واشنطن تفاوض بكين لخفض وارداتها النفطية من إيران

مسؤول أميركي يعد بملاحقة التهرب من العقوبات على طهران

ناقلتا نفط تحملان علمي إيران وبنما أوقفتهما السلطات الإندونيسية للاشتباه في نقل نفط غير قانوني خلال يناير الماضي (رويترز)
ناقلتا نفط تحملان علمي إيران وبنما أوقفتهما السلطات الإندونيسية للاشتباه في نقل نفط غير قانوني خلال يناير الماضي (رويترز)
TT

واشنطن تفاوض بكين لخفض وارداتها النفطية من إيران

ناقلتا نفط تحملان علمي إيران وبنما أوقفتهما السلطات الإندونيسية للاشتباه في نقل نفط غير قانوني خلال يناير الماضي (رويترز)
ناقلتا نفط تحملان علمي إيران وبنما أوقفتهما السلطات الإندونيسية للاشتباه في نقل نفط غير قانوني خلال يناير الماضي (رويترز)

غداة تحذير ضمني من فرنسا إلى الصين، أفادت مصادر غربية، أمس، بأن الولايات المتحدة تواصلت دبلوماسياً مع الصين من أجل خفض مشترياتها من النفط الخام الإيراني، بينما تسعى الدول الكبرى لإقناع طهران باستئناف المحادثات الرامية لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وتعتقد الأطراف الغربية أن شراء الشركات الصينية النفط الإيراني ساعد اقتصاد إيران على الصمود في مواجهة العقوبات الأميركية التي تستهدف وقف هذه المبيعات للضغط على طهران كي تحدّ من برنامجها النووي.
وقال مسؤول أميركي تحدث لوكالة «رويترز» شريطة عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية المسألة: «نحن على علم بمشتريات الشركات الصينية من النفط الإيراني»، وتابع: «نستخدم عقوباتنا للرد على التهرب من العقوبات المفروضة على إيران؛ بما في ذلك من يتعاملون مع الصين، وسنواصل فعل ذلك إذا لزم الأمر»، مضيفاً: «غير أننا نتواصل دبلوماسياً بشأن ذلك مع الصينيين في إطار حوارنا بخصوص السياسة المتعلقة بإيران، وأعتقد بشكل عام أن هذا مسار أكثر فاعلية للتصدي لهذه المخاوف».
وكشف مسؤول أوروبي لوكالة «رويترز»، تحدث أيضاً شريطة عدم الكشف عن هويته لحساسية الدبلوماسية النووية، عن أن قضية شراء النفط من إيران كانت إحدى القضايا التي أثارتها ويندي شيرمان؛ نائبة وزير الخارجية الأميركي، عندما زارت الصين في أواخر يوليو (تموز)، لافتاً إلى أن «الصين تحمي إيران»، وأشار إلى أن من القضايا الرئيسية بالنسبة للغرب حجم النفط الذي تشتريه بكين من طهران.
وتقدر شركة «كبلر» لتحليلات السلع أن واردات النفط الصينية من إيران بلغت في المتوسط 553 ألف برميل يومياً منذ بداية العام حتى أغسطس (آب). في مارس (آذار)، قالت مصادر تجارية مطلعة على تحركات السفن الإيرانية إن حجم الشحنات المتجهة إلى الصين بلغ 30 مليون برميل خلال مارس (آذار)، قبل أن تجلس إيران والولايات المتحدة إلى طاولة مفاوضات غير مباشرة بشأن إحياء اتفاق 2015، والذي من شأنه أن يرفع العقوبات؛ خصوصاً عن مبيعات إيران النفطية.
وتجمدت المحادثات بعد 6 جولات منذ أن بدأت في أبريل (نيسان) الماضي، غداة انتخاب المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران ليحل محل حسن روحاني الذي تفاوضت إدارته على الاتفاق.
ووافقت إيران بموجب الاتفاق على الحد من برنامجها لتخصيب اليورانيوم، وهو سبيل محتمل لتطوير مادة انشطارية لصنع سلاح نووي، وفي 2018، انسحب الرئيس الأميركي في ذلك الوقت دونالد ترمب من الاتفاق وعاود فرض عقوبات اقتصادية صارمة شلت الاقتصاد الإيراني، غير أن طهران واصلت مبيعات النفط المحظورة للعملاء؛ من بينهم شركات صينية.
وبعد انتظار لنحو عام، ردت إيران على انسحاب ترمب من الاتفاق، وبدأت طهران ما سمته حينذاك «مسار الانسحاب التدريجي» من الاتفاق النووي، باستئناف أنشطة نووية وافقت على الحد منها بموجب الاتفاق.
وقال جو بايدن، خلف ترمب، إنه يضع «الدبلوماسية أولاً» مع إيران، لكن أكد أنه مستعد للتحول إلى خيارات أخرى، لم يحددها، إذا فشلت المفاوضات.
والثلاثاء، ذكر مسؤول بالرئاسة الفرنسية أنه يتعين على إيران استئناف محادثات فيينا بشأن معاودة واشنطن وطهران الامتثال للاتفاق من أجل تجنب تصعيد دبلوماسي يمكن أن يقوض المفاوضات. وقال: «ينبغي لنا في هذه المرحلة البقاء على اتصال وثيق... مع جميع أطراف (خطة العمل الشاملة المشتركة)؛ بمن فيهم الروس والصينيون». وأضاف: «نتوقع على الأخص أن يعبر الصينيون عن أنفسهم ويتصرفوا بطريقة أكثر حزماً. يتعين علينا ممارسة الضغط على إيران، فهو لا غنى عنه». وقال وزير الخارجية الإيراني، عبد اللهيان، إن بلاده ستعود للمحادثات بشأن معاودة الالتزام بالاتفاق النووي «قريباً جداً»، لكنه لم يعط موعداً محدداً.
ولم تتضح بعد كيفية رد الصين على العرض الدبلوماسي الأميركي بشأن إيران. وتراجعت العلاقات الصينية - الأميركية إلى أدنى مستوى لها في عقود هذا العام، في ظل عدم تحقيق تقدم يذكر بشأن قضايا تتراوح من حقوق الإنسان إلى الشفافية بخصوص منشأ فيروس «كورونا».
وفي مؤتمر صحافي يوم 24 سبتمبر (أيلول)، ألقى متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية بالمسؤولية على الولايات المتحدة لا إيران. وقال: «لأن الولايات المتحدة هي التي بدأت الجولة الجديدة من التوتر في المسألة النووية الإيرانية، فلا بد لها من تصحيح سياستها الخاطئة المتمثلة في ممارسة الضغوط القصوى على إيران ورفع جميع العقوبات غير القانونية المفروضة على طهران والولاية القضائية عن أطراف ثالثة والعمل على استئناف المفاوضات وتحقيق نتائج سريعاً».
وقبل انطلاق مباحثات فيينا في أبريل الماضي، وقعت الصين وإيران، الخاضعتان لعقوبات أميركية، اتفاق تعاون لمدة 25 عاماً بهدف تعزيز تحالفهما الاقتصادي والسياسي القائم منذ زمن بعيد.
وحينذاك، قالت وزارة الخارجية الصينية إن بكين «عارضت على الدوام» العقوبات الأميركية «أحادية الجانب وتوسيع نطاق السلطات القضائية»، وحثت واشنطن على رفع هذه «العقوبات غير المشروعة» في أقرب وقت.
وعادة ما تغلق الناقلات التي تحمل النفط الإيراني أجهزة التتبع الخاصة بها عند التحميل لتجنب اكتشافها، ولكن يمكن تتبعها بعد ذلك عبر الأقمار الصناعية بالقرب من موانئ في سلطنة عمان والإمارات والعراق. وينقل البعض جزءاً من شحناتهم إلى سفن أخرى بالقرب من سنغافورة أو ماليزيا قبل الإبحار إلى الصين.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، وافقت «منظمة شنغهاي للتعاون» التي تقودها روسيا، والصين، على منح إيران العضوية الكاملة.
وينظر في إيران إلى اتفاقية التعاون مع الصين، والانضمام إلى «منظمة شنغهاي» بأنهما دفعة قوية لاستراتيجية «التوجه شرقاً» التي يصر «المرشد» علي خامنئي على تطبيقها في مواجهة العقوبات الغربية، وضمان الدعم الروسي والصيني، في مجلس الأمن، باستخدام حق النقض «فيتو».
والسبت الماضي، عدّت صحيفة «جهان صنعت»، زيادة مبيعات النفط الإيرانية، والانضمام إلى تحالفات اقتصادية، مثل «اتفاقية شنغهاي»، الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، بقيادة روسيا، وزيادة التعاون التجاري مع العراق، وسعي إيران لتحسين العلاقات مع دور الجوار، من بين أسباب تمكن طهران من رفع سقف المطالب في مفاوضات فيينا.



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».