حقق الاشتراكيون الديمقراطيون والمحافظون بزعامة أنجيلا ميركل نتائج متقاربة في الانتخابات التشريعية الألمانية، وفق نتائج استطلاعات للرأي لدى الخروج من مراكز الاقتراع نشرتها قنوات التلفزة العامة.
وتوقعت الاستطلاعات عبر قناة «زد دي إف» حصول الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة أولاف شولتز على 26 في المائة من الأصوات مقابل 24 في المائة للاتحاد المسيحي الديمقراطي بزعامة أرمين لاشيت، فيما توقعت قناة «إيه آر دي» نسبة متساوية من الأصوات بين الحزبين بلغت 25 في المائة.
والفارق الضئيل للغاية بين وسط اليسار ووسط اليمين، لا يسمح بإطلاق تكهنات.
كما أن صدور أول التوقعات لدى خروج الناخبين من مراكز الاقتراع في الساعة 16:00 ت غ، لن يلقي بالضرورة بعض الضوء على منحى النتائج، إذ اختار كثير من الناخبين ومن بينهم ميركل نفسها التصويت عبر البريد، وهو تصويت لا تشمله هذه المؤشرات الأولية.
وبالتالي، فإن اسم المستشار المقبل وتشكيلة غالبيته المحتملة قد لا يُعرفان مساء الأحد.
وفي مطلق الأحوال، سيترتب إجراء مفاوضات مطولة خلال الأشهر المقبلة لتشكيل الائتلاف الذي سيحكم البلاد، ولو أن ذلك يهدد بشل الاتحاد الأوروبي حتى الفصل الأول من عام 2022.
وقد تضطر ميركل التي تستعد للانسحاب من الحياة السياسية بعد 16 عاماً في السلطة، إلى البقاء في منصبها حتى نهاية العام لتصريف الأعمال.
وبعدما ظلت المستشارة المنتهية ولايتها التي ستعادل مرشدها المستشار الأسبق هيلموت كول من حيث طول عهدها، بمنأى عن السجالات الانتخابية، بذلت جهوداً مكثفة في الشوط الأخير من الحملة.
وخلال آخر تجمع انتخابي شاركت فيه ميركل (67 عاماً) التي قضت ثلاثين عاماً من حياتها في السياسة، دعت السبت، في آخن للتصويت لصالح لاشيت من أجل «مستقبل» البلاد.
لكن هل انخراط المستشارة التي تبقى في أوج شعبيتها سيكون كافياً لقطع الطريق على الحزب الاشتراكي الديمقراطي؟ يبقى السؤال مطروحاً من دون إجابة محسومة.
فبعدما راوح الحزب الاشتراكي الديمقراطي لفترة طويلة في المرتبة الثالثة، حقق صعوداً لم يكن متوقعاً منذ منتصف أغسطس (آب).
فنجح هذا الحزب، أحد أقدم الأحزاب في أوروبا، في مخالفة التكهنات التي كانت تتوقع له موتاً بطيئاً، على ضوء حملة زعيمه الخالية من أي خطأ، تقابلها أخطاء خصومه.
فبالرغم من افتقار مرشحه، رئيس بلدية هامبورغ سابقاً، إلى أي ميزة قيادية، فإنه قاد حملة لم تتخللها أي هفوة، لم يتردد خلالها في طرح نفسه بموقع الوريث الحقيقي لميركل.
أما المسيحيون الديمقراطيون، فقد يتراجعون لأول مرة منذ 1949 إلى ما دون عتبة 30 في المائة من الأصوات، بعدما تصدروا استطلاعات الرأي لفترة طويلة.
فعانى المحافظون من أخطاء زعيمهم الذي لا يتمتع بأي شعبية، فضلاً عن تراجع صورة الحزب مع بقائه طويلاً في السلطة.
وإن كان رئيس الاتحاد المسيحي الديمقراطي ورئيس حكومة ولاية شمال الراين فيستفاليا، أكبر الولايات الألمانية تعداداً، معروفاً بأنه ينجح دائماً في قلب الأمور لصالحه وفي التخلص من ألد أعدائه، إلا أن الأمر يبدو صعباً هذه المرة على لاشيت الذي فرض ترشيحه في ختام صراع شديد مع حليفه زعيم حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي ماركوس سودر، الأكثر شعبية منه.
غير أن المحافظين قد ينجحون في تعبئة الناخبين المترددين بتلويحهم بقيام ائتلاف يساري.
أما «الخضر»، فمن المتوقع أن يحلّوا في المرتبة الثالثة مع حصولهم على نحو 17 في المائة من نوايا الأصوات، ما سيشكل نتيجة تاريخية لدعاة حماية البيئة الذين لم يسبق أن تخطوا عتبة 10 في المائة سوى عام 2009، لكن طعمها سيكون مريراً بعدما تصدروا استطلاعات الرأي في أبريل (نيسان) في ظل المخاوف حيال التغير المناخي.
وارتكبت زعيمة الحزب أنالينا بيربوك (40 عاماً) سلسلة من الأخطاء قبل الصيف، فاضطرت إلى الدفاع عن نفسها بمواجهة اتهامات بانتحال مقاطع من كتابها وتقاضي علاوات لم تصرح بها.
ويطمح الخضر إلى المشاركة في الحكومة، وتحديداً مع الاشتراكيين الديمقراطيين إذا أمكن. غير أنه قد يترتب لأول مرة منذ خمسينات القرن الماضي ضمّ حزب ثالث إلى الائتلاف.
ويظهر ليبراليو الحزب الديمقراطي الحر منذ الآن في موقع «صانعي الملوك».
أما حزب «دي لينكه» اليساري الراديكالي، فيبدي استعداداً للمشاركة، لكنه سيتحتم عليه قبل ذلك التخلي عن انتقاداته للحلف الأطلسي.
وتشير التوقعات إلى أن حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف الذي دخل لأول مرة إلى مجلس النواب قبل أربع سنوات، سيرسخ حضوره في البرلمان بحصوله على نحو 10 في المائة من الأصوات، لكنه يبقى مستبعداً من أي ائتلاف محتمل.