عبد اللهيان يضفي غموضاً على موعد العودة لمحادثات فيينا

أضفى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بعض الغموض على ما عناه في تصريحات سابقة له عندما اقترح أن محادثات فيينا غير المباشرة مع الجانب الأميركي في رعاية بقية الأطراف الموقعة على خطة العمل الشاملة المشتركة ستعاود «قريباً جداً»، رافضاً أن يحدد ما إذا كان ذلك يعني أياماً أو أسابيع أو حتى أشهراً. وكذلك رفض الجهود الأميركية نحو «اتفاق أطول وأقوى»، فيما أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون لتقييد قدرة إدارة الرئيس جو بايدن على رفع العقوبات عن إيران.
وبدا عبد اللهيان كأنه يتراجع عن قوله، أول من أمس، بأنه يتوقع أن تنعقد «قريباً جداً» جولة سابعة من المحادثات النووية في العاصمة النمساوية فيينا التي بدأت منذ أشهر وتهدف إلى عودة كل الأطراف إلى «الامتثال التام» لواجباتها ضمن خطة العمل الشاملة المشتركة.
وعلى هامش الاجتماعات الرفيعة المستوى للدورة السنوية الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، تحدث عما يعنيه بعبارة «قريباً جداً»، رأى عبد اللهيان أمام مجموعة وسائل إعلام أميركية أن الغرب وطهران لديهما مفهوم مختلف للإطار الزمني المقصود. وقال: «في اللقاءات التي أجريناها كان يصر البعض على تحديد موعد وكانوا يتساءلون ماذا تعني (قريباً)؟ كم يوماً، كم أسبوعاً، كم شهراً تقصد عندما تقول قريباً؟». وأضاف أن «ثمة فرقاً كبيراً بين (قريباً) الإيرانية و(قريباً) الغربية. بالنسبة لنا، كلمة قريباً تعني حقاً في أول فرصة مناسبة - عندما ننتهي من مراجعاتنا» للملف النووي. واستطرد: «المهم هو اعتزامنا العودة إلى المحادثات، لكن المحادثات الجادة والتي تضمن حقوق الأمة الإيرانية ومصالحها»، مضيفاً «أذكركم بوعود الغرب، مثل الوعد المتكرر بأنهم سيفعلون ذلك قريباً أو في غضون بضعة أشهر لتنفيذ إنستيكس»، في إشارة إلى الآلية الأوروبية التي تلتف على أنظمة العقوبات الأميركية لتمويل تعاملات مع إيران.
ورأى أن المخاوف في شأن تقدم البرنامج النووي الإيراني «لا أساس لها»، لكنه أقر بأن «مخاوف الأطراف الأوروبية» سببها «اعتقادهم بأننا انحرفنا عن قسم من التزاماتنا في الاتفاق النووي بسبب خطوات اتخذناها». ولفت إلى أنه أبلغ مسؤولين أوروبيين بأنهم «يريدون دفع الحكومة الإيرانية الجديدة إلى طاولة المفاوضات، لکن المهم بالنسبة لنا هو أننا سنكمل مراجعتنا في أقرب وقت ممكن ثم نستأنف المفاوضات».
وفي اليوم السابق، اتهم عبد اللهيان الولايات المتحدة بتوجيه «رسائل متناقضة» في شأن إحياء الاتفاق النووي. وقال لصحيفة «نيويورك تايمز» إن بلاده لن توافق على «اتفاق أطول وأقوى» مع الدول الغربية. وأوضح أن اتفاق عام 2015 يواجه «الكثير من المنتقدين بقسوة داخل إيران»، لكن على رغم ذلك «قبلناه».
ونقلت الصحيفة الأميركية عن خبراء أن «إيران يمكن أن تنتج اليورانيوم المستخدم في صنع القنابل في غضون شهر أو شهرين، لكن الأمر يستوجب 18 شهراً أو أكثر لتحويله إلى سلاح فعال»، مضيفة أن «هناك الكثير من الوقت للولايات المتحدة وإسرائيل وغيرهما للرد. لكن مع مضي كل شهر، توسع إيران مخزونها ومعرفتها حول كيفية تخصيب اليورانيوم على نطاق واسع، إلى مستوى يقربها مما يسمى بعتبة القوة النووية، أي على وشك امتلاك سلاح نووي».
ورفض عبد اللهيان الإجابة عن أسئلة الصحافيين في شأن سبب قيام إيران للمرة الأولى بإنتاج وقود مخصب بنسبة 60 في المائة القريبة للغاية من المستوى المطلوب للأسلحة الذرية، قائلاً: «إننا نراجع ملفات مفاوضات فيينا حالياً، وستستأنف قريباً مفاوضات إيران مع مجموعة 4 + 1»، أي بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا. وأضاف «نرى نوعاً بناءً من المفاوضات من شأنه أن يؤدي إلى نتائج ملموسة يمكن التحقق منها في السياسة الخارجية للحكومة الجديدة في إيران».
في غضون ذلك، أقر مجلس النواب الأميركي بغالبية 316 صوتاً مقابل 113 مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2022، متضمناً العديد من البنود المتعلقة بإيران. وسعى أعضاء جمهوريون وديمقراطيون في مجلس النواب إلى استخدام العملية التشريعية لهذا القانون كوسيلة لممارسة الرقابة على سياسة إدارة الرئيس جو بايدن تجاه إيران، ولا سيما لجهة العودة إلى الاتفاق النووي. ويحتاج مجلس الشيوخ إلى تمرير مشروع القانون الدفاعي الخاص به. وبعد إقراره، ستكون هناك حاجة إلى التوفيق بين النسختين قبل إرساله إلى الرئيس الأميركي للتوقيع عليه.
وينبع القلق عند المشرعين الأميركيين من واقعة إطلاق الرهائن الأميركيين في إيران عام 2016 بالتزامن مع إيصال 1.7 مليار دولار نقداً على متن طائرات بهدف تسوية ديون مستحقة لمعدات عسكرية أميركية لم يجر تسليمها إلى إيران في حينه. وهناك أيضاً القلق من إحدى نقاط الضعف في الاتفاق النووي، وهي استخدام طهران لأي تخفيف للعقوبات من أجل تمويل نشاطاتها العسكرية والخبيثة في المنطقة.
وتركز مواد أخرى على ضرورة إجراء «تقييم مفصل» للعلاقات العسكرية بين الصين وإيران بعد انتهاء مفعول حظر الأسلحة على إيران بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 2231 في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، وتمدد المادة 1228 شرط الإبلاغ قبل 180 يوماً عن وكلاء إيران وشركائها في المنطقة.