لماذا تفشل الأندية البرتغالية في المنافسة أوروبياً وهي الأكثر تصديراً للاعبين بالقارة؟

لم تحصل أي دولة حول العالم على أرباح مالية ضخمة، كما فعلت البرتغال، من خلال عائدات بيع اللاعبين في العقد الأخير من الزمن، غير أن هذه الأموال الضخمة لم تتحول إلى نجاحات على مستوى قدرة أنديتها على المنافسة أوروبياً.
تُعد البرتغال موطن أحد أشهر وكلاء الأعمال في العالم، جورج مينديز، وبحسب تقرير للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، بالتزامن مع العيد العاشر لنظام الانتقالات «تي إم إس»، (وهي المنصة التي أوجدت لتسجيل انتقالات اللاعبين)، فإن الأندية البرتغالية تتصدر قائمة أكبر عدد من الانتقالات، بحصولها على عائدات بقيمة 2.5 مليار يورو.
فبين العامين 2011 و2020، حصل الدوري البرتغالي على نسبة 15 في المائة من لائحة أغلى الصفقات في العالم. ومعلوم أن البرتغال تتمثل بثلاثة أندية في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، لكن أي نجاح ملحوظ لم تحققه الأندية البرتغالية منذ إنجاز بورتو بإحراز اللقب القاري عام 2004 تحت قيادة المدرب جوزيه مورينيو. ويتحدث لويك رافينيل، الباحث في مرصد كرة القدم الدولي، عن سبب قوة البرتغال في هذا المجال قائلاً: «قيمة الصفقات التي تحصل مع الأندية البرتغالية مردها إلى دور البلاد كجسر يربط بين جنوب أميركا وأكبر الأندية الأوروبية».
يشير تقرير الاتحاد الدولي إلى أن مسار اللاعبين من البرازيل إلى البرتغال هو الأكثر اعتماداً في العالم خلال السنوات العشر الأخيرة بالنسبة لحركة الانتقالات، حيث شهدت البرتغال على بداية مشوار 1550 لاعباً قبل انتشارهم في أوروبا.
وأحد أبرز الأمثلة في هذا المجال، يأتي الدولي البرازيلي إيدر ميليتاو، والذي انتقل إلى بورتو عام 2018 قادماً من ساو باولو مقابل سبعة ملايين يورو، قبل أن يتم بيعه بعد عام فقط إلى ريال مدريد الإسباني مقابل 50 مليون يورو، وهو ما يظهر قيمة الأرباح «اللافتة» التي يمكن تحقيقها. وهنا، يبرز دور وكلاء الأعمال البرتغاليين الذين أصبحوا مؤثرين على نحو لافت بسبب معرفتهم الدقيقة بأسواق اللاعبين في جنوب أميركا، والبرتغال ومعظم الدوريات الأوروبية الكبرى، بحسب ما يؤكد رافينيل.
وفي السياق عينه، يُعرف مينديز، الذي يعتبر أحد أقوى وكلاء الأعمال في العالم، بأنه جنى أموالاً طائلة لإبرامه صفقات ضخمة بين البرتغال وأندية النخبة في أوروبا. فبين العام 2011 و2020، حصل وكلاء الأعمال البرتغاليون على أرباح مالية ضخمة وصلت إلى 320 مليون يورو، لتحتل البرتغال المركز الرابع في قائمة أرباح الوسطاء.
ويقول إيمانويل ميديروس مؤسس التحالف العالمي للنزاهة في الرياضة: «حضور وكلاء الأعمال يكبر في البرتغال» لكنه يبدي خشيته من التأثير المتزايد لهم على اللاعبين الذين يكونون أحياناً «هواة وغير مخضرمين».
وفيما تحتل أندية سبورتينغ، وبنفيكا وبورتو المراكز الثلاثة الأوائل على قائمة أكثر الأندية البرتغالية حصولاً على أرباح من الانتقالات، لا يبدو أن هذا النموذج الاقتصادي الرابح استثمر على نحو صحيح في تعزيز قدراتهم التنافسية أو حاجاتهم المالية.
ويقول رافينيل: «الدوري البرتغالي يرزح تحت وطأة الديون بسبب اعتماد الأندية فقط على عائدات الانتقالات وفي حال عدم توافر هذه الأموال، تكون الخسائر فورية».
كما أدت جائحة (كوفيد - 19) إلى تقليص العائدات المالية في هذا المجال خلال السنتين الأخيرتين، وكان بنفيكا الضحية الأولى في هذا المجال من خلال تسجيله خسائر على نحو غير مسبوق منذ موسم 2012 - 2013، فيما لامست حسابات سبورتينغ المالية الذي لم يفز باللقب منذ عام 2002 الخطوط الحمر.
ويعتبر بورتو النادي الوحيد الذي سيعلن عن تحقيقه أرباحاً مالية، بعد سنوات قضاها تحت قيود قوانين اللعب المالي النظيف. ويشير ميديروس إلى أنه «في البرتغال لا وجود لمركزية النقل التلفزيوني والحقوق التسويقية التي تسهم في تعزيز العائدات وإيجاد توازن في الدوري».
بدوره، يري رافينيل أنه من أجل أن تصبح البرتغال أكثر قوة تنافسية، يتعين على أنديتها الحفاظ على بعض لاعبيها رغم أن الاختلاف في الثروات زاد كثيراً في الأعوام الأخيرة، مقارنة بأندية كمانشستر سيتي، وباريس سان جيرمان، إذ إن الفارق هائل جداً.