العالم على موعد جديد مع جيمس بوند... الجاسوس الذي تحوّل إلى ظاهرة

الممثل البريطاني دانييل كريغ (رويترز)
الممثل البريطاني دانييل كريغ (رويترز)
TT

العالم على موعد جديد مع جيمس بوند... الجاسوس الذي تحوّل إلى ظاهرة

الممثل البريطاني دانييل كريغ (رويترز)
الممثل البريطاني دانييل كريغ (رويترز)

يبدأ، اليوم الثلاثاء، في لندن العرض العالمي الأول لفيلم «نو تايم تو داي»، الجزء الخامس والعشرين من مغامرات جيمس بوند التي تحولت خلال ستة عقود إلى ظاهرة ثقافية عالمية، يمكن تلخيصها في الآتي:
كان جيمس بوند قبل أي شيء بطل رواية بيعت منها أكثر من ستين مليون نسخة حول العالم. وقد ظهر هذا الجاسوس الشهير للمرة الأولى قبل سبعة عقود بقلم الروائي البريطاني ايان فليمينغ، الصحافي الذي استلهم من تجربته في العمل الاستخباري خلال الحرب العالمية الثانية.

ونُشرت أولى روايات مغامرات العميل 007 بعنوان «كازينو رويال» عام 1953. وتلتها 11 رواية بينها «غولدفينغر» و«دكتور نو» و«فروم راشا ويذ لوف»، إضافة إلى سلسلة روايات قصيرة، قبل وفاة فليمينغ عام 1964 عن 56 عاما، أي بعد عامين من صدور أول أفلام جيمس بوند «دكتور نو».
لكل جيل عمله المفضل من سلسلة جيمس بوند المؤلفة من 25 فيلما. ولا تزال هذه الأفلام حتى اليوم من إنتاج ألبرت ر. بروكولي وهو سليل أحد المنتجين التاريخيين للسلسلة.
وبحسب المتخصص غيوم إيفان، ومع أخذ التضخم في الاعتبار، تبلغ قيمة الإيرادات التراكمية للسلسلة 16,7 مليار دولار. وبالتالي، تمثل مغامرات جيمس بوند إحدى أكثر سلاسل الأفلام درا للأرباح في تاريخ السينما، وهي بدأت قبل نحو 15 عاما من انطلاق «ستار وورز» (حرب النجوم). كما تشكل أفلام جيمس بوند واجهة محببة للماركات الفاخرة بينها شركات السيارات والساعات.
وقد انتقل كنز جيمس بوند الثمين هذا العام إلى إدارة مجموعة أمازون العملاقة في التجارة الإلكترونية التي أعلنت شراء استوديوهات «ام جي ام» في مقابل 8,45 مليار دولار.
ولا يزال الاسكوتلندي شون كونري الذي توفي العام الماضي وكان أول من أدى دور جيمس بوند على الشاشة الكبيرة مع فيلم «دكتور نو» وظهر في ستة من الأفلام الأولى، التجسيد الأفضل لهذه الشخصية بملامحه الذكورية وأدائه كرجل بارع في إغواء النساء وصاحب كاريزما قوية.

وتوالى خمسة ممثلين على أداء هذا الدور البارز: جورج لازنبي، وهو الأسترالي الوحيد في المجموعة وأدى الشخصية في فيلم واحد هو «أون هير ماجستيز سيكرت سرفيس» عام 1969، ثم روجر مور وتيموثي دالتون وبيرس بروزنان ودانييل كريغ.
يعمل الجاسوس جيمس بوند لحساب جهاز الاستخبارات البريطانية الخارجية (ام اي 6). أول «0» في شعار «007» يعني أنه حائز ترخيصاً بالقتل، والثاني يعني أنه استخدم هذا الترخيص، أما الرقم «7» فيعرّف عنه بين أعضاء الجهاز.
«إم» هو رئيس بوند التنظيمي. وقد شكّلت الممثلة جودي دينش سابقة تاريخية على هذا الصعيد حين أضفت لمسة أنثوية على هذا الدور من 1995 (مع فيلم «غولدن آي») إلى 2012. أما «كيو» فهو زميل بوند المكلف تزويده الأكسسوارات الأكثر تطورا. من دون أن ننسى شخصية «ميس موني بيني» وهي السكرتيرة الخاصة لـ«إم» والتي لا يكفّ جيمس بوند عن مغازلتها.
ربما لم تكن هذه السلسلة لتحقق هذا النجاح من دون الجمل الشهيرة التي استحالت لازمة يرددها الجمهور. ومن أشهرها عبارة «بوند، جيمس بوند» عندما يعرّف عن نفسه، أو جملة «شايكن نات ستيرد» عند طلبه مشروبه المفضل.
كذلك هناك عبارات تشهد على حس الفكاهة لدى جيمس بوند والذي يعكس أحيانا بعض الذكورية. ومن هذه العبارات ما قاله العميل السري لإحدى الفتيات في فيلم «ذي مان ويذ ذي غولدن غن» عام 1974 حين قال «آنسة أنديرس؟ لم أتعرف إليك وأنت مرتدية كل ملابسك».

يواجه جيمس بوند في مختلف مغامراته أشرارا بهدف التغلب عليهم، من مهرّب الماس في «غولدفينغر» إلى المنظمة الإجرامية «سبيكتر» بقيادة الشرير بلوفيلد. وقد استعان لمحاربة هؤلاء بأكسسوارات كثيرة: من السجائر المفخخة في «يو أونلي ليف توايس»، إلى سيارة «أستون مارتن" بلوحات تسجيل دوارة، وعصي تزلج مفخخة وساعات ليزر وغيرها الكثير.
ويبقى السؤال المحيّر: من هو الممثل الذي سيواصل المهمة بعد دانييل كريغ الذي يؤكد أنه أدى دور جيمس بوند للمرة الأخيرة؟


مقالات ذات صلة

جيمس بوند المقبل ثلاثيني؟ العميل 007 يحوم حول آرون جونسون

يوميات الشرق جيمس بوند المقبل شاب ثلاثيني (أ.ب)

جيمس بوند المقبل ثلاثيني؟ العميل 007 يحوم حول آرون جونسون

تتوجّه الأنظار إلى شخصية الممثل الذي سيؤدّي بطولة سلسلة أفلام جيمس بوند، إذ يُتوقَّع أن يقبل النجم البريطاني آرون تايلور جونسون «الدور» قريباً. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سيارة أستون مارتن DB5 التي استُخدِمَت في مخاطرات جيمس بوند (أ.ف.ب)

سيارة جيمس بوند تباع بـ3.26 مليون دولار في مزاد (صور)

بيعت نسخة من سيارة أستون مارتن DB5 التي استُخدِمَت في مخاطرات العميل 007 ضمن «نو تايم تو داي»، أحدث أجزاء سلسلة أفلام جيمس بوند، بنحو ثلاثة ملايين جنيه إسترليني، خلال مزاد خيري بلغ ريعه الإجمالي أكثر من ستة ملايين جنيه. وبلغت حصيلة المزاد الذي نظمته دار «كريستيز» احتفالاً بمرور 60 عاماً على أول أفلام جيمس بوند السينمائية 6103500 جنيه إسترليني (6827000 دولار) لقاء 25 قطعة، وفقاً لحساب جيمس بوند الرسمي على «تويتر». وستخصص إيرادات المزاد لـ45 جمعية من بينها مؤسسة الأمير تشارلز، قبل أن يصبح ملكاً بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية في 8 سبتمبر (أيلول)، ومنظمة «أطباء بلا حدود». وبيعت نسخة DB5 مقابل 2.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق امرأة تؤلف روايات «جيمس بوند» للمرة الأولى

امرأة تؤلف روايات «جيمس بوند» للمرة الأولى

توصلت الكاتبة البريطانية كيم شيروود إلى اتفاق مع دار «إيان فليمنغ» للنشر، لتصبح أول امرأة تتولى تأليف روايات جيمس بوند الجاسوسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بعد وداع «جيمس بوند»... دانيال كريج ينضم إلى نجوم ممر المشاهير في هوليوود

بعد وداع «جيمس بوند»... دانيال كريج ينضم إلى نجوم ممر المشاهير في هوليوود

حصل دانيال كريج أخيراً على نجمة في ممر المشاهير في هوليوود أمس (الأربعاء)، قبل أيام من عرض فيلمه الأخير من سلسلة أفلام جيمس بوند في الولايات المتحدة. وفيلم (نو تايم تو داي) «لا وقت للموت» هو الخامس والأخير في سلسلة الأفلام التي لعب فيها كريج دور العميل البريطاني الأنيق، ليُنهي الدور الذي لعبه على مدى 15 عاماً، حسبما نقلت وكالة «رويترز« للأنباء. جاءت نجمة كريج في الترتيب 2704 في ممر المشاهير، ووُضعت إلى جانب نجمة الراحل روجر مور الذي لعب دور بوند في سبعة أفلام في الفترة بين 1973 و1985. وقال كريج: «وجودي على هذا الممر، محاطا بكل هؤلاء الأساطير، يجعلني رجلاً سعيداً جداً جداً جداً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق «لا وقت للموت» يحقق 121 مليون دولار في بداية عرضه عالمياً

«لا وقت للموت» يحقق 121 مليون دولار في بداية عرضه عالمياً

قالت شركة يونيفرسال بيكتشرز، اليوم (الاثنين)، إن أحدث أفلام جيمس بوند حصد 121 مليون دولار على مستوى العالم بعد بدء عرضه، مطلع هذا الأسبوع، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء. وجمع فيلم «نو تايم تو داي»، أو «لا وقت للموت»، 35 مليون دولار في دور العرض البريطانية والآيرلندية، وهي أعلى إيرادات هناك منذ تفشي وباء فيروس «كورونا» وأعلى فيلم ضمن سلسلة جيمس بوند على الإطلاق يحقق إيرادات على مدى 3 أيام في عطلة نهاية الأسبوع في المملكة المتحدة وآيرلندا. وأُرجئ عرض الفيلم، الذي يمثل الظهور الخامس والأخير للممثل دانيال كريغ في دور العميل السري البريطاني، ثلاث مرات منذ تاريخ إطلاقه الذي كان مقرراً في أبريل (نيسا

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

الصحة النفسية أولى ضحايا الحرب... ما وسائل إنقاذها؟

طفلة نازحة إلى أحد شوارع بيروت بعد أولى ليالي القصف الإسرائيلي على الضاحية (د.ب.أ)
طفلة نازحة إلى أحد شوارع بيروت بعد أولى ليالي القصف الإسرائيلي على الضاحية (د.ب.أ)
TT

الصحة النفسية أولى ضحايا الحرب... ما وسائل إنقاذها؟

طفلة نازحة إلى أحد شوارع بيروت بعد أولى ليالي القصف الإسرائيلي على الضاحية (د.ب.أ)
طفلة نازحة إلى أحد شوارع بيروت بعد أولى ليالي القصف الإسرائيلي على الضاحية (د.ب.أ)

في أحد مشاهد الفيلم التوثيقي «من المسافة صفر» الذي جرى تصويره تحت القصف في غزة، تصعد فتاة إلى سطح بيتها وترقص فيما السمّاعات على أذنيها، تردّ عنها هدير الطائرات الإسرائيلية المحلّقة فوق رأسها.

لكلٍ أسلوبه في التصدّي للحروب. منهم مَن يرقص ويغنّي، ومنهم مَن يعبّر كتابةً أو كلاماً، في وقتٍ يلوذ آخرون بالصمت ويبتلعون الصدمة تلو الأخرى.

لكن مهما تعدّدت أساليب ترويضها، تبقى «الحروب من أقسى الأحداث التي يمرّ بها الفرد والمجتمع، وهي تترك آثاراً كبيرة على الصحتَين النفسية والجسدية»، وفق ما تشير الاختصاصية في علم النفس العيادي باسكال نخلة في حديث مع «الشرق الأوسط».

يصنّف علم النفس الحروب كأقسى تجارب ممكن أن يمرّ بها البشر (أ.ف.ب)

يتلاقى كلام نخلة والأرقام الواردة من أوكرانيا إلى «المنتدى الاقتصادي العالمي» قبل 5 أشهر. فالحرب الروسية أدّت إلى ارتفاع عدد مرضى السكّري الأوكرانيين بنسبة 20 في المائة، كما تزايدت النوبات القلبية في صفوفهم بنسبة 16 في المائة، أما الجلطات الدماغية فارتفعت بنسبة 10 في المائة. وتلفت إحصائيات المنتدى إلى أنّ 57 في المائة من الأفراد غير المتأثرين مباشرةً بالحرب، أي المتواجدين في أماكن بعيدة نسبياً عن القصف، يواجهون صعوبات في أداء واجباتهم اليومية بسبب القلق العاطفي الذي يصيبهم.

(أرقام المنتدى الاقتصادي العالمي 2024)

تشرح نخلة كيف أن الحرب، بما فيها من أصواتٍ مرعبة ومشاهد دمارٍ وموت، تنعكس «خوفاً وقلقاً وصدمةً وغضباً على البشر، ما قد يعرّضهم للاكتئاب وللقلق المزمن ولاضطرابات ما بعد الصدمة، إلى جانب مواجهة صعوبة في التركيز، ومشكلات في النوم، ونوبات هلع». وقد أثبتت الدراسات على مرّ العصور والحروب أنّ المدنيين يعانون من تفاقم الأعراض النفسية، ولا يقتصر الضرر على مَن خسروا أحبّة لهم أو على من اضطرّوا إلى النزوح عن منازلهم، بل ينسحب على مَن هم في أمانٍ نسبيّ والذين يشعرون بذنبِ هذا الأمان، وكذلك بالخطر الذي قد يداهمهم في أي لحظة.

في مراكز الإيواء التي نزحت إليها العائلات اللبنانية الهاربة من النيران الإسرائيلية جنوباً، غالباً ما تشتكي الأمهات من تبدّلاتٍ صادمة في تصرّفات أولادهنّ وردود أفعالهم. يتحدّثن لـ«الشرق الأوسط» عن بكاءٍ متواصل وعن أطفالٍ يستفيقون ليلاً بحالة ذعر وصراخ. تفسّر نخلة الأمر بالقول إنّ «أكثر الفئات تأثراً بالحروب هم الأطفال والمراهقون لأنّ شخصياتهم ما زالت في طور النموّ ولم تكتمل بعد، ما يجعلهم عرضةً لاضطرابات النوم والانعزال الاجتماعي والصعوبة في التعبير عن مشاعرهم».

أكثر الفئات عرضة للأذى النفسي بسبب الحرب هم الأطفال والمراهقون (رويترز)

أما الأجيال الأكبر سناً فعرضة «لحالات نفسية معقّدة أكثر من سواهم، لأنّ لديهم تراكمات من تجارب سابقة مشابهة لم تجرِ معالجتها»، تشرح الاختصاصية النفسية. في المقابل، يتميّز الجيل الصاعد بوَعيِه إلى أهمية الصحة النفسية، ما قد يقيه الصدمات إلى حدٍ ما.

تتعدّد الفئات المتأثرة بالحرب إذاً ويتفاوت عمق الندوب النفسية، مع تفاوت الأعمار والتجارب والأماكن الجغرافية. لكن المؤكّد أنّ التعامل مع الضغوط النفسية الناجمة عن الحرب ضروري، أكان بمجهودٍ فرديّ أو من خلال الاستعانة بالعلاج النفسي المتخصص.

سيدة من جنوب لبنان نزحت إلى أحد مراكز الإيواء (د.ب.أ)

في ظلّ ما يمرّ به اللبنانيون من ظرفٍ استثنائيّ وفائق الصعوبة، تنطلق نخلة من عبارةٍ بسيطة لكن ذات معنى عميق: «ما يحصل غير طبيعي وغير شرعي، لكن كل ما يشعر به المواطن اللبناني نفسياً حياله طبيعي وشرعي». أهمّ ما في الأمر عدم إهمال الآلام النفسية التي تتسبب بها الحرب وعدم نكرانها، بل الاعتراف بها. أما السبل المتاحة للتعامل معها فكثيرة.

كُن لطيفاً مع نفسك

تنصح نخلة بالتعبير عن المشاعر كلاماً أو كتابةً، إلى جانب التحدّث إلى أشخاص هم محطّ ثقة؛ قد يكونون أصدقاء أو أفراداً من العائلة. هذا جزء من الإقرار بالتعب النفسي وعدم تجاهله، بل تقبّله من دون إطلاق أحكامٍ هدّامة أو لوم النفس. فالتعامل بلطفٍ مع الذات ومنحُها الحقّ بالشعور بالقلق والخوف يشكّلان مدخلاً لتحسين الحالة النفسية في ظلّ الحرب.

الاختصاصية في علم النفس العيادي باسكال نخلة (الشرق الأوسط)

خفّف من متابعة الأخبار

من بين الخطوات الأساسية كذلك، التخفيف من الاستهلاك المتواصل للأخبار. هذا لا يعني الامتناع كلياً عن متابعة التطوّرات، لكن يجب وضع ضوابط لذلك، لا سيّما عندما يتعلّق الأمر بكثافة المعلومات الواردة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي قد تكون أحياناً مضلّلة.

تنفّس عميقاً

ربّما يبدو الأمر مستحيلاً وسط أصوات القصف وأزيز الطيران، لكنّ محاولة ممارسة تقنيات الاسترخاء وإن لـ5 أو 10 دقائق تعود بفائدة نفسية كبيرة. تعدّد نخلة من بين تلك التقنيات التأمّل، والتنفّس العميق، واليوغا. وتضيف أنّ «الحركة الجسدية كالمشي وممارسة الرياضة الخفيفة تساعد كذلك في ضبط القلق ومعالجة المشاعر المكبوتة».

نازحات يتابعن أخبار الحرب في لبنان على هواتفهنّ (أ.ب.)

الروتين المفيد

تذكّر نخلة بأهمية «الحفاظ على روتين يوميّ ضمن الإمكانيات المتاحة». يحصل ذلك من خلال تكريس بعض الوقت للعناية بالذات، كتخصيص نصف ساعة يومياً للمشي في الهواء الطلق، ومحاولة تثبيت مواعيد تناول الطعام، وإطفاء الهاتف قبل ساعة من الخلود إلى النوم.

فكّر بغيرك

من السلوكيّات البشريّة التي تساعد على تخطّي الحرب بأقلّ أضرار نفسية ممكنة، الانخراط في المساعدة الاجتماعية. فمدّ يد العون إلى الفئات الأكثر تضرُراً يمنح شعوراً بالاكتفاء والرضا عن الذات. لذلك فإنّ علم النفس ينصح مَن هم قادرون على فعل ذلك بأن يتطوّعوا لإعانة النازحين أو أهالي الضحايا، أو على الأقلّ بأن يقدّموا ما يستطيعون من مساعدات وتبرّعات.

التطوّع في خدمة الفئات الأكثر تضرراً يعود بفائدة نفسية كبيرة (أ.ب)

العلاج النفسي أوّلاً وأخيراً

تلفت الأخصائية النفسية باسكال نخلة إلى أنّ «مشاهدة القصف والدمار والتعرّض للأصوات العنيفة يولّدان حالة من التأهّب وبالتالي ضغطاً على العضلات وآلاماً جسدية». وهي تشدّد في هذا السياق على أنّ «العلاج النفسي والسلوكي ضروري حتى لمَن ليسوا في أماكن الخطر». من هنا أهمّية خلايا الدعم النفسي التي تنشط في ظل الحرب، وتقدّم استشاراتٍ مجانية لمَن هم بحاجة إليها.

لكن لعلّ أبرز ما تذكّر به نخلة هو ضرورة تصويب سرديّة الصمود التي اقتاتت عليها أجيالٌ متعاقبة من اللبنانيين. فالصمود، في المفهوم النفسيّ، ليس التأقلم مع الظروف القاهرة ولا اعتماد النكران والتجاهل للمصائب المحيطة. الصمود، وفق ما تعرّفه الأخصائية النفسية، هو «نموّ ما بعد الصدمة أي محاولة النهوض والازدهار من جديد». وقد تكون باكورة الصمود مجرّد تذكير الذات بأنه لا حرب تدوم وبأنّ لكل محنةٍ نهاية.