هزة في مصلحة السجون بعد تشكيل لجنة تحقيق حول إخفاقاتها

الأسير محمد العارضة: قرعنا جدران الخزان

حفرة استخدمها ستة من السجناء الفلسطينيين للهروب من سجن جلبوع في مطلع الشهر (أ.ف.ب)
حفرة استخدمها ستة من السجناء الفلسطينيين للهروب من سجن جلبوع في مطلع الشهر (أ.ف.ب)
TT

هزة في مصلحة السجون بعد تشكيل لجنة تحقيق حول إخفاقاتها

حفرة استخدمها ستة من السجناء الفلسطينيين للهروب من سجن جلبوع في مطلع الشهر (أ.ف.ب)
حفرة استخدمها ستة من السجناء الفلسطينيين للهروب من سجن جلبوع في مطلع الشهر (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تشهد فيه مصلحة السجون الإسرائيلية هزة شديدة بسبب إخفاقاتها التي أدت إلى فرار ستة أسرى فلسطينيين، والتي تهدد بإقالة قادتها الكبار، تتواصل عملية انتقام واسعة يتعرض لها السجناء الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية.
وقد رد الأسرى بسلسلة خطوات احتجاجية تدريجية، بدأت أمس الجمعة بإعلان 80 أسيراً من حركة «الجهاد الإسلامي» الاعتصام في ساحة الفورة في سجن النقب الصحراوي، والتهديد بتصعيد حركتهم إلى إضراب عام عن الطعام في جميع السجون. وقال «نادي الأسير الفلسطيني» في رام الله إن الأسرى يتعرضون لعمليات تنكيل متواصلة منذ فرار الأسرى الستة في السادس من الشهر الجاري، تتضمن القمع وإلغاء شروط الحياة الأولية والحد الأدنى من الحقوق.
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن إدارة سجون الاحتلال تقوم بحملة تنكيل مسعورة، خصوصاً في سجن «جلبوع» الذي فر منه الأسرى الستة، وذلك انتقاماً بعد العملية البطولية لأسرى «نفق الحرية». وحذرت الهيئة من أن الاستمرار في هذا التصعيد يهدد الاتفاق الذي أبرم مع إدارة سجون الاحتلال واستخباراتها، وأن الأوضاع قد تنفجر في أي لحظة.
وكان وزير الأمن الداخلي في الحكومة الإسرائيلية، عومر بار ليف، قد أعلن صبيحة أمس الجمعة أسماء أعضاء لجنة تقصي الحقائق الحكومية التي ستحقق في فرار الأسرى الفلسطينيين الستة من سجن «جلبوع»، الذين أعيد اعتقالهم بعد حملة تفتيش ضخمة استغرقت أسبوعين. وحسب بيان للناطق باسم بارليف، سيرأس اللجنة القاضي المتقاعد مناحيم فينكلشتاين، الذي تولى في السابق منصب رئيس المحكمة المركزية في اللد، وهو ضابط في الاحتياط برتبة لواء سبق أن شغل منصب المدعي العام العسكري ورئيس هيئة الدفاع العامة العسكرية ونائب رئيس محكمة الاستئناف العسكرية والنائب العام العسكري في الأعوام 2000 – 2004.
وستضم اللجنة عضوين آخرين، هما رئيسة قسم علم الإجرام في كلية أشكلون الأكاديمية، البروفسور أفرات شوهام، المعروفة بأبحاثها الأكاديمية حول مصلحة السجون والاحتجاجات والإضرابات عن الطعام التي يقوم بها الأسرى، وإريك بربينغ، وهو ضابط سابق في جهاز الأمن العام (الشاباك)، وكان رئيس شعبة السايبر وشعبة منطقة القدس والضفة الغربية في «الشاباك». وستتناول اللجنة إخفاقات مصلحة السجون من جهة، وجهوزيتها من أجل منع فرار أسرى آخرين من جهة ثانية.
وستكون للجنة صلاحيات «لجنة تحقيق رسمية»، يمكنها تسمية متهمين بالتقصير. ويشير المراقبون إلى أن مصلحة السجون تشهد هزة شديدة منذ فرار الأسرى، اشتدت مع تشكيل اللجنة، إذ إن رئيسها القاضي فينكلشتاين كان قد وجه انتقادات لاذعة لمديرة مصلحة السجون كيتي بيري، عندما كانت مسؤولة دائرة القوى البشرية في المصلحة سنة 2015 واتهمها بخرق قرارات قضائية.
وكانت بيري قد رفضت تحمل المسؤولية عن فرار الأسرى والاستقالة، بدعوى أنها جديدة في المنصب (عينت قبل عشرة شهور)، وحاولت تركيز المسؤولية على مدير سجن «جلبوع»، بردي بن شطريت، وأصدرت قراراً بوقفه عن العمل، لكن المستشار القضائي للحكومة أبيحاي مندلبليت، جمد قرارها، وطلب الانتظار حتى تظهر نتائج التحقيق.
وفي محاولة بيري لإظهار مصلحة السجون بأنها تعمل كالمعتاد، عممت بياناً أمس ذكرت فيه أن إدارتها باشرت العمل في إعادة تحصين سجن «جلبوع» بموجب خطة وضعها خبراء الهندسة والبناء في الجيش الإسرائيلي. ويشمل المشروع ملء كل التجاويف تحت أجنحة السجن التي استخدمها الأسرى للهرب، واستخدام «طريقة حقن» طورها جيش الاحتلال خلال محاولته التغلب على أنفاق حركات المقاومة في قطاع غزة. كما قررت بناء جدار تحت الأرض حول السجن، وتثبيت وسائل تكنولوجية وأنظمة إنذار وكشف متقدمة، تعتمد على تحليلات الذكاء الصناعي في السجن.
من جهتهم، يواصل الأسرى الستة: زكريا زبيدي ومحمد العارضة ويعقوب قادري ومحمود العارضة وأيهم كممجي ومناضل نفيعات، استغلال لقاءاتهم مع محاميهم لتوجيه رسائل إلى الخارج يحيون فيها حملة التضامن معهم ويوضحون فيها أن سلطات السجون تضعهم في عزلة داخل زنزانة لكل منهم، وأن المخابرات تدير عمليات تحقيق طويلة، لكنهم لا ينكسرون تحت الضغط.
وقال الأسير محمود العارضة، قائد العملية، إن «السبب الرئيسي لحفر النفق هو نيل حريتنا التي طال عليها الزمن»، ولكنه جاء أيضاً «ردا على استشهاد الأسير محمد الأشقر عام 2007 واستشهاد الأسير كمال أبو وعر، واحتجاجاً على الوضع المزري للأسيرات وظروف العزل السيئة، وعدم تنفيذ مطالب الإضراب الكبير للأسرى سنة 2017، وللاحتجاج على الظروف المأساوية في السجون الإسرائيلية».
واعتبر العارضة عملية الفرار نصراً، وأسمى النفق الذي حفروه «الطريق إلى القدس». وتابع: «نهدي هذا العمل للمقاومة ولشعوبنا العربية والإسلامية ولأحرار العالم، ولغزة وفاءً لما قدمته من أجل الأسرى».
واختتم قائلا: «نحن نعتبر أننا انتصرنا وطرقنا الخزان كما قال الكاتب الكبير غسان كنفاني، وأوصلنا رسالتنا للعالم بأننا دعاة حرية وأصحاب حق، ولنا مظلومية، وعلى العالم أن يقف بجانبنا من أجل تحرير أرضنا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.