«ألف ليلة وليل»... عمل غنائي مصور للشقيقتين كسرواني

لقطة مصورة من أغنية «ألف ليلة وليل»
لقطة مصورة من أغنية «ألف ليلة وليل»
TT

«ألف ليلة وليل»... عمل غنائي مصور للشقيقتين كسرواني

لقطة مصورة من أغنية «ألف ليلة وليل»
لقطة مصورة من أغنية «ألف ليلة وليل»

«لن ننسى، لن نصالح، لن نساوم، لن نصافح» عبارة تختصر الفكرة الرئيسية التي تتناولها الشقيقتان ميشيل ونويل كسرواني في عملهما الغنائي الجديد «ألف ليلة وليل».
تحاول الشقيقتان، من خلال هذه الأغنية، وهي من نوع الراب، كسر جدار الصمت، واختراق حواجز وهمية وضعها النظام الحاكم في لبنان في وجه مواطنيه. وتشير المغنيتان إلى ذلك عنوة، مشرحتان معاناة طويلة يعيشها اللبنانيون منذ نحو سنتين، فتعرجان على مشكلات كثيرة تضعانها تحت المجهر الفني كي ترفعا الصوت عالياً فيطال المدى.
صُوّر العمل بين مدينتي بيروت وطرابلس، وتمت الاستعانة بلوحات إنسانية وطبيعية حقيقية، واستغرق تنفيذه نحو 3 أشهر عندما جالت الشقيقتان في شوارع بيروت المظلمة تنقلان واقعاً أمام الكاميرا.
وينقسم العمل الذي تقدمانه بصفته عملاً سينمائياً قصيراً إلى 3 أجزاء، كل واحد منها يتناول مرحلة زمنية معينة تسلط الشقيقتان الضوء عليها أحياناً بسخرية، وأحياناً أخرى بمرارة. وتستهلانه بزمن الرقابة وكمّ الأفواه وسلب الحريات. ومن العتمة والضباب المخيمان على الساحة اللبنانية اليوم، تنتقلان إلى زمن الانفتاح والازدهار والحرية في الماضي القريب. وتختتمانه بزمن الثورة، متمثلة بأحد الناشطين فيها، ابن مدينة طرابلس عمر الأبيض، وبغيره من وجوهها المعروفة.
تقول ميشيل، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أردناه عملاً حقيقياً؛ لم نجمّل المشهدية، بل نقلناها كما هي، حتى أنّنا ركنا إلى ضوء الجهاز المحمول والسجائر كي نخرق العتمة السائدة في المدينة». وتتابع: «كل ما ترونه في هذا العمل هو ترجمة لمشاعرنا، وانعكاس لواقع معاش. مشاعر متناقضة تتراوح بين الشلل التام وعكسه، وتمثل صوراً من حياتنا، وتعبر عن مشاعر شعب متعب، نحن وفريق العمل ننتمي إليه».
وضع الموسيقي كريم خنيصر الموسيقى تبعاً لكلام كتبته الشقيقتان المخرجتان المشاركتان في أداء الأغنية يحمل القساوة والنعومة معاً. وتوضح ميشيل: «أردنا موسيقى تواكب مشاعرنا، وتترجم كلام أناس التقيناهم على الطرقات، وأصغينا إلى مشكلاتهم».
ومن ناحيته، عمل المصور السينمائي كريم غريب على نقل صور حياة تتطابق مع كلام الأغنية. «تعاون كبير يغلف هذا العمل الذي ربطنا فيه بين مشاعر الناس العاديين والتقنيين العاملين معنا، إضافة إلينا. فمارسنا عملاً مقاوماً على طريقتنا، وتنقلنا بين منارة بيروت وشاطئها وصخرة الروشة ومدينة طرابلس لنسهم في تقريب الناس واحدهم من الآخر. فاللبنانيون اتحدوا وتقاربوا ومدوا أيديهم بعضهم لبعض، وهي قيم نفتخر بها، ووصلت العالم من دون استئذان إثر انطلاق ثورة 17 أكتوبر (تشرين الأول). ترجمنا كل ذلك في هذا العمل، واتكلنا في تنفيذه على أنفسنا، غير مستعينين بأي شيء من دولتنا. قوتنا استمددناها من السماء، وليس من الدولة، وتكفلنا بتأمين كل شيء حتى بميزانية العمل. (ألف ليلة وليل) أعتبره مقاومة من نوع آخر».
تستخدم المغنيتان المخرجتان كلاماً بسيطاً لتعبرا عن هواجس اللبناني اليوم. كلام بسيط يشبه أحاديث الناس ويحاكي معاناتهم. ويطغى أسلوب السخرية على المقطع الأول من الأغنية: «ألو مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية؟ قلت بتصل فيكن قبل ما تتصلو فيي». وكذلك نتبين الأسلوب نفسه في المقطع الثالث من العمل الذي يحكي عن الانهيار الاقتصادي في لبنان: «آه ممنوع ولا شي عن الانهيار ولا حتى عن البنك المركزي وانهيار الدولار...».
جميع أنواع المعاناة، فيما يخص انقطاع الدواء والتيار الكهربائي وصولاً إلى تفلت السلاح وانقطاع مادة الوقود، تتناولها الشقيقتان، وتستخدمان صوراً أدبية تغوص في عمق المشكلة، على الرغم من تركيبة الكلمات البسيطة: «مستقبلي ناطر في الطابور... أيامنا تدور تدور وتدور. ولا حتى؟»، ومرات تضعان الأصبع على الجرح، فتصفان مشهدية مشبعة بجرعات المرارة عن «حرقة القلوب، والحكم اللي ما صدر، وكل اللي عرقلو القضاء ولامو القدر؟ كمان ممنوع؟ طب خلص منشيل الكلمات كلها، ومنكتب لا لا لا لا محلها»، فتشيران بذلك إلى السلبية التي يمارسها المسؤولون تجاه الشعب. وحتى عندما تتحدثان عن الانهيار الحاد الذي أصاب لبنان، واقترابه من الارتطام، تتناولانه بما يوازي قساوة الموقف عند اللبناني الذي يجرفه التيار، ولا حول له ولا قوة.
ولعل أخذ هذا العمل الفني في اتجاه توعوي، تترجمه رسائل إنسانية واجتماعية وسياسية واضحة، هو ما يجعله عملاً متكاملاً، لم تتبعا فيه أسلوب صفّ الكلام، بل تقولانه وتمشيان، وآثرتا أن يترافق بصور مجازية وأخرى معبرة، تترك أثرها لدى مشاهد العمل الغنائي. فالصفعات التي توجهانها تغلفها نعومة الأنثى وذكاء المرأة الفنانة. ويأتي التصوير المباشر ليعكس إيقاع الحياة اليومية لدى اللبناني، وتلوينه بصور تتراوح بين الأمل والتفاؤل والإحباط، مزوداً بخلفية فنية متقنة وببعد تفكير. كما أنّ عملية اختيار أماكن ترمز إلى لبنان الجميل المتعب معاً تضفي مشاعر تمزج بين الحنين والأسف. وقد استطاعتا التخفيف من حدة الكابوس الذي يعيشه اللبناني ومن وقعه بالكوميديا السوداء القاسية في العمل. ابتسامة تلقائية ترتسم على ثغر مشاهد الفيلم القصير نتيجة كلام معبر خفيف الظل. وكذلك من خلال لوحات شاعرية تأخذنا إلى بحر بيروت ونور الشمس وساحات الثورة والبالونات الملونة وزمن الحرية، فتؤكدان أنّ أمل اللبناني ببلده لا يموت حتى لو أنّه اليوم مجرد مواطن يخطفه النظام.
رموز اشتهرت في الثورة، ووجوه ترسخت في ذاكرة اللبنانيين بعيد انفجار بيروت، تطبع «ألف ليلة وليل». وتعلق ميشيل: «لم نكتفِ فقط بأن يطل معنا وليم نون (شقيق أحد ضحايا انفجار المرفأ)، وبول وترايسي والدا الطفلة الضحية ألكسندرا. استعنا أيضاً بابن طرابلس عمر الأبيض، وفيرينا العنيد الناشطة في تحركات الطلاب؛ جميعهم استشرناهم، ووقفنا على آرائهم، لأننا رغبنا في أن تطبع الحقيقة العمل، كما التقطنا مشاهد نابعة من حياتنا اليومية، فيها الفرح والحزن والأمل والتعب؛ إنها تمثلنا وتحكي عنا بصراحة، ومن دون ماكياج».
تملك الأختان كسرواني مشواراً غنياً بأعمال فنية علقت في آذان اللبنانيين، لا سيما الشباب منهم، فقد حققتا شهرة واسعة وصلت أصداؤها الشرق والغرب، كما في: «منعيد ومنعيد»، و«كأن عايشين»، و«زفتلي الطريق»، و«جغل الـUSEK»، وغيرها.
واليوم، تطلقان أغنيتهما «ألف ليلة وليل»، على أمل أن «تلاقي النجاح الذي نتوخاه، ويكون العمل ترجمة لمشاعر حقيقية تسكن الناس. لقد أطلقنا عليه اسم (عمل سينمائي قصير) لأنه يجمع بين الصورة والصوت والمشهدية السينمائية المتقنة».
وتختم ميشيل التي تشاركت وشقيقتها نويل في تلحين وكتابة وأداء هذا العمل، قائلة: «حاولنا تزويده بصورة عميقة غير سطحية، وكلام يرتقي إلى واقع متناقض».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».