أزمة إمدادات تتكاثف فوق سماء ألمانيا... رغم إنكار حكومي

قفزة هائلة لأسعار الواردات وتشاؤم من الشركات

أزمة إمدادات تتكاثف فوق سماء ألمانيا... رغم إنكار حكومي
TT

أزمة إمدادات تتكاثف فوق سماء ألمانيا... رغم إنكار حكومي

أزمة إمدادات تتكاثف فوق سماء ألمانيا... رغم إنكار حكومي

رغم تحذيرات واسعة النطاق حول أزمة إمدادات تتكاثف في ألمانيا، قال متحدث باسم وزارة الاقتصاد أمس (الأربعاء)، إن ألمانيا لا ترى أي مؤشر على أنها قد تواجه وضعاً مماثلاً لنقص الوقود الذي تعاني منه بريطانيا.
وقال المتحدث خلال مؤتمر صحافي للحكومة: «لا نشهد أي نقص في ألمانيا... وضع الإمدادات جيد، والأمن مرتفع».
لكن رغم تأكيدات الحكومة الألمانية، يستمر النقص في قطع الغيار والمواد اللازمة للصناعة الألمانية في التفاقم بشكل ملحوظ، حسب تقديرات معهد أبحاث اقتصادي رائد.
وأظهر مسح شهري يُجريه معهد «إيفو» للبحوث الاقتصادية بين الشركات أن 77.4% من الشركات اشتكت من مشكلات في إمدادات المنتجات الوسيطة والمواد الخام في سبتمبر (أيلول) الجاري، صعوداً من 69.2% في أغسطس (آب) السابق له.
وقال مدير الاستطلاعات بالمعهد، كلاوس فولرابه، أمس: «عنق الزجاجة في جانب المشتريات يزداد ضيقاً».
ووفقاً للمسح، يعاني قطاع صناعة السيارات في ألمانيا حالياً من اختناقات في الإمدادات، حيث أبلغت جميع الشركات تقريباً (96.7%) عن مشكلات. وكانت نسبة الشكوى في قطاع صناعة الآلات 89%، وفي قطاع الصناعات الكيميائية 67%.
وخفض المعهد، الذي يتخذ من ميونيخ مقراً له، مؤخراً توقعاته للنمو لهذا العام إلى 2.5% بسبب مشكلات الإمداد، بعدما كان يتوقع انتعاشاً قوياً في عام 2021.
وفي أحدث أرقام ذات دلالة، ارتفعت أسعار الواردات إلى ألمانيا على نحو غير مسبوق منذ 40 عاماً. وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي أمس، أن أسعار السلع المستوردة في ألمانيا ارتفعت بنسبة 16.5% في أغسطس الماضي على أساس سنوي.
وحسب البيانات، تعد هذه أعلى زيادة منذ سبتمبر 1981 والتي حدثت في سياق أزمة النفط الثانية. وكانت معدلات التضخم بالفعل مرتفعة بشكل غير عادي في الأشهر التي سبقت أغسطس.
وعزا المكتب أحد أسباب ارتفاع الأسعار إلى واردات الطاقة، التي ارتفعت أسعارها بنسبة نحو 94% في أغسطس على أساس سنوي. وارتفعت تكلفة الغاز الطبيعي بنسبة 177% عن العام الماضي، في حين أن تكلفة النفط الخام المستورد زادت بنسبة 64%.
وبالإضافة إلى الطاقة، أصبح كثير من السلع الوسيطة أكثر تكلفة بكثير، بما في ذلك الخامات والمعادن والبلاستيك والخشب. وترجع زيادة الأسعار بشكل أساسي إلى الاختناقات الكبيرة في التجارة العالمية، والتي هي في الغالب نتيجة لجائحة «كورونا».
من جهة أخرى، ذكر خبير ألماني أن نقص إمدادات الرقائق الذي يعاني منه قطاع صناعة السيارات يؤثر على أسعار السيارات الجديدة. وقال الخبير في القطاع فرديناند دودنهوفر، أمس، إنه نظراً لأنه يتم إنتاج عدد أقل من السيارات وطرحها في السوق، فإن هناك أيضاً خصومات أقل على السيارات، مشيراً إلى أن السيارة النموذجية الجديدة صارت أكثر تكلفة بالنسبة إلى المستهلك بمقدار 360 يورو خلال شهري أغسطس وسبتمبر هذا العام.
ويتوقع دودنهوفر استمرار التطور الحالي، وقال: «خلال الأشهر القليلة المقبلة أيضاً، سيتعين على من يشترون سيارات جديدة توقع انخفاض الخصومات»، موضحاً أن سبب ذلك هو النقص المستمر في أشباه الموصلات، والذي سيحدّ من عدد السيارات المطروحة في الأسواق حتى منتصف العام المقبل.
ويقدر دودنهوفر الزيادة الحالية في السعر افتراضاً من أن متوسط سعر السيارة الجديدة يبلغ 36500 يورو. وتشمل تقديرات دودنهوفر أيضاً الحوافز الحكومية، وتكلفة التسجيل الذاتي من الشركات المصنّعة وتجار التجزئة، فضلاً عن أسعار ونطاق عروض اشتراكات خدمات السيارات.



فوز ترمب يعيد رسم خريطة الأسواق

شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

فوز ترمب يعيد رسم خريطة الأسواق

شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك تعرض الأخبار في 6 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ارتفعت مؤشرات «وول ستريت» الرئيسية إلى مستويات قياسية جديدة يوم الأربعاء، بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2024، بعد 4 سنوات من خروجه من البيت الأبيض.

مع هذا الفوز، تتوقع الأسواق الاقتصادية الأميركية موجة من التعديلات الكبرى، تشمل تخفيضات ضريبية، وتخفيف القيود التنظيمية، وتطبيق سياسات قد تعيد هيكلة المشهد الاقتصادي الأميركي.

في الوقت نفسه، يترقب المستثمرون تأثير السياسات المحتملة لترمب على الأسواق، من بينها احتمالات زيادة التعريفات الجمركية التي قد تؤدي إلى تفاقم التضخم والعجز. ونتيجة لذلك، شهدت أسواق الأسهم قفزات ملحوظة، مع ارتفاع العوائد على السندات الأميركية، وصعود «بتكوين» إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، كما عزّز الدولار من موقعه في الأسواق العالمية.

قفزات ملحوظة للأسواق الأميركية

مع بداية يوم التداول، شهدت أسواق الأسهم الأميركية قفزات قوية، حيث سجّل مؤشر «داو جونز» الصناعي زيادة قدرها 1190 نقطة، ما يعادل 2.82 في المائة ليصل إلى 43412.81 نقطة.

كما سجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً بنسبة 1.62 في المائة، بينما ارتفع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 1.69 المائة.

وأوضح المحلل الأول في شركة «تريد نيشن»، ديفيد موريسون، أن الأسواق شعرت «بارتياح» نتيجة للنتيجة السريعة والواضحة للاقتراع، وهو ما ساهم في تعزيز الثقة بشكل كبير.

كما حقّق مؤشر «راسل 2000» للأسهم الصغيرة أكبر المكاسب بين المؤشرات الرئيسية، حيث ارتفع بنسبة 4.1 في المائة ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 3 سنوات.

ويتوقع المستثمرون أن تستفيد الشركات المحلية من بيئة تنظيمية وضريبية أكثر تساهلاً، بالإضافة إلى أن هذه الشركات ستكون أقل تأثراً بالتعريفات الجمركية التي قد يتم فرضها على الواردات الأجنبية.

كما انخفض مؤشر الخوف، الذي يقيس تقلبات السوق، بما يقارب 5 نقاط، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ سبتمبر (أيلول). وقبل النتائج، كان المستثمرون يستعدون لعدة أيام من عدم اليقين بشأن من سيفوز في الانتخابات.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «سي إف آر إيه»، سام ستوفال: «مع احتمال زيادة التحفيز وتخفيف القيود أو اللوائح على الصناعات، قد نرى السوق تحقق انتعاشاً قوياً بين الآن ونهاية العام».

وشهدت الأسهم المرتبطة بسياسات ترمب القوية خلال ولايته الثانية مكاسب كبيرة، حيث ارتفعت أسهم مجموعة «ترمب ميديا» بنسبة 16 في المائة.

متداول يرتدي قبعة ترمب في قاعة بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

الذهب يتراجع والدولار يقوي من موقفه

على الرغم من المكاسب التي حقّقتها أسواق الأسهم والعملات المشفرة، فإن الذهب الذي يعدّ ملاذاً آمناً للمستثمرين في أوقات عدم اليقين شهد انخفاضاً حاداً.

فقد انخفض سعر الذهب بنسبة تزيد عن 3 في المائة ليصل إلى أدنى مستوى له في 3 أسابيع، في وقت توجه فيه المستثمرون نحو الدولار الأميركي الذي شهد ارتفاعاً هو الأكبر له في يوم واحد منذ يونيو (حزيران) 2016.

ويرى كثير من المستثمرين أن السياسات الاقتصادية لترمب قد تساهم في تحفيز الاقتصاد الأميركي، ما يؤدي إلى تعزيز قوة الدولار.

كما أن احتمالات فرض زيادة في التعريفات الجمركية وارتفاع التضخم قد يؤديان إلى رفع عوائد السندات الأميركية، وهو ما يضغط على الذهب.

المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب يلوح بيده في فعالية بيتكوين 2024 في ناشفيل 27 يوليو 2024 (رويترز)

قطاعا البنوك والمالية في الصدارة

ارتفعت معظم قطاعات مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، حيث قادت المالية المكاسب بزيادة قدرها 5.1 في المائة لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، في ظل ارتفاع العوائد وتوقعات بفوائد أقل من اللوائح.

كما سجّلت أسهم البنوك الكبرى مكاسب ملحوظة. وارتفعت أسهم «جيه بي مورغان تشيس» بنسبة 8.3 في المائة، في حين زادت أسهم القطاع المالي في «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 5.1 في المائة، وهي الزيادة الأكبر بين 11 قطاعاً ضمن المؤشر.

ويعزى هذا الارتفاع إلى التفاؤل بنمو اقتصادي أقوى، ما سيساهم في زيادة الطلب على القروض والتمويل، وكذلك تخفيف اللوائح التي تفرضها الحكومة على القطاع المالي.

«تسلا» وصعود العملات المشفرة

ومن بين الشركات التي استفادت بشكل خاص من فوز ترمب، برزت أسهم «تسلا»، التي ارتفعت بنسبة 15.1 في المائة، ما يعكس الثقة المتزايدة في الشركة تحت قيادة ترمب.

ويرتبط هذا الصعود أيضاً بدعم الرئيس التنفيذي إيلون ماسك لترمب في الحملة الانتخابية الأخيرة.

في المقابل، انخفضت أسهم منافس تسلا «ريفيان» بنسبة 7.3 في المائة، في حين كانت أسهم «تسلا» تواصل تقدمها نحو آفاق جديدة.

ومن المتوقع أن تحقق «تسلا» مكاسب كبيرة تحت إدارة ترمب بسبب حجمها، مع توقعات بأن الإعانات الموجهة للطاقة البديلة والسيارات الكهربائية قد تكون مهددة.

وبينما سيكون هذا الأمر سلبياً بشكل عام للصناعة كلها، فإنه قد يعطي «تسلا» ميزة بفضل حصتها في السوق.

في المقابل، هبطت أسهم الشركات المنافسة في قطاع السيارات الكهربائية بشكل حادّ يوم الأربعاء.

وفي قطاع العملات المشفرة، أعلن ترمب عزمه جعل الولايات المتحدة «عاصمة العملات المشفرة في العالم»، ما عزّز من قيمتها في الأسواق.

وسجّلت عملة «بتكوين» أعلى مستوى لها على الإطلاق، متجاوزة حاجز 75000 دولار، كما شهدت العملات المشفرة الأخرى مثل «دوجكوين» مكاسب ملحوظة.

وارتفعت أسهم شركات مثل «كوينباس» بنسبة 19.4 في المائة.

التضخم والفائدة

بينما يترقب المستثمرون ما سيسفر عنه قرار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حيث من المتوقع أن يتم تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، فإن سياسات ترمب قد تؤدي إلى ضغط إضافي على التضخم، خاصة في ظل احتمالات رفع التعريفات الجمركية.

وتشير التوقعات إلى أن هذه السياسات قد ترفع العوائد على السندات الأميركية، حيث ارتفعت عوائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.47 في المائة، من 4.29 في المائة، في أواخر يوم الثلاثاء، وهو تحرك كبير لسوق السندات. كما أنها ارتفعت بشكل ملحوظ منذ أغسطس (آب)، عندما كانت دون 4 في المائة.