الليبراليون أساسيون في تشكيل «ائتلاف ما بعد ميركل»

زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» كريستيان ليندنر (أ.ب)
زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» كريستيان ليندنر (أ.ب)
TT

الليبراليون أساسيون في تشكيل «ائتلاف ما بعد ميركل»

زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» كريستيان ليندنر (أ.ب)
زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» كريستيان ليندنر (أ.ب)

يحضّر الليبراليون الألمان لعودة قوية، ويؤكدون أنهم أساسيون في تشكيل ائتلاف ما بعد ميركل. لكن ما التسوية التي يستعد هذا الحزب لأن يقدم عليها للحكم مع «الخضر»؛ «خصومه المفضلين»؟
مع 11.5 في المائة من الأصوات في الانتخابات التشريعية الأحد، يدرك «الحزب الديمقراطي الحر» الليبرالي أنه فاز بأكثر من المرتبة الرابعة. وبات مع حزب الخضر (14.8 في المائة) صاحب دور بارز في المفاوضات الطويلة المقبلة لتحقيق غالبية، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
يمكن للخضر والليبراليين أن يقرروا التحالف مع «الاشتراكيين الديمقراطيين» الذين تقدموا بشكل طفيف، أو مع المحافظين الذين يطمحون أيضاً إلى أن يحكموا. ويتحكم الحزبان الصغيران بمصير الأحزاب الكبرى، شرط أن يتمكنا من التغلب على خلافاتهما.
ويبدو أنه من الصعب التوفيق بين نهج الحزب الديمقراطي الحر الثابت في موقفه من الموازنة والرافض الزيادات الضريبية وتنظيم الدولة، وخط «الخضر» الذي يريد رفع الحد الأدنى للأجور وفرض ضرائب على الأغنى واستثمار المليارات من المال العام في التحول البيئي.
يبدو أن المشهد ليس جديداً بالنسبة لزعيم الحزب كريستيان ليندنر، الذي كان على وشك تشكيل تحالف مع المحافظين و«الخضر» خلال انتخابات 2017.
لكن بعد أسابيع عدة، انسحب الحزب الديمقراطي الحر من المحادثات دون سابق إنذار، مؤكداً أنه «من الأفضل عدم الحكم على الحكم بشكل سيئ». وأغرق هذا القرار ألمانيا في أزمة سياسية غير مسبوقة، مما أدى إلى تأخير تشكيل الحكومة أشهراً عدة.
بعد 4 سنوات، تغير الوضع. يقول بول موريس؛ المختص في شؤون ألمانيا في «المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية»: «يبدو أن الليبراليين لديهم رغبة كبيرة في الانضمام إلى الحكومة».
وقام ليندنر؛ المستشار السابق البالغ من العمر 42 عاماً، بمبادرة تجاه حزب الخضر مساء الأحد: «الحكومة المقبلة ستكون بيئية بامتياز. إنها رغبة واضحة للمجتمع». واعترف بأن «بين (حزب الخضر) و(الحزب الديمقراطي الحر) أكبر الخلافات، وعليهما بدء المفاوضات» قبل المضي قدماً مع الأحزاب الرئيسية.
وتلقت زعيمة «الخضر» أنالينا بربوك الرسالة جيداً. واقترحت هي الأخرى أن يبدأ الحزبان التحاور. ويتوقع المراقبون ألا تُردم الهوة بسهولة بين الحزب المفضل في أوساط الأعمال، والخضر المدافعين عن نمو أخضر.
وأشارت صحيفة «فرنكفورتر ألغماينه تسايتونغ»، الاثنين، إلى أن «(حزب الخضر) كان الخصم المفضل لليبراليين لسنوات عديدة»، مذكرة بأن «الحزب الديمقراطي الحر» يقلل من شأن «حزب الخضر» بانتظام على أنه «حزب المحظورات».
لا يخفي كريستيان ليندنر؛ الذي انضم إلى صفوف «الحزب الديمقراطي الحر» في سن السادسة عشرة وتولى قيادته وهو في الرابعة والثلاثين، طموحه: أن يصبح وزيراً للمالية في أول قوة اقتصادية أوروبية. وهذا بحد ذاته يطرح معضلة لـ«الخضر».
وكتبت صحيفة «در شبيغل» أن «الخضر والليبراليين متباعدون كل البعد، لا سيما حول مسألة تمويل حماية فعالة للمناخ دون التأثير على ذوي الدخل المنخفض. من المرجح أن تكون مسألة التمويل موضوع نقاش محموم خلال المحادثات».
على المستوى الإقليمي، وجد الحزبان أرضية مشتركة لأنهما يحكمان معاً في ولايتين، في راينلاند بالاتينات (غرب) بقيادة «الحزب الاشتراكي الديمقراطي»، وفي شليسفيغ هولشتاين (شمال) بقيادة «الاتحاد المسيحي الديمقراطي».
كما أنهما الحزبان المفضلان لدى الشباب الذين يثنون على انفتاحهما على القضايا الاجتماعية (الأسرة وحقوق الأقليات والحريات الفردية). وحل «حزب الخضر» و«الليبراليون» في المرتبة الأولى لدى الناخبين الذين صوتوا لأول مرة.
يعود الفضل في هذه الشعبية الجديدة لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إلى كريستيان ليندنر. فقد أعطى زخماً جديداً للحزب الذي حصل على 4.8 في المائة في الانتخابات التشريعية في 2013. وسيسمح له الدخول إلى الحكومة بالعودة إلى تاريخه. فغالباً ما شارك الحزب في حكومات ائتلافية معظمها مع حزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي»؛ آخر مرة من 2009 إلى 2013.
كان أحد قادته هانز ديتريش غينشر (1927 - 2016) وزيراً للخارجية لفترة طويلة، ولعب دوراً مهماً في إعادة توحيد البلاد وبناء أوروبا.



كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.