بشار الجواد لـ «الشرق الأوسط»: فنان بلا هوية لا يستمر... والبقاء للأفضل

بعد أغنيته الشهيرة «تي رارا» يطلق عمله الجديد «بالقلب»

أطلق بشار الجواد أخيراً أغنية «بالقلب»
أطلق بشار الجواد أخيراً أغنية «بالقلب»
TT

بشار الجواد لـ «الشرق الأوسط»: فنان بلا هوية لا يستمر... والبقاء للأفضل

أطلق بشار الجواد أخيراً أغنية «بالقلب»
أطلق بشار الجواد أخيراً أغنية «بالقلب»

نجاح أول أغنية للمغني اللبناني الشاب بشار الجواد ابن الـ24 ربيعاً «تي رارا» فاق التوقعات. صحيح أن الحظ لم يحالفه في الموسم الرابع من «ذا فويس»، فخرج منه محبطاً، إلا أن القدر كان يحضر له مفاجأة من العيار الثقيل. فأغنيته أصبحت على كل لسان وحصدت في ظرف أشهر قليلة ما فوق 62 مليون مشاهدة. وهو ما دفع لجنة جائزة «موركس دور» إلى منحه جائزة «الأغنية اللبنانية الضاربة».
ويقول بشار الجواد في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كنت يومها عالقاً في السعودية التي زرتها لأرى والدي، فإثر إقفال مطارها بُعيد انتشار الجائحة، اضطررت إلى البقاء هناك. كنت محبطاً وقد رأيت أحلامي الفنية تتبخر بسبب («كورونا) والحجر المنزلي. وعندما أرسل إليّ أحد الأصدقاء أغنية (تي رارا) من توزيع الموسيقي أولوايز أبريل، تزودت بجرعة أمل وقررت إطلاقها».
ويرى المغني اللبناني الشاب أنه توقع للأغنية النجاح لأنها تحمل الفرح، والناس كانت بحاجة إلى فسحة إيجابية. ويتابع: «ولكني لم أحلم بأن تُحدث كل هذا الضجيج، وتصبح على كل شفة ولسان. فسرُّ نجاحها يكمن في توقيتها، إذ نزلت الأسواق في الوقت المناسب، عندما كانت الساحة تفتقد إلى عمل يحمل البهجة ورسالة إيجابية».
ويقول مطلع الأغنية «الأيام الصعبة ما تبقى صدقيني بتفلّ، رح يجينا وقت ونرجع أقوى... اللي منا خفنا هي وحدا توقفنا تنغني بأعلى صوت...»، وهي من كلمات وألحان زياد جمال وتوزيع «أولوايز أبريل» وإخراج إيلي سمعان، مدير أعماله. اليوم تتربع «تي رارا» على لائحة الأغاني الأكثر تداولاً على وسائل التواصل الاجتماعي، ويستخدمها الناشطون عليها كخلفية موسيقية ترافق تحركاتهم على الطرقات وفي المنزل والطبيعة وأينما كانوا. ويعلق بشار: «إنها من الأغاني السهلة الممتنعة، يمكن أن نحفظها بسهولة، وموسيقاها ممتعة وجذابة. اليوم عندما أرى مدى تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام الناس لها في جلسة أصدقاء دافئة أو مع حبيبين، وحتى في أثناء مزاولة هواية الطبخ، أفرح وأشعر بالاعتزاز».
النجاح الساحق الذي حققته «تي رارا» صعّب على بشار الجواد الخطوة التالية التي سيقوم بها في عالم الغناء: «لا شك أنها صعّبت عليّ الأمر ولكني أتفاءل خيراً بأغنيتي الجديدة «بالقلب، فهي كانت جاهزة منذ فترة طويلة حتى قبل أن أطلق «تي رارا». اخترتها بعد أن استمعت إلى مئات الأغاني. وعلى مدى شهرين تواصلت مع أكثر من شاعر وملحن، إلى أن اقتنعت بها وقررت أن أغنيها. كان ذلك بعد خروجي مباشرة من برنامج (ذا فويس). وهي من كلمات وألحان فضل سليمان وتوزيع عمر صباغ. هي اليوم نزلت الأسواق والناس أحبت (تعي) التي أرددها فيها، وهي كلمة نستخدمها جميعاً من دون استثناء».
شكّل بشار الجواد دمغة شبابية في عالم الغناء العربي. فالساحة كانت بحاجة إلى دم جديد يحرك قلبها ويزودها بالزخم. «كل شيء في الحياة بحاجة إلى التجدد وهو عنصر أساسي في حياتنا. وبالتالي الساحة تفتقد إلى العنصر الشبابي».
لا ينكر بشار الجواد فضل برنامج «ذا فويس» عليه الذي يُعرض على شاشة «إم بي سي»: «لولاه لما تعرّف إليّ الناس في لبنان والعالم العربي. حزنت لعدم وصولي إلى مرحلة النهائيات. ولكن من خلاله أصبحت لديّ خلفية غنيّة بالموسيقى بسبب المتسابقين من جنسيات مختلفة. فهذا النوع من البرامج يزوّد المشارك بالثقة بالنفس، كما يسهم في تخلصه من الخوف لا سيما على المسرح».
لم يكن أهل بشار الجواد موافقين على دخوله مجال الفن، صحيح أنه ورث موهبته وصوته الجميل من والديه وجدّه، لكنهم كانوا يفضلون أن يكمل دراسته وألا يدخل مجالاً بهذه الخطورة. لكن، هل صحيح الفن يحمل الخطورة لصاحبه؟ يرد: «منذ اللحظات الأولى لدخولي هذا المجال كنت أعرف مدى صعوبته. فأنا أحب الغناء والتمثيل كما أنني أرسم. ولكنني أحضّر نفسي دائماً لأي خطر قد يواجهني. لا أخاف هذا الأمر وأعدّه من التحديات التي يمكنها أن تواجه أي شخص في أي مهنة يمارسها. وربما لو طرحت عليّ هذا السؤال قبل 4 سنوات لكان تبدّل جوابي، فالمصاعب التي واجهتها جعلتني إنساناً صلباً».
اليوم يفتخر أهل بشار به، فعائلته الصغيرة من والديه وشقيقتيه التوأم، يعلقون آمالاً كبيرة على موهبته.
وعن الفنان الذي اتصل به وهنّأه على نجاحه يقول: «الفنان ملحم زين منذ خروجي من برنامج (ذا فويس) تابعني. وكان يردد دائماً على مسمعي بأن مغادرة برنامج هواة من دون تحقيق الهدف، ليست معياراً، وأنه خاض هذا الأمر بنفسه. كان داعما قوياً لي، يشجّعني باستمرار، وعندما طرحت أغنية (تي رارا) اتصل بي وهنّأني».
وعمّا أحدثته الشهرة من تغييرات على شخصيته، يرد: «لم يتغير شيء، ما زلت في أول الطريق، وأمامي امتحانات كثيرة سأخضع لها. ولماذا أتغير؟ قدماي ستبقيان متشبثتان بالأرض ولن يصيبني الغرور والتكبر، هكذا تربيت».
يراقب بشار الجواد الساحة الفنية بتأنٍّ ويستمع إلى أي عمل جديد: «لا أوفّر الاستماع إلى أعمال هندية ويمنية ومغربية وما إلى هنالك من موسيقى عربية وشرقية. أعمل دائماً على تثبيت هويتي الغنائية من خلال اطّلاعي على كل جديد، فأتأكد أن ليس هناك ما يشبهها. فالفنان الذي لا هوية له، لا يمكن أن يستمر، والأفضل يبقى».
يجمع بشار الجواد ما بين الموسيقى الحديثة (إلكترونيك) والشرقية المتجددة، ويعدّها الخط الذي ينوي أن يكمل مشواره من خلاله: «قد ألجأ إلى التلحين في المستقبل ولكن ليس قبل أن أنهي دراستي الجامعية في الموسيقى».
أحلامه يختصرها بعبارة واحدة: «الوصول إلى العالمية». فالطموح برأيه مجاني، لا يكلّف صاحبه سوى الجهد، ويجب أن يبنيه على أسس قوية. فالغرب يحتاج إلى التجدد هو أيضاً، وخليط الموسيقى الشرقية مع الغربية الحديثة قد تُحدث الفرق.
من الفنانين العرب الذين يلفتونه سعد المجرد، فهو أسهم في تجديد الأغنية العربية: «الخط الذي يتبعه في خياراته الفنية قريب إلى قلبي ويشبهني كثيراً».



وليد توفيق لـ«الشرق الأوسط»: عندما أعتلي المسرح تكون أفكاري ابنة اللحظة

في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
TT

وليد توفيق لـ«الشرق الأوسط»: عندما أعتلي المسرح تكون أفكاري ابنة اللحظة

في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)
في حفل الـ{موركس دور} مع الشاعر نزار فرنسيس (وليد توفيق)

في حفل الـ«موركس» بنسخته الـ24 الأخيرة حصد الفنان وليد توفيق جائزة «اليوبيل الذهبي» على مشواره الفني. فهو أمضى حتى اليوم كل هذه السنوات يحقق النجاح تلو الآخر. بالنسبة له فإن التكريمات التي حصدها كانت كثيرة، ولكنه يستطرد قائلاً: «يبقى التكريم الذي ألاقيه في بلدي لبنان له مذاق آخر. كما أن هذا النوع من الحفلات يتيح لي فرصة الالتقاء بفنانين، وخصوصاً بممثلين لا أصادفهم كثيراً. فلمّة الفن عزيزة على قلبي. والتكريم جميل، خصوصاً إذا ما جاء من جهة راقية مثل الـ(موركس دور). فنحن نفتخر بهذه الجائزة اللبنانية الصنع. ونقدّر ما يقوم به الطبيبان زاهي وفادي حلو سنوياً لتنظيمها».

يقول لـ«الشرق الأوسط» إن مشواره كان طويلاً وتخللته صعوبات ومطبّات عدة، ولكن النجاح والفرح كللاه باستمرار. ويتابع: «لقد تعلمّت دروساً كثيرة من كل خطوة قمت بها. ولعلّ الدرس الأهم يتعلّق بعدم التنازل عن مبادئ معينة. فهناك أشخاص يحاولون إغراقك بالخطأ عندما يلمسون نجاحاتك. أصررت على مكانتي الفنية وعرفت كيف أواكب كل جديد. فالمطلوب من الفنان ألا يعيش الركود أبداً. فيبحث دائماً عما يحرّك ويعزز مشواره».

50 سنة من النجاحات لا بد أن يلمسها محاور وليد توفيق في شخصيته الرصينة والقريبة إلى القلب في آن. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» عما يستوقفه في مشواره هذا، فيردّ: «عندما أستعيد شريط ذكرياتي أشعر بالغبطة. وأندم في المقابل على عدم إعطاء أولادي الوقت الكافي لأكون بقربهم. راضٍ أنا من دون شك عن مسيرتي، وأهنئ نفسي بحب الناس لي».

مشواره الفني الخمسيني تكلل بالنجاحات المتتالية (وليد توفيق)

يعترف وليد توفيق بأمر يراوده دائماً: «أشعر بأن كل ما مررت به كان مكتوباً لي، ولطالما أحسست بأن قوة ربانية تمسك بيدي وتسيّرني كما تشاء. لا شك أني اجتهدت وتعبت، ولكنّ هناك أمراً أقوى مني ساعدني. أمشي بطريقي على ما يقدّر الله. وعندما أعتلي المسرح لا أحضّر للأمر مسبقاً. فهناك إحساس معين يولد عندي في اللحظة نفسها، فتأتيني الفكرة من دون أي تخطيط لها. وهو ما حصل معي في حفل الـ(موركس دور) الأخير. وكلمتي كانت ارتجالية تترجم مشاعري. وعندما أهديت جائزتي للجيش اللبناني ولشهداء الحرب، كان ذلك وليد اللحظة».

أثناء تكريمه في حفل «موركس دور» واعتلائه المسرح ليتسلمها من الشاعر نزار فرنسيس، قدما معاً ثنائياً شعرياً، وتناولا موضوع الوفاء. فهل يرى الساحة اليوم تفتقد لهذه القيمة الإنسانية؟ «قلّة الوفاء ليست بالأمر المستجد على الساحة الفنية. وحتى في أيام عمالقة الفن مثل الراحلين عبد الحليم حافظ وعبد الوهاب، كانا يشتكيان من الأمر ذاته. فالتاريخ يعيد نفسه، ولكن من الضروري التذكير بالوفاء. فهو من أجمل وألذ الأعمال الإنسانية».

لا ينفي وليد توفيق صراعات كانت تشهدها الساحة كي يحافظ الفنان على مكانته، فتقفل الأبواب بوجه موهبة جديدة قد تشكّل عليه الخطر. ويضيف في سياق حديثه: «الفنان الناجح يخاف من دون شك، ولكنه عندما يلجأ إلى هذا النوع من الحروب يكون فاقداً للثقة بنفسه. كما أن عصرنا الحالي قضى على هذه الآفة. وما ساهم في ذلك (السوشيال ميديا). فما عادت الموهبة الجديدة تنتظر من يدعمها كي تبرز تفوقها. وهناك أمثلة كثيرة على هذا الموضوع ومواهب تحوّلت إلى (تريند) بين ليلة وضحاها».

«لا أحد يسقط إلا من فعل يده»، هكذا يختصر الفنان وليد توفيق اختفاء نجم وصعود آخر. «أشبّه المشهد بمباراة في الملاكمة. فكلما كان الملاكم حذراً ومتنبهاً استطاع التحكم بنتيجة المباراة».

يشير إلى أن بعض هذه الحروب قد يشنها متعهدو الحفلات على فنان، فيضعون النجم في موقف محرج عندما يفرضون عليه مشاركة موهبة جديدة في حفل معين. «بالنسبة لي لقد تعلمت من خبرتي أن لكل فنان طريقه بحيث لا يمكن أن يؤثر عليه طرف آخر. في إحدى المرات طلب مني الغناء في حفل للراحل وديع الصافي. وبدل أن أشعر بالحرج لأنه قد يجتاح الأجواء ويؤثر على إطلالتي طالبت بتقديمه شخصياً على المسرح. كما أن الفنان القدير لا يمكن تغييبه، ولعل أصدق دليل على ذلك هو حفل الـ(تريو الغنائي) الذي نظمه المستشار تركي آل الشيخ. فوضع أهم النجوم في مشهدية واحدة. وأتمنى أن تتكرر مرة أخرى فنجتمع على قلب واحد وإرادة واحدة».

يستعدّ لإصدار أغنية "كبرت البنّوت" لجورج خباز (وليد توفيق)

عرف وليد توفيق كيف يواكب الأجيال بانتقائه اللحن والكلمة المناسبين في أعماله. ويعلّق: «الكلمة تلعب الدور الأكبر في عملية أي تجديد نعبرها. فزياد الرحباني حوّل فيروز إلى موسيقى الجاز. خرجت يومها بعض الأصوات تندد بهذا التغيير. ولكنه عرف كيف يواكب هذا التحول بالكلمة. وعندما تحضر هذه الأخيرة بالشكل المطلوب يسهل علينا الأمر كثيراً».

عاش وليد توفيق فترة الحرب مثل غيره من اللبنانيين بقلق وترقب. وخرج منها بإصرار أكبر على وطنيته. «كانت فترة قاسية جداً، ولكنني تأكدت من خلالها أن السيادة هي التي تبني الأوطان. أتمسك اليوم بلبنان أكثر من أي وقت مضى».

أخيراً شهدت الساحة الفنية مواقف حرجة لفنانين أدرجت على لائحة الذكاء الاصطناعي. فما رأي وليد توفيق بهذا التطور الإلكتروني الجديد؟ يردّ: «إنه سيف ذو حدّين كأي اكتشاف إلكتروني آخر عايشناه. لا شك أنه بدّل في مشهدية الحياة عامة. وأحياناً نتوقع له التمدد والانتشار إلى حدّ يدفعنا للخوف من نتائجه المقبلة. ولكنه في الوقت نفسه وجد حلولاً كثيرة لمشاكل يومية. ومؤخراً أبهرني هذا الاختراع عندما سمعت ديو بصوتينا جورج وسوف وأنا. فقد قدمها لي مفاجأة استوديو التسجيل عندما علم أن الوسوف يحب أغنيتي (لا تسأليني). غناها معي بواسطة الذكاء الاصطناعي فأحببت التجربة».

يتمنى وليد توفيق في فترة الأعياد أن يتوحد اللبنانيون تحت راية واحدة. «علينا أن نكون كمشط الشعر متحدين لا أحد يفرّقنا. وفي العام الجديد أتوق إلى رؤية أرزة لبنان شامخة دائماً على علم بلدي. وأن يتم انتخاب رئيس للجمهورية أولاً».

وبالنسبة لأعماله الجديدة يقدم وليد توفيق على خطوة سبّاقة. «قريباً سأصدر أغنية جديدة بعنوان (كبرت البنّوت) لجورج خباز. فهو سبق وغناها وتركت أثرها الكبير عندي. ولدي تعاون آخر معه من خلال أغانٍ مختلفة له أنوي تقديمها بصوتي. كما أني أحضّر لـ(ميدلي) يتألف من ثلاث أغنيات قديمة لي أعدت توزيعها، ويتضمن (راح حبيبي) و(غجرية) و(ما أحلاها السمرة)».