وستهام... من معارك الهبوط إلى المنافسة في المسابقات الأوروبية

النادي تغلب على الخلل الإداري وبدأ يتخلص من أخطاء الماضي ومنح الثقة للمدرب مويز

وستهام بدأ مشواره الأوروبي بقوة بالفوز على دينامو زغرب الكرواتي في عقر داره (غيتي)
وستهام بدأ مشواره الأوروبي بقوة بالفوز على دينامو زغرب الكرواتي في عقر داره (غيتي)
TT

وستهام... من معارك الهبوط إلى المنافسة في المسابقات الأوروبية

وستهام بدأ مشواره الأوروبي بقوة بالفوز على دينامو زغرب الكرواتي في عقر داره (غيتي)
وستهام بدأ مشواره الأوروبي بقوة بالفوز على دينامو زغرب الكرواتي في عقر داره (غيتي)

يحدث شيء غريب في وستهام في الفترة الحالية، فبعد سنوات من الخلل الوظيفي، بدأ النادي يتخذ العديد من القرارات المعقولة التي تجعل المرء يسعى للتأكد منها ومما إذا كان هذا هو نفس النادي الذي كان يعتقد يوماً ما أن الثقة في أفرام غرانت لإنقاذه من الهبوط كانت خطوة ذكية! ومن الملاحظ للجميع أن الأجواء قد تغيرت تماماً حول ملعب لندن الأولمبي. وفي نفس هذا التوقيت من العام الماضي، كان جمهور وستهام غاضباً للغاية ويحتج بشدة بعد انتقال غرادي ديانغانا إلى وست بروميتش ألبيون. وحتى قائد النادي، مارك نوبل، قد أعرب عن استيائه، وبدا أن العلاقة بين مجلس إدارة وستهام وجماهير النادي انهارت بشكل يتعذر إصلاحه بعد النتائج السيئة التي كان يحققها الفريق.
ويجب الإشارة إلى أن الاستياء الذي تفاقم منذ انتقال النادي إلى ملعب لندن الأولمبي في مدينة ستراتفورد في عام 2016. لم يختف تماماً. فاحتلال الفريق للمركز السادس في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي لم ينهِ حالة الاستياء من مالكي وست هام، ديفيد غولد وديفيد سوليفان، ونائبة الرئيس، كارين برادي، وهو الأمر الذي كان واضحاً من خلال احتجاجات الجماهير قبل المباراة التي لعبها وستهام على ملعبه أمام برينتفورد في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقالت رابطة «هامرز يونايتد» الجماهيرية التي نظمت الاحتجاجات إن مسؤولي النادي دمروا الثقة والولاء والتراث. وأكدت الرابطة على أن رغبتها في رحيل كل من غولد وسوليفان وبرادي لا تتعلق بالنتائج التي يحققها الفريق. ومع ذلك، يبدو هذا التوقيت غريباً للغاية. لقد تغيرت الأمور بشكل كبير خلال الـ19 شهراً منذ احتجاج رابطة «هامرز يونايتد» الأخير.
لقد كان وستهام يصارع من أجل البقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز في ذلك الوقت، لكنه يحقق نتائج رائعة في الوقت الحالي. لقد كون المدير الفني الأسكوتلندي ديفيد مويز فريقاً ملتزماً وموهوباً وقوياً، كما أنه بات من الصعب تبرير الاتهامات بشأن افتقار النادي إلى الطموح، نظراً لأن النادي يلعب حالياً في بطولة الدوري الأوروبي، وبدأ مشواره بقوة بالفوز على دينامو زغرب الكرواتي في عقر داره بهدفين دون رد. إضافة إلى الإطاحة بمانشستر يونايتد من كأس رابطة الأندية المحترفة بعد أن فرط في فوز مستحق عليه في بطولة الدوري قبلها بأيام.
ورغم تأهل النادي لبطولة الدوري الأوروبي للمرة الأولى منذ عام 2006، لا يزال كثيرون ينتقدون مجلس إدارة النادي. لكن إذا كان من العدل توجيه الكثير من الانتقادات لما فعله سوليفان وغولد منذ شراء النادي في يناير (كانون الثاني) 2010. فمن العدل أيضاً الاعتراف بأنهما قد تعلما الكثير من الأخطاء التي ارتكباها. ويعود الكثير من ذلك إلى الاعتراف بأنه كان من الخطأ عدم تعيين مويز على رأس القيادة الفنية للفريق في نهاية فترته الأولى في مايو (أيار) 2018. وبدلاً من ذلك، كان تعيين مانويل بيلغريني مضيعة للوقت. لقد كان وستهام في أشد الحاجة إلى الاستقرار، وقام مويز بعمل رائع منذ عودته للنادي في ديسمبر (كانون الأول) 2019.
ويعمل المدير الفني الأسكوتلندي وفق رؤية واضحة. وفي أول فترة انتقالات له مع الفريق، جعل وستهام أكثر قوة في خط الوسط من خلال التعاقد مع توماس سوتشيك، كما دعم خط هجومه بشكل قوي من خلال التعاقد مع جارود بوين القادم من دوري الدرجة الأولى. لقد أثبت مويز أنه كان محقاً تماماً في إبرام هاتين الصفقتين، نظراً لأنهما ساعدتا النادي في تقوية مناطق الضعف الواضحة، كما عكستا رغبة مويز في التعاقد مع لاعبين صغار في السن ولديهم حماس هائل لإثبات أنفسهم، وليس لاعبين كباراً في السن يأتون إلى وستهام من أجل إنهاء مسيرتهم الكروية هناك!
وبعدما كان وست هام يعاني من تخبط كبير في سوق الانتقالات، أصبح النادي يتصرف بذكاء كبير تحت قيادة مويز. ومن الواضح أن المدير الفني الأسكوتلندي لا يرغب في التعاقد مع بعض اللاعبين لمجرد أن يقال إنه دعم صفوف فريقه، لكنه يبحث عن اللاعبين الذين يقدمون الإضافة للفريق في المراكز التي يحتاجها، والدليل على ذلك أنه عندما لم يجد مهاجماً جيداً لتدعيم الخط الأمامي فإنه رفض التعاقد مع أي مهاجم خلال فترتي الانتقالات السابقتين، وهو الأمر الذي جعل مايكل أنطونيو هو المهاجم الوحيد للفريق في الوقت الحالي.
إن ما يفعله مويز حالياً يذكر الجميع بالأخطاء التي كان يرتكبها النادي في الماضي. ومن الواضح أن وستهام يندم حالياً على القرارات الخاطئة التي اتخذها تحت قيادة بيلغريني. وإن كان الفريق يعاني من ضعف في قائمته حالياً، فإن ذلك يعود إلى أن مويز يريد التخلص من اللاعبين الذين ليس لهم دور مع الفريق، بالإضافة إلى أنه لم يتمكن من جمع الكثير من المال من خلال بيع اللاعبين الذين لا يحتاجهم الفريق. وحتى أغلى صفقتين في تاريخ وستهام - فيليب أندرسون وسيباستيان هالر - قد رحلا عن الفريق بخسائر فادحة هذا العام.
ومع ذلك، فقد واصل وستهام المضي قدماً، وتعلم التحلي بالصبر، ولم يتحرك بذعر خلال فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة. لقد انتظر وستهام حتى أوشكت فترة الانتقالات الصيفية على الانتهاء ثم تحرك بذكاء للتعاقد مع كورت زوما مقابل 29.8 مليون جنيه إسترليني، ونيكولا فلاسيتش مقابل 25 مليون جنيه إسترليني، وأليكس كرال على سبيل الإعارة. لقد كان النادي يتحرك وفق خطة موضوعة بعناية، فحارس المرمى ألفونس أريولا، الذي تعاقد معه وستهام على سبيل الإعارة من باريس سان جيرمان، يمتلك القدرات التي تمكنه أن يكون الحارس الأول للفريق على حساب لوكاس فابيانسكي البالغ من العمر 36 عاماً. كما أن زوما سيكون إضافة قوية للغاية لخط دفاع الفريق بعد انضمامه من تشيلسي.
ويقدم كرال، لاعب وسط منتخب التشيك البالغ من العمر 23 عاماً، خياراً آخر في خط الوسط بجانب كل من سوتشيك وديكلان رايس. أما فلاسيتش، لاعب خط الوسط المهاجم المميز، فيخفف من خيبة الأمل التي شعر بها النادي بعد الفشل في التعاقد بشكل دائم مع جيسي لينغارد لاعب مانشستر يونايتد، الذي تألق بقميص وستهام على سبيل الإعارة الموسم الماضي. لكن مفتاح النجاح الرئيسي يتمثل في الثقة في مويز. لقد أصبح سوليفان، والذي يعد أقوى شخصية في مجلس الإدارة، أقل تدخلاً في صفقات الانتقال، وأصبح يركز بدلاً من ذلك على تزويد المدير الفني للفريق ببنية تحتية أفضل. كما اتخذ النادي خطوات إيجابية أخرى بتعيين روب نيومان، الذي كان يعمل سابقاً في مانشستر سيتي، كرئيس للجنة التعاقدات بالنادي خلال الشهر الحالي، والتعاقد مع مارك روشون كمحلل لأداء الفريق.
ومع ذلك، لا يزال الطريق طويلاً، فخلال الصيف المقبل سيدخل النادي في معركة صعبة من أجل الاحتفاظ بخدمات ديكلان رايس، الذي يرغب كل من تشيلسي ومانشستر يونايتد في التعاقد معه. ورغم كل التقدم الذي أحرزه وستهام، فلا يزال بعيداً كل البعد عن أندية القمة، بالإضافة إلى أن النادي لا يمتلك خبرات كبيرة في البطولات الأوروبية، رغم الفوز على دينامو زغرب، الذي تفوق على توتنهام في دور الستة عشر الموسم الماضي. وليس هناك ما يضمن تأهل وستهام من هذه المجموعة، التي تضم أيضاً كلاً من جينك ورابيد فيينا. إن هذا ما وُعد به المشجعون عندما انتقل وست هام إلى ملعب لندن الأولمبي. وهذه هي اللحظة التي كانوا ينتظرونها منذ انتقالهم من الملعب التاريخي للنادي، وكل ما حدث قبل هذه النقطة - معارك الهبوط، واقتحام الملعب أمام بيرنلي - لن يكون مهماً عندما يخوض النادي مبارياته الأوروبية المهمة!



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».