تحرك ميداني أمام قصر العدل تنديداً بتعليق التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت

عون يدعم المسار القانوني... وباريس تطالب العدالة اللبنانية بـ«شفافية كاملة»

جانب من التحرك أمام قصر العدل في بيروت أمس احتجاجاً على وقف التحقيق في انفجار المرفأ (إ.ب.أ)
جانب من التحرك أمام قصر العدل في بيروت أمس احتجاجاً على وقف التحقيق في انفجار المرفأ (إ.ب.أ)
TT

تحرك ميداني أمام قصر العدل تنديداً بتعليق التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت

جانب من التحرك أمام قصر العدل في بيروت أمس احتجاجاً على وقف التحقيق في انفجار المرفأ (إ.ب.أ)
جانب من التحرك أمام قصر العدل في بيروت أمس احتجاجاً على وقف التحقيق في انفجار المرفأ (إ.ب.أ)

دعم الرئيس اللبناني ميشال عون أمس، المسار القانوني القائم في ملف التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت، بعد يومين على تعليق التحقيقات في الملف إثر رد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بموجب دعوى النائب نهاد المشنوق، بموازاة تحرك ميداني أمام قصر العدل في بيروت، اعتراضا على تجميد مسار التحقيق في الملف.
وتخطى تعليق التحقيقات، والانقسامات بين القوى السياسية حول استدعاءات المحقق العدلي، النقاش الداخلي، حيث أعربت الخارجية الفرنسية عن أسفها لتعليق التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، وقالت: «للبنانيين الحق بمعرفة الحقيقة في انفجار مرفأ بيروت ويجب أن تعمل العدالة اللبنانية بشفافية كاملة».
ودعم الرئيس عون المسار القانوني، وفند في تغريدتين الفارق بين القضاء العدلي والقضاء العادي، كما أشار إلى الفوارق بين التحقيق والحكم القضائي، علما بأن المجلس العدلي هو محكمة استثنائية وقراراتها غير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة بما فيها الطعن أو الاستئناف، خلافاً لقرارات المحاكم الأخرى التي تقبل الاستئناف والتمييز لاحقاً، بحسب ما قال مرجع قانوني لـ«الشرق الأوسط».
وقال عون في تغريدته الأولى إن «التحقيق ليس القضاء، وإذا أخطأ فهناك ثلاث درجات للتصحيح: البداية، الاستئناف، التمييز. لذلك، يجب أن يستمر التحقيق كي يُدان المذنب ويُبرأ البريء». وأضاف في تغريدة ثانية: «إذا كانت المحاكمة العادية تتم على درجتين ودرجة استثنائية» في إشارة إلى القضاء الجزائي، «فإن قرار المحقق العدلي بالإحالة إلى المجلس العدلي وحكم المجلس لا يقبلان أي طريق من طرق الطعن»، مشدداً على أن «أي إدانة أو تبرئة يحددهما حكم المحكمة المبرم وليس التحقيق».
وقال مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط» إن عون في تغريدته «يدعم المسار القانوني بشكل عام، ويتحدث من الناحية القانونية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن قرارات قاضي التحقيق العدلي «غير قابلة للاستئناف ولا تقبل المراجعة، ويذهب القرار الظني إلى المجلس العدلي»، أما «طلب رد الدعوى أو مخاصمة القضاة أو الارتياب المشروع، فهو حق قانوني من حقوق المدعى عليهم». وأوضح المصدر أن «قاضي التحقيق هو قاضي الظن، أما القضاء فيصدر حكم اليقين».
وفيما يمضي القضاء بالمسار القانوني، يتحدث بعض أهالي الضحايا عن تدخلات سياسية تعيق التحقيقات بعد أكثر من 13 شهراً على الانفجار الذي أودى بحياة 214 قتيلاً وآلاف الجرحى، ودمر قسماً من العاصمة.
وتظاهر مئات اللبنانيين أمس، يتقدمهم أهالي ضحايا انفجار المرفأ أمام قصر العدل في بيروت بعد يومين من تعليق التحقيق في القضية، للمرة الثانية خلال أشهر بعد تعليق التحقيق في المرة الأولى، وكف يد المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان وتعيين البيطار بدلاً عنه.
وتمكنت مجموعة من المتظاهرين أمس من الدخول إلى الباحة الداخلية لقصر العدل، حيث يقع مكتب المحقق العدلي. وعلقوا لافتة ضخمة تضم صور الضحايا مع تعليق «لن تقتلونا مرتين». وأمام قصر العدل، رفع الأهالي صور الضحايا ولافتات كتبوا عليها عبارات عدة بينها «القضية أكبر من قاضي... القضية الحقيقة» و«الشعب يحمي العدالة» و«لن ننسى». كما حمل أحدهم صورة مرفقة بمجسم مقصلة ومذيلة بتعليق «نهاية كل فاسد».
وندد الأهالي «بالتدخل الوقح والسافر في تهديد وتحذير القاضي العدلي طارق البيطار لأجل حرف العدالة عن مسارها الطبيعي»، وشددوا على «دعمهم الكبير لتحقيقات واستدعاءات القاضي طارق بيطار لعدد من السياسيين والأمنيين مهما علا شأنهم حتى جلاء الحقيقة الكاملة».
وقالت ريما الزاهد، التي قتل الانفجار شقيقها الموظف في المرفأ، لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «نعاني منذ 13 شهراً من تدخلات السياسيين وزعماء الطوائف في مسار التحقيق... ووصل بهم الأمر إلى حد اللعب على القانون». وأضافت «عندما علمت بوقف التحقيق، شعرت أننا نتعرض للخيانة مرة ثانية، ويقتلوننا مرة ثانية».
وألقى عدد من المعتصمين كلمات اعتبروا فيها أن «أسلوب القمع واحد، والجريمة واحدة والمجرم واحد»، واعتبروا أن «هناك محاولات حثيثة من قبلهم لطمس الحقيقة والتلاعب بها، وتمييع التحقيق العدلي، وتهديد القضاة العدليين والعمل الدؤوب والمستمر ليكون انفجار مرفأ بيروت هو انفجار قضاء وقدر». ودعوا إلى «الوقوف بشدة وبكل شجاعة إلى جانب الحق والحقيقة مع القاضي العدلي طارق البيطار».
وأعلن أهالي الضحايا عن اتجاههم لـ«مواصلة تحركاتهم واعتصامهم في الأسبوع المقبل وأمام مقرات ومنازل السياسيين وأماكن أخرى تعلن في حينه، حتى الوصول إلى الحقيقة الكاملة وتحديد المسؤوليات الجرمية واقتياد المسؤولين عنها إلى العدالة».
ومنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين ومسؤولين أمنيين، يخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط السياسية إلى عزل المحقق العدلي طارق البيطار، على غرار ما جرى مع سلفه فادي صوان بعد ادعائه على دياب وثلاثة وزراء سابقين.
وقبل تنحيته في فبراير (شباط) الماضي، كان صوان بدوره قد علق التحقيق بعدما تقدم وزيران ادعى عليهما بطلب نقل التحقيق من يده.
وبعد نحو خمسة أشهر من تسلمه الملف، أعلن البيطار في يوليو (تموز) الماضي، عزمه استجواب دياب كمدعى عليه، ووجه كتاباً إلى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن ثلاثة وزراء سابقين هم النواب علي حسن خليل (المال) وغازي زعيتر (الأشغال)، وهما ينتميان إلى كتلة حركة «أمل» المتحالفة مع «حزب الله»، ونهاد المشنوق (وزير الداخلية السابق)، وكان ينتمي إلى تيار «المستقبل» بزعامة سعد الحريري. وجاء ذلك «تمهيداً للادعاء عليهم» بتهم «جناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل» و«جنحة الإهمال والتقصير» لأنهم كانوا على دراية بوجود نيترات الأمونيوم «ولم يتخذوا إجراءات تجنب البلد خطر الانفجار».
وتتهم قوى رئيسية على رأسها «حزب الله» وتجمع رؤساء الحكومات السابقين بينهم الحريري، القاضي البيطار بـ«تسييس» التحقيق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».