برز خلاف جديد بين مجلس النواب الليبي والمجلس الرئاسي الذي يقوده محمد المنفي، أمس، بعدما كشف الأخير عن أنه سيحث المرشحين في الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل على عدم المشاركة «ما لم يكن هناك توافق على الإطار القانوني للتصويت»، فيما اعتبر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أن «الانتخابات هي الحل الوحيد لتحقيق إرادة الشعب الليبي وإنهاء حالة الانقسام والفوضى للوصول بالبلاد إلى مرحلة الاستقرار».
واستغل صالح لقاءه، مساء أول من أمس، بمكتبه في مدينة القبة مع أعضاء اتحاد الطلبة، للتأكيد على «ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها». وجاءت هذه التصريحات بينما فرض مجلس النواب جواً من الغموض على جلسة من المقرر أن يعقدها اليوم بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي لمناقشة مشروع قانون انتخاب مجلس النواب الجديد.
وامتنع الناطق باسم المجلس عبد الله بليحق عن التعليق على عقد الجلسة التي قال نواب إنها ستؤجل، بينما طالب «حراك 24 ديسمبر (كانون الأول)» المجلس بإصدار قانون انتخاب البرلمان الجديد، وشدد في بيان أمس على أنه «لا حل سياسيا في ليبيا غير إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الموعد المتفق عليه حسب خريطة الطريق».
وطالب 46 من أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي، بعثة الأمم المتحدة التي ترعى الملتقى بعقد جلسة طارئة للوقوف على ما يُعيق تطبيق خريطة الطريق في ليبيا، نظراً إلى ما وصفوه بالتطورات الخطيرة المتسارعة التي تهدد وحدة البلاد واستقرارها وأمنها وقد تعيق تحقيق الاستقرار والسلام وتخل بالمسار الديمقراطي الذي يتحقق من خلال إجراء الانتخابات في آجالها المحددة».
ودعوا في رسالة وجهوها إلى رئيس البعثة يان كوبيش، أمس، لعقد هذه الجلسة لبحث «ما يعيق تنفيذ خريطة الطريق للمرحلة التمهيدية ولاقتراح المعالجات المناسبة لما يعترض تطبيقها التي تهدد بانهيار العملية السياسية والمسار بأكمله». وأشارت الرسالة إلى عزم أعضاء الملتقى على «التحرك الإيجابي والاستباقي وأنهم عقدوا العزم وبحزم على إنقاذ البلاد وإنفاذ خريطة الطريق وإعلان حالة انعقاد الملتقى والاجتماع داخل ليبيا أو خارجها».
بدوره، اعتبر المنفي في تصريحات لوكالة «رويترز» من نيويورك حيث يشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أن «عدم وجود رؤية للانتخابات والمرحلة المقبلة هو خطر بحد ذاته»، لافتاً إلى أن هدفه هو «ضمان أن تمضي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قدماً كما هو مخطط لها».
وفي تلويح هو الثاني من نوعه بإمكانية دخوله على خط الأزمة المتعلقة بقانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة قبل نهاية العام المقبل، قال المنفي إن «المشكلة ليست فقط مشكلة قانونية أو في سنّ هذه القوانين. هي مشكلة سياسية أيضاً». وأضاف أن الأساس القانوني للانتخابات يجب أن يوافق عليه كل من البرلمان ومجلس الدولة، لافتاً إلى أن «الجزئية المتعلقة بقانون الانتخابات والقاعدة الدستورية، ضمن مسار دستوري أكثر من هو ملتزم به هو مجلس النواب ومجلس الدولة».
واعتبر المنفي أن «من الضروري التأكد قبل أي انتخابات من وجود اتفاق على أساسها القانوني وأن جميع المرشحين سيقبلون النتائج. لا بد من التضحية في حالة عدم التوافق، والتضحية هي أن يخرج المرشحون بمن فيهم رئيس المجلس الرئاسي، من التقدم إلى الانتخابات المقبلة... في حالة لم يكن هناك توافق بينهم على قبول نتائج الانتخابات».
لكنه شدد مع ذلك على أن المجلس الرئاسي لن يتدخل إلا إذا عجزت الهيئات الأخرى (مجلسا النواب والدولة) بالإضافة إلى الأمم المتحدة ومنتدى الحوار التابع لها، عن التوافق على الإطار القانوني. وقال: «نركز على أن تكون الانتخابات في موعدها».
بدورها، قالت الناطقة باسم المجلس الرئاسي نجوى وهيبة لـ«الشرق الأوسط» إن «المجلس قد يحث الشخصيات الفاعلة التي كانت جزءاً من المشهد خلال السنوات الماضية على عدم الترشح للانتخابات هذه المرة، إن كان ذلك يؤثر على التحضير للانتخابات ونجاحها، ومدى سهولة حسم القاعدة الدستورية والأطر القانونية».
وأضافت: «هذا ما زال فكرة ستطرح على الطاولة خلال المبادرة التي أعلن عنها المجلس على لسان رئيسه المنفي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسيشمل هذا أعضاء المجلس الرئاسي أنفسهم، إذا تم الاتفاق عليه»، مشيرة إلى أن «الأولوية للمجلس هي إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بإطار قانوني به أكبر قدر ممكن من التوافق ولو جزئياً».
وشرحت أن «مبادرة المجلس كما ذكرنا تقوم على جمع كل الأطراف الليبية التي لها علاقة بإنجاح الانتخابات على طاولة واحدة، للتباحث حول التحديات التي تهدد إجراء الانتخابات في موعدها ومنها كيفية حسم مسألة القاعدة الدستورية». وقالت إن المبادرة «فكرة مقترحة ونجاحها مرهون بقبول الأطراف الليبية لها. وإذا لم تنجح ستكون للمجلس خيارات ومبادرات أخرى تعلن في حينه».
واعتبرت أن المبادرة «هي مبادرة سياسية يقودها ويشرف عليها المجلس الرئاسي، وهي أول مبادرة يملك زمامها الليبيون، بخلاف كل المبادرات السابقة التي تقودها دول أخرى». وأوضحت أن جوهر المبادرة هو جمع الأطراف السياسية المعنية بإنقاذ العملية السياسية الليبية معاً، والتحاور على طاولة واحدة حول كل التحديات التي تهدد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، لحلها والتوصل لطريقة لإقرار قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات.
وقالت وهيبة إن «قرار مجلس النواب بسحب الثقة من حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة لا يجب أن يؤثر على المهمة الأبرز للمرحلة، وهي سير التجهيزات للانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ينتظرها الليبيون». ودعت إلى «المحافظة على العديد من المكاسب السياسية التي تحققت، خصوصاً على صعيد توحيد المؤسسات والمصالحة».
وأشارت إلى أن «المجلس الرئاسي كممثل للسلطة السيادية في البلاد وكقائد أعلى للجيش، يدعو الأطراف كافة إلى ضرورة الالتزام والعمل بالمهام المسندة لكل طرف وفق الأحكام والتشريعات النافذة ومخرجات الحوار الليبي، وعلى السلطة التشريعية تحمل مسؤوليتها القانونية والوطنية وإنجاز التشريعات المطلوبة لإتمام العملية الانتخابية، كما يدعو البعثة الأممية لتقديم الدعم اللازم لإتمام تنفيذ خريطة الطريق المتفق عليه».
وكان المنفي أكد لدى ترؤسه، مساء أول من أمس، في نيويورك اجتماع دول جوار ليبيا، على «أهمية الدور الأفريقي في حل الأزمة الليبية، سواء عبر الاتحاد الأفريقي مجتمعاً، أو من خلال جهود بلدان القارة منفردة»، مشيداً بـ«مبادرات دول الجوار في رأب الصدع بين الفرقاء الليبيين، ودفع العملية السياسية، من خلال دعم الحوار السياسي ومخرجاته».
وبعدما لفت إلى «الخطوات المهمة للمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة، منذ تولي السلطة في فبراير (شباط) الماضي»، أشار إلى «جهود توحيد مؤسسات الدولة المختلفة التي كانت منقسمة، وآلية العمل لتوحيد باقي المؤسسات، ومنها المؤسسة العسكرية، وكذلك إطلاق مشروع المصالحة الوطنية الذي سيمهد الطريق لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، يقبل بنتائجها الجميع». وطالب المنفي بمساهمة دول الجوار في تحقيق المصالحة الوطنية بين جميع الليبيين، للعبور إلى مرحلة الاستقرار وبناء الدولة الديمقراطية.
المنفي يلوّح بتدخل «الرئاسي» لحسم قانون الانتخابات
المنفي يلوّح بتدخل «الرئاسي» لحسم قانون الانتخابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة