجالها نهاية الشهر الحالي، والانتخابات البلدية التي ستجرى في الجزائر الشهر المقبل. غير أنها خلت من قضية الهجرة السرية المطروحة بحدة منذ شهرين، على خلفية فرار مئات الجزائريين إلى السواحل الجنوبية لإسبانيا عبر ما سمي «قوارب الهجرة غير الشرعية».
وتفيد تقارير حقوقية أن ألف مهاجر («حراق» بالعامية الجزائرية) وصلوا إلى شاطئ ألميريا بإسبانيا بين الثلاثاء والخميس الماضيين، بينهم نساء وأطفال. وبحسب التقارير نفسها، أنقذ خفر السواحل الإسباني مئات الأرواح ليل الأربعاء – الخميس في سواحل ألميريا وأليكانتي ومورثيا وجزر البليار. ومن أكثر ما تم تداوله حول القضية صور جزائرية حامل مع أطفال صغار أجلتها فرق إنقاذ إسبانية إلى ساحل قريب، بعدما أوشكت على الغرق.
ويجري حديث عن «مأساة» في البحر المتوسط الذي لفظ في الأسابيع الماضية عشرات الجثث، غالبيتهم «حراقة» جزائريين خاطروا بأنفسهم بعبور البحر في قوارب تقليدية عجزت محركاتها الضعيفة عن الوصول إلى «بر النجاة»، فتخلت عنهم في عرض البحر وماتوا غرقاً.
ووصف وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة محادثاته مع ألباريس، بأنها كانت «بناءة، وتمحورت حول الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وأكد الجانبان على العزيمة المشتركة لتعزيزها وتوسيعها، مع توافق كبير للرؤى بشأن الملفات الجهوية والمتوسطية والدولية».
وصرح الوزير الإسباني للصحافة بأن «الجزائر تعتبر شريكاً اقتصادياً موثوقاً من الدرجة الأولى، ودائماً يفي بالتزاماته تجاه إسبانيا، وقد شعرت بالاطمئنان بشأن استمرار التموين بالمحروقات». وقال إنه تلقى ضمانات من محاوريه في الجزائر، باستمرار إمدادات الغاز، مبرزاً أن البلدين «يتطلعان إلى أن يصل تعاونهما الاقتصادي إلى المستوى المنشود وأن يكون مربحاً لكليهما».
وأكد لعمامرة لوسائل الإعلام أن الجانبين استعرضاً «مختلف جوانب العلاقات الثنائية، بدءاً بالاستحقاقات السياسية (الانتخابات في الجزائر) وانعقاد القمة المشتركة المقبلة في إسبانيا، ثم استحقاقات مرتبطة بالتعاون والتنسيق بين وزيري خارجية البلدين، ومجالات أخرى متعلقة بتعميق وتوسيع البناء والشراكة الاقتصادية».
ويفهم من إعلان الجانبين التطرق إلى كل القضايا المشتركة، ما عدا أزمة المهاجرين أنهما تعمدا بحث الموضوع عبر قنوات أخرى غير دبلوماسية. ورجح مراقبون وجود اتفاق على تفضيل الإجراءات الأمنية للحد من هذه الظاهرة التي لا يبدو أنها تقلق الجزائر. وكان الرئيس عبد المجيد تبون، طرح العام الماضي أفكاراً مفادها، تنظيم سفريات لشباب إلى بلدان أوروبية باتفاق مسبق معها، ليتأكدوا، كما قال، أن «العيش في الغرب ليس جنة وأن مستقبلهم في بلدهم».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.