الصدر يدعو إلى «إنقاذ العراق» من دون تحديد آلية

بعد 3 أيام من تراجعه عن تسلم تياره رئاسة الحكومة

ملصق دعائي لمرشحة في الانتخابات معلق على جدار وراء مولد كهرباء أهلي ببغداد في خضم أزمة الكهرباء التي يعانيها العراق عموماً (أ.ب)
ملصق دعائي لمرشحة في الانتخابات معلق على جدار وراء مولد كهرباء أهلي ببغداد في خضم أزمة الكهرباء التي يعانيها العراق عموماً (أ.ب)
TT

الصدر يدعو إلى «إنقاذ العراق» من دون تحديد آلية

ملصق دعائي لمرشحة في الانتخابات معلق على جدار وراء مولد كهرباء أهلي ببغداد في خضم أزمة الكهرباء التي يعانيها العراق عموماً (أ.ب)
ملصق دعائي لمرشحة في الانتخابات معلق على جدار وراء مولد كهرباء أهلي ببغداد في خضم أزمة الكهرباء التي يعانيها العراق عموماً (أ.ب)

تختلف تغريدات زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر المخصصة لمعاقبة أعضاء تياره الخارجين عن الضوابط عن كل ما يصدره الزعماء العراقيون من بيانات أو تغريدات. فالصدر؛ الذي تتربع كتلته «سائرون» على عرش أعلى المقاعد في البرلمان الحالي (54 مقعداً من أصل 329)، هو الوحيد الذي يملك القدرة على تحريك الشارع وتغيير المعادلات السياسية بمجرد أن يصدر عنه موقف؛ إن كان على شكل تغريدة أو بيان حتى لو كان مقتضباً.
الصدر؛ الذي يرفض الزج باسمه في المعادلات السياسية، يعدّ اللاعب الأمهر بين من يعدون أنفسهم سياسيين بارعين؛ سواء من الكتل الشيعية التي كثيراً ما تضبط ساعاتها على ما يصدر عنه من مواقف، أو الكتل الأخرى السنية والكردية التي تحرص على إقامة علاقات متوازنة معه ومع تياره. التغريدة الأخيرة للصدر أمس الاثنين هي الأقصر بين كل تغريداته وبياناته، التي كثيراً ما تكون طويلة؛ إذ تتكون من 4 مفردات فقط؛ هي: «إنقاذ العراق واجب وطني».
وفي حين لم يحدد الصدر الآلية التي يريد من خلالها إنقاذ العراق؛ لا سيما أنه أعلن قبل 3 تراجعه عن تسلم أحد من آل الصدر رئاسة الحكومة المقبلة، فإن هذه التغريدة التي سوف يفهمها خصومه في البيت الشيعي على أنها رسالة ليست حمّالة أوجه؛ بل ذات وجه واحد؛ هو أن مسؤولية الإنقاذ تقع على عاتقه هو ومن يسير في دربه. فقد قلب الصدر خلال الأشهر الثلاثة الماضية، منذ بدء الحملة الانتخابية وحتى قبيل أقل من أسبوعين على إجراء الانتخابات، المعادلة السياسية شديدة الاختلال في العراق أكثر من مرة. ففي قرار بدا مفاجئاً وبعد إعلان مفوضية الانتخابات غلق أبواب الانسحاب من الانتخابات أعلن الصدر انسحابه منها. وما إن أعلن الانسحاب حتى سارع كل أعضاء «التيار الصدري» المرشحين للانتخابات إلى الانسحاب منها باستثناء بضعة أشخاص هم أصلاً ليسوا من الأعضاء العقائديين في «التيار»؛ بل من المتحالفين معه. وبرر الصدر انسحابه من السباق الانتخابي بـ«لكيلا يحترق العراق»، مثلما قال في تغريدة له متهماً خصومه في البيت الشيعي؛ خصوصاً الفصائل المسلحة الموالية لإيران، بأنها هي من تقف بالضد من توجهاته، لا سيما بعد إعلان تياره أنه سوف يحصل على 100 مقعد وسيتسلم رئاسة الحكومة المقبلة. واتهم الصدر أطرافاً سياسية دون أن يسميها بأنها هي التي أرادت حرق العراق لمجرد أن أعلن «التيار الصدري» عزمه تسلم قيادة المرحلة المقبلة، قائلاً إن «العراق احترق بدءاً من حرق المستشفيات إلى أبراج الطاقة الكهربائية». ليس هذا فقط؛ بل إن انسحابه وضع الكتل السياسية الأخرى التي تريد إجراء انتخابات طبيعية في وضع حرج. ولأول مرة جرى تداول فكرة إمكانية إرجاء موعد الانتخابات رغم الإصرار العلني من قبل الجميع على إجرائها في موعدها بسبب أنه يصعب إجراء الانتخابات دون مشاركة الصدريين.
ومن بين أبرز الأسباب التي جعلت الكتل السياسية التي تحاول الوقوف موقفاً وسطاً بين الصدر وخصومه تحرص على مشاركة الصدر في الانتخابات؛ هو لكيلا تختل المعادلة لصالح طرف دون آخر. كما أن عدم مشاركة الصدر؛ الذي يملك تياراً جماهيرياً كبيراً، يمكن أن تكون له تداعياته في الشارع، وهو ما قد يؤدي إلى عرقلة نتائج الانتخابات، وربما يؤدي إلى مواجهة شيعية - شيعية. وفي الوقت الذي بدأت فيه بعض الكتل الشيعية العمل على أن تحل محل الصدر في المحافظات الوسطى والجنوبية وفي العاصمة بغداد من أجل ملء الفراغ الذي سيتركه غياب الصدريين، فإن قوى سياسية أخرى (شيعية وسنية وكردية) قررت المضي في إقناع الصدر بالمشاركة. وجرت مفاوضات خاصة استمرت لنحو أسبوعين أسفرت عن موافقة مشروطة للصدر على العودة إلى السباق الانتخابي.
القوى التي تولت الوساطة قبلت بشروط الصدر التي تتعلق بالإصلاح وآلياته وتعديل الدستور، ووقعت على وثيقة بهذا الخصوص قرر الصدر على أثرها العودة إلى الانتخابات. وحال عودة الصدر بدأ «التيار الصدري» يعلن ثانية حصوله على أعلى المقاعد وتشكيل الحكومة على أن يتولاها «صدري قح». عند هذا الإصرار بدأ خصوم الصدر يعيدون حساباتهم من جديد لخوض جولة جديدة من الصراع المرير معه وسط الجمهور الشيعي. لكن إعلان الصدر قبل يومين عدم رغبته في تولي صدري رئاسة الحكومة جعل جميع الأطراف تراجع حساباتها من جديد بشأن ما إذا كان الصدر قد تخلى كلياً؛ أو إنه سيدعم أحد المرشحين المحتملين، ولعل الشخص الأنسب الذي بدأت تتجه الأنظار إليه بوصفه أحد أبرز المدعومين من الصدر هو رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي. وهذا بحد ذاته سيجعل خصوم الصدر يعيدون حساباتهم من جديد لأن الكاظمي خصم مشترك لهم جميعاً. لكن إعلان الصدر أمس، وفي أقصر تغريدة، أنه يجب «إنقاذ العراق» جعل الجميع يعيدون حساباتهم مرة أخرى ومعها أنفاسهم التي سوف تبقى محبوسة حتى يوم الانتخابات؛ عندها سيتبين مع بدء إعلان المفوضية عن الفائزين من سيتنفس الصعداء ومن ستبقى أنفاسه محبوسة حتى تشكيل الحكومة المقبلة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).