نورلاند لـ«الشرق الأوسط» : لا مجال للعودة إلى الوراء في ليبيا

المبعوث الأميركي قال إن قرار البرلمان بسحب الثقة من الحكومة لن يغير شيئاً

نورلاند في طرابلس منتصف الشهر الحالي (أ.ب)
نورلاند في طرابلس منتصف الشهر الحالي (أ.ب)
TT

نورلاند لـ«الشرق الأوسط» : لا مجال للعودة إلى الوراء في ليبيا

نورلاند في طرابلس منتصف الشهر الحالي (أ.ب)
نورلاند في طرابلس منتصف الشهر الحالي (أ.ب)

لا يشارك المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند، كثيرين داخل البلاد وخارجها تخوفاتهم حول مستقبل العملية السياسية، رغم تصاعد الخلافات مجدداً بين الأفرقاء، ولا يزال يتوقع أن تجرى الانتخابات في الموعد المحدد قبل نهاية العام.
ويؤكد نورلاند في مقابلة مع «الشرق الأوسط» أن السياسيين الليبيين «يعون أن إجراء الانتخابات هو السبيل الوحيد لتأمين الشرعية ودفع البلاد إلى الأمام، ولدي ثقة أنه سيكون هناك تشريع قانوني قريباً لتنظيم الانتخابات بشقيها الرئاسي والبرلماني، ولتتمكن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من الإعلان رسمياً عن انطلاق العملية الانتخابية».
ونوه إلى اللقاء الذي جمع مستشار وزارة الخارجية الأميركية ديريك شوليت ورئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السائح، منتصف الشهر الحالي. وقال: «كنت حاضراً اللقاء، وكان الانطباع الرئيسي لدينا هو الشعور بالثقة في أن المفوضية استكملت جميع الترتيبات الفنية المطلوبة لدعم إجراء انتخابات ناجحة، ولم يعد يتبقى إلا وجود التشريع القانوني، ونتوقع من القادة الليبيين أن يكونوا بصدد تحقيق هذا الأمر قريباً».
ولفت إلى أن «الهدف الرئيسي للولايات المتحدة راهناً هو مساعدة الليبيين على إجراء انتخابات نزيهة تحظى نتائجها بقبول مجتمعي واسع، إلى جانب المساعدة في جهود خروج القوات الأجنبية كافة من ليبيا، الروسية والتركية على حد سواء». واستبعد تكليف حكومة جديدة بدلاً من حكومة «الوحدة الوطنية».
نورلاند (66 عاماً) الدبلوماسي المتمرس الذي عُيّن قبل أربعة أشهر فقط كمبعوث خاص للولايات المتحدة إلى ليبيا، إلى جانب كونه سفيرها، لخص موقف بلاده حيال قرار البرلمان الليبي مؤخراً بسحب الثقة من الحكومة الليبية، قائلاً: «ليبيا لديها حكومة مؤقتة واحدة، هي الوحدة الوطنية، وتتمثل مهمتها الأساسية في تمهيد الطريق لانتخابات 24 ديسمبر (كانون الأول)، وتصويت مجلس النواب لم يغير ذلك. لقد اجتمعت منتصف هذا الشهر مع رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، وأعتقد أنه ملتزم تنفيذ واجبات حكومته».
واستكمل: «أعتقد أن جميع الفاعلين والمسؤولين في الساحة السياسية الليبية باتوا مدركين أن الانتخابات يجب أن تجرى في الموعد المحدد لها، وأنه لا يوجد مجال للعودة إلى الوراء، وأتوقع أن يبذل المجتمع الدولي، وتحديداً الولايات المتحدة، أقصى جهد ممكن لدعم إجراء انتخابات نزيهة تحظى نتائجها بقبول وتأييد واسع بين صفوف الليبيين».
وفيما يتعلق بالطرح الأميركي لإجراء الانتخابات على مرحلتين، أجاب: «الليبيون وحدهم هم من يملكون تقرير مستقبلهم السياسي وكيفية الوصول إليه، سواء كانت جولة واحدة أو اثنتين. أميركا حاولت في إطار دعمها للعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة تسليط الضوء على بعض الاقتراحات والحلول الوسط التي اعتبرت مفيدة من بين جملة رؤى وأفكار طرحتها مختلف الأطراف الليبية».
ونفى السفير الأميركي أن يكون لبلاده مرشح في الانتخابات الرئاسية الليبية ستتجه لدعمه، وقال: «مطلقاً، ليس لبلادي مرشح مفضل»، مؤكداً «حق الشعب الليبي بمفرده في اختيار من يقوده بالمستقبل بعيداً عن أي تدخلات خارجية».
وبتحفظ شديد في الرد على تساؤل حول تصريحات تركيا المتكررة برفض خروج قواتها من ليبيا، قال نورلاند إن «رحيل المقاتلين والمرتزقة والقوات الأجنبية هدف يتقاسمه معظم الليبيين»، وهو بند متضمن بالاتفاقيات والمؤتمرات الدولية التي عقدت حول ليبيا وأيضاً في القرارات الدولية، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم 2570. ورأى أن «الطريقة والكيفية الواجب اتباعها لتحقيق هذا الهدف تظل مهمة رئيسية بمقدمة أولويات عمل السلطة الليبية، والولايات المتحدة ستواصل العمل مع الشركاء الليبيين والدوليين من أجل تحقيق هذه الأهداف. ليبيا تستحق استعادة سيادتها».
ورأى أن «هناك أسباباً عدة لتواجد القوات العسكرية الأجنبية في ليبيا، التركية والروسية على حد سواء، وزاد الوضع مع تدفق آلاف المقاتلين والمرتزقة الأجانب من الجانبين». وأضاف أن «هدف الولايات المتحدة، كما كرره وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في تصريحاته في نيويورك الأسبوع الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، هو تأمين الرحيل الكامل لجميع هذه العناصر العسكرية في أقرب وقت ممكن حتى تتمكن ليبيا ذات السيادة من اتخاذ قراراتها الخاصة فيما يتعلق بعقد أي تحالف أمني أو عسكري».
وأشار في هذا الإطار إلى تقدير بلاده للتنسيق القائم فيما بينها وبين السلطات الليبية في مجال مكافحة الإرهاب، معرباً عن تطلعها للحفاظ على هذا التعاون عبر حكومة ليبية دائمة وموحدة بعد انتخابات ديسمبر (كانون الأول). وشدد على أهمية «أن تتشكل حكومة ليبية قوية وقادرة على فرض السيطرة الكاملة على حدودها وأن تتكفل بتوفير النمو الاقتصادي والاستقرار السياسي المطلوب لمنع الأنشطة الإرهابية والمتطرفة من التجذر».
وخلص المبعوث الأميركي إلى أن «على مواطني ليبيا والمنطقة أن يقرروا من سيقودهم، وما هي الفلسفات السياسية التي يرغبون في تأييدها، وأعتقد أن معظم الليبيين يبحثون عن حياة طبيعية من دون حرب أهلية أو اضطرابات سياسية أو انقطاع للكهرباء ومن دون الاصطفاف بطوابير طويلة في البنوك أو محطات الوقود ومن دون ارتفاع بمعدلات الإصابة بفيروس (كورونا)، تلك هي المعركة الحقيقية التي ستدور حولها الانتخابات المرتقبة التي ستدعمها الولايات المتحدة، والجهود التي تبذل في اليوم التالي للانتخابات لتقديم هذه الخدمات الحيوية».



مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
TT

مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)

في أول زيارة لوزير خارجية مصر إلى السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، سلم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الذي استقبله في بورتسودان.

ونقل الوزير المصري، إلى البرهان «اعتزاز الرئيس السيسي بالعلاقات التاريخية والأخوية بين مصر والسودان، والعزم على بذل كل المساعي الممكنة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للسودان».

جلسة مباحثات مصرية - سودانية موسعة (الخارجية المصرية)

وأشار عبد العاطي، وفق بيان للخارجية المصرية، إلى أن «الزيارة تأتي للإعراب عن تضامن مُخلص مع السودان في هذا المنعطف التاريخي الخطير، وللوقوف بجانب دولة شقيقة في ظل الروابط العميقة والعلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين».

كما أشار إلى «حرص مصر على الانخراط بفاعلية في الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الاستقرار في السودان الشقيق، بما يصون مصالحه وسيادته ووحدة أراضيه»، منوهاً بـ«جهود مصر لاستئناف السودان لأنشطته في الاتحاد الأفريقي».

وشهدت زيارة عبد العاطي لبورتسودان جلسة مشاورات رسمية بين وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني، علي يوسف الشريف بحضور وفدي البلدين، شدد الوزير المصري خلالها على «دعم بلاده الكامل للسودان قيادة وشعباً، وحرص مصر على بذل الجهود لرفع المعاناة عن الشعب السوداني».

وزير الخارجية السوداني يستقبل نظيره المصري (الخارجية المصرية)

واستعرض، وفق البيان، موقف مصر الداعي لـ«وقف فوري لإطلاق النار والإسراع من وتيرة نفاذ المساعدات الإنسانية، وأهمية التعاون مع مبادرات الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظمات الإغاثة الدولية لتسهيل نفاذ تلك المساعدات».

كما حرص الجانبان على تناول ملف الأمن المائي باستفاضة، في ظل «مواقف البلدين المتطابقة بعدّهما دولتي مصب علي نهر النيل»، واتفقا على «الاستمرار في التنسيق والتعاون الوثيق بشكل مشترك لحفظ وصون الأمن المائي المصري والسوداني».

تضمنت الزيارة، كما أشار البيان، لقاء عبد العاطي مع الفريق إبراهيم جابر، عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، وأكد خلاله الوزير المصري «موقف بلاده الثابت القائم على دعم المؤسسات الوطنية السودانية واحترام وحدة وسلامة الأراضي السودانية».

كما عقد الوزير عبد العاطي لقاء مع ممثلي مجتمع الأعمال السوداني لتعزيز التعاون بين رجال الأعمال من البلدين واستكشاف فرص الاستثمار المشترك والاستفادة من الفرص الهائلة التي يتيحها الاقتصاد المصري، والعمل على مضاعفة التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين. كما التقى مع مجموعة من السياسيين وممثلي المجتمع المدني من السودان، فضلاً عن لقاء مع أعضاء الجالية المصرية في بورتسودان واستمع إلى شواغلهم ومداخلاتهم.

بدورها، نقلت السفارة السودانية في القاهرة، عن وزير الخارجية علي يوسف، تقديمه «الشكر للشقيقة مصر على وقفتھا الصلبة الداعمة للسودان»، في ظل «خوضه حرب الكرامة الوطنية ضد ميليشيا الدعم السريع المتمردة ومرتزقتھا وداعميھا الإقليميين»، على حد وصف البيان.

ولفت البيان السوداني إلى أن الجانبين ناقشا «سبل تذليل المعوقات التي تواجه السودانيين المقيمين في مصر مؤقتاً بسبب الحرب، خاصة في الجوانب الھجرية والتعليمية»، واتفقا على «وضع معالجات عملية وناجعة لتلك القضايا في ضوء العلاقات الأزلية بين الشعبين الشقيقين».